كيف تعبّر عن مشاعرك بالألوان؟

5 دقائق
مشاعرك بالألوان
shutterstock.com/TairA

لا توجد ناحية جمالية واحدة للهدوء، لكن تكمن وراءه مبادئ أساسية تمكّن أي شخص من إنشاء حيّز مكاني يُبرز أفضل ما في نفسه وما في الآخرين. ولا نتحدث هنا عن الغرف المرتبة التي يطغى عليها اللون الأبيض؛ بل بملء حيزك المكاني لتحقيق غاية. والهدوء لا يعني السكون.

في بداية الجائحة، بدأت بالكتابة عما يعنيه التمتع بهدوء العيش والعمل في وسط محيط هجين جديد. نواجه جميعاً تحديات إضافية، نحافظ على الإنتاجية والإبداع مع إدارة الضغوط والطلبات المتراكمة المرافقة للعمل الهجين. بعد ممارسة التصميم والابتكار لأكثر من عقد من الزمان، والتعليم عبر ورش عمل التفكير التصميمي وندوات عبر الإنترنت لآلاف الأشخاص، أدركت أن الوقت قد حان لجمع خبراتي في كتاب حتى يتمكن الناس من الحصول على كتيب خاص بهم في المنزل حول إنشاء الحيز المكاني. يمكن للتغييرات البسيطة والمتعمدة في أي وسط محيط أن يكون لها تأثير عميق على هدوئك ورفاهيتك في المنزل وفي العمل.

يشرح هذا المقتطف من كتابي "العيش الهادئ: تحولات بسيطة في التصميم لملء حيزك المكاني بالهدوء" (Calm Living: Simple Design Transformations to Fill Your Spaces with Tranquility) فكرة الاستخدام المتعمد للعناصر المرئية للتعبير عن الحالة المزاجية اليومية وكيف يمكن لمثل هذه الممارسات البسيطة أن تجعلك تشعر بمزيد من الإلهام ووضوح الرؤية والحيوية. وهدفي مساعدتك في إنشاء حيز مكاني وأنظمة توفر السلام والوضوح في الرؤية (حتى في خضم الفوضى)، وتمكين عقلك من التفكير بسلاسة، ومنحك مساحة للتعلم والنمو دون عناء. أولغا تروسوفا

هل لاحظت أن عبارة "كيف حالك؟" تستخدم كتحية بدلاً من سؤال نتوقع الإجابة عنه؟ هذه المجاملة العامة التي نستخدمها لتحية الغرباء وزملاء العمل لا ننتظر بالضرورة الإجابة عنها. وذلك لأن السؤال بسيط، إلا أن الإجابة في كثير من الأحيان ليست كذلك. فمن الصعب وصف المشاعر عبر بضع كلمات بشكل مفاجئ والعثور على إجابة سريعة لمثل هذا السؤال.

في العام الماضي، كنت أعمل مع المصممة الرائعة كاي على إنشاء تطبيق جديد على الأجهزة المحمولة. وكان التعاون في إنشاء ورشة عمل تفاعلية مع العديد من أصحاب المصالح الرئيسيين جزءاً من هذا المشروع. وكانت كاي مسؤولة عن جدول الأعمال والإعداد؛ وكنت مسؤولة عن البحث وتيسير ورشة العمل. كانت هذه المرة الأولى التي نعمل فيها معاً، وبالطبع عندما التقينا شخصياً، سألتها كيف حالها، وأجابت: "بخير".

التقينا يومياً لمدة أسبوع تقريباً وكان كل شيء يسير على ما يرام، ولكن كان على كاي الخروج من جلسات التخطيط كل ساعة أو نحو ذلك. وبحلول نهاية الأسبوع، لاحظت كيف بدت كاي حزينة على الرغم من نجاح المشروع. سألتها مرة أخرى كيف حالها، وعندها انهارت. توفي والدها قبل أسبوعين. كانت والدتها تعيش في مدينة تورنتو، وكان على كاي الخروج من حين لآخر للاتصال بوالدتها ومواساتها. قدمت لها بعض كلمات العزاء. في تلك اللحظة، تمنيت لو وجدت طريقة أفضل لفهم ما كانت تمر به سابقاً عندما لاحظت حزنها أول مرة.

وفقاً لأبرز الباحثين في مجال المشاعر، ثمة ما لا يقل عن خمسة مشاعر عامة، وهي الخوف، والغضب، والحزن، والاشمئزاز، والمتعة، ولكل منها خصائص فريدة. على سبيل المثال، يُثار الحزن بالفقدان ويتضمن خيبة الأمل واليأس. وتتنوع شدته، فيمكن أن نشعر بخيبة أمل خفيفة أو قوية. مرت كاي بحالات حزن مختلفة ناجمة عن فقدان والدها طوال اليوم في أثناء عملنا معاً.

عمل الدكتور بول إيكمان وابنته الدكتورة إيف إيكمان بدعم من الدالاي لاما على تأليف كتاب "أطلس المشاعر" (Atlas of Emotions) لمساعدتنا على تحقيق وعي أكبر بمشاعرنا في مسيرة أيامنا وحياتنا. (حقيقة طريفة: استند فيلم "إنسايد آوت" (Inside Out) الذي أنتجته شركة بيكسار (Pixar) على هذا الكتاب). ووفقاً لعائلة إكمان، تتبع كل نوع من المشاعر المثارة استجابة.

ويمكن أن تساعدنا ممارسة اليقظة الذهنية في فهم ما يثير مشاعر معينة والتوصل إلى استراتيجيات للاستجابة بشكل مناسب. وليس من السهل القيام بذلك على الفور. لذا ليس من السهل الإجابة عن سؤال "كيف حالك؟"، لأنها تتطلب أولاً فهماً عميقاً لمشاعرنا (بحالاتها المتنوعة من مثيرات وانفعالات) في وقتها.

التعرف إلى المشاعر بالألوان

وجد المصممون طريقة للإجابة عن عبارة "كيف حالك؟" بأناقة وفعالية باستخدام الألوان. في بداية اليوم، أطلبُ من الناس اختيار لون يمثل مزاجهم الحالي ومشاركة سبب اختيارهم له في حال كانوا على استعداد للتعبير عن هذه التفاصيل. من المدهش دائماً مدى سرعة اختيار كل شخص للون ومدى انفتاحه على مشاركة سبب الاختيار. كنت أتمنى لو استخدمت أداة تحقق سريعة مثل هذه مع زميلتي كاي في بداية المشروع لمنحها طريقة أسهل للتعبير عما كان يحدث في حياتها.

يمكن أن يساعد لون اليوم في تحديد المشاعر القوية وتحديد درجتها الصحيحة. نبدأ يومنا عادةً بإعداد قوائم المهام أو مراجعتها. قد يحفز هذا التصرف مشاعر القلق فينا، ويضفي علينا مزاجاً سيئاً لبقية اليوم. ماذا لو سألت نفسك عن شعورك باستخدام الألوان عوضاً عن ذلك؟ تجول في حيزك المكاني وضع أوراقاً لاصقة بألوان مختلفة (تمثل مشاعرك) التي تثير المشاعر القوية على الجدران في الغرف، أو حتى قطع الأثاث (مثل الأريكة أو الكرسي أو طاولة المطبخ).

ابدأ اليوم بالتعبير عما تشعر به باستخدام الألوان البسيطة. يمكن أن يساعدك الرجوع إلى مجموعة ألوان شركة بانتون (Pantone) الواسعة في تمثيل مجموعة أكبر من المشاعر. ومن بعض الأمثلة على ألوان بانتون المرتبطة بمشاعر محددة هي المرجان المشرق أو الأوركيد المشع (المتعة)، والفلفل الحار (الخوف)، والأزرق الكلاسيكي (الحزن)، وفيري بيري (درجة من اللون البنفسجي دافئة وجريئة تمثل الابتكار الشخصي والإبداع). أنشئ لوحة الألوان الخاصة بك بناءً على الألوان التي تتناسب مع أقوى المشاعر لديك. عندما تبدأ يومك بتفقد الألوان كل صباح، ستشكل فهماً أوضح لما تشعر به وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على يومك.

وبمجرد اكتشاف الألوان التي تشعرك بالهدوء والاسترخاء، فكر في كيفية دمجها في حيزك المكاني. على سبيل المثال، في حال كان لون الخردل الأصفر يشعرك بالهدوء، فيمكنك إضافة وشاح بلون الخردل على الأريكة أو وضع مزهرية صغيرة بلون الخردل في مكتبك.

في حال كنت من عشاق الأرقام

بينما كنت أعمل مع الفريق في ستاربكس على منتجات جديدة مبتكرة، كانت لدي طقوس صباحية أمارس فيها تمارين السلامة النفسية كل يوم. كنت أستخدم جدولاً بسيطاً مؤلفاً من صفين وعمودين، الأعمدة للحالة المزاجية والصفوف للطاقة، ويعرض الجدول الأرقام من 1 إلى 4. يمثل الرقم 1 طاقة عالية ومزاجاً جيداً، ويمثل الرقم 2 طاقة عالية ومزاجاً سيئاً، ويمثل الرقم 3 طاقة منخفضة ومزاجاً سيئاً، ويمثل الرقم 4 طاقة منخفضة ومزاجاً جيداً. يمكنك استخدام هذا الجدول كأداة للتحقق الذاتي عن طريق رسم الجدول كل صباح ثم قضاء بضع دقائق في التفكير في المربع الموافق لحالتك. على سبيل المثال، قد تحدد حالتك بالرقم 3 إذا لم تنم جيداً الليلة الماضية وتشعر بالانزعاج، أو 1 إذا كنت مستعداً للعمل ومليئاً بالطاقة الإيجابية.

يمكنك استخدام هذا الجدول لمساعدتك على فهم أفضل لما تشعرك به الأماكن المختلفة. طبّق هذه الطريقة عن طريق التجول في المكان ووضع علامات على مناطق وأشياء مختلفة بالأرقام من 1 إلى 4 بناءً على تأثيرها على مزاجك ومستويات الطاقة لديك. من النادر أن تكون دائماً عند الرقم 1، ومن الصحي أن تعرف إذا كنت لا تشعر بحضور ذهني 100% في منطقة معينة من مسكنك حتى تتمكن من البدء بتغييرها. وعوضاً عن ذلك، يمكنك رسم جدول المزاج والطاقة على ملصق كبير، ثم كتابة أسماء قطع الأثاث أو مناطق منزلك على أوراق الملاحظات اللاصقة. ضع أوراق الملاحظات اللاصقة على الجدول لتسليط الضوء على المناطق التي تستنزف طاقتك والمناطق التي ترفعها.

يجب أن يتجاوز التعبير عن مشاعرك بالألوان مجرد إنشاء لوحة المزاج ويمكن التعبير عنه عبر الأثاث وفي محيطك العام. أشجعك على استخدام الأقمشة والمواد الطبيعية ذات الألوان الفاتحة والهادئة، تلك التي ترتبط غالباً بأسلوب جاباندي (Japandi style) وهو مزيج من التصميم الياباني والإسكندنافي، لإراحة عقلك. سيؤدي استخدام الألوان المشرقة عوضاً عن القاتمة في لوحتك (سواء التي تستخدمها للتعبير عن مشاعرك أو التي تحيط نفسك بها في منزلك) إلى تعزيز الهدوء، ما يجعلك أكثر تركيزاً على الأمور الأهم، بدلاً من تشتيت انتباهك بألوان متنوعة لا تعبّر عن مزاجك ورفاهك.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي