5 مسرعات لتقديم المنح الخيرية وفق مبادئ المساواة

تقديم المنح
(Photo by iStock/stefanschurr)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي الجزء الأول من سلسلة “5 مسرعات لتقديم المنح وفق مبادئ المساواة”، التي سنتحدث في جزئها الأول عن مسرعات لتقديم المنح يمكن من خلالها للممولين جعل مدة تمويلهم المنح تتوافق مع عمل المؤسسة غير الربحية وأهدافها.

في العامين الماضيين، حفز هذا المحرك خماسي المحاور الممولين على كسر الحواجز الذي كانت تعوق التغيير على مر التاريخ.

كان للأزمات العالمية في العامين الماضيين جانب مشرق واحد على الأقل بالنسبة للمؤسسات غير الربحية؛ فقد سرعت نشوء حركة بين المانحين لجعل مدة التمويل ومرونته تواكبان مسار التغيير ومتطلباته. يحدث هذا التغيير في وقت شديد الأهمية بالنسبة للمؤسسات التي تتعامل مع التهديدات الحادة على صعيد المناخ والصحة والنسيج الاجتماعي والديموقراطية العالمية.

في الواقع، في دراسة أجرتها شركة ميلواي بلس (MilwayPLUS) بتمويل من مؤسسة فورد فاونديشن (Ford Foundation) حول قادة الجهات الممولة والمؤسسات غير الربحية الذين شهدوا هذا التحول، وجدنا أن الأزمات مثل جائحة كوفيد-19 هي واحدة من 5 مسرعات أعمال رئيسية تدفع المانحين لتغطية كافة التكاليف المرتبطة بإنجاز مهمة معينة بطرق تضمن تقاسم السلطة مع المستفيدين من المنح واكتساب ثقتهم وتحقيق أثر أكبر. يقول لاري كريمر، رئيس مؤسسة ويليام آند فلورا هيولت فاونديشن (William and Flora Hewlett Foundation): “جائحة كوفيد كانت مسرعاً للعمل، إذ أجبرت الممولين لأسباب مختلفة على التخلي عن تحكمهم، فاكتشفوا أن الأمور تسير على ما يرام أو تسير على نحو أفضل حتى”.

ظهرت الدعوة إلى هذا التحول في أشكال عديدة، منها نهج مؤسسة ذا بريدجسبان غروب (The Bridgespan Group) الذي يدعى “ادفع ما يلزم” (Pay-What-It-Takes)، ومبادرة مؤسسة فيلانثروبي كاليفورنيا (Philanthropy California) التي تدعى “مشروع التكلفة الكاملة” (Full-Cost Project)، ومبادرة مشروع العمل الخيري المبني على الثقة (Trust-Based Philanthropy Project)، ومبادرة “بيلد” (BUILD) في مؤسسة فورد فاونديشن (Ford Foundation). وفي النهاية، كان الأمر كله دعوة إلى تقديم مِنَح منصفة أكثر. وفي حين أن تقديم التمويل المرن لعدة أعوام ليس وحده ما يجعل تقديم المنح منصفة أكثر، فهو نقطة بداية أساسية للممولين الذين يسعون إلى مشاركة السلطة مع المستفيدين من المِنَح، كما أنه أمر كانت المؤسسات غير الربحية تطلبه منذ أعوام دون أي استجابة تُذكر.

بعد إجراء عدة مقابلات شخصية واستقصاء معمق و4 مجموعات نقاش مركزة مع المسؤولين التنفيذيين للمؤسسات غير الربحية والممولين، توصلنا إلى مسرعات التغيير الأكثر ذِكراً:

  • توضيح القيم
  • الإصغاء إلى تقييمات وملاحظات المستفيدين من المنح.
  • النظر إلى عملية تقديم المنح من وجهة نظر مُنصفة
  • الاستجابة لتأثير المجموعات أو الأقران
  • التفاعل مع الأزمات العالمية أو السياسية

دفع هذا المحرك بمحاوره الخمسة الممولين لكسر الحواجز التاريخية التي تعوق التغيير، مثل سياسات الميزانية لدى الممول وتحيز الأمناء إلى التحكم والأدوار والأنظمة البيروقراطية في المؤسسة الخيرية، التي تؤدي كلها إلى اختلال التوازن في الشراكة بين المانح والمستفيد من المنحة.

سندرس كل مُسرع على حدة وطرائق استخدام القادة هذه المسرعات وآثارها الإجمالية لإعادة تعريف أدوار المؤسسة الخيرية. والأهم من ذلك، ستساعد النتائج على موازنة ملاحظات مقدّمي المنح مع خبرات المؤسسات التي تنفذ العمل على أرض الواقع.

مسرعات الأعمال الخمسة

بدأنا بحثنا بسؤال الممولين والمؤسسات غير الربحية عما يقف في طريق تقديم منح منصفة أكثر، فكان العائق الأول هو سياسات الميزانية لدى الممولين التي تُجبر المستفيدين من المنح على التزام معدلات نفقات عامة محددة أو منح تدوم عاماً واحداً. في حين كان العائق الثاني تحيز الممولين إلى التحكم وخوفهم من المخاطرة. هذان عائقان مهمان ويستدعيان انتباهاً مستمراً.

كانت المفاجأة السارة أنه في جميع المجالات قول الممولين وقادة المؤسسات غير الربحية إن مسرعات التغيير نحو التمويل المرن متعدد الأعوام تفوق العوائق التي تشكلها الحواجز القائمة بكثير.

 

في الواقع، انخفضت نسبة العائقين الرئيسيين (دورات الميزانية، تحيز الأمناء إلى التحكم) عندما تبنت مجالس الإدارة ما وجدته دراستنا أنه مسرع التغيير الأول: أن تحرص مجالس الإدارة على “توضيح القيم” وارتباطها باستراتيجيات تحقيق التغيير. كما أدت قوى التغيير الإيجابية إلى تلاشي 3 عوائق رئيسية أخرى: اختلال توازن القوى بين الجهة المانحة والمستفيدين من المنح، ومعتقدات الممول حول المساءلة، وأساليب الممولين البيروقراطية.

1. توضيح القيم

توصل الممولون الذين ركزوا على قيمهم وأهدافهم إلى مسار طبيعي لتغيير ممارسات المنح، وسعوا إلى تقديم التمويل على مدى الأعوام التي يستغرقها طرح نموذج ما أو التأثير على نمط سلوكيّ معين، وأعطوا المستفيدين من المنح حرية استخدام التمويل في الوقت والمكان الذي يحتاجون إليه لإحراز تقدم في القضية.

تقول لورين سكوت، المديرة التنفيذية في المؤسسة الممولة، هاريس وإليزا كيبنر فاند (Harris and Eliza Kempner Fund)، ومقرها في مدينة غالفستون بولاية تكساس: “كان علينا تنفيذ عمل قائم على القيم، وأكدنا أن المساواة والشمول والاستجابة على مستوى القواعد الشعبية جزء من قيمنا”. دفعت هذه الممارسة مؤسسة كيبنر إلى إلغاء القيود على المنح وتبسيط عملية إعداد التقارير، بما يتماشى مع عناصر تعهد كوفيد الذي أبرم في مؤتمر عقده مجلس المؤسسات الخيرية، ما دفع المؤسسة إلى إعادة التفكير في ممارساتها.

وتشمل الطرق التي اتبعها الممولون لتوضيح قيمهم:

  • بدء نقاش حول القيم بين مجلس الإدارة وطاقم العمل، من خلال إنشاء مجموعة عمل أو دعوة طرف ثالث، مثل مبادرة مشروع العمل الخيري المبني على الثقة، لتنسيق الجلسة.
  • مناقشة طرق التعبير عن القيم في ممارسات تقديم المنح، توليد الأفكار حول تغييرات محددة مثل تقديم منح مرنة أكثر وتخفيض متطلبات تقديم طلبات المنح وإعداد التقارير.
  • سؤال المستفيدين من المنح عن تقييماتهم وملاحظاتهم حول فهمهم لقيم الممولين ضمن نقاش مستمر يرحب باقتراحات الحاصلين غلى المنح لتحسين العملية.

خذ على سبيل المثال مؤسسة ذا كاليفورنيا إنداومنت (The California Endowment) التي أخذت على عاتقها “ضمان توافر الرعاية الصحية والخدمات ذات الصلة بأسعار معقولة وإتاحتها لشعب ولاية كاليفورنيا”، وقدمت منحاً بملايين الدولارات للخدمات السريرية والبنية التحتية في أعوامها الأولى. لكن عملية توضيح القيم دفعت مجلس الإدارة إلى استنتاج أن الصحة ليست في مكتب الطبيب، بل في المنازل والمدارس والمجتمعات، لذلك نقلت تركيزها إلى بيئات الأحياء التي تدعم الصحة واستثمرت مليار دولار على مدى 10 أعوام في 14 حياً من أحياء مدينة لوس أنجلوس الأكثر تضرراً من مظاهر عدم المساواة الصحية من خلال مبادرة تسمى “بناء مجتمعات صحية (BHC)”. وتوصلت مراجعة للمبادرة على مدى 10 أعوام أنها حققت 1,200 تغييراً متميزاً في السياسة والنظام نتيجة لتنمية بيئة العمل الوقائية، من خلال تعليم مبادئ الصحة والرفاهة في المدارس والدعوة إلى اتخاذ قرارات لاستخدام الأراضي على نحو يراعي الصحة بدرجة أكبر، وتنمية مشاركة البالغين والشباب المستبعدين تاريخياً في السياسة العامة. يقول رئيس المؤسسة، الدكتور روبرت روس: “أبهرتنا النتائج، وكانت الموافقة على أن يكون التمويل على مدى 10 أعوام أذكى قرار اتخذناه”.

أو خذ في الاعتبار المؤسسة الخيرية التي تركز على التعليم، أوفرديك فاميلي فاونديشن (Overdeck Family Foundation)، ومقرها مدينة نيويورك، فبعد 5 أعوام وتقديم أكثر من 300 منحة لمختلف مؤسسات البحث والسياسة والخدمات المباشرة، عمل المؤسِّسان جون ولورا أوفرديك ونائبة الرئيس، آنو ماليباتيل، على تقييم عمل المؤسسة. فعرّفوا المنح الناجحة على أنها توفر الرؤية والإرث والتأثير، وجمعوا ملاحظات المستفيدين من المنح عبر “تقرير تصورات المستفيدين من المنح” (GPR)، وطلبوا من فريقهم المشاركة في تحديد نتائج المنح التي بدت أقرب لمهمتهم وقيمهم. تقول ماليباتيل: “الحقيقة هي أن أصحاب المصلحة الثلاثة، الأمناء والموظفون والمستفيدون من المنح، لم ييشعروا بالرضا، فقد كان المانحون متحمسين عموماً بشأن بناء الأدلة والاستثمارات المباشرة في خدمات المؤسسات في المراحل المبكرة وفي طور النمو. لكن تقرير تصورات المستفيدين من المنح أظهر أن المستفيدين من المنح لم يكونوا على اطلاع تام باستراتيجية مؤسسة أوفرديك ووجدوا أن التفاعلات يغلب عليها الطابع التجاري، بينما شعر أعضاء الفريق أنهم يقضون الكثير من الوقت على العملية والتقارير بدلاً من العلاقة مع المستفيدين من المنح”. بعد نقاشات كثيرة اقترحت ماليباتيل نموذجاً مستوحى من المشاريع التجارية للفصل التالي من رحلة المؤسسة الذي يركز على تقديم المنح غير المقيدة لعدة أعوام للمؤسسات غير الربحية في المراحل المبكرة وفي طور النمو، ما يمنح العلاقات مع المستفيدين من المنحة أهمية تحويلية في تحقيق نتائج تعليمية أفضل.

. تقييمات المستفيدين من المنح ومبادراتهم

اعتبر المموّلون تقييمات المستفيدين من المنح ومبادراتهم ثاني أقوى حافز للتمويل المرن لعدة أعوام، ولكن استطلاعنا بيّن أن قادة المؤسسات غير الربحية لم يعتبروه كذلك وصنفوا تأثير الأقران الممولين في مرتبة أعلى. لكن رؤساء المؤسسات والمدراء التنفيذيين أخبرونا أن صراحة المستفيدين بشأن ما يتطلبه تحقيق التأثير، مثل مرونة في تطبيق التمويل على الدعم الأساسي عند الحاجة وعلى مدى الفترة الزمنية اللازمة لتغيير القوانين أو الحد من عدم المساواة، كانت حجة قوية للموظفين أمام مجالس إدارتهم،

تضمنت بعض الطرق التي استند إليها الممولون للحصول على تعليقات المستفيدين من المنح ما يلي:

  • تضمين ملاحظات المستفيدين من المنح في كافة اجتماعات مجلس الإدارة واجتماعاته مع الموظفين، سواء من خلال بيانات الاستقصاء أو المتحدثين من المستفيدين من المنحة أو العروض التقديمية التي يلقيها المسؤولون عن البرامج.
  • سؤال المستفيدين من المنح عن رؤاهم وخططهم على المدى الطويل والمواضع غير الموثقة منها لدعم إنشائها.
  • عدم الاكتفاء بالملاحظات وتحري الاستشارات عبر طلب إسهامات المستفيدين من المنح في تطوير الاستراتيجية وإنشاء اللجان الاستشارية وأدوار مجلس الإدارة و(أو) تقديم المنح التشاركي، كي يتمكن الحاصلون على المنح من صياغة قرارات جدول الأعمال.

كما تلقت مؤسسة أوك فاونديشن (Oak Foundation)، ومقرها مدينة جنيف السويسرية، آراء وإسهامات حولت الجزء الأكبر من عملية تقديم المنح لديها إلى التمويل الأساسي. ففي عام 2016، دعت المؤسسة زعيم الفكر غير الربحي، فو لي، للمشاركة في جلسة تجمع الموظفين والأمناء شخصياً، تتذكر مسؤولة البرنامج، مدينا هايري، قائلة: “عشنا جميعاً لحظة الحقيقة، إذ استخدم فو لي تشبيه خبزِ كعكة؛ إذا كنت تريد كعكة مخبوزة بالكامل، فلا يمكنك دفع ثمن المكونات فقط. يجب عليك أن تدفع أيضاً ثمن الكهرباء وأجور العاملين وكافة التكاليف الأخرى التي تتجاوز المكونات. كانت هذه اللحظة تنويرية بالنسبة لنا”. قبل عقد هذه الجلسة، كان لدى مؤسسة أوك قاعدة صارمة وثابتة بتمويل 15% فقط من النفقات العامة، لكن ما نبه إليه لي دفع قيادة مؤسسة أوك إلى استنتاج أن نسبة 15% كانت نسبة تعسفية والتوقف عن التركيز على تمويل المشروع. وأضافت المستشارة الأولى، أدريانا كراتشيون: “نحن نعمل لخدمة شركائنا، وهذا يؤدي إلى تقديم دعم تشغيلي عام لعدة الأعوام”.

وجد الرئيس دوغ غريفيث، الذي انضمّ إلى مؤسسة أوك بعد 3 أعوام من هذه الجلسة، أن المؤسسة في مراحل متقدمة من رحلة التمويل المرن لعدة أعوام، وأصبحت الآن تطالب مسؤولي البرامج بمنع انحراف أي عملية تقديم منح عن هذا النهج، ويشير إلى استثناءات معقولة للأبحاث القصيرة المدى، أو لتخصيص كلية معينة داخل إحدى الجامعات، أو للامتثال لقواعد مسؤولية الإنفاق التي أقرتها دائرة الإيرادات الداخلية (IRS) المتعلقة بالمنح المقدمة للمؤسسات غير الربحية غير الأميركية التي تخضع إلى البند 501 من قانون الإيرادات الداخلية الأميركي. كما يقول إن الأهم هو أن يصبح الخيار الافتراضي هو الدعم الأساسي لمدة لا تقل عن 3 أعوام، ويدعو المستفيدين من المنح إلى تعزيزه: “أشجع شركاءنا المستفيدين من المنح على التحدث عن الفرق بين التمويل الأساسي وتدفقات التمويل الأخرى في اجتماعات مجلس الإدارة، وما يعنيه ذلك بالنسبة لهم”.

ومع ذلك، يجب ألا تنتظر المؤسسات غير الربحية دعوة المؤسسات، في المؤسسة غير الربحية ثينك أوف أس (Think of Us)، التي يقع مقرها في العاصمة واشنطن وتستخدم التكنولوجيا وتعليقات المشاركين للتأثير في سياسات الرعاية البديلة للأطفال وتقديم الخدمات، لاحظ الرئيس التنفيذي، سيكستو كانسل، بصفته مستفيداً من المنح أنه بحاجة إلى تنفيذ مبادرة لاكتساب ثقة الممولين؛ إذ كان بعضهم يعرف المؤسسة من خلال تطبيقها الإلكتروني على الهواتف المحمولة، أما البعض الآخر فيعرفونها من جهودها في المناصرة، وثمة من تعرف إليها بعد البحث عن موارد الخدمات المباشرة لدعم الشباب داخل نظام الرعاية البديلة وأولياء الأمور من الأقارب. يقول كانسل: “لم يدركوا أن برامجنا يتوافق بعضها مع بعض”. الآن، يدعو كانسل مموليه كل 3 أشهر إلى اجتماع لتقديم المستجدات المفصلة حول برنامج واحد وتوضيح ارتباطه بكل ما تفعله المؤسسة غير الربحية، ويسلط الضوء على الخدمات التي مولتها الحكومة لتنميتها، ويقول: “التواصل هو الأساس. فكل منحة حصلنا عليها بقيمة ملايين الدولارات أتت من أشخاص يفهمون جيداً التكنولوجيا وارتباطها بالتوسع”.

3. عملية تقديم المنح من منظور الإنصاف

قاد الوعي بالمظالم العرقية في أعقاب مقتل جورج فلويد الممولين الأميركيين إلى الاستجابة للتحيز العنصري المُثبت في القطاع الخيري، ما أدى إلى انطلاق حركة عالمية لدعم المجموعات المهمشة عبر التاريخ. فأنشأت المؤسسات الخيرية صناديق منح لدعم المؤسسات غير الربحية التي يقودها أفراد من أصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين وأصحاب البشرة الملونة، وتبنى محسنون مثل ماكنزي سكوت وجاك دورسي المنح غير المقيدة لعدة أعوام لتعزيز المساواة العرقية. وفي حين أن المبادرة الخيرية للمساواة العرقية (Philanthropic Initiative for Racial Equity) تحذر من المبالغة في تقدير حجم هذا التحول، فعدد متزايد من الممولين والمؤسسات غير الربحية يعتبرون بوضوح تقديم المنح المرنة استراتيجية تعزز المساواة العرقية. كما أن الرئيسة التنفيذية لمؤسسة إيكوينغ غرين (Echoing Green) التي تدعم رواد الأعمال الاجتماعيين في المراحل المبكرة، شيريل دورسي، ترى أن المنح التي يقدمها المحسن ماكنزي سكوت لها أثر تحويلي، وقالت، علماً أنها استخدمت الهبة التحفيزية لإطلاق صندوق خيري للمساواة العرقية بقيمة 75 مليون دولار: “غيرت منحة ماكنزي سكوت غير المقيدة قواعد اللعبة”.

الممولون الملتزمون بمبادئ المساواة هم من يتمتعون بالخصائص التالية:

  • جمع البيانات حول التنوع في القيادة لدى المؤسسات المستفيدة من منحهم، ثم تحديد أهداف تنمية الاستثمارات لدى القادة من أصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين وأصحاب البشرة الملونة التي تتوافق مع نظريتهم في التغيير ومتابعة تنفيذها.
  • التخلص من متطلبات عمليات تقديم العروض وإعداد التقارير المُرهِقة. خلقت الفجوة التاريخية في التمويل المرن لعدة أعوام عبئاً إدارياً على القادة من أصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين وأصحاب البشرة الملونة، ما أدى إلى سلبهم الوقت اللازم لتنفيذ البرنامج وتقييم تأثيره.
  • تعيين أعضاء مجلس الإدارة ومسؤولي البرامج ممن عانوا مشكلات عدم المساواة التي يسعى الممولون إلى معالجتها، لتحديد هذه المشكلات والتواصل مع مجموعة واسعة من قادة المؤسسات غير الربحية.

أنشأت كل من المؤسسات الخيرية المؤسسية والعائلية صناديق المساواة العرقية وتحققت من التنوع بين موظفيها والمستفيدين من منحها. وسعت مؤسسة ساتربرغ فاونديشن (Satterberg Foundation) في مدينة سياتل نطاق تركيزها الجغرافي الذي كان مقتصراً على الولايات التي تمتلك فيها روابط عائلية من أجل دعم حركة حياة السود مهمة (Black Lives Matter) على الصعيد الوطني، وزادت قيمة الأموال الخيرية التي تقدمها لإنشاء صندوق مدته 10 أعوام بقيمة 50 مليون دولار للمساعدة في حشد الموارد لجهود التنظيم المجتمعية التي يقودها أشخاص من أصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين. وقالت المديرة التنفيذية سارة والتشيك: “في عام 2021، قدم صندوق العمل التعويضي (Reparative Action Fund) دعماً تشغيلياً عاماً بقيمة 10 ملايين دولار إلى 59 منظِّماً في جميع أنحاء البلاد”.

بالنسبة لمجموعة من الممولين، يساعد منظور الإنصاف على زيادة تركيزهم على الفئات المهمشة تاريخياً مثل النساء والفتيات والأقليات والطبقات الموصومة بوصمة اجتماعية معينة، وأصحاب الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكلهم يدعون إلى الحصول على تمويل مرن وطويل الأجل للتعويض عن أعوام من الإهمال. على سبيل المثال، شكلت مؤسسة بيتر آند إليزابيث تاور فاونديشن (Peter and Elizabeth Tower Foundation) في مدينة بوفالو بولاية نيويورك لجنة استشارية من اليافعين الذين يعانون صعوبات ذهنية لمدّ مجلس الإدارة بالمعلومات اللازمة، تقول المديرة التنفيذية للمؤسسة، تريسي ساويكي: “تعلمنا الكثير من عملنا معهم، وغيّرنا طريقة تقديم طلبات المنح. فصنعنا مقاطع فيديو وعملنا مع موظفين يعرفون هؤلاء اليافعين وأشركناهم في عملية فاقت نتائجها توقعات الجميع”. وفي عام 2021، أخبرتنا ساويكي أن مؤسسة تاور كانت تعمل على تعيين أعضاء استشاريين في مجلس الإدارة ومعالجة مشاركة السلطة بين مقدمي المنح والمستفيدين منها من خلال منح الأموال للمجموعة الاستشارية لاختيار من سيحصل عليها.

4. تأثير المجموعات والأقران

صنفت المؤسسات غير الربحية التي استطلعنا آراءها تأثير الأقران بين الممولين على أنه أكبر مسرع لتقديم منح منصفة أكثر، بينما منحه الممولون تتصنيف أقل. ومع ذلك، أخبرنا رئيس صندوق روكفلر براذرز فاند (Rockefeller Brothers Fund)، ستيفن هاينز: “لا ينبغي التقليل من أهمية تأثير الأقران. فحين تعثر على مجموعات الأقران التي تشعر بالراحة فيها ستكون هي التي تعتمد عليها حقاً. ويجب أن تحرص على العثور على مجموعات الأقران التي لا تشعر بالراحة فيها دائماً، لأنها ستحفزك على إعادة النظر في سلوكياتك وممارساتك وتحيزاتك وافتراضاتك”. وفي القطاع الخيري، يمكن أن يتخذ تأثير الأقران عدة أشكال، مثل الانضمام إلى التعهدات أو الالتزامات العامة الأخرى، أو الانضمام إلى مبادرات الممولين التعاونية، أو توقيع مقالات الرأي أو البيانات العامة.

على الأقل، تسلط الالتزامات العامة الضوء على المؤسسات التي تلتزم فعلاً بالمناهج الموصى بها، وفي أفضل الأحوال تجذب مؤسسات جديدة لاعتماد هذه المناهج. يتخذ الممولون الذين يستخدمون تأثير الأقران والمجموعات لتسريع الإصلاحات الإجراءات التالية:

  • المشاركة في تعهد كوفيد-19 للالتزام العلني يممارسات التمويل المنصِفة.
  • الانضمام إلى المبادرات التعاونية التي ينفذها الممولون الملتزمون بممارسات التمويل المنصفة، والتي تمنح المشاركين الخبرة والممارسة مثل المنح المرنة التي قد لا تكون معتمدة في مؤسساتهم.
  • المشاركة في أبحاث المؤسسات غير الربحية والقطاع الخيري وتعزيزها لإثبات أهمية التمويل المرن لعدة أعوام للموظفين ومجلس الإدارة من أجل زيادة الأجور دون زيادة عدد الموظفين.

ومن الأمثلة الجيدة على وضع تأثير الأقران في خدمة تقديم المنح المُنصفة هو صندوق غراسروتس ريزيليانس أونرشيب آند ويلنس (غرو) (The Grassroots Resilience Ownership and Wellness) أو (GROW)، الذي أطلقته مؤسسة إديلغيف فاونديشن (EdelGive Foundation) التي يقع مقرها في مدينة مومباي. صمم صندوق غرو على أنه تجمع للمؤسسات فاعلة الخير، وشمل مؤسسة بيل وميليندا غيتس فاونديشن (Bill and Melinda Gates Foundation)، ومانان ترست (Manan Trust)، ومؤسسة روهيني نيليكاني فيلانثروبيز (Rohini Nilekani Philanthropies)، ومؤسسة أيه تي إي تشاندرا فاونديشن (A.T.E Chandra Foundation)، والناشط الخيري أشيش كاتشوليا، وشركة إيدلوايز غروب (Edelweiss Group). يركز هذا التجمع على تنمية 100 مؤسسة صغيرة ومتوسطة الحجم ذات تأثير اجتماعي في جميع أنحاء الهند ودعمها على مدى عامين، من خلال دعم تكاليفها الأساسية وبناء قدراتها في مجالات التمويل والموارد البشرية والتكنولوجيا. بعبارة أخرى، بغض النظر عن معايير تقديم المنح المشتركة بين المستثمرين، فمنح التجمع مخصصة لدعم التكاليف الأساسية. تقول ناغما مولا، المديرة التنفيذية لمؤسسة إيدلغيف: “يجب علينا تشكيل مجموعة من الممولين أصحاب أفضل الممارسات كي تكون نموذجاً تحتذي به المجموعات الأخرى ويجذب عدداً أكبر منها”.

تشير الرئيسة التنفيذية لمؤسسة فاونديشن فوراجست سوسايتي (Foundation for a Just Society) التي غالباً ما تدعم الأشكال التشاركية من المنح، نيكي ماكنتاير: “يجب أن يأتي الممولون إلى الصناديق التشاركية مستعدين للتعلم والمشاركة. لا تتوقع الحضور وتقديم منحة صغيرة مقيدة ومحددة الهدف لعام واحد لأن هذه المجموعة ستعمل على إقناعك بالعدول عن ذلك”، وتشير ماكنتاير إلى أن بعض الممولين يقدمون أول منحهم المرنة من خلال الصناديق التعاونية لأن القيود ليس خياراً مطروحاً في هذه التجمعات، وتقول: “توفر هذه التجمعات الحماية”. أو في سياق مشابه، قد يقدم هؤلاء الممولون منحاً للصناديق المجتمعية أو المؤسسات العامة التي تقدم بدورها التمويل المرن لعدة أعوام لمجموعات من المجتمع نفسه.

خذ مثلاً المدير الإداري لمؤسسة الأمن الغذائي غير الحكومية، وان إيكر فاند (One Acre Fund)، مات فورتي، إذ يعترف بمبادرات العطاء الجماعي مثل مبادرة ذا أوديشوس بروجيكت (The Audacious Project) ومؤسسة كو – إمباكت (Co-Impact) لأنها الأطراف الشريكة التي تقدم تمويلاً منصفاً أكثر للمؤسسات غير الربحية إذ “نظمت مسبقاً استثمارات لمدة 5 أعوام غالباً لتمويل جهود مثل تغيير الأنظمة والسياسات وبناء الحركات”.

5. الأزمات السياسية والعالمية

وفقاً لتقرير نشره مركز العمل الخيري الفعال (Center for Effective Philanthropy) في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2021، أكثر من 60% من الممولين سحبوا تمويلهم خلال جائحة كوفيد. بالإضافة إلى ذلك، فإن 75% من الممولين خفضوا متطلبات إعداد التقارير لديهم ليتيحوا للمستفيدين من المنح توجيه الأموال إلى حيث تشتد الحاجة إليها وتيسير المعاملات الورقية. كما قال ثلثا الممولين الذين غيروا توجهاتهم إنهم ينوون الالتزام بممارساتهم الجديدة. وفي مجموعات التركيز الخاصة بنا، قال المموّلون الذين كانوا يناقشون الإصلاحات قبل الأزمة، إن الأزمة حفزت العمل والإجراءات، إذ قدموا تمويلات أكثر مرونة، حتى لو لم تكن بالضرورة أطول أجلاً، في ظل الظروف المتغيرة.

وبالمثل، تخلق التهديدات السياسية في مجال ما، مثل حقوق المهاجرين أو حقوق الأقليات أو للديمقراطية نفسها، دافعاً ملحاً للتغيير، ويمكن لقادة المؤسسات غير الربحية استثمار مثل هذه اللحظات للتعريف باحتياجات تمويل التكاليف الأساسية. تقول المديرة التنفيذية للمؤسسة غير الربحية، بريف سبيس ألايانس (Brave Space Alliance) في مدينة شيكاغو، لاسايا وايد: “عندما رفضت حكومة الولاية برنامجنا للتوعية بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، لفت الأمر انتباه ممولين آخرين”.

يفعل الممولون الذين يستثمرون الأزمات لتحفيز الإصلاح ما يلي:

  • يستفيدون من صوت المجتمع وخبرات المستفيدين من المنحة لفهم الآثار المترتبة على الأزمة والأمور المهمة بسرعة، وتحديد أوجه القصور في الخدمات المقدمة، والسكان الأكثر عرضة للخطر، والأماكن المناسبة لمناصرة التغيير.
  • يستثمرون الفرصة لإصلاح ممارسات تقديم المنح من خلال تحويل المناقشات المستمرة منذ فترة طويلة حول تقديم منح منصفة أكثر إلى معايير جديدة للتمويل، وتبسيط العمل بتخفيف أعباء إعداد التقارير (مثل اللقاءات والمتابعة عبر اتصال الفيديو، وتقديم المقترحات والتقارير إلى جهات تمويل متعددة).
  • يبدؤون الحوارات حول تجديد القيم والتركيز. تؤكد الأزمات على الحاجة إلى تجديد تفكير مجالس الإدارة، لا سيما أن الأسواق تدعم الأوقاف وأن المزيد من الأموال التي يمكن التبرع بها في ازدياد.

في جنوب إفريقيا، وجدت المديرة التنفيذية لمؤسسة ريث فاونديشن (Raith Foundation) التي تمول الحركات الوطنية، أودري إلستر، أن جائحة كوفيد منحت النقاشات الطويلة الأمد في مجالس الإدارة حول توسيع التمويل الأساسي الزخم الذي كانت تحتاج إليه لاعتماد معايير تمويل جديدة. تقول: “أعتقد أنه من واجبنا نحن العاملين أن نتنبّه للأزمات والفرص ونستفيد منها”.

لتطوير عملية تقديم المنح لعدة أعوام، طورت مؤسسة هيوليت فاونديشن (Hewlett Foundation) نهجاً غير مرتبط بالأزمة يمكن للمؤسسات التي تتمتع بمعدل نمو قوي في الأوقاف أن تستخدمه. ويقول رئيس المؤسسة، كريمر: “خلال الركود الاقتصادي في عام 2009، خفضت عدة برامج ميزانياتها بتقليص مدة المنح من 3 أعوام إلى عام واحد، على الرغم من أننا كنا نهدف إلى الاستمرار بدعم المستفيدين منها. كان ذلك مضراً لنا ولهم إذ ولّد عملاً إضافياً غير ضروري حمل الجميع عبئه”. ومع تزايد الأموال والهبات من جديد، توصل كريمر وفريقه إلى طريقة للحفاظ على جزء كبير من الأموال غير المخصصة واستخدامها لغرض واحد مرة واحدة لتمديد مدة المنح إلى 3 أعوام قدم في كل منها ثلث إجمالي المنح. قال كريمر: “بحلول نهاية العام الثالث، كان جميع المستفيدين من المنح قد انضموا إلى نظام منح الثلاثة أعوام، لكن الميزانية المطلوبة كانت هي نفسها في العام الأول، وجددنا المنح للمستفيدين على دفعات متباعدة امتدت على مدى الأعوام الثلاثة”.

قواعد وأنظمة جديدة للممولين

توفر هذه المسرعات الخمسة لتقديم المنح المُنصفة مواد تثري مناقشات مجالس الإدارة والاجتماعات مع الموظفين وتجمعات المستفيدين من المنح، إذ يجب أن تتضمن مثل هذه المناقشات دراسة متعمقة لما يجب على الممولين فعله لتكييف أدوارهم وأنظمتهم من أجل دعم المعايير الجديدة. فعلى كل حال سيؤدي منح ثقة أكبر للمستفيدين من المنح على اعتبارهم خبراء وتمديد زمن دورات المنح إلى تقليص المستحقات السنوية فعلياً وتحفيز الأنظمة التي تقدر المحادثات والرؤى الممتدة عبر الأعوام، كما أنها تُحفز مجالس الإدارة على إنشاء ميزانيات مؤسسية متعددة الأعوام لتيسير دورات المنح لعدة أعوام.

عمل رئيس صندوق ويلسبرينغ الخيري (Wellspring Philanthropic Fund)، جون تايلور، على غرس ثقافة بناء العلاقات الطويلة الأمد بين مسؤولي البرامج والمستفيدين من المنح، إذ قال: “هذا يضع الأساس لبناء الثقة التي نحتاج إليها”، وتعزز سياسة الميزانية في المؤسسة هذا الهدف. على سبيل المثال، يمكن لبرنامج تبلغ ميزانية منحه السنوية الحالية 10 ملايين دولار أن يمنح ما يصل إلى 7 ملايين دولار من ميزانية العام التالي و 4 ملايين دولار من ميزانية العام الثالث لإنشاء محافظ استثمارية متعددة الأعوام. قال تايلور:”من الناحية العملية، تتمتع برامجنا بحرية العمل والاختيار هذه لتقديم مزيج من منح العام الواحد والعامين والثلاثة أعوام”. خلقت مساحة الحرية هذه ثقافة التمويل لعدة أعوام حيث يتاح لمسؤولي البرامج الوقت للتفكير في طرق غير نقدية لمساعدة المستفيدين من المنح، منها الابتكارات مثل تقديم جائزة جديدة تعديلاً لمنحة حالية من أجل تخفيف المعاملات الورقية.

وفي الاستقصاء الذي أجريناه، اتفق الممولون وقادة المؤسسات غير الربحية على أن معايير توظيف مسؤولي البرامج الحالية يجب أن تعطي الأولوية للشمول، مثل سرعة الاستجابة والتركيز على تقديم الخدمة، والتركيز على تدفق المنح إلى المجتمعات المحرومة وقادتها، والقدرة على التواصل والتعارف لمساعدة المستفيدين من المنح في تنمية مجموعة المتعاونين. يتوافق هذا مع نتيجة توصل إليها مركز العمل الخيري الفعال، تبيّن أن جودة علاقة المستفيدين من المنح بمسؤولي البرامج هي أفضل مؤشر على أن المستفيد سيوصي بهذا الممول للآخرين.

في مؤسسة فورد، يشمل تقديم المنح المُنصفة تطوير برنامج بيلد الذي يقوده اثنان من المؤلفين المشاركين لهذا المقال (رايك وكاردونا)، إذ يوفر للمستفيدين من المنح دعماً عاماً على مدى 5 أعوام، إلى جانب دعم موجه بدقة أكبر ولكنه مرن للتعزيز التنظيمي. أصبح أكثر من 80% من التمويل الإجمالي للمؤسسة الآن مخصصاً للدعم العام أو الأساسي، ولبرنامج بيلد دور في ذلك.

تكرّس رئيسة مؤسسة راوتش فاونديشن (Rauch Foundation) في لونغ آيلاند، نانسي راوتش دوزيناس، وقتها لمساعدة المستفيدين من المنح على بناء العلاقات وإنشاء شبكاتهم الخاصة، وتسعى على وجه الخصوص لبناء نفوذ المستفيدين من المنح في النقاشات المدنية من خلال إنشاء شراكات بين القطاعات المختلفة. تقول دوزيناس: “عندما أفكر في موازنة القوى بين المانحين والمستفيدين من المنح، أفكر في حاجة القطاع غير الربحي إلى حلفاء في القطاعات الأخرى والشركات والنقابات العمالية والمجتمعات، فالمؤسسات المعتمدة على المركزية المكانية تمتلك السلطة والقدرة على أداء دور الوسيط في تحقيق هذا التوازن”.

مرافقة الممولين في رحلة التأثير الاجتماعي تتوافق جيداً مع تجربة ماري ماركس، وهي الرئيسة التنفيذية للمؤسسة غير الربحية لتمكين الفتيات في مدينة جاكسونفيل بولاية فلوريدا، مركز بايس للفتيات (Pace Center for Girls)، تقول: “مجتمع التعلم الذي يمكن للممول الوصول إليه هو أمر بالغ الأهمية”.

في بحثنا، أجمع قادة المؤسسات غير الربحية تقريباً على أن التمويل المرن لعدة أعوام مكّنهم من زيادة تأثيرهم إلى الحد الأقصى، وتوصل الممولون الذين تبنوا مسرعات التغيير الخمسة إلى هذه النتيجة أيضاً.

يساعد التمويل المرن لعدة أعوام على تقوية المؤسسات والنتائج وتقليل الاختلالات في موازين القوى

قال المدير التنفيذي لمؤسسة غير ربحية تدافع عن حقوق الأقليات في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا، كريس هاياشي: “منحة ماكنزي سكوت سمحت لنا بفعل الكثير ومنحتنا الاستدامة. وتمكنا من التخطيط للأعوام الثلاثة أو الأربعة القادمة”. وأضافت الرئيسة التنفيذية المشاركة لمؤسسة الاستشارة القيادية برو إنسباير (ProInspire)، مونيشا كابيلا، وهي مستفيد آخر من منحة سكوت: “كانت أكبر فائدة للتمويل المرن لعدة أعوام هي القدرة على توظيف قدراتنا وتنميتها كي نتمكن من تنمية عملنا”. وهذا تماماً ما قال الممولون الذين تحدثنا إليهم في دراستنا إنهم تعلموه، فوحدها المؤسسات القوية من تستطيع تحقيق نتائج قوية. قالت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة إيدلغيف، فيديا شاه: “مبدؤنا الأخلاقي هو أن علينا بناء مؤسسات جيدة وليس تمويل البرامج الجيدة فقط، وهذا ما جعلنا نستمر في تمويل التكاليف غير المتعلقة بالبرامج”.

بعد عقود من الدعوة لتشجيع الممولين على تبني ممارسات تمويل مرنة أكثر وطويلة الأجل، يبدو أن أزمات عام 2020 قد ولّدت زخماً حقيقياً لتبني هذا النهج على نطاق واسع وأثبتت صحته باعتباره مكوناً رئيسياً لتقديم المنح المنصفة. وبالنسبة للممولين الذين تبنوا هذه التغييرات ويفكرون في طرق الحفاظ عليها أو في الخطوة التالية، أو الذين فكروا في التغيير ولكنهم لم يتخذوا الخطوة التالية بعد، يمكن استخدام المسرعات الخمسة المستمدة من تجارب الممولين والمؤسسات غير الربحية للحفاظ على استمرار الزخم. أخبرنا رئيس مؤسسة ذا كاليفورنيا إنداومينت، روس، أن “الأسواق تعاملت بلطف مع الأعمال الخيرية، ويجب أن تكون هذه هي اللحظة المناسبة لترجمة ذلك إلى تمويل لعدة أعوام. ويجب أن يكون الهدف تقديم التمويل لثلاثة أعوام وأكثر. وستكون 5 أعوام مدة مثالية”.

يشكر المؤلفون كريس هاياشي، وكارين أبولون، وليشا ماكورميك، وآلي جيرنو، وشيرين زمان، وليندزي سترينغ فيلو على إسهاماتهم طوال فترة الدراسة.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.