كيف تساعد الجامعات في تنمية المسؤولية الاجتماعية؟

تنمية المسؤولية الاجتماعية
shutterstock.com/Blan-k
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تسهم الجامعات في تنمية المسؤولية الاجتماعية من خلال التعليم والبحث والأنشطة الطلابية والمشاركة المجتمعية، وخلق فرص التطور بعيد المدى، ويرتبط النجاح الاجتماعي للجامعة بتصميم رؤيتها ورسالتها وفق ما يفيد البيئة والصالح العام.

في إطار مسؤوليتها الاجتماعية تتيح الجامعة للطلاب على اختلاف مستوياتهم فرصة استكشاف المشكلات والاحتياجات المحلية، وتنمي قدرتهم على جمع البيانات والتفكير في حلول فعّالة لتلك المشكلات.

الشباب الجامعي: محرّك التغيير

يتسم طلاب الجامعات برغبتهم في إحداث تأثير إيجابي في المجتمع، وارتباطهم بالتكنولوجيا وقدرتهم على الوصول إلى المعلومات؛ يجعلهم على دراية جيدة بالقضايا المجتمعية، وبحسب استطلاع شركة إرنست آند يونغ (Ernst & Young. EY)، ينصب تركيز الشباب أكثر على دورهم في العالم ومسؤوليتهم للمساعدة في تحسينه.

ويرى 35% من المشاركين في دراسة أجرتها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل، مصدر، أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً يتحملون مسؤولية أكبر في الحفاظ على البيئة، وبالتالي من الضروري أن تدرك الجامعات الأولويات المتغيرة لطلابها الحاليين والمستقبليين، وأن تشارك في جهودها لتغيير المجتمع نحو الأفضل.

كيف تؤدي الجامعات دورها في تنمية المسؤولية الاجتماعية؟

يمكن للجامعات أن تكون مؤسسات فاعلة اجتماعياً، وتدعم جهود طلابها في هذا الإطار من خلال عدة طرق:

تعزيز الجانب التعليمي والثقافي

يعد توفير تعليم متقدم أداة رئيسية تستخدمها الجامعات لتشجيع المسؤولية الاجتماعية بين الطلاب من خلال إجراء الأبحاث والدراسات حول الأزمات العالمية والمحلية التي تحتاج إلى فهم أعمق، وكذلك إدراج هذه القضايا في المناهج الدراسية، وتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار من خلال الإعلان عن مسابقات بحثية وعلمية. على سبيل المثال، أتاحت جامعة بروناي للتكنولوجيا مشاريع بحثية حول مجالات مثل الاستدامة في الإدارة والتكنولوجيا الخضراء.

ويمكن أن تسهم الجامعات في تنمية المسؤولية الاجتماعية من خلال تعزيز التواصل وثقافة الحوار كأهم الآليات لتحقيق المشاركة المجتمعية، وخلق روابط قوية مع مؤسسات المجتمع المدني تقوم على أسس الشفافية والنزاهة واحترام الآخر، والخدمة المجتمعية العامة.

تحقيق الرفاه الاجتماعي

إن تحقق متطلبات المجتمع بما يتفق مع الصالح العالم ليست بالمهمة السهلة على الجامعات، وقد يعود ذلك إلى تعدد أصحاب المصلحة واختلاف أهدافهم، والفجوة بين ما يتوقعه المجتمع من هذه الجامعات وما تقدمه بالفعل.

وتسعى الجامعات إلى تنمية المسؤولية المجتمعية من خلال احترام الثقافات المختلفة السائدة، وتبني التكافل الاجتماعي، ورفع درجة الوعي العام في مشروعات التنمية الشاملة بمستوياتها المختلفة، واستحداث برامج تشغيلية تساعد في حل مشكلة البطالة، واستعرضت شركة كواكواريلي سيموندس (Quacquarelli Symonds) في ورقة بحثية بعنوان: “زيادة الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية في التعليم العالي” (The Rise of Social Responsibility in Higher Education)، بعض الخطوات الواضحة التي يمكن اتخاذها في هذا الإطار منها نشر ثقافة التطوع بين الطلاب وتشجيعهم على تقديم التبرعات، ووضع تصور للسياسات والمبادرات التي تلتزم بقيم المسؤولية الاجتماعية.

إضفاء الطابع المؤسسي

يعد الطابع المؤسسي عاملاً مهماً لتنمية المسؤولية الاجتماعية، إذ يتطلب توفير البيانات اللازمة لإعداد الخطط الاستراتيجية للجامعة وربط خصائصها بالدور المجتمعي الذي تعمل عليه.

وعليه، تقتضي الممارسة العملية للمسؤولية الاجتماعية في الجامعة تعزيز الكفاءة في الأداء وتطبيق معايير الحكومة والشفافية في اتخاذ القرار والقابلية للمساءلة واحترام القوانين للحد من الرشوة والفساد، وقد تتمثل في دعم الجمعيات الطلابية المهتمة بالخدمات المجتمعية ورعايتها، وإنشاء مراكز علمية متخصصة لخدمة المجتمع، وتقليل هجرة الكفاءات العلمية عبر تمكينها مادياً ومعنوياً لتحقيق أعلى درجات التقدم.

تركز الجامعات أيضاً على التواصل الدائم مع الطلاب والعاملين وأصحاب المصلحة ووضعهم في صورة التطورات والإجراءات المُتبعة لتعزيز دورها الاجتماعي، وحسب دراسة حديثة شملت 13 جامعة من الأردن والعراق ومصر والإمارات وليبيا والجرائر؛ كانت الاجتماعات والمؤتمرات، والدورات والندوات عبر الانترنت من أكثر الطرق التي تتبعها العلاقات العامة لتعزيز المسؤولية الاجتماعية.

التقليل من الآثار البيئية

يمكن أن تؤثر عمليات الجامعات وأنشطتها سلباً على البيئة عن طريق إنتاج الانبعاثات السامة، واستخدام الكهرباء لتزويد المباني بالطاقة، واحتراق الوقود الناجم عن نقل الأكاديميين والطلاب من الحرم الجامعي وإليه. إذ كشف تقرير الاستدامة لجامعة ملبورن الأسترالية عام 2020، أنها تضم أكثر من 9 آلاف موظف، و 50 ألف طالب، ونفقات تشغيلية بقيمة 2.4 مليار دولار أسترالي، وأنتجت نحو 200 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.

وعليه، تتحمل الجامعات مسؤولية معالجة بصماتها الكربونية والمساهمة في جهود مواجهة تغير المناخ والحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية، وذلك عن طريق خفض الانبعاثات السامة والنفايات الناجمة عن عملياتها، والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة بكفاءة وإنتاجية، والتشجيع على الممارسات المستدامة مثل إعادة التدوير واعتماد خيار الطاقة المتجددة، وإجراء دراسات معمقة عن البيئة، ونشر الوعي البيئي بين فئات المجتمع.

في هذا الإطار، تلتزم كلية لندن الجامعية (University College London) بأن تكون مؤسسة خالية من الكربون بحلول عام 2030، ولتحقيق هذا الهدف؛ ستُخفض استخدام الطاقة بنسبة 40% بحلول عام 2024.