كيف يمكن ضبط ميزان قوة العمل الخيري؟

قوة العمل الخيري
دعم "صندوق الأفكار الدائمة" (Enduring Ideas Fund) التابع لمنظمة "علِّم لأجل أميركا" 62 مشروعاً في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وقد أسهم الطلاب في تصميم وقيادة العديد منها. (حقوق الصورة محفوظة لـ أليسون شيلي بموقع EDUimages)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أدّت جائحة “كوفيد-19” في الربيع الماضي إلى تفاقم عدم المساواة العرقية والطبقية في الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين سعت منظمة “علِّم لأجل أميركا” (Teach for America) إلى تضييق الهوة من خلال وضع قوة العمل الخيري في أيدي أشخاص أصغر سناً وأكثر تنوعاً عرقياً.

يعاني العمل الخيري مشكلة في التنوع يمكن رصدها بسهولة، لكنه يعاني أيضاً مشكلة تقاسم أسباب القوة، حيث يتدفق المال من الجهات الممولة إلى المتلقين الذين يتم حرمانهم في الغالب من إبداء رأيهم في تخصيصه بالطريقة التي يرونها مناسبة. ويعتبر أطفال المدارس في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، هم الأكثر تضرراً من تمويل التعليم، لكنهم لا يستطيعون التأثير بقوة في طريقة توزيع هذا التمويل.

ومن هنا قررت منظمة “علِّم لأجل أميركا” تغيير هذه الآلية. وعندما أدت جائحة فيروس كورونا المستجد في الربيع الماضي إلى تفاقم عدم المساواة العرقية والطبقية في الولايات المتحدة، سعت منظمة “علِّم لأجل أميركا” (Teach for America) إلى تضييق الهوة من خلال وضع القوة الخيرية في أيدي أشخاص أصغر سناً وأكثر تنوعاً عرقياً.

وفي هذا الصدد تقول نائبة رئيس المنظمة لإعادة ابتكار الأنظمة، سونانا تشاند: “لقد علمنا أن مجتمعات أصحاب البشرة الملونة تبتكر طرقاً متطورة لتشجيع الطلاب والمدارس على التعامل مع تداعيات الجائحة. علمنا أيضاً أن المبتكرين من ذوي البشرة السمراء والسكان الأصليين وأصحاب البشرة الملونة يفتقرون في أغلب الأحيان إلى إمكانية الوصول إلى التمويل”.

وقد دشنت منظمة “علِّم لأجل أميركا” هذه الحملة لدعم جهود التنوع داخل “مختبر إعادة الابتكار” (Reinvention Lab) التابع لها، الذي أنشئ في عام 2019 على نحو خاص لإجراء التجارب التعليمية وأغراض التطوير. واستند المختبر في هذه الحالة إلى عقود من البحث المشترك في مجال تقديم المنح واعتمد على تبرع أطراف مجهولة لإنشاء “صندوق الأفكار الدائمة” الذي يهدف إلى تخصيص جوائز خيرية للمبتكرين التربويين التي تم تحديدها من قبل فِرق متنوعة من الطلاب في سن المراهقة وقادة القطاعات من أصحاب البشرة الملونة الذين يتصدرون طليعة الابتكار التربوي.

وقد صمم “مختبر إعادة الابتكار” هذه العملية بالتعاون مع منظمة “ترانسيند” (Transcend)، وهي منظمة غير ربحية تساعد المؤسسات على إدارة الابتكار التعليمي. كانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها منظمة “علِّم لأجل أميركا” عملية تشاركية في صناعة القرار. ومن بين أكثر من 70 من صنّاع القرار، كان نصفهم من المراهقين المُعيَّنين من قبل معلمي منظمة “علِّم لأجل أميركا” وخريجيها، وكان 80% من أصحاب البشرة الملونة. وقد عملوا في فرق صغيرة عبر منصة “زووم”، وانتهوا من مراجعة ما يقرب من 12 طلباً تم تلقيها من المناطق التعليمية والمؤسَّسات غير الربحية وشركات التكنولوجيا التعليمية.

وفي عام 2020، كان هناك 3 جولات تمويل، وأدت الدروس المستفادة من الجولة الأولى إلى تغييرات جوهرية في الجولة التالية. فقد تمت إضافة المزيد من المراهقين إلى الفرق من أجل زيادة تمثيلهم. وبناءً على ملاحظات مقدمي الطلبات، تم التوسع في أنظمة استمارات التقديم المكتوبة لتشمل المذكرات الصوتية ومقاطع الفيديو من أجل زيادة معدلات الوصول.

واستثمر الصندوق بشكل عام مليون دولار في 62 مشروعاً: حيث وفرت المنح التي تتراوح قيمتها ما بين 10,000 و25,000 دولار تمويلاً أولياً لتنفيذ أفكار المرحلة المبكرة. ومن بينها، فازت منظمة “أوبرا أون تاب” (Opera on Tap) غير الربحية في مدينة نيويورك بجائزة لتقديم تعليم متعدد التخصصات من خلال الأوبرا. وحصلت منظمة تنمية الشباب غير الربحية “بي-360” (B-360) في بالتيمور على جائزة لاستخدام السفر عبر الدراجات الشخصية كمنصة لتعليم الشباب الرياضيات والهندسة والتصميم الهندسي وإدارة المشاريع والعلاقات العامة.

وكانت ميهو كوباجاوا التي تقود الجهود في مؤسسة “نيو سكولز فينتشر فَند” (NewSchools Venture Fund) للاستثمار في المدارس العامة إحدى صانعات القرار. وقد تساءلت عند انضمامها عن كيفية تسيير المداولات بطريقة تضمن التخلُّص من التسلُّط الأبوي والاستعانة بالخبرات الشبابية.

وتعلّق كوباجاوا على هذه الجزئية قائلة: “لقد تفاجأت من مقدار النجاح الملموس الذي حققناه. ولم يؤدِ العمل مع المراهقين إلى تعقيد عملية صناعة القرار. ولا شك في أن تجربتي ستفيدنا في عملنا في مؤسسة “نيو سكولز””.

وتوضّح تجربة روزي مولينا كيف انتقلت القوة إلى الطلاب في أثناء العملية. تجدر الإشارة إلى أن مولينا طالبة في مدرسة جون كينيدي الثانوية في دنفر بولاية كولورادو، وهي أيضاً عضو في اتحاد قبائل “سيمينول” و”موسكوجي” و”تشوكتاو” في أوكلاهوما.

وقد أصبح صوت مولينا أقوى بعد جولتي التمويل الأوليتين. ومارست الضغط على زملائها في الفريق لتقديم جائزة إلى مدرسة “دريم هاوس إيوا بيتش” (DreamHouse ‘Ewa Beach)، وهي مدرسة تقع في هاواي شاركت في إعداد برنامج تعليمي اجتماعي وعاطفي بالتعاون مع طلاب من السكان الأصليين.

وعلى الرغم من عدم اتفاق الكبار معها، فقد جادلت مولينا بأن البرنامج يستحق الاستثمار لأنه لم يكن موجوداً في مدرسة داخل المدينة، حيث ينتشر العمل الخيري. وانتصرت مولينا في النهاية وتم تمويل البرنامج.

ويلاحظ جوناثان سانتوس سيلفا، أحد خريجي منظمة “علِّم لأجل أميركا”، التنوع العرقي في الصندوق. إذ يقول: “في كثير من الأحيان لا ننظر إلى النساء ذوات البشرة الداكنة أو الرجال ذوي الأصول اللاتينية على أنهم مبتكرون ينبغي أن نستثمر في أفكارهم. لكن فرق “صندوق الأفكار الدائمة” كانت متنوعة بما يتناسب مع تنوع أصحاب البشرة الملونة، لذلك بات من الممكن رؤية المبتكرين من أصحاب البشرة الملونة”.

وقد فاز سانتوس سيلفا بجائزة لتعليم مهارات الابتكار للطلاب من السكان الأصليين في داكوتا الشمالية وداكوتا الجنوبية وأوكلاهوما وواشنطن حتى يتمكنوا من حل المشكلات المحلية، مثل تقديم المساعدة لكبار السن المعزولين. كما تم اعتباره في الجولات اللاحقة أيضاً أحد صنَّاع القرار.

أنتج كل هذا العمل تحولاً ملهماً في ميزان القوة. وتوضِّح رئيسة التعلم المؤسسي في منظمة “ترانسيند”، جيني هنري وود، هذه النقطة قائلة: “قد يواجه بعض المشاريع الممولة مزيداً من الصعوبات حتى تنجح في إقناع مؤسسات أكبر أو التعامل مع مؤسسات العمل الخيري التقليدية. لذلك شعرت بالتمكين والابتكار والإثارة عند تقديم هذه الجوائز”.

كما نظّم “مختبر إعادة الابتكار” جولة تمويل جديدة مع مؤسسة “نيو سكولز فينتشر فَند” لمساعدة الممولين الآخرين على تطوير عملياتهم التشاركية سعياً لتحقيق مزيد من التنوع والشمول في العمل الخيري. ويخطط المختبر لاستخدام المنح التشاركية بحلول الصيف المقبل لتخصيص مليون دولار إضافية في محاولة لتحقيق هدفه المتمثل في إعادة ابتكار كل من العمل الخيري والتعلم.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.