تقدم منصة "ستانفورد للابتكار الاجتماعي" الجزء الأول من سلسلة "التمسك بالغاية الاجتماعية في خضم الجائحة" التي تسلط الضوء على قصة نجاح ملهمة لرائد أعمال اجتماعي من المكسيك، حيث نتنتاول بداية انطلاق فكرته وكيف دعمت المجتمع في أثناء الجائحة، على أن نتطرق في الجزء الثاني إلى كيفية الاستفادة من الأهداف الاجتماعية لمشروعه والتغييرات المتوقعة.
بدأت مؤسسة مكسيكوز بيتزا (Mexico’s Pizza) من شركة صغيرة لصنع البيتزا اتبعت نموذجاًً يهدف إلى دمج الشباب البالغين المشردين في المجتمع، ما جعلها أداة للشمول الاجتماعي. وقد أثبت تطورها أن الرواد الاجتماعيين قادرون على الاستفادة من الغاية الاجتماعية من أجل دعم مؤسساتهم في الأزمات وإعادة تصميم نماذج عملها كي تتمكن من توليد أثر أكبر.
في عام 2015، أطلق أليخاندرو سوسا المؤسسة الاجتماعية المكسيكية، بيكسا (Pixza)، بهدفين أساسيين؛ فهي مطعم بيتزا عصري يتمتع بمسؤولية اجتماعية ويقدم قطع البيتزا الشهية المصنوعة من مكونات مكسيكية فريدة، وأصبح حديث الناس في مدينة مكسيكو سيتي، إلى جانب أنها مؤسسة تعيد إدماج شباب المدينة المشردين في المجتمع إذ توظفهم في مطاعمها وتقدم لهم الخدمات الأساسية وتعلمهم المهارات ذات القيمة في آن معاً.
كان على سوسا التغلب على تحديات كثيرة من أجل إنشاء مؤسسة بيكسا وتنميتها، ووصف تجربته بأنها مثل ركوب "قطار الملاهي الأفعواني في ريادة الأعمال"، وكان يحرص على دعم سعيه لتنمية مؤسسته بالتزامه مساعدة الشباب المهمشين في مدينة مكسيكو سيتي، الأمر الذي أصبح جوهر علامة المؤسسة التجارية.
يقول: "كان الناس يحبون الحضور إلى مطعم بيكسا، فقد كان مكاناً يتيح لك التفاعل مع موظفينا الذين نسميهم وكلاء التغيير، والذين يحدثونك عن حياتهم كي تعيش معهم تجربة التمكين الاجتماعي. لقد كان مكاناً مميزاً".
مع بداية عام 2018 كانت مؤسسة بيكسا على وشك مضاعفة أثرها الاجتماعي بفضل تمويل الاستثمار الجديد الذي يهدف إلى توسيع العمليات.
ثم في شهر مارس/آذار من عام 2020، انتشرت جائحة كوفيد-19 في المكسيك وانهارت أعمالها، يقول سوسا: "انخفضت مبيعاتنا بنسبة تتراوح بين 90% و98%، توقفت مبيعاتنا تماماً".
ومع فرض إجراءات الإغلاق العام في المدينة بدأت غالبية المطاعم في المكسيك بتسريح أعداد كبيرة من موظفيها من أجل موازنة أعمالها، ولكن سوسا علِم أنه لا يستطيع التخلي عن وكلاء التغيير في مؤسسته، يقول: "في مؤسسة بيكسا نضع الرسالة أولاً دائماً، وهي محور تركيزنا وأساس عملنا". لكن هل كان بإمكان مؤسسة بيكسا الحفاظ على التزاماتها في أثناء جائحة نادرة تحدث مرة واحدة في العمر؟
على مدى الأشهر التالية، أجرت قيادة مؤسسة بيكسا عدة تغييرات حفاظاً على التزام المؤسسة تجاه الشباب المهجورين اجتماعياً في المدينة، وتمكنت من تطوير نموذج عملها عن طريق الابتكار الاجتماعي المستمر بهدف الحفاظ على التزاماتها وتوسيعها لأجل مستقبل ما بعد الجائحة أيضاً، وهي تسلط الضوء بتجربتها على قدرة الغاية على تقوية المؤسسة الاجتماعية في مواجهة أشد الأزمات.
فكرة في المقهى
يقول سوسا البالغ من العمر 35 عاماً: "لطالما كنت رائداً اجتماعياً، وأنا مشغوف بالبحث عن نماذج تحفز التغيير بصورة مستدامة".
سوسا هو ابن عائلة من الطبقة المتوسطة في مدينة مكسيكو سيتي، وانتقل إلى الولايات المتحدة في الثانية من العمر وعاد إلى المكسيك في التاسعة من عمره، وآنذاك أنشأ والده الذي كان رائد أعمال منتزه ميكيستلان (Mexitlán) الترفيهي التعليمي في مدينة تيخوانا المخصص للثقافة والتاريخ المكسيكيين. ولّدت هذه النشأة لديه اهتماماً بريادة الأعمال وقدرتها على التمكين الاجتماعي.
في قاموس أوكسفورد للغة الإنجليزية، تعرّف كلمة "التمكين" (empowerment) بأنها "زيادة قوة المرء وثقته لا سيما في تحكمه بحياته والمطالبة بحقوقه"، ويعتبر سوسا أن الريادة الاجتماعية جذابة أكثر من المساعدات أو الأعمال الخيرية التقليدية لأنها تهدف إلى تمكين الناس بدلاً من تعويدهم على الاعتماد على الغير.
يقول: "تخيل أن ترى شخصاً يحتاج إلى قميص فتقدم له قميصك، ستشعران كلاكما بالرضا، ثم تحصل على قميص من شخص آخر، وهكذا دواليك. تكمن المشكلة في أنه في نهاية المطاف ثمة شخص لا يملك قميصاً، وعلى الرغم من أنك ستشعر بالرضا عندما تقدم له قميصك فأنت لم تحلّ المشكلة".
في عام 2005، درس سوسا في كلية بابسون الخاصة في مدينة ويلزلي بولاية ماساتشوستس، وهي تركز على ريادة الأعمال، وأصبح واحداً من الطلاب الرواد في الجمع بين الأعمال التجارية والغاية الاجتماعية.
وبعد التخرج في عام 2009 شارك في سلسلة من مشاريع تطوير المؤسسات الاجتماعية في عدة دول منها رواندا وأوغندا وبوتان والبرازيل. منحت هذه المشاريع سوسا القدرة على رؤية التنمية الدولية على أرض الواقع والتفاعل مع وزارات التنمية الوطنية إلى جانب الوكالات المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي والأمم المتحدة وبنك التنمية للبلدان الأميركية.
دفعت هذه التجارب في الدول والقطاعات المختلفة سوسا للعودة إلى الدراسة من جديد، فحصل على درجة الماجستير في الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك. أوقعت واحدة من المهام التي عمل عليها في إحدى مواد دراسته العليا أثراً عميقاً في تطوره؛ إذ طلب الأستاذ من كل طالب العثور على شخص في المدينة له قصة مذهلة ومرافقته ورواية قصته، فالتقى سوسا بشخص اسمه جو، وهو رجل مشرد في عقده السادس قضى غالبية حياته في الشوارع، رافق سوسا جو على مدى 4 أشهر، وشهد بأم عينه أزمة التشرد المنتشرة في مدينة نيويورك الأميركية على نطاق واسع، ونما لديه حافز لدعم البالغين المشردين عن طريق المؤسسة الاجتماعية، وحقق هذه الرغبة عندما أسس مطعم البيتزا.
في نفس الوقت تقريباً، سنحت لسوسا فرصة التقاء صديقه المكسيكي في مقهى بمدينة نيويورك، ومن الطبيعي أن ينتقل حديثهما إلى الموضوع الذي يتداوله المكسيكيون المغتربون دائماً؛ الطعام المكسيكي. كان سوسا يحب مطاعم البيتزا التي تقدم قطعاً كبيرة في مدينة نيويورك، وبدأ يتساءل أمام صديقه عن سبب عدم صنع بيتزا مكسيكية، وحينئذ نشأت فكرة مطعم البيتزا الذي يقدم الفطائر المكسيكية بمكوناتها ونكهاتها التقليدية. ونظراً للوقت الذي كان قد قضاه مع جو مؤخراً وفكرة التزامه تجاه التمكين الاجتماعي التي يضعها نصب عينيه، نشأت لديه فكرة تربط مطعم البيتزا برغبته في مساعدة المشردين، ويذكر أن الفكرة كانت قد تبلورت بالفعل عند نهاية حديثه مع صديقه، فقال له: "سأنشئ مطعماً للبيتزا وسأوظف فيه أشخاصاً مشردين فقط".
في عام 2015 بعد أن أنهى دراسته عاد إلى مدينة مكسيكو سيتي، وكان يدرس الفكرة واستعد لتنفيذها فعلاً، فجمع مدخراته وأطلق مطعمه الذي يهدف إلى التمكين الاجتماعي، وقرر أن يسميه من باب الدعابة "بيكسا" (Pixza)، وفقاً لطريقة لفظ كثير من المكسيكيين لكلمة "بيتزا". كان نموذج العمل الذي يتبعه يدمج بين المؤسسة التي تولد الأرباح وبرنامج الدعم الاجتماعي الذي يهدف إلى تقديم فرص إعادة الإدماج الاجتماعي لمشردي مدينة مكسيكو سيتي.
مشروع اجتماعي ضمن مطعم بيتزا
منذ البداية، كان القصد من مطعم "بيكسا" توليد تأثير إيجابي في المجتمع والوسط المحيط عن طريق منتجاته وعملياته على حد سواء؛ من جانب المنتج قدم المطعم فطائر مبتكرة مصنوعة من المكونات التقليدية العضوية المزروعة محلياً، إذ تصنع العجينة من الذرة الزرقاء، وهي حبوب من المحاصيل المكسيكية الأصل ذات أهمية ثقافية كبيرة، وتحتوي الفطائر مكونات مختلفة مثل الجنادب ووجبة التامال وفلفل بوبلانو وزهرة الكركديه وسجق الكوريزو وجبنة واهاكا واللحوم المتبلة التقليدية وحتى صلصة الموليه المصنوعة من مجموعة توابل ومكونات متنوعة.
بما أن سوسا لم يكن يعرف في البداية طريقة صنع البيتزا، فضلاً عن معرفة إمكانية صنعها بالذرة الزرقاء، لجأ إلى شبكة معارفه الشخصية للحصول على المساعدة، وتواصل مع طباخة جدته السابقة التي عاشت مع عائلته عدة سنوات، ولكنها كانت آنذاك قد غادرت مدينة مكسيكو سيتي، لذلك ذهب سوسا لزيارتها في مدينة كواتلا جنوب مدينة مكسيكو سيتي وقطع رحلة استغرقت ساعتين بالسيارة ليأخذ دروساً في الطبخ. وبعد أن قضى معها 14 ساعة من الدروس المكثفة في المطبخ شعر أنه قد فهم الطريقة التي سيتبعها من أجل صنع البيتزا بالمكونات والنكهات المكسيكية التقليدية.
ولكن بغض النظر عن درجة الابتكار في صنع البيتزا، فهي لم تكن سوى وسيلة لتحقيق غاية مؤسسة بيكسا الاجتماعية على اعتبارها رسالتها الأساسية. دمج سوسا التأثير الاجتماعي في أعمال مطعمه مباشرة عن طريق حصر التوظيف بالشباب المشردين في ملاجئ مدينة مكسيكو سيتي. يقدّر عدد الشباب الذين يعتبرون "مهجورين اجتماعياً" في مدينة مكسيكو سيتي بنحو 20 ألفاً يعيشون حياة معزولة وخطِرة غالباً في الملاجئ أو الشوارع. في حين كانت برامج الدعم قائمة بالفعل فمعظمها يعالج جوانب جزئية فقط من المشكلة، مثل الرعاية الصحية والملاجئ المؤقتة، غير أن نهج مؤسسة بيكسا الشامل دعا الشباب للانضمام إلى برنامج "درب التغيير" الذي يخضع المشاركون فيها إلى عملية تمكين اجتماعي تحفظ كرامتهم وتؤدي إلى توظيفهم واعتمادهم على أنفسهم.
تقول إحدى المديرات في بيكسا، ناتاليا بيدروزا: "درب التغيير هو الرحلة التي يخوضها وكلاء التغيير في المؤسسة، إذ نبدأ بتعليمهم عادات جديدة والانضباط اللازم للحفاظ على وظيفة ثابتة، ثم نعمل على تطويرهم مهنياً وشخصياً ليحصلوا في نهاية المطاف على حياة مستقلة ويتمكنوا من تحسين جودة حياتهم والاستقرار تدريجياً".
بعد إنهاء برنامج يستمر 12 شهراً، يحصل المشاركون على عرض وظيفة رسمي من مؤسسة بيكسا ويصبحون وكلاء تغيير بصورة رسمية. ولكن لا يتمثل هدف بيكسا النهائي في بقاء وكلاء التغيير في المؤسسة لأجل غير مسمى، وإنما بحسب شرح مؤسِسها الشريك، رايموندو فون بيرتراب: "تسعى الشركة إلى ضمان أن يصل الأشخاص المهجورون اجتماعياً إليها ثم يغادروها لاحقاً إلى فرص أفضل، ما يحقق الشمول الاجتماعي المستدام".
اتبعت مؤسسة بيكسا نموذج "اشترِ قطعة، وامنح قطعة" لتوظيف وكلاء جدد للتغيير مع وصل زبائنها برسالتها في آن معاً. يعمل موظفو المؤسسة على توصيل قطعة مجانية من البيتزا إلى شخص يعيش في الشارع لكل 5 قطع يشتريها الزبائن في المطعم، وربطت المؤسسة زبائنها بعملية التمكين الاجتماعي عن طريق دعوة الشخص الذي يشتري القطعة الخامسة لكتابة رسالة شخصية لمن سيتلقى القطعة المجانية. وقد تشكل هذه القطعة المجانية الاتصال الأول بين الشخص المشرد والمؤسسة، وهي الخطوة الأولى ليثق بالمؤسسة ويهتم ببرنامج التمكين الاجتماعي الذي تقدمه. وعن طريق سلسلة من الخطوات التي تتضمن الاستحمام وارتداء قميص نظيف وحلاقة الشعر والخضوع لفحص طبي ودورة لتعليم المهارات الحياتية، يبدأ المشاركون في البرنامج باستعادة السيطرة على حياتهم.
تقول مديرة المشاريع في مؤسسة بيكسا، ريجينا ميدينا مورا: "إنه برنامج يتم تطويره لكل شخص على حدة لمساعدته في مختلف مجالات حياته وفقاً للمرحلة التي وصل إليها واحتياجاته، ويشمل مجالات مثل العمل والتعليم وتقدير الذات والتمويل والحياة المستقلة وهلمّ جرّاً". وبعد التخرج في البرنامج يحصل المشارك على عرض عمل رسمي من مؤسسة بيكسا في دور مدير بعد أن كان سابقاً موظفاً مبتدئاً في دور أمين صندوق أو نادل.
نجح مطعم بيكسا في جذب محبي الطعام في مدينة مكسيكو سيتي، وكان الزبائن يقفون في طابور طويل يمتد على طول الشارع منتظرين بصبر الحصول على قطعة بيتزا. في موقع تقييم المطاعم الدولي ريستورانت غورو (Restaurant Guru)، تم تصنيف مطعم بيكسا على أنه ثامن أفضل المطاعم المكسيكية من أصل 17,149 مطعماً في مدينة مكسيكو سيتي، إذ تمكن من جذب الزبائن بالبيتزا التي يقدمها والغاية التي يخدمها على حد سواء.
كتب أحد الزبائن على الموقع: "مطعم بيكسا هو أحد المطاعم القليلة التي تخدم قضية سامية في المكسيك وتسعى لتصبح منصة للتمكين الاجتماعي. فإلى جانب تقديم قائمة من أصناف البيتزا الفاخرة بنكهات مكسيكية خالصة، تخدم هذه المؤسسة غاية الشمول الاجتماعي بالاقتصار في عمليات التوظيف على الأشخاص المهجورين اجتماعياً".
بعد أن أطلق سوسا مشروعه الناجح سارع بافتتاح فرعين لمطعمه في موقعين آخرين ضمن حيَي روما نورتي وبوليفار بمدينة مكسيكو سيتي، وعندما أصبح فريق الموظفين الكامل يضم 7 مدراء و3 مطاعم ناجحة، أصبحت مؤسسة بيكسا مؤهلة لتوسيع نطاق تأثيرها بدرجة هائلة. ولكن مع أن مؤسسة بيكسا كانت تخلق القيمة لكثير من أصحاب المصالح، فقد كانت على وشك الاصطدام بأزمة تهدد استمرار أعمالها ورسالتها.
الحفاظ على الغاية في أثناء الجائحة
تصدى نموذج العمل الذكي في مؤسسة بيكسا بذكاء لاثنين من التحديات الشائعة التي تواجه المبتكرين الاجتماعيين: الحفاظ على التأثير وتوسيع نطاقه، إذ دمجت المستفيدين المستهدفين من الشباب المشردين في أعمالها التجارية مباشرة، وبالتالي أصبحوا بوصفهم موظفين جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه من مطاعمها التي بات نجاحها ضماناً لاستمرار الأثر. كما كان بإمكانها توسيع نطاق الأثر مع افتتاح مطاعم في مواقع جديدة وإضافتها إلى السلسلة.
يقول سوسا: "صممنا النموذج على هذا النحو لأننا إذا جنينا مزيداً من المال فسنتمكن تلقائياً من توليد أثر أكبر، وكي أتمكن من بيع المزيد من البيتزا يجب أن أوظف شخصاً جديداً يصنعها، ومع استمرارنا بالاقتصار في عملية التوظيف على الشباب المشردين سينمو الأثر مع نمو المبيعات، وسيكون حتمياً".
القدرة على دمج الأثر في نموذج العمل هي ما يميز المؤسسات الاجتماعية الناجحة عن الشركات التقليدية التي تنفذ مبادرات تُعنى بالتأثير الاجتماعي. وبالنسبة لكثير من الشركات الرائدة، تنشأ جهود الاستدامة بهدف تلافي التكاليف الاجتماعية والبيئية التي تولدها الأنشطة في أعمال الشركة الأساسية، وعلى الرغم من قدرة مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات على خلق قيمة اجتماعية وبيئية، فهي ليست مدمجة بصورة مباشرة في الأعمال وبالتالي قد يكون أثرها ضئيلاً. في الحقيقة، تعمل شركات المسؤولية الاجتماعية للشركات على تقديم الدعم المالي لخلق القيمة الاجتماعية، وإن تغيرت القيادة أو تردت شروط السوق أو ظهرت أي مشكلة أخرى في الأعمال تعمد الشركات إلى تخفيض الإنفاق على الدعم المالي الاجتماعي لأنه خارج نموذج عملها الأساسي.
يقول رئيس شركة فيرن فينتشرز (Verne Ventures) وأستاذ مادة ريادة الأعمال في معهد مونتيري للتكنولوجيا والدراسات العليا، لويس ألونسو كاستيلانوس: "بيكسا هي شركة اجتماعية خالصة وليست شركة مسؤولة اجتماعياً فحسب، هذا يعني أن استدامتها الاقتصادية وتأثيرها الاجتماعي يعتمدان بصورة جوهرية على نموذج عملها".
كانت جائحة كوفيد-19 بمثابة اختبار لجوهر نموذج عمل مؤسسة بيكسا، فمع فرض إجراءات الإغلاق العام في مدينة مكسيكو سيتي في شهر مارس/آذار من عام 2020، استجابت المطاعم للانخفاض الشديد في العائدات بتسريح الموظفين على اعتباره أسهل طريقة لتخفيض التكاليف، وفي حين واجهت مؤسسة بيكسا نفس التحدي الذي واجهته الشركات القرينة في قطاع الضيافة، فخيار تسريح موظفيها يعدّ خيانة لغايتها الاجتماعية.
يقول سوسا: "كان معدل الاستنفاد مساوياً لمجموع معدلات 3 أشهر، لذلك كان أول وأهم قرار هو أننا لن نسرح أياً من موظفينا على الإطلاق. هنا يبرز دور رسالة الشركة لأن الجائحة هي اختبار لصدق شعاراتنا التي نتحدث عنها باستمرار، ويتعين علينا اتخاذ القرار بتطبيقها فعلياً أو عدمه".
كانت الجائحة أزمة صحية واقتصادية وضعت وكلاء التغيير في مؤسسة بيكسا، وهم أصحاب المصلحة المستهدفين، في أضعف حالاتهم. ربما كان التزام المؤسسة تجاه الغاية على هذا النحو هو ما منعها من سلك الطريق الذي اختاره قطاعها للنجاة من الأزمة، ولكنه منح جهدها الكبير القوة التي يحتاج إليها للاستمرار في أثناء هذه الأزمة.
تقول بيدروزا: "كنت في أثناء الجائحة أدرك أن حياة بعض الناس تعتمد على مؤسسة بيكسا فعلياً، وهذا ما دفعني لبذل أقصى جهد ممكن من أجل استمرارها. كان لدى وكلاء التغيير رغبة صادقة في التقدم، لذلك كان علينا امتلاك نفس الرغبة في استمرار المؤسسة".