دروس من فشل مبادرة كوفاكس لتوزيع اللقاحات

مبادرة كوفاكس
shutterstock.com/Sonia Bonet
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أُعلن رسمياً في شهر مايو/أيار عن إنهاء حالة الطوارئ الوطنية للصحة العامة الخاصة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة. وسنحتاج إلى سنوات عدة حتى نفهم تماماً كيف أثرت الجائحة على الأسر والمجتمعات والبلدان بعد خروج العالم من فترة الموت والنزوح الاقتصادي وإعادة التنظيم الاجتماعي هذه. ولن تكون جائحة كوفيد-19 آخر وباء مستجد في عصرنا، وسيشكل تغير المناخ تهديداً لصحة الإنسان وسلامة الكوكب لم نشهد له مثيلاً من قبل. وسنتأثر جميعاً بهذه التحديات المستقبلية إن لم نحقق مستوى غير مسبوق من التنسيق والتعاون الذي يتضمن تحليلاً عميقاً للدروس المستفادة من الاستجابة للجائحة، وسيكون التأثير الأكبر في البلدان ذات الأغلبية العالمية بعدد السكان.

شهدنا في السنوات السابقة كيف تعثرت جهود التعاون بين الدول والجهات المعنية ضمن هذه الدول مع نشوء تهديد عابر للحدود مثل كوفيد-19. إذ أخفقت الدول في إشراك المجتمع المدني بنحو فعال في الاستجابة للجائحة نظراً لافتقارها إلى أهداف محددة بوضوح وتناسب حالتها الخاصة. وأُهملت الإجراءات التي تقودها الدولة الوطنية وتعزز سرعة التصرف والاستجابة المباشرة، وذلك بسبب تركيز الاهتمام بدرجة كبيرة على هيكل صناعة القرار على المستوى الدولي. كما عرقلت شكوك المواطنين بقادتهم السياسيين جهود الاستجابة للجائحة، وكان التعاون مركّزاً بدرجة كبيرة على تحفيز الابتكار داخل البلدان ذات الدخل المرتفع (القادرة على ملء مستودعاتها بالإمدادات)، وقوضت القومية الاقتصادية القدرات المحلية.

علينا أن نحسّن أداءنا وإلا ستكون البشرية في موقف ضعيف في مواجهة الجائحات والتهديدات العابرة للحدود مستقبلاً. وبما أنني شاركت في قيادة مكتب إدارة التوزيع في مبادرة كوفاكس (COVAX)، سأقدم لكم الدروس المستفادة من عملية توزيع لقاحات كوفيد-19التي تُعد أكبر عملية تدخل في مجال الصحة العامة في تاريخ البشرية، وذلك للاستعداد بشكل أفضل ولحشد جهود الاستجابة في المستقبل.

1. ضع أهدافاً وخطط عمل واضحة وواقعية ومرنة على الصعيد الوطني تحت إدارة الحكومات الوطنية.

انطلقت مبادرة كوفاكس بهدف تطعيم 70% من البشر بحلول منتصف عام 2022، مع وضع أهداف مزدوجة إضافية متمثلة في تحقيق المساواة بتوفير اللقاح وزيادة فرص تحفيز مناعة القطيع للقضاء على تهديدات كوفيد-19 المستقبلية. ولم تتحقق هذه الأهداف الجريئة.

ومن أسباب هذا الإخفاق ضعف الالتزام بالتعاون الدولي ذي الأهمية الكبيرة في حالات الطوارئ العابرة للحدود. فعندما أنتجت اللقاحات، شرعت الدول ذات الأقلية العالمية بعدد السكان (أو البلدان ذات الدخل المرتفع) بتخزين اللقاحات لمواطنيها، ما سمح للمتحورات في الدول الأخرى بالظهور نظراً لغياب الحماية الكاملة التي توفرها اللقاحات. وعندما تمكنت الدول ذات الأغلبية العالمية أخيراً من الحصول على اللقاحات بكميات كبيرة، لم يعد بالإمكان تحقيق مناعة القطيع. وأسهم عدم المساواة في توزيع لقاحات كوفيد- 19 في 1.3 مليون حالة وفاة إضافية على مستوى العالم و296 مليون إصابة بكوفيد-19 في البلدان ذات الأغلبية العالمية.

كما ظهرت مشكلة أخرى تتمثل في عدم ملاءمة الإجراءات التي فُرضت على البلدان ذات الأغلبية العالمية للحصول على اللقاحات والتي أصبحت عبئاً بسبب سرعة تطور كوفيد-19، والتمويل المحدود، وإمدادات اللقاحات غير المستقرة. فكان على الدول ذات الأغلبية العالمية وضع خطة وطنية للتطعيم لكي تتمكن من الحصول على لقاحات كوفيد-19 المدعومة عبر مبادرة كوفاكس. وعلى الرغم من أن الهدف من الخطة الوطنية للتطعيم كان استخدامها بوصفها خطة توجيهية لتحقيق الأهداف المحددة عالمياً، فقد أصبحت قديمة وغير مجدية بسبب قيود الإمداد في البلدان ذات الأغلبية العالمية، وقصر مدة صلاحية تخزين اللقاحات وعدم القدرة على التنبؤ بالكميات التي تتبرع بها دول الأقليات العالمية، والافتقار إلى موارد مالية إضافية لتنفيذ حملات اللقاح. وعلاوة على ذلك، تم توجيه برامج الخطة الوطنية للتطعيم نحو تحقيق هدف الـ 70%، ولكن كان من الواضح أن الأهداف الأكثر واقعية التي حددتها الدول تتمثل في التركيز على تغطية 90% من السكان الأكثر عرضة للخطر (مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية، وكبار السن، والمصابين بأمراض أخرى). اضطرت البلدان إلى تأييد هدف الـ 70% ظاهرياً فقط في أثناء إعادة تحديد استراتيجياتها للتطعيم، ما جعل من الصعب تتبع تقدم برامج التطعيم الوطنية وإطلاق العنان للتمويل العالمي.

وبينما كانت الدول ذات الأغلبية العالمية تتعثر في مواجهة التحديات التشغيلية، تغيرت ديناميات مواجهة كوفيد-19. وشهدت البلدان ذات الأغلبية العالمية شحاً في اللقاحات الأساسية لم تشهده منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، وترافق ذلك مع آثار سلبية كبيرة بين السكان (مثل انعدام الأمن الغذائي، ومخاطر عنف الأزواج، واكتئاب المراهقين وشعورهم بالقلق، واستمرار ظهور متحورات فيروس كورونا المستجد المثيرة للقلق التي تخفض من حماية اللقاحات، وازدياد عدد المصابين بدرجة أعلى من المتوقع بسبب العدوى الطبيعية). وعلى الرغم من تسارع التطورات، حافظت منظمة الصحة العالمية على هدف الـ 70%، مع أن الأولويات العلمية والوطنية الحديثة أشارت إلى ضرورة تحديث الأهداف.

باختصار، في حين أدت مناصرة مبادرة كوفاكس وتنسيقها وتوجيهها ودعمها إلى تسريع تلقي لقاحات كوفيد-19، فالأخطاء الاستراتيجية وتفادي المجازفة من وكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة على حد سواء، بالإضافة إلى عدم توافق القيادة الفنية لمنظمة الصحة العالمية والأولويات التي تعكس جداول الأعمال العالمية مع الواقع المحلي أدت مجتمعة إلى ارتفاع تكاليف المعاملات في البلدان ذات الأغلبية العالمية.

كان ينبغي أن تتحكم البلدان ذات الأغلبية العالمية في وضع أهدافها والخطط التوجيهية لتحقيق تلك الأهداف، وأن تمتلك القدرة على تحديثهما مع تغير الظروف. على سبيل المثال، سعى معظم الدول ذات الأغلبية العالمية في بداية عام 2022 إلى التحول نحو السيطرة على كوفيد-19 على المدى الطويل وتقديم الرعاية الصحية المتكاملة. وكان ينبغي أن تنصاع مبادرة كوفاكس والجهات المانحة للقيادة المحلية للدول وتدعم نهج القيادة من القاعدة إلى القمة بهدف تحقيق التعافي من الجائحة على نحو أكثر إنصافاً. إذ كان من الممكن أن يتيح ذلك الفرصة للبلدان ذات الأغلبية العالمية للحصول على اللقاحات الكافية والتمويل والموارد والخبرة والتوجيه والتنسيق بناءً على أهداف محدثَّة وواقعية واتخاذ قرارات مشتركة على المستويين الوطني والعالمي. وبدلاً من ذلك، خاضت وكالات الأمم المتحدة ودول الأقليات العالمية في خلافات حول مسؤوليات تنظيمية منفصلة ومتداخلة مع قدر ضئيل من تحمل المسؤولية على المستوى الوطني والعالمي.

فلو حصلت البلدان ذات الأغلبية العالمية على الموارد اللازمة للتحكم بالنتائج، لكانت في أتم الجاهزية للتركيز على الاستجابة، وزيادة القدرات، ودعم عمليات الطوارئ وأنظمتها، والتواصل الواضح والمتسق مع السكان، والتغلب على المعوقات التشغيلية واللوجستية، ومواءمة السياسات والقوانين مع خطط التنفيذ الخاصة بها. وبدلاً من ذلك، ذهب الكثير من وقت البلدان ذات الأغلبية العالمية على الاستجابة لعمليات الأمم المتحدة المتصلبة والوقوع تحت رحمة المانحين الذين سعوا للحفاظ على تركيز ضيق الأفق على الاستراتيجيات والوقائع التي عفاها الزمن.

تحتاج الدول إلى أن تتحكم باستراتيجياتها وخططها ونتائجها في حالات الطوارئ والجائحات المستقبلية التي تتطلب تعاوناً عالمياً، مع تتبع دقيق للمنعطفات المؤقتة وتحمل المسؤولية والتمويل الطارئ والمستقر في آن واحد. وينبغي تصميم عمليات التوجيه والدعم العالميين مع أخذ المنفذين على المستوى الوطني في الحسبان. وعلى وجه التحديد يجب أن تتمتع التوجيهات بالمرونة، وذلك عبر معرفة القيود الخارجية والتحلي بالواقعية عند الموازنة بين قدرات الدولة وتعارض الأولويات. كما يجب أن تدعم الموارد البلدان في خططها المحددة ذاتياً مع تحفيز العمل الذي يدعم التعاون العالمي.

2. يجب أن تكون آليات التنسيق العالمية مرنة ومحدودة وأن تحمل مسؤوليتها الدول بدلاً من أن يقودها المانحون.

يجب أن يحافظ التنسيق العالمي على تركيز عالٍ على دعم الدول للحصول على التمويل والموارد والخبرة والتوجيه للوصول إلى الأهداف التي تحددها تلك الدول. إذ أدى إخفاق مبادرة كوفاكس في الوفاء بوعودها إلى المنافسة ضمن المؤسسات وفيما بينها، والتركيز المفرط على العملية والهياكل على المستوى العالمي، والكثير من الطاقة الموجهة نحو عقد الصفقات والإمدادات بدلاً من توجيهها نحو دعم قدرة النظام الصحي وتقديم الرعاية.

على سبيل المثال، خاضت المنظمات الرئيسية التابعة لمبادرة كوفاكس مثل التحالف العالمي للقاحات والتحصين “غافي” (Gavi) ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف نزاعات في الميدان. إذ لم تمول دول الأقليات العالمية والشخصيات ذوو الملاءة المالية العالية هذه المنظمات فحسب، بل وضعت لها جداول أعمال، ما أدى إلى مجموعة متنوعة من المشكلات. حيث استدعي الموظفون من وظائفهم اليومية في إدارة البرامج الأساسية وطُلب منهم تحمل المزيد من المسؤوليات؛ وفقدت منظمة الصحة العالمية الثقة والمصداقية من خلال إعطاء الأولوية لجمع الأموال التي تستهدف عمليات التسليم الخاصة بها بدلاً من تعزيز قدرة الحكومات ودعم المؤسسات المحلية؛ وأعطت منظمات الأمم المتحدة الأولوية لتوظيف الخبراء التقنيين بدلاً من ذوي المهارات الإدارية والدبلوماسية ومهارات إدارة المشاريع.

عندما بدا إخفاق كوفاكس في التزاماته للعيان، عُيّن تيد شيبان بمنصب المنسق العالمي لبرنامج شراكات توزيع لقاح كوفيد-19 (CoVDP) في أوائل عام 2022. أعاد السيد شيبان توجيه البرنامج لخدمة الأولويات التي تحددها الدول بدلاً من الأجندات التي يتحكم بها المانحون، وكان قادراً على ذلك لأنه تمتع بالتأييد السياسي اللازم والمعرفة الفنية والخبرة الإدارية، فضلاً عن النفوذ السياسي لتحقيق مواءمة الميزانيات والفِرق والخطط بين المانحين والشركاء المنفذين. وقد سمح ذلك للدول بأن تكون في موقع القيادة لإدارة خططها التشغيلية وخفض تكاليف معاملات التواصل مع العديد من المانحين والمنظومات. كما حافظ البرنامج على التركيز على مجالات الميزة النسبية لهيئات الأمم المتحدة، وعلى وجه التحديد “التمويل التشغيلي العاجل، والمساعدة الفنية والمشاركة السياسية لتوسيع نطاق التطعيم بسرعة ورصد التقدم نحو تحقيق الأهداف”. وقد تطلب ذلك من البرنامج وشركائه أن يتلاءموا مع الخطط على المستوى الوطني والأولويات والتحكم بالبيانات بدلاً من الطلب من الدول أن تتكيف مع جداول الأعمال والإجراءات العالمية.

أشار السيد شيبان مؤخراً إلى أن برنامج شراكات توزيع اللقاحات “شدد على أهمية إنجاز المراحل المهمة على الصعيد الوطني والتركيز على الفئات ذات الأولوية العالية، وتحديداً على كبار السن فوق سن الستين ومقدمي الرعاية الصحية والعاملين الآخرين في الخطوط الأمامية والمصابين بأمراض أخرى”. ونتيجة لذلك ساعد البرنامج خلال العام الماضي على حشد الجهود لتسريع توفير أكثر من 143 مليون دولار لتمويل حملات التطعيم، ودعم بلدان مبادرة كوفاكس لتطعيم 139 مليون شخص إضافي.

3. على التمويل العالمي أن يعطي الأولوية للقدرة المحلية لتحفيز الابتكار.

كان الابتكار ضرورياً لتطوير اللقاحات ونشرها بسرعة في جميع أنحاء العالم، الذي بدأ مع لقاح الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) غير المثبت علمياً ولكنه كان واعداً. لذلك قامت دول الأقليات العالمية بتغطية تكاليف البحث والتطوير لشركات الأدوية مع ضمانات بأن تكون لهذه البلدان أولوية استخدام اللقاحات المنتظرة. ونتيجة تخزين اللقاحات في بلدان الأقليات العالمية، وحماية الملكية الفكرية لشركات الصناعات الدوائية، وعدم كفاية القدرة التصنيعية، واضطرابات سلسلة التوريد، أعطت جهود توفير اللقاح الأولوية لسكان عدد قليل من بلدان الأقليات العالمية بدلاً من استهداف أكثر الطرق فاعلية لمنع المتحورات المثيرة للقلق من الظهور. لقد مثلت جائحة كوفيد-19 فرصة ضائعة لبناء القدرات المحلية والمرونة للاستجابة للجائحات المستقبلية، ولتحديد الطرق الأكثر فاعلية لتجاوز الجائحة الحالية.

وتركزت عمليات البحث والتطوير للقاحات كوفيد-19 وإنتاجها في عدد قليل من بلدان الأقليات العالمية، مع أن البلدان ذات الأغلبية العالمية تمتلك تجارب أقرب عهداً في مواجهة حالات الطوارئ الصحية (مثل فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز والملاريا والإيبولا)، وقد نجحت في تحصين سكانها على مستويات تكافئ أو تزيد على دول الأقلية العالمية، ولديها قدرة تصنيع كامنة. مثلت جائحة كوفيد-19 وجهود التطعيم فرصة ضائعة لزيادة القدرة الابتكارية وإمكانية تحقيق إنجازات تكنولوجية غير مسبوقة وزيادة مرونة النظم الصحية في البلدان ذات الأغلبية العالمية التي كان بوسعها أن تفيد البشرية جمعاء.

ينبغي للبلدان ذات الأغلبية العالمية أن تكون في طليعة دول تطوير التكنولوجيا والحلول وتوظيفها، ويمكنها تحقيق ذلك. بالنسبة إلى جائحة كوفيد-19، كان يجب مشاركة الملكية الفكرية المستخدمة في تطوير لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) على نطاق واسع، مع تقديم الدعم الفني لتوسيع التصنيع ليشمل البلدان ذات الأغلبية العالمية. ومن الآن فصاعداً يجب أن يطالب المستثمرون والمنفذون بعلاقات متبادلة بين الباحثين والمصنعين والموزعين، لا سيما للابتكارات التي تتصدى للتهديدات العالمية العابرة للحدود مثل الأوبئة وتغير المناخ.

4. يجب كسب ثقة الجمهور، ولكن إن خسرناها فمن الصعب استعادتها.

قبل ظهور الجائحة، حذّر علماء الأوبئة مراراً وتكراراً من أن العالم غير مستعد للاستجابة للجائحات. لم يستمع أحد إلى هذه التحذيرات، وعندما تحول “فيروس كورونا المستجد” إلى جائحة كانت الأدوات المتاحة محدودة، واستدعت الجائحة إجراءات حادة مثل الإغلاق، ما أدى إلى صعوبات اقتصادية شديدة، وإحباط القوى العاملة الصحية، وتأجيل التعليم، وحالات من العنف المنزلي، والاكتئاب والقلق ونقص في اللقاحات الروتينية وفي علاج السرطان وتراجع العناية بصحة الأمهات. وتراجعت ثقة الجمهور في قادتهم السياسيين من جراء الجائحة، ما أدى إلى الحد من قدرة هؤلاء القادة على اتخاذ قرارات صعبة في المستقبل. إذ كان الجمهور يرى أن أضرار عمليات الإغلاق أكبر من فوائدها، وأن اللقاحات هي محاولة من قبل النخب لزيادة ثرواتها.

وبسبب المعلومات المضللة وانعدام الثقة بالنخب، تباطأ العديد من السكان في البلدان ذات الأغلبية العالمية في التطعيم ضد كوفيد-19 حتى بعد توفر اللقاحات على نطاق واسع. فعندما وصلت اللقاحات إلى البلدان ذات الأغلبية العالمية، كانت المعلومات المضللة منتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكان الإحباط الشعور السائد بين العديد من الناس في البلدان ذات الأغلبية العالمية. وشكك الناس صراحة بسبب التركيز الخاص على لقاحات كوفيد-19، وإذا ما كان هذا التركيز على حساب الأولويات الأكثر إلحاحاً مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسل والملاريا والحفاظ على سبل العيش. كان عدم ثقة الجمهور في قدرة الحكومات على العمل من أجل مصلحته موجوداً قبل فترة طويلة من انتشار كوفيد-19، لكن الجائحة أدت إلى تزايد هذه الشكوك وتقويتها. ولم تعالج السياسات العامة في البلدان ذات الأغلبية العالمية التفاوت الكبير لتأثير الجائحة في السكان، إذ كان التركيز الأكبر لتلك الآثار في المجتمعات الضعيفة والمهمشة.

كان عملي في مبادرة كوفاكس يهدف إلى تحويل المجتمعات إلى مجتمعات محصنة ومحمية عبر تلقيها اللقاح، والتركيز على دعم البلدان ذات الأغلبية العالمية لتسريع تلقي اللقاح. تُعد جائحة كوفيد-19، وتحديداً حملة تحصين العالم باللقاحات، أقرب حادثة في التاريخ الحديث لحشد جهود البشرية لمواجهة تهديد وجودي.

فقدت البشرية الفرصة لاحتواء كوفيد-19 أو الوصول إلى مناعة القطيع، ونحن نصل إلى عتبات مرحلة ستكون فيها آثار التغير المناخي على الكوكب غير قابلة للإصلاح. وكما تعلمت من عملي في مبادرة كوفاكس، النيات الحسنة لا تكفي وحدها. والمطلوب الإدارة المحلية للتهديد العالمي، والآليات العالمية المصممة لخفض تكاليف المعاملات، والدعوة إلى التعاون داخل الهيئات، والاستثمار في الحلول المحلية والوطنية، ودعم فهم الجمهور للتهديدات وأثرها فيه.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.