هل ما زالت المؤسسات غير الربحية بحاجة إلى أموالنا؟

4 دقائق
المؤسَّسات المتلقية للمنح
shutterstock.com/ElenaR

دفعت موجة من تقديم منح كبيرة بعض الممولين إلى التساؤل عما إذا كانت المؤسَّسات المتلقية للمنح لا تزال "بحاجة" إلى أموالهم. هذا سؤال خاطئ دائماً.

حصلت مجموعة كاملة من المؤسَّسات على حزمة كاملة من الأموال مؤخراً. و"ماكنزي سكوت" كانت تنفق المليارات بحماس في موجة من المنح لمئات المؤسَّسات، التي تضاعف ميزنيات بعض المؤسسات. تقدم مجموعات الممولين مثل "أوديشِس" (Audacious) و"بلو ميريديان" (Blue Meridian) و"كو-إمباكت" (Co-Impact) عدداً من الوعود، وتوفر منحاً على بقيمة عشرات الملايين على عدة سنوات. توجد الكثير من الأسباب تجعلنا نعتقد بأن هذا التوجه سيستمر.

ويا له من أمر عظيم. فهؤلاء الناس يرغبون فعلاً بحل المشكلات. لكن عندما تتلقى مؤسَّسة إحدى هذه المنح الكبيرة، يسأل المموّلون الآخرون أنفسهم في كثير من الأحيان: "هل ما زالوا بحاجة إلى أموالنا الآن؟".

هذا سؤال خاطئ. اطرح السؤال الصحيح: "هل لا تزال أموالنا تفيدهم في تحقيق أثر كبير؟".

فكر في الأمر. إذا أتيحت لك فرصة للاستثمار في شركة تدر أرباحاً كبيرة وفرص نجاحها مرتفعة، فهل ستسأل عما إذا كانوا بحاجة إلى مالك؟ بالطبع لا! فأنت لا تستثمر في المؤسسات التجارية التي تحتاج إلى مالك، بل تستثمر في تلك التي ستجني لك المال. إن استراتيجية الاستثمار المبنية على الحاجة هي أسلوب جيد للإفلاس.

والعمل الخيري ليس مختلفاً. فالهدف في التمويل هو تحقيق أقصى ربح. وفي العمل الخيري، يكون الهدف تحقيق أكبر أثر (أو على الأقل يجب أن يكون كذلك). مهمتك هي إيجاد المؤسَّسات الأقدر على إحداث التغيير وتمويلها، التي تكون أفضل المؤسسات التي تجيد تحويل أموالك إلى أثر. لهذا السبب يجب أن تركز استثمارك على الأثر المستقبلي، وليس على مفهوم الحاجة الحالية المبهم. فالاستثمار المبني على الحاجة غير مجدٍ سواءً في العمل الخيري أو الاستثمار التجاري (حتى لو، للأسف، لم يسبب ضعف تحقيق الأثر إفلاس أحد).

عالم التمويل

في عالم التمويل، يسعى الممول إلى تحقيق أقصى ربح بناءً على آثار المخاطرة/الربح وحسابات المستثمرين الأفراد. عندما تنال مؤسَّسة غير ربحية إحدى هذه المنح ذات الرهانات الكبيرة، سيساعدك نهج مشابه مبني على الأثر - نهج السؤال "هل ستفيدها أموالنا في تحقيق أثر كبير؟" - على اتخاذ القرار الأمثل. سيفيدنا إلقاء نظرة على بعض السيناريوهات بناءً على ثلاث مراحل:

  1. البحث والتطوير: تطوير الفكرة وتكرارها، والدليل الأولي على الأثر المحقَّق.
  2. إعادة التطبيق: إثبات دقيق ونمو ثابت وخطي للأثر.
  3. التوسُّع: نمو أكبر للأثر - مستدام ولا خطي - يحقَّق غالباً عن طريق ضم جهات فاعلة أخرى أكبر.

(لاحظ أنني لم أدرج تقديرات للوقت عند شرح المراحل: في بعض الأحيان يكون من الضروري - الأمثل حتى - قضاء وقت طويل في البحث والتطوير، وبعض المؤسَّسات لا تتجاوز مرحلة النمو الخطي وتبقى في المرحلة المتوسطة إلى أجل غير مسمى).

في إطار هذه المراحل الثلاثة، كيف يمكنك التفكير في القيمة التي قد يحققها تمويلك الإضافي بتمويل هذه المؤسسات؟ نبدأ في مؤسَّسة "مولاغو" (Mulago) عادةً في التمويل منذ المراحل الأولى، ونستمر في التمويل طالما أننا نرى تقدماً مقنعاً خلال تقدم المراحل، لذا كان علينا التفكير في نهجنا في تمويل ما بعد الرهان الكبير. ساعدتنا مثل هذه السيناريوهات في التفكير ملياً في نهجنا:

  • مؤسَّسة في مراحلها الأولى، أنجزت مرحلة البحث والتطوير بذكاء، وقدمت حلاً مبشراً واستراتيجية واعدة غير ممولة بالكامل على الرغم من المنحة الكبيرة المقدَّمة لها: كحال جميع المؤسسات في مراحلها الأولى، يعد استثماراً محفوفاً بالمخاطر، لكن يحتمَل أن ينتج عنه أثر كبير في المردود. عملياً أنت تستفيد من تلك المنحة الكبيرة.
  • مؤسسة في مراحلها الأولى أبلت بلاءً حسناً في البحث والتطوير، لكنها لم تطرح أفكاراً عظيمةً بعد، وتملك الآن ما يكفي من المال لتنفيذ استراتيجيتها على المدى القريب والمتوسط: قد ترغب في التمهل قليلاً لترى مالذي ستؤول إليه الأمور.
  • مؤسسة في المرحلة المتوسطة حققت أثراً مثبتاً، ولديها سجل إنجازات قوياً، واستراتيجية توسعية طموحة جداً وذكية وموثوقة، ولم تمول بالكامل بعد: هذا أقل خطورة من الاستثمار في مؤسَّسة في مراحلها الأولى، ويمكن أن يوفر عائد أثر كبير على أموالك.
  • مؤسسة في المرحلة المتوسطة تملك سجل إنجازات قوياً ونمواً مطرداً، وليس لديها استراتيجية توسعة ملهمة وموثوقة: يصعب عليك أن تتوقع كيف ستؤدي الأموال الإضافية التي ستقدمها في الوقت الحالي إلى إحداث أثر إضافي كبير.
  • مؤسسة في مرحلة متقدمة لديها سجل إنجازات قوياً حققت طفرةً مستدامةً في الأثر، ولديها استراتيجية طموحة وذكية وموثوقة ولم تمول بالكامل بعد: هذا يماثل الفوز بالجائزة الكبرى لأولئك الذين لا يريدون المخاطرة كثيراً ويبحثون عن عائد أثر متين.

القرارات الحكيمة

إن الأسئلة التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات حكيمة ليست سهلة. هل هذه استراتيجية ذكية وموثوقة فعلاً؟ هل يوجد دليل دامغ يثبت تحقيق الأثر؟ هل نموذجهم قابل للتوسيع فعلاً؟ هل لديهم الموهبة لتنفيذ خططهم؟ ربما تشعر أن لديك الخبرة لاتخاذ هذه القرارات وربما لا. ولذلك، يعد الرهان الأكثر أماناً، خاصةً إذا لم يكن موظفوك محترفين، الاستثمار في المؤسسات في المراحل المتقدمة التي تقدم أثراً مثبتاً وسجل إنجازات. وإلا ابحث عن ممولين آخرين يركزون على الأثر وتعجبك سجلات إنجازاتهم وحاكي خياراتهم.

وبالحديث عن المحاكاة: قُدِّمَت جميع المنح الكبيرة الكثيرة التي أعرفها في ضوء الفحص النافي للجهالة عالي الجودة. يعتقد هؤلاء الممولون أنهم سيشهدون تحقيق أثر إيجابي كبير، وهم يستثمرون يعتبرون أنفسهم من أصحاب المصلحة. إنهم يؤيدون استراتيجية المؤسَّسة وخطتها. إذا لم تمول تلك الخطة بالكامل، ستكون هذه فرصتك.

يجدر الإشارة إلى أن المؤسسات التي لا يبدو أنها بحاجة إلى أموالك... ربما تحتاج إلى أموالك. هذا صحيح بالذات إذا كانت أموالاً ذكيةً: غير مقيدة، وعلى عدة سنوات، وبالحد الأدنى من المتاعب. بدأ العمل الخيري للتو في الخروج من العصور المظلمة لسيطرة الممول المحكَمة، وحتى أكبر المؤسَّسات تكافح للحصول على أموال حيوية غير مقيدة. علاوةً على ذلك، ستنفد أموال الرهانات الكبيرة في نهاية المطاف وستظل المؤسَّسات بحاجة إلى قاعدة مانحين متنوعة يمكنها الاعتماد عليها. بالنسبة إلى مؤسَّسة ذات أثر كبير، فإن الأموال الذكية دائماً تكون تراكمية.

وأخيراً، نقول: إذا كنت لا تزال بحاجة إلى طرح سؤال: "هل هم بحاجة إلى أموالنا؟" لتكن "هم" تشير إلى الأشخاص الذين شرعت المؤسَّسة في خدمتهم. إذا كانت مؤسسة ذات أثر كبير، يكون الجواب دائماً هو: "نعم، ما زالوا يحتاجونها".

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي