كيف يمكن لأسلوبك في البيع أن يقتل حلمك في فعل الخير؟

5 دقيقة
نظام بيع
shutterstock.com/Gorodenkoff
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مقتطف من كتاب “بِع جيداً، افعل خيراً” (Sell Well, Do Good) الذي يتحدث عن كشف أسرار البيع وطريقة تصميم نظام بيع يتوافق مع قيم المؤسسات الاجتماعية وممارساتها المثلى

الرواد الاجتماعيون حالمون، يبدعون أفكاراً جديدة لمشكلات قديمة. وعندما لا يستغلون فضولهم وتواضعهم وذكاءهم في الأعمال التجارية التي تحدد نجاحهم من إخفاقهم، مثل بيع المنتجات أو الخدمات التي ينتجونها، يتحول حلمهم إلى كابوس يومي.

يبذل عدد كبير جداً من قادة الأعمال جهوداً هائلة في تحليل السوق، وتصميم المنتجات، وتطوير سلسلة التوريد، وتطبيقات الهواتف الذكية المتطورة، وبعد ذلك، عندما يصل الأمر للبيع، وهو الخطوة الأخيرة من الميل الأخير، والمسافة التي تفصل البائع عن المشتري، يتوقفون. فهم يتوقفون عن التحليل والتصميم والابتكار، ويماشون السوق فحسب. يعتبرون البيع أمراً غامضاً ومعقداً، وشراً لا بد منه، فيوظفون البائعين ويدربونهم ويديرون عملهم بالطرق القديمة غير الفعالة نفسها التي تضر بالعلامة التجارية والمتبعة منذ عقود من الزمن. وسرعان ما يفاجؤون بعدد كبير من العملاء غير الراضين، وموظفي المبيعات المراوغين، والمدراء القساة الذين يعاملون موظفيهم بطرق لا يستطيع رواد الأعمال تحملها ولو للحظة واحدة.

تتكرر هذه المأساة دائماً على الرغم من قدرتهم على تجنبها إذا فتحوا أعينهم وعرفوا أين ينظرون، واستطاعوا فهم ما يرون، وعرفوا طرق تصميم نظام المبيعات الذي يتماشى مع القيم والابتكارات التي يقدمونها لتطوير عروضهم.

يوضح كتابنا “بع جيداً، افعل خيراً” للرواد الاجتماعيين طريقة فعل تلك الأمور، وغيرها الكثير. ولنعتبره الحلقة المفقودة من التعليم المهني، فهو يكشف أسرار عمليات البيع، والأساليب الأساسية المزعجة التي يتبعها مندوبو المبيعات ومدراؤهم غالباً. ويقدم نموذجاً جديداً للبيع، ويوضح طريقة تصميم نظام بيع فريد ومتوافق مع قيم المؤسسات الاجتماعية وممارساتها المثلى.

في هذا المقتطف من الفصل الثالث من كتاب “بِع جيداً، افعل خيراً” نبحث في تحديات البيع التي يواجهها الرواد الاجتماعيون، ثم نبدأ بمعالجة التحول الرائع والإبداعي والمنضبط الذي يمكن أن ينفذه رواد الأعمال لتحقيق تلك الأحلام التي يستيقظون من أجلها كل صباح. روي ويتن وسكوت روي

عندما يدرك الرواد الاجتماعيون أنهم يجب أن يصبحوا خبراء في البيع كما هم خبراء في ابتكار المنتجات، ستتغير الأمور. تحدثت المؤسِّسة المشاركة والرئيسة التنفيذية السابقة للعمليات في شركة أوف غريد إلكترك (Off-Grid Electric) التي أصبحت شركة زولا (Zola) إيريكا ماكي عن تجربتها في تنزانيا قائلة: “عندما تحاول توظيف مندوبي مبيعات محليين، ستجد أنهم إما لم يبيعوا من قبل، وإما أنهم باعوا فقط السلع الاستهلاكية السريعة الحركة. لا يمكنك بيع الطاقة الشمسية بنظام الدفع المسبّق للمستهلكين الأفراد والشركات الصغيرة بالطريقة التي تبيع بها شرائح الهواتف الجوالة والسجائر”.

كان لدى المؤسس المشارك لمنصة التعليم البرازيلية غيكي (Geekie) إدواردو بونتيمبو، رؤية مماثلة حول مدراء المبيعات. أخبرناه عن ملاحظتنا بأن الرواد الاجتماعيين يذهبون خارج مؤسساتهم “للعثور على مدراء مبيعات ذوي خبرة”. ضحك وقال: “لقد ارتكبت الخطأ نفسه. تعاونا معكم لتطوير نظام البيع، ودربنا مدراءنا على استخدامه، ووضعوا موظفي المبيعات لدينا على المسار الصحيح، ونجحت المهمة”. ثم توقف للحظة لكي يؤكد النقطة التالية، “ثم توسعنا وأحضرنا مدراء من الخارج، ولم يكن لدينا الوقت الكافي لتدريبهم. جلبوا أفكارهم الخاصة حول البيع، والآن نصف فريق المبيعات لدينا يعمل ضد النصف الآخر. سأوقف ذلك، ومن الآن فصاعداً، لن “نوظف” مدراء مبيعات، بل سندربهم على النظام الذي وضعناه.

كانت لدى ليزا ميكلسن من شركة فلوريش فينتشرز (Flourish Ventures) أفكار مهمة حول السبب الذي يجعل الرواد الاجتماعيين لا يولون سوى القليل من الاهتمام لكل من نظام البيع وتطوير الموظفين الذين يديرون النظام، إذ قالت: “إنه أمر مؤسف، لكن العديد من الرواد الاجتماعيين يعتقدون أن أي موظف قادر على البيع، ولا يتطلب الأمر سوى تكليف الموظفين بالبيع. وينطبق الشيء نفسه على مدراء المبيعات”. فكرت للحظة ثم اختتمت قائلة: “في الواقع، لم يفكروا في المبيعات بعمق أو بطريقة نقدية”. وهذه هي الأعباء المخفية التي يجلبها العديد من الرواد الاجتماعيين معهم إلى العمل. ربما تخلّوا عن الأساليب والأدوات التقليدية للمشاريع التجارية، ولكنهم ما زالوا عالقين في طرق التفكير القديمة حول البيع.

اضطر جميع الرواد الاجتماعيون الذين عملنا معهم في النهاية إلى فتح ما أطلق عليه عميلنا مايك روبرتس من مؤسسة إنترناشونال ديفيلوبمنت إنتربرايزيس (International Development Enterprises) الصندوق الأسود للبيع؛ أي اكتشاف حقيقته وما يلزم لنجاحه. وفي هذه المرحلة نشرك الرواد الاجتماعيين للمرة الأولى، وحينها يكون الوضع سيئاً، وتعجز شركاتهم عن تحقيق أهداف المبيعات الخاصة بها. في كثير من الأحيان يحاولون التوسع، أو صد هجوم المنافسة، أو زيادة وجودهم في أسواقهم لتحقيق التأثير الذي يرغبون فيه. تكشف مثل هذه التحديات عن أوجه القصور في أسلوبهم في البيع. وهو مجال قاسٍ ويتطلب الإبداع ومليء بالإمكانات الجديدة لأن الممارسات القديمة أخفقت في تحقيق النتائج المرجوة.

يكلف البيع السيئ وإدارة المبيعات الخاطئة الشركات الوقت والمال والجهد غير المتوافرين أساساً بما فيه الكفاية. عندما تبدأ الحماسة الأولى لفعل الخير بالتلاشي في فريق المبيعات، تنشأ الشكاوى حول أهداف المبيعات غير المعقولة، والسوق السيئة، والتعويضات غير العادلة، وساعات العمل الطويلة. تبدأ منحنيات المبيعات بالثبات، وحتى بالانخفاض. يتسارع معدل دوران الموظفين مع عدم تحقيق الأهداف والإنجازات الأساسية في الأداء. يبدأ العملاء في الشكوى من الطريقة التي يُعاملون بها قبل الشراء، وتبدأ السلعة الأكثر قيمة على الإطلاق التي تمثل سمعة الشركة في التراجع.

وهنا يتميز الرواد الاجتماعيون عن العديد من نظرائهم التجاريين. فهم يركزون بشدة على رسالتهم والتأثير الذي يريدون إحداثه. وهذا الإحساس بأهمية الرسالة هو ما يُطلق عليه “الرغبة العميقة”. وهذا التعطش لفعل الخير هو ما يدفعهم إلى معرفة ما يجب عليهم فعله. يبدؤون بطرح سؤالين: “كيف نبيع فعلياً؟” و”أين الخلل؟”

إنهم يغذون بحثهم بكل من الانفتاح والفضول والتصميم نفسه الذي غذّا تأسيس مشروعهم وابتكار منتجاتهم وخدماتهم. يكتشف الرواد الاجتماعيون دائماً أنهم وزملاءهم مقيدون بنظام سلوكي يشير إليه علم التعلم التحويلي بـ “نموذج”، وهو مجموعة من العمليات والممارسات التي يلجأ إليها الأشخاص عندما يفكرون بالبيع أو يخططون له أو ينخرطون فيه.

تلك النماذج مقاومة للتغيير بطريقة مدهشة. من داخل النموذج، يكون كل شيء منطقياً، ويبدو الأمر وكأنك يجب أن تفعل الأشياء بطريقة معينة، حتى لو لم تنجح على النحو المطلوب. علاوة على ذلك، لا يمكنك إقناع الناس بتغيير نموذجهم. قال أحد الكتّاب إن جعل الناس يفهمون النموذج الذي هم عالقون فيه يشبه محاولة جعلهم يعضون وجوههم. ووصفه آخر بأنه الحديث عن الحرية للسجناء الذين نسوا أن هناك حياة خارج أسوار السجن.

يحدد العلم التحويلي طرقاً لتغيير النماذج الراسخة. أولاً، عليك أن تساعد الناس على رؤية ما يخسرونه، والثمن الذي يدفعونه مقابل الاستمرار في العمل نفسه دون تغيير. ثم عليك مساعدتهم على الكشف عن الافتراضات والقناعات التي تكمن وراء سلوكهم. سلط الضوء على الأشياء التي “يعرف الجميع يقيناً أنها ليست صحيحة”، ثم سترى من يستيقظ من غفلته عنها. وبعد ذلك، إذا تمكن هؤلاء الأشخاص من تجربة السلوك الجديد، وإذا تمكنوا من رؤية فوائده ولمسها فستتغير الأمور فعلياً وبسرعة.

ثمة قناعة مركزية واحدة في قلب كل نموذج، وهي شيء يكون الجميع “متأكدين منه تماماً” لدرجة لا شك فيها. لقد اكتشف الرئيس التنفيذي لمؤسسة مولاغو فاونديشن (Mulago Foundation) كيفن ستار هذا الأمر منذ اللحظة التي التقيناه فيها. قال: “يعتقد الجميع أن البيع يتعلق فقط بتسويق البضائع“، للأسف، هذا الاعتقاد السائد أن البيع هو في الأساس حث الناس وإقناعهم بالشراء يدفع موظفي المبيعات إلى تقديم حجج مقنعة قبل معرفة ما يريده عملاؤهم المحتملون وما يحتاجون إليه بالفعل. يتحدث مندوبو المبيعات بدلاً من الاستماع، ويطرحون أفكارهم بدلاً من البحث والاستفسار. وبطبيعة الحال، يتوقع العملاء أن يُستدرجوا أو حتى الكذب عليهم. عندما يزورهم مندوبو المبيعات، يطلبون عرض ما عندهم: ماذا تبيع، وكم سعره؟

علاوة على ذلك، فإن هذه القناعة بأن البيع هو إقناع الناس بشراء الأشياء لها تأثير ضار على فريق المبيعات برمّته. لا يستمتع معظم البائعين بعملية إقناع الآخرين بالشراء منهم باستمرار.

وبما أن عملية الاستدراج ليست مُرضية بطبيعتها، يتعين على مدراء المبيعات إقناع مندوبي المبيعات لديهم بالاستمرار في عمل ما لا يستمتعون به؛ أي الترويج لعملائهم ومطاردتهم والضغط عليهم للشراء. فكيف يفعلون ذلك؟ من خلال الترويج والمطاردة والضغط باستخدام سياسة الجزرة والعصا لدفع مندوبي المبيعات إلى العمل ساعات طويلة، وتحقيق أهدافهم، والضغط على عملائهم للشراء وغير ذلك.

عندما يرى الرواد الاجتماعيون نجاح هذا النموذج في مؤسساتهم الخاصة، تلك التي بنوها من الألف إلى الياء بتضحيات شخصية كبيرة، والتي تواجه الصعوبات الآن لتحقيق رسالتها، يشعرون بشعورين قويين: الإحراج مما تجاهلوه، والتصميم على أن يكونوا بارعين في بيعهم كما كانوا بارعين في تطوير منتجاتهم. إنهم على استعداد للخروج من السجن الذي وضعهم فيه نموذج البيع القديم وإنشاء نموذج جديد تماماً، يتمثل بنظام بيع جديد وتنفيذه بطريقة تتوافق مع فعل الخير الذي أرادوه في المقام الأول.

والآن، أصبحوا جاهزين للبيع بطريقة تغير سلوك العميل ومندوب المبيعات والمدير وجميع المشاركين في عملية البيع.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال من دون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.