كنت أفكّر مليّاً في موضوع النشاط الهزيل (slacktivism)، قبل أن ألقي محاضرة عنه بصفة زائرة في جامعة ذا نيو سكول (The New School)، حيث خضت مناقشات لا حصر لها مع زملائي وأصدقائي حوله، وكنت أسجل الأفكار والأسئلة التي تراودني على قصاصات ورق في كل مكان. بالنسبة لي، يمكن تلخيص تعريف النشاط الهزيل في نقطتَين أساسيتَين: الأولى، تلعب المؤسسات دوراً مهماً في تحديد المستوى الذي يُسمَح فيه للأشخاص بالعمل وتأييده؛ والثانية، النشاط الهزيل هو حقاً بوابة لتغيير أدوَم. شملت الملاحظات في محاضرتي النقطة الأولى، وأرغب اليوم أن أشارك معكم بعض الأفكار عن أن النشاط الهزيل يشكّل بوابة للتغيير.
الدعوة والاستجابة
يعتبر البعض أن الإعجابات والتغريدات على موقعَي فيسبوك وتويتر أمثلة على النشاط الهزيل، ولكن يمكننا أيضاً تفسيرها على أنها مجموعة أشخاص يشاركون آراءهم، أو يعلنون انضمامهم مع إيصال رسالة بأنهم حاضرون ويستمعون ومستعدّون للاستجابة؛ فالمؤسسات تطلق الدعوات والمجتمَع يستجيب، إنها مسألة صياغة دعوتك لاتخاذ خطوات عملية على النحو الصحيح. لدى كاتيا أندرسن، الرئيسة التنفيذية لإحدى المؤسسات، مشاركة رائعة حول بعض العناصر الأساسية لصياغة دعوة مؤثرة للعمل، لكنني سأضيف بعض العناصر الأخرى التي يمكن أن تسهم في تغيير دعوات المؤسسات للاستجابة وتحويلها إلى دعوات فعلية للعمل، وهي كالتالي:
- خلق فرص يمكن إضفاء الطابع الشخصي عليها: لن تجد تفاعلاً يماثل الاستجابة برسائل أو صور أو مقاطع فيديو شخصية، أو حتى رسائل صيغت بكلمات خاصة أخرى.
- خلق فرص للاستجابة على أكثر من مستوى: لا حرج في أن تطلب من البعض مشاركة إحدى الرسائل ما دمت تتيح فرصاً أخرى لغيرهم ممن يرغبون في فعل أكثر من ذلك في الشبكة.
- خلق فرص للعمل الذي يربط شبكة الإنترنت بالواقع، وحثّ الناس على التحرّك على المستويين أيضاً.
التأثير على أرض الواقع
أخبرني العديد من الناس أن الإنترنت تدمّر المجتمع والروابط الاجتماعية والأسر وكل شيء آخر، لكنني شخصياً لا أظن ذلك. فقد تعاونت مع منظومات لبناء مساحات إلكترونية تتيح اجتماع أشخاص من جميع الأعمار وإمكانيات الوصول والاهتمامات للمشاركة والتعلّم وبناء مجتمع يمكن نقله إلى الواقع؛ عملت مع مؤسسة أنشأت بوابة على الإنترنت تساعد المعلمين في الوصول إلى المحتوى حول قضايا عالمية يمكنهم الاستعانة به في صفوفهم، ما يمنح الطلّاب فرصاً للعمل والتواصل مع طلاب آخرين من جميع أنحاء العالم.
يدرك من عمل في تنظيم المجتمعات وإشراكها عن كثب أنه لا يمكن حثّ أحد على العمل إلا إذا فهم المشكلة واستطاع الوصول إلى المعلومات الرئيسية حولها وشعر بالثقة في أن عمله سيوقع أثراً. ولأجل تحقيق ذلك يمكن أن يسهم التواصل عبر الإنترنت مع المؤسسات والقضايا في إتاحة المعلومات عن القضايا للناس بطريقة هادفة وحيوية أكثر وأسهل، فضلاً عن نشرها على نطاق أوسع. وبالتالي يجب أن نحرص على تذكر أن التواصل عبر الإنترنت ليس مجرَّد جمع للمعلومات.
أجرى معهد أبحاث العلوم الإنسانية في جامعة كاليفورنيا بدعم من مؤسسة ماك آرثر (MacArthur Foundation)، دراسة شملت أكثر من 2,500 طالب في المرحلة الثانوية (واستمرت بمتابعة بعضهم لمدة تصل إلى ثلاث أعوام ونصف العام!) وبيّنت أن مستخدمي الإنترنت اليافعين أصبحوا نشطين اجتماعياً بدرجة أكبر في العالمَين الافتراضي والواقعي.
كان انخراط الشباب في مجتمعات على الإنترنت حسب اهتماماتهم مقترناً بتزايد العمل التطوعي والخيري والتعاون مع الآخرين لعلاج قضايا المجتمع. ويمكن أن تؤدي شبكة الإنترنت دور بوابة المشاركة المدنية والسياسية على الإنترنت والواقع على حد سواء، بما فيها من عمل تطوعي وحلّ المشكلات المجتمعية ونشاط احتجاجي.
وأيضاً، يقول الكاتب ماثيو إنغرام في مقال نشره مؤخراً إن دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center) في مطلع عام 2011 بيّنت أن التفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من الأنشطة المجتمعية على الإنترنت يزيد احتمالات المشاركة في مجموعات وأنشطة مماثلة في العالم الواقعي كذلك.
إذاً، ما الذي تفعله لتربط مجتمعك الافتراضي على الإنترنت مع عملك على أرض الواقع؟ كيف تدمج المعلومات والعمل في تواصلك وتفاعلك على الإنترنت؟ ما الذي جربت فعله وباء بالفشل، أو ترغب بتجربته ولمّا تجربه بعد؟
اقرأ أيضاً عن وسائل التواصل الحديثة ومدى أهمية الاعتماد عليها.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.