كيف يمكن تعزيز التنوع بين القوى العاملة في أنظمة الرعاية الصحية؟

أصحاب البشرة الداكنة
shutterstock.com/Andrey_Popov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعاني الولايات المتحدة من نقص حاد في أخصائيي الرعاية الصحية ذوي المناصب المرموقة من أصحاب البشرة الداكنة أو ذوي الأصول اللاتينية أو الذين ينتمون إلى مجتمعات السكان الأصليين. فالأميركيون أصحاب البشرة الداكنة لا يشكلون سوى 4% من الأطباء وأقل من 7% من خريجي الكليات الطبية الجدد، بالرغم من أنهم يشكلون 13% من إجمالي السكان، وفي الواقع فإن نسبة الرجال أصحاب البشرة الداكنة في الكليات الطبية قد انخفضت على مدار الأربعين عاماً الماضية (بينما بقيت نسبة الرجال والنساء اللاتينيين ثابتة، وازدادت نسبة النساء ذوات البشرة الداكنة قليلاً). وهذا النقص في التنوع يغذي الفجوات في النتائج الصحية، حيث تُظهر الأبحاث أن المرضى الذين يشتركون مع أطبائهم في الهوية العرقية يتقبلون العلاجات الوقائية أكثر، ويُظهرون وعياً أكبر بالمخاطر الطبية التي تواجههم، ويلتزمون بشكل أكبر ولوقت أطول بتعليمات أطبائهم. كما وثقت دراسة حديثة انخفاضاً بنسبة 15% في معدل وفيات المرضى المقيمين عندما تم تعيين أطباء من أصحاب البشرة الداكنة للمرضى أصحاب البشرة الداكنة. ووجدت دراسة سريرية أخرى انخفاضاً بنسبة 19% في فجوة الوفيات بين أصحاب البشرة الداكنة والبيضاء في رعاية القلب والأوعية الدموية للمرضى غير المقيمين عندما يكون هناك توافق في العرق بين المريض والطبيب.

إن مجتمعات أصحاب البشرة الداكنة واللاتينيين والسكان الأصليين ليست منقوصة التمثيل في القيادة فحسب، بل إنهم ممثلون بشكل مفرط في أدوار الدعم ذات الدخل المنخفض. في الواقع، هناك بالفعل مجموعة كبيرة من المواهب ضعيفة التمثيل في القطاع الطبي، والذين يتم عزلهم ببساطة في أسفل السلم الوظيفي. حيث أن 59% من العاملين في مجال الرعاية المباشرة في الولايات المتحدة هم من مجموعات الأقليات من أصحاب البشرة الداكنة والملونة والسكان الأصليين (BIPOC) و86% منهم من النساء، لكنهم غالباً ما يتقاضون رواتب منخفضة، ولا يتلقون الدعم الكافي، ويعانون من معدلات دوران وظيفي عالية (15% يعيشون تحت مستوى الفقر الفيدرالي الأميركي). أثناء الجائحة، اتضح ضعف الدعم المقدم لقطاع الرعاية الصحية وللعاملين في مجال الرعاية المباشرة؛ توفي أكثر من 3600 من العاملين في مجال الرعاية في الولايات المتحدة في عام 2020، كما اعتُبر الكثير منهم “موظفين أساسيين” ومع ذلك كانوا يفتقرون إلى معدات الحماية الشخصية الأساسية أو التدريب الكافي أو التعويض المادي عن التعرض للخطر. وإن غالبية العاملين في مجال الرعاية الصحية والدعم الصحي لا يمتلكون شهادة جامعية ويفتقرون إلى الخيارات المتاحة لتحسين المهارات والتقدم الوظيفي.

لمعالجة هذه التحديات المنهجية، يجب على الجهات الفاعلة في قطاع العمل الخيري أن تمول المسار بالكامل، بدءاً من الأطفال في مرحلة الحضانة ووصولاً إلى قيادة الأنظمة الصحية. وكل منطقة تُشرك مجموعة من المؤسسات والأنشطة التي تدعم الفئات ضعيفة التمثيل في القطاع الطبي في مراحل مختلفة من حياتهم المهنية الطبية، وتتطلب أن تكون متأصلة في بيئات العمل المحلية والمؤسسية، وكذلك في احتياجات المجتمعات غير الممثلة بالشكل الكافي:

ففي منطقة سنترال فالي بكاليفورنيا على سبيل المثال، تسعى كلية الطب في جامعة ديفيس بكاليفورنيا إلى تلبية الاحتياجات الصحية للسكان المحليين المحرومين من الخدمات على وجه الخصوص، وذلك من خلال إعطاء الأولوية للأطباء المستقبليين من هذه المجتمعات، حيث يمثل اللاتينيون نحو 70% من السكان، ومع ذلك فإنهم لا يمثلون سوى 5% من الأطباء، و8% من الممرضين، و4% من الصيادلة. بالإضافة إلى ذلك، إن العديد من المناطق في وسط كاليفورنيا لا تمتلك سوى نصف عدد الأطباء الموصى بهم لحجم السكان، مع تزايد الطلب بسرعة. لزيادة عدد طلاب الطب المسجلين من المجموعة ضعيفة التمثيل في القطاع الطبي، يجب على جامعة ديفيس بكاليفورنيا تطوير خط إمداد مواز يأخذ في الاعتبار الدعم الذي تقدمه المدارس الثانوية المحلية لطلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والشراكات مع كليات المجتمع التي تخدم الأقليات، وبرامج التسجيل والمنح الدراسية المتخصصة لضمان حصول هؤلاء الطلاب على شهادة جامعية. وبعد تخرجهم، تشترك كلية الطب مع برامج الإقامة لإزالة العوائق التي تحول دون قيام الأطباء الجدد بالعمل في مجتمعاتهم المحلية وتلبية الاحتياجات الصحية الإقليمية الرئيسية. كنتيجة لذلك، صُنفت جامعة ديفيس بكاليفورنيا هذا العام على أنها أكثر كليات الطب تنوعاً على الساحل الغربي، حيث انضم ما يقرب من 40% من طلابها من المجموعات ضعيفة التمثيل في القطاع الطبي في عام 2020.

1. دخول المسار

يؤكد جميع الخبراء تقريباً على أهمية الدعم داخل المدرسة وخارجها لطلاب المدارس الابتدائية والثانوية وفي بدايات المرحلة الجامعية، من أجل تأمين انطلاقة قوية لهم. فإذا لم يتم تمكين الطلاب لمتابعة دراسات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في سن مبكرة، فمن غير المرجح أن يتابعوا الدراسات عالية المستوى. ومع ذلك، إن مقاطعات الأقليات في المناطق التي تعاني من معدلات فقر مرتفعة تتلقى ما يقدر بنحو 1200 دولار لكل طالب سنوياً من الموارد العامة، ما يتسبب بوجود مرافق رديئة، وعدد أقل من المعلمين ذوي الخبرة العالية، وعدد أقل من الخيارات من داخل المنهاج الدراسي وخارجه. وقد استثمر مموّلو القطاع الخيري مئات الملايين من الدولارات لضمان حصول الأطفال من جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية على هذه الموارد، لكن الفجوة ما تزال موجودة.

يمكن أن يؤدي القطاع الخيري دوراً رئيسياً في دعم البرامج المجتمعية لضمان أن يتمكن الطلاب من اختيار المجال الطبي ويفهموا الطريق نحو تحقيق ذلك. وبينما تكون هناك حاجة للمزيد من الموارد في هذا المجال، إلا أننا نرى فرصتين محددتين:

  1. خلق مسارات للفرص الثانية: يخرج العديد من الطلاب الذين يمثلون بشكل ضعيف في القطاع الطبي من النظام قبل أن يصلوا إلى مرحلة التقدم لكلية الطب حتى. وهؤلاء الطلاب يفتقرون بأشكال متفاوتة إلى موارد الدعم وإلى توجيه الخبراء أصحاب الخلفيات الثقافية والاقتصادية والبيئية المشابهة لهم. وهناك ثلاث مراحل رئيسية للانسحاب: (1) الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى (على سبيل المثال، من المدرسة الثانوية إلى الجامعة، ومن كلية المجتمع إلى التزام مؤسسي مدته أربع سنوات، وما إلى ذلك)، (2) السنة الأولى أو الثانية من الدروس الجامعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، و (3) الاختبار المُوحّد. فعلى سبيل المثال، من غير المرجح أن يعيد الذكور أصحاب البشرة الداكنة اختبار القبول في الكلية الطبية (MCAT) بعد الحصول على درجة منخفضة مقارنة بأية مجموعة أخرى. حيث يحتاج طلاب المراحل الثانوية والسنوات الجامعية الأولى إلى الدعم ليتمكنوا من إعادة التقديم وإعادة التدريب والتحسين، أو يحتاجون إلى تلقي المشورة بشأن المسارات البديلة المتاحة، مثل درجات الزمالة المتعلقة بالصحة بعد التخرج من المدرسة الثانوية أو البرامج الطبية بعد الجامعة.
  2. وصل البرامج التي تربط بين المراحل التعليمية المختلفة وتقدم الدعم: إن الفترات الانتقالية عندما ينتقل الطلاب الذين يمثلون بشكل ضعيف في القطاع الطبي من المؤسسات التي تخدم الأقليات – مثل الجامعات والكليات التاريخية لذوي البشرة الداكنة (HBCUs)، والكليات المجتمعية والقبلية، وبرامج التوجيه – إلى مدارس خارج سياقات مجتمعهم تعتبر نقاطاً مهمة للتسرب والانسحاب الدراسي. لكن البرامج التي تربط المدرسة الثانوية بالكلية، أو الكلية المجتمعية أو القبلية بكليات الدراسة التي مدتها أربع سنوات، يمكن أن تدعم الطلاب لتجاوز هذه التغييرات، كذلك البرامج التي تربط الانتقال بين المدرسة والوظيفة والتحضير لهذه المرحلة، مثل هيلث كارير كونيكشن (Health Career Connection).

2. تعطيل نظام التعليم العالي الطبي الحالي

بدأ قطاع العمل الخيري مؤخراً بمنح الموارد التي طال انتظارها لتوسيع برامج الجامعات والكليات التاريخية لذوي البشرة الداكنة، وهو أمر مهم للغاية. ومع ذلك، يجب على مجتمع التعليم الطبي الأوسع أن يقوم بدور أكبر، في سبيل زيادة عدد أطباء الأسنان والأطباء والمهنيين الطبيين المهرة أصحاب البشرة الداكنة – بالإضافة إلى الوصول إلى الفئات السكانية غير الممثلة تمثيلاً كافياً مثل الأميركيين اللاتينيين والأميركيين الأصليين. وكما كتب الدكتور مونتغمري رايس من الجمعية الطبية الأميركية: “لا يمكننا إعفاء 151 كلية طبية أخرى من مسؤوليتها [للمساعدة في تنويع القوى العاملة الطبية]”.

“لا يتعلق الأمر بالدعم فحسب، بل يتعلق بإعادة توجيه التعليم”، كما صرحت المديرة المشاركة لمركز القوى العاملة المتنوعة للرعاية الصحية في جامعة ديفيس بكاليفورنيا، الدكتورة ميشيل كو، وأضافت “إن عملية القبول الحالية في المجالات الطبية لا تخدم الطلاب الذين يمثلون بشكل ضعيف في القطاع الطبي أو مجتمعاتنا”. ولهذا السبب، بدأت كليات الطب في إعطاء الأولوية للفئات المتنوعة من الأطباء والتركيز على احتياجات المجتمعات المحرومة. فقبل عام 2015، كانت كليات الطبية التابعة للجامعات التاريخية لذوي البشرة الداكنة الأربع تُخرّج عدداً من الأطباء أصحاب البشرة الداكنة أكثر من الكليات العشر التالية مجتمعة. لكن التوجه قد تغير وأصبح عام 2019 هو العام الأول الذي تخرج فيه أكثر من 90% من الأطباء أصحاب البشرة الداكنة من خارج الجامعات والكليات التاريخية لذوي البشرة الداكنة، مدعومين من الجامعات العامة مثل كليات الطب في جامعة أوغاستا (Augusta University) في جورجيا وجامعة إنديانا (University of Indiana). وهذا التوجه ينطبق على المجموعات ضعيفة التمثيل الأخرى أيضاً؛ حيث كانت أفضل الكليات التي خرّجت أطباء من أصول لاتينية خارج بورتوريكو هي جامعة إلينوي وجامعة تكساس وجامعة فلوريدا الدولية، كما احتلت جامعات عامة أيضاً المراكز الثلاثة الأولى لتخريج الأطباء من أصول أميركية أصلية. وإن ثمانية من أصل عشرة من كليات الطب الأكثر تنوعاً هي كليات عامة.

يمكن للعمل الخيري أن يؤدي دوراً تحفيزياً في هذا السياق. فالمؤسسات ذات البرامج الناجحة تطلب موارد للتوسع، وتحتاج المؤسسات الأخرى إلى التحفيز للحاق بالركب. وقد حددت شركة ديلبرغ (Dalberg) ثلاث فرص رفيعة المستوى للممولين الخيريين للمشاركة:

  1. ساعد كليات الطب على تنمية مساراتها وتوفير مسارات متخصصة، لكلا مرحلتي قبل التسجيل وبعد التخرج. لضمان الوصول، تحتاج كليات الطب العليا إلى تأسيس مسارات موازية في المجتمعات المحرومة لدعم الطلاب من المواهب ضعيفة التمثيل في القطاع الطبي في دراساتهم الثانوية وما بعد الثانوية. وهذا يتضمن دعم الشراكات مع المؤسسات التي تخدم الأقليات بالإضافة إلى دعم فرص ما بعد التخرج ليتمكن الخريجون من الممارسة في مجتمعاتهم. وقد يتضمن الأمر أيضاً برامج تسجيل خاصة، مثل BA/MD (شهادة جامعية في العلوم ودكتوراة في الطب) ومسارات ما بعد الحصول على الشهادة الجامعية.
  2. تمويل تعيين رؤساء الهيئة التدريسية من مجموعات الأقليات من أصحاب البشرة الداكنة والملونة والسكان الأصليين، ودعم الجهود المؤسسية المناهضة للتمييز العرقي. حالياً، يُعرّف أقل من 10% من أعضاء الهيئة التدريسية الطبية بدوام كامل بأنهم من أصل لاتيني أو من أصحاب البشرة الداكنة أو من السكان الأصليين. وإن عدد رؤساء الهيئة التدريسية التي يشغلها أعضاء المجتمعات غير الممثلة تمثيلاً كافياً هو عامل رئيسي في تحقيق الالتحاق المتنوع. وإن تحقيق التنوع في تعيينات الهيئة التدريسية يجب أن يكون جزءاً من نهج وتغييرات أكبر مناهضة للتمييز العرقي ضمن المؤسسة، مثل توفير الدعم لأعضاء الهيئات التدريسية من المواهب ضعيفة التمثيل في القطاع الطبي لمتابعة البحث حول مواضيع المساواة في القطاع الصحي وتطوير المناهج.
  3. ضمان أن يكون تمويل البرامج محفزاً ومستداماً من خلال المطالبة بتمويلات عامة متكافئة. ترزح الجامعات الحكومية تحت ضغوط هائلة في الميزانية، خاصة بعد تخفيضات تمويل التعليم الحكومي بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19. وهذا بدوره رفع الاعتماد على تمويل الدروس والابتعاد عن المبادرات التي تستهدف الطلاب ذوي الدخل المنخفض. يجب ألا يحاول التمويل الخيري استبدال التمويل العام؛ بدلاً من ذلك، يمكن للممولين الاستراتيجيين أن يطلبوا مكافئة التمويلات العامة للمساعدة في تغيير الحوافز التي يواجهها مسؤولو الجامعات لتوجيه الموارد المشتتة إلى مبادرات تحقيق التنوع.

3. تطوير عاملي الدعم والرعاية المباشرة ليتمتعوا بأدوار ذات قدرات أعلى وأجور أفضل

إن القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية في الولايات المتحدة تشغل في الغالب مناصب الدعم والرعاية المباشرة منخفضة الأجر، أي الأدوار مثل المساعدين الصحيين المقيمين في المنازل، ومساعدي التمريض، والفنيين. ومن المتوقع أن تزداد شواغر الدعم والرعاية الصحية بمعدل أربعة أضعاف معدل ازدياد شواغر كافة الأعمال الأخرى في الاقتصاد. بالنظر إلى المسار الحالي للعمال، فإن هذا يترك عوزاً هائلاً، خاصة في الأدوار التي تدعم الفئات السكانية المحرومين. ومن الأساسي جعل هذه الشواغر مرغوبة أكثر وتوفير فرص للتقدم، إلا أن بيئة العمل معقدة أكثر من ذلك. وإن الاستراتيجيات الأكثر فعالية يجب أن تركز على تسهيل الشراكات على طول المسار من التعليم إلى الوظيفة.

تماشياً مع مقال ديلبرغ السابق حول المساواة في اقتصاد الرعاية في الولايات المتحدة ودور الاستثمار الخاص، هناك فرصة كبيرة لبناء البنية التحتية الداعمة لمقدمي الرعاية وأولئك الذين يتطلعون إلى دخول وظائف في هذا المجال. ونحن نعتقد اعتقاداً راسخاً بالحاجة إلى استجابة متعددة القطاعات ومتعددة الجهات لحل التحديات.

على سبيل المثال، يمكن لقطاع العمل الخيري أن يُيسّر بيئة العمل لأصحاب العمل وكليات المجتمع / مراكز التدريب المهني. وإن غالبية العاملين في هذا المجال لن يتبعوا برامج الحصول على شهادة جامعية؛ حيث أن كليات المجتمع هي أكبر مدربي القوى العاملة الصحية في الولايات المتحدة، مع تصنيف المهن الصحية كثالث أكثر الفئات شيوعاً على الصعيد الوطني. كما تقوم برامج درجات الزمالة في التمريض (ADN) بتعليم أكثر من نصف ممرضات الأقليات وهي خطوة أولى رئيسية نحو صعود السلم الوظيفي إلى وظائف التمريض المسجلة رسمياً ذات الرواتب العالية (RN). وهناك حاجة ماسة لتوفير مسارات تحسين المهارات ودخول الوظائف التي تناسب احتياجات المتعلمين البالغين في منتصف حياتهم المهنية القادمين من المجتمعات المحرومة. فعلى سبيل المثال، أكثر من 40% من طلاب كليات المجتمع في كاليفورنيا أكبر من 25 عاماً ويعملون بالفعل في وظائف ما، و 69% منهم من مجموعات الأقليات من أصحاب البشرة الداكنة والملونة والسكان الأصليين، كما أن النظام التعليمي يمنح نحو 6400 درجة تمريض سنوياً. أحد السلالم الوظيفية الشائعة، من مساعد صحي منزلي (HHA) إلى مساعد تمريض معتمد (CNA) إلى ممرض عملي مرخص (LPN) إلى ممرض مسجل رسمياً (RN)، غالباً ما يكون إكماله صعباً للغاية بسبب القيود المالية أو الأسرية، مثلما هو الحال بالنسبة للآباء العازبين الذين يفتقرون إلى خيارات رعاية الأطفال، ما لم تقدم مؤسسات التدريب خدمات لتلبية احتياجات هؤلاء الطلاب. وإن المؤسسات مثل برنامج تطوير الرعاية الصحية (HCAP) تلعب دوراً محورياً في خلق بيئة العمل المحلية اللازمة لتوسيع خيارات تطوير المهارات المتاحة وتمكين الاتصالات بين مسارات التدريب والمسارات المهنية.

يحتاج العمل الخيري أيضاً إلى الدفاع عن دعم السياسات وحقوق العمال. لإحداث تغييرات منهجية، ستكون هناك حاجة إلى تغيير السياسات والشراكات المبتكرة بين القطاعين العام والخاص. سلط بحث حديث قام به معهد بروكينغز (The Brookings Institution) الضوء على التغييرات الرئيسية على المستوى الفيدرالي وعلى مستوى الولايات، مثل بدل المخاطر الإلزامي، وزيادة تمويل برنامج المساعدة الطبية، ميديكيد (Medicaid)، وتوسيع الإجازة المرضية مدفوعة الأجر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لبرامج التدريب التي تمولها الحكومة أن تؤدي دوراً رئيسياً، مثل البرامج في واشنطن وتينيسي. تعمل ولاية نيو جيرسي، بدعم من مؤسسة التمويل الاجتماعي (Social Finance)، على تطوير برنامج باي إت فوروورد (Pay It Forward)، الذي يجمع بين التمويل العام والخيري والتمويل المؤسسي في صندوق لإعادة تدوير الأموال لدعم التدريب في القطاعات المحلية ذات الطلب المرتفع. تعمل مراكز التعليم الصحي المناطقية المدعومة فدرالياً (Area Health Education Centers. AHEC) أيضاً على ربط الدعم المحلي بمبادرات التدريب المدعومة وطنياً. وقد حان الوقت لنخرج هؤلاء العمال “الأساسيين” من دائرة الظل وأن نوفر لهم الأمان الاقتصادي.

4. تعزيز القوى العاملة الحالية برعاية مؤهلة ثقافياً ومتمحورة حول المجتمع

إن إشراك المجتمعات المحرومة والتأكد من أن الأفراد ذوي الخبرة الحية هم على رأس هذه المبادرات أمران ضروريان لضمان أن يتمكن نظام الرعاية الصحية من أداء مهمته الاجتماعية على أكمل وجه.

يجب علينا تعزيز التنوع في قيادة النظم الصحية لدمج احتياجات المجتمع في أنظمة الرعاية. ففي حين أن 32% من المرضى هم من مجموعات الأقليات من أصحاب البشرة الداكنة والملونة والسكان الأصليين، فإن أعضاء هذه المجتمعات لم يكونوا يمثلون سوى 11% من القيادات التنفيذية للمستشفيات في عام 2015. وهذه النسبة تمثل انخفاضاً عن معدل 12% الذي كان في عام 2013. في حين أن 96% من المستشفيات التي شملها الاستطلاع قالت إن لديها التزامات بتطبيق سياسات التنوع، إلا أن 45% منها فقط قالت أن لديها خطة شاملة لتحقيق ذلك. تقدم المجموعات المهنية مثل الجمعية الطبية اللاتينية الوطنية (National Hispanic Medical Association) دورات تدريبية لأعضائها للارتقاء إلى مناصب قيادية داخل المستشفيات والأنظمة الصحية التي يعملون فيها. وفي عام 2019، أصدرت جمعية المستشفيات الأميركية (American Hospital Association) مجموعة أدوات المساواة في المنشآت الصحية، والتي تتضمن إرشادات لقياس التنوع والشمول في قيادة وحوكمة المستشفيات.

يجب علينا أيضاً توفير ممارسات قائمة على البيانات ومتمحورة حول المجتمع تُعلم البرمجة والتدريب الثقافي. وما زال العمل جارياً على تشكيل الدليل على الفعالية النسبية لمختلف ممارسات الرعاية الصحية المؤهلة ثقافياً. وإن البرامج مثل المطابقة اللغوية، وإشراك العائلات، واستخدام العاملين الصحيين المجتمعيين، تُظهر نتائج واعدة في العديد من الأماكن، ويجب أن تكون الأنظمة الصحية متعمدة ومدروسة من أجل تطوير استراتيجية شاملة لتقديم رعاية مدروسة ثقافياً تناسب الاحتياجات المحلية. وأحد الأمثلة على الابتكار هو مبادرة أنشأها معهد السياسات والممارسات الصحية بجامعة نيو هامبشير (University of New Hampshire’s Institute for Health Policy and Practic) لإنشاء تقارير بيانات مجتمعية مخصصة جغرافياً للمدراء التنفيذيين في المستشفيات لتثقيف أولويات الرعاية الوقائية والمشاركة المجتمعية بشكل أفضل. ويمكن لممولي قطاع العمل الخيري أن يؤدّوا دوراً في قيادة الممارسات التي تركز على المجتمع وإجراء الأبحاث حولها لتثقيف قطاع الرعاية.

فرصة العمل الخيري واضحة وملحة

يمثل تنويع القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية وتمكينها مجالاً نحتاجه بشدة. كما أنه يمثل حالياً مساحة كبيرة للابتكار، والتي تحمل فرصة للتغيير المنهجي.  هناك العديد من الأهداف المتقاطعة للعمل على تحسين القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية؛ مثل تضييق الفجوة العرقية في النتائج الصحية، وتلبية حاجة المجتمعات المحرومة المتزايدة إلى المزيد من الرعاية الصحية، وتوفير الأمن الاقتصادي لملايين الموظفين الصحيين ذوي الظروف الصعبة والأجور المنخفضة. كما أن هناك حاجة إلى الموارد والحلول في المناصب التي تتطلب مهارات عالية، مثل الأطباء وأطباء الأسنان، فضلاً عن الأدوار الداعمة والمهنية. وقد بدأت السياسات الفدرالية وسياسات الولايات بتحويل الموارد المُحتاجة بشدة لتوسيع نطاق الحلول. تُظهر المؤسسات التقليدية، مثل أنظمة الجامعات العامة والكليات المجتمعية، أنها تستطيع تحريك الركب قيد أنملة تجاه المساواة والشمول من خلال السياسات التي تركز على المجتمعات المحلية. ويمكن أن يؤدي القطاع الخيري دوراً رئيسياً في دعم الممارسات الواعدة، وتحقيق التوافق بين مختلف الجهات الفاعلة حول نتائج المساواة في المنشآت الصحية، وتحفيز التغيير في مسار استقطاب أصحاب المواهب.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.