هل للقليل من تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وزنه؟

تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وقّعت آلاف الشركات والمؤسسات على “مبادئ الاستثمار المسؤول” (Principles for Responsible Investment (PRI)) منذ إطلاق المبادرة في عام 2006 ملتزمة “بدمج قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عملية تحليل الاستثمار وعمليات صناعة القرار” المعروف على نطاق واسع باسم تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. حينها تم اعتماد تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الآلاف من سياسات إدارة الأصول وصناديق التقاعد، وتطالب بعض القوانين في وقتنا الراهن مثل قانون الإفصاح عن التمويل المستدام الصادر عن الاتحاد الأوروبي (SFDR) من المشاركين في السوق المالية اعتماد هذه الممارسة. لكن التكاليف كبيرة، حيث تتطلب ممارسة تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية الموارد (لدى غالبية الموقعين على مبادئ الاستثمار المسؤول فرق متخصصة بتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية يصل عدد أفرادها إلى 80 متخصصاً)، كما تتطلب الحصول على البيانات (يعمل غالبية الموقعين مع واحد أو أكثر من مزودي البيانات الخارجيين، وتقدّر القيمة السنوية لهذا السوق العالمي بـ 1-2 مليار دولار)، بالإضافة إلى التدريب والتعليم (يرسل العديد من الموقعين على مبادئ الاستثمار المسؤول موظفيهم إلى مؤتمرات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية أو يتعاونون مع مبادرة مبادئ الاستثمار المسؤول أو مؤسسات أخرى لتدريب موظفيهم على مفاهيم الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية). ومن المستحيل حساب مدى الجهد المرتبط بتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وكذلك مقدار تكاليف هذا الارتباط، ولكنه تقريباً بين 50 و100 مليار دولار بحسب تقديراتي الظنية.

وقد يظن المرء أن قطاع الاستثمار سيقبل تحمل كل هذا العناء والتكاليف فقط إذا كان هناك وضوح للفوائد التي قد يجلبها تبني مثل هذه الممارسة الجديدة وإجماع عليها. لكن هذا الظن ليس بمحله.

ما الغاية من تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية؟

تلخص مقدمة مبادئ الاستثمار المسؤول الغرض من تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عنوانين: الأداء المالي والتأثير المجتمعي، حيث جاء فيها: “نعتقد أن قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية يمكن أن تؤثر في الأداء (المالي)” و”ندرك أن (تكامل أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية) قد يوائم المستثمرين على نحو أفضل مع الأهداف المجتمعية” (كُتبت قد بخط مائل). ولكن تشير كلمات مثل “نعتقد” و”يمكن” و”قد” و”يوائم” إلى أن تأثيرات تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لم تكن قد اختبرت عندما تعهد الموقعون الأوائل بالالتزام، وبخاصة بالهدف الاجتماعي، ولا يقتصر إبقاء الخيارات مفتوحة على كلمة “قد”، ففعل “يوائم” يمكن أن يفسر بأكثر من معنى، فقد يعني الاستثمارات “المتوافقة مع التأثير” أو “المحدِثة للتأثير”، حتى لو كان يعد هذا الفرق ضئيلاً في عام 2006. ويشير وجود الفرق إلى الحاجة إلى إجراءات إضافية تحدث تأثيراً، وذلك يعني أن الاستثمار يجب أن يتمتع بالفعالية المؤثرة.

وفي حال توفرت الملاءمة فقط، فهل يعني ذلك عدم وجود “إجراءات إضافية”؟ وهل يمكننا فعلياً أن نسمي ذلك “تأثيراً”؟

وفي حين تبني مبادرة مبادئ الاستثمار المسؤول وقطاع العمل الاجتماعي مبدأ تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية كعقيدة، تعامل الأكاديميون معها كفرضية، باحثين عن البيانات لاختبارها وتحديد إن كانت صحيحة، لا سيما الرابط بين تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والأداء المالي. ويبدو أن هناك إجماعاً على الآتي: في المجمل، لا يعزز تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية الأداء المالي. (مع أنه لا يضر بالأداء المالي أيضاً). ومع ذلك، لا يبدو أن هذا الإجماع الأكاديمي قد تسرب إلى الشركات. وإن تسرب، فقد اتخذت الشركات وجهة نظر مفادها أن هذا التكامل لا يضر ولا ينفع، لذا لا ضير من الحفاظ عليه لفوائده المجتمعية.

وذلك هو الدافع الحقيقي في إعداد التقرير الأخير الذي حمل عنوان “هل يؤثر تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الاقتصاد الحقيقي؟ نظرية تغيير الأدلة الحالية ومراجعتها”، الذي شارك في تأليفه الباحثون جوليان كويلبل وفلوريان هيب وآن كيلرز من مركز سوستينبل فايناناس آند برايفيت ويلث “سي إس بي” (Center for Sustainable Finance & Private Wealth(CSP)) في جامعة زيورخ والذي يستحق اهتماماً كبيراً ومناقشة واسعة. بتكليف من الحكومة السويسرية، يحلل التقرير السؤال الذي ظل مخيماً على السوق منذ عام 2006: هل لتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تأثير فعلي؟ وهل له فوائد مجتمعية؟

شروط التأثير الأربعة

وبحسب التقرير، يجب أن تتحقق أربعة شروط حتى يكون لتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تأثير، ويشير التقرير إلى مدى إمكانية تحقيق هذه الشروط ومتى يمكن تحقيقها. ويمكن تلخيص الشروط التي ذكرها التقرير على النحو الآتي:

  1. عندما تعكس تقييمات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تأثير الشركة. يتحقق هذا الشرط حين تركز تقييمات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية على الأهمية النسبية للتأثير بدلاً من الأهمية المالية.
  2. عندما تميل مكونات المحفظة الاستثمارية عن معايير السوق نحو رواد الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وبعيداً عن ذوي الأداء الضعيف في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. وينطبق هذا الشرط على غالبية صناديق الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية المخصصة، التي ما تزال تشكل جزءاً صغيراً من السوق، ولكن ليس على غالبية المستثمرين الكبار (غالبية السوق).
  3. عندما تبلغ الحصة السوقية لمستثمري الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية حجماً يكفي لتخصيص تمويل لممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. هناك بعض الأدلة على وجود تمويل لممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ولكن ما يزال من غير المؤكد إن كانت ذات جدوى اقتصادية.
  4. عندما يعتبر المدراء أن تمويل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مجزٍ بما فيه الكفاية للبدء باستثمارات إضافية أو تبني ممارسات محسنة. ومن غير المحتمل كما يبدو أن يتخذ مدراء الشركات إجراءات مؤثرة كنتيجة لتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في شركاتهم ما لم يكن هناك فوائد مباشرة.

بناءً على هذه الشروط (والأدلة على تحققها في الممارسة)، استنتج مؤلفو التقرير أن الإجابة عن سؤال “هل لتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تأثير على الاقتصاد الحقيقي؟” هي: “ربما قليل”.

وتجدر الإشارة إلى أن التقرير لا يحاول الإجابة عن السؤال على طريقة العلم التجريبي، أي من خلال تحليل مجموعة بيانات أو عبر الملاحظات الفعلية، بل بأسلوب وصفي، أي من خلال المنطق القائم على فهمنا لقضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والاستثمار والتمويل والأسواق. ومع ذلك، راجع مؤلفو التقرير الأبحاث المتاحة حول هذا السؤال أيضاً، مع أن هذه الأبحاث محدودة للغاية.

أتفق مع منهجية التقرير، وذلك بتحديد نظرية تغيير وأربعة شروط لاختبار إذا ما كانت النظرية صحيحة، وأنا أتفق مع تقييمات المؤلفين لمدى احتمالية تحقيق الشروط كل على حدة. ومع أنني أتفق مع الاستنتاج العالي المستوى للتقرير الذي يقرُّ أن تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية “ربما يحمل تأثيراً قليلاً” فإن كلمة “ربما” تعكس بعد احتمالية استيفاء الشروط الأربعة في آن واحد.

ومن واقع خبرتي، ذلك ليس بعيد الاحتمال فحسب، بل بعيد الاحتمال للغاية؛ قد استبعد كلمة “ربما” لأن “الاحتمال بالغ الضآلة”. في النتيجة، يتضح من التقرير (ومن خبرتي الخاصة) أن الشروط الأربعة لا يمكن أن تتحقق في آن واحد حالياً. ومن غير المحتمل أن تتحقق في آن واحد مستقبلاً كما يبدو. على سبيل المثال، كيف سنكون قادرين على رصد “الأهمية النسبية لتأثير أهداف التنمية المستدامة” بشكل فعال في تقييمات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وكيف سنعرف أن جزءاً كبيراً من سوق الاستثمار سيميل نحو الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ورواد التأثير (وبالتالي سيتجاهل عوامل صناعة القرار الاستثمارية الأخرى ذات الصلة)، وكيف سنتحقق أن كل ذلك سيدفع مدراء الشركات إلى الاستثمار على نطاق ما في برامج فعالة متوائمة مع أهداف التنمية المستدامة دون فوائد مباشرة؟ ذلك الاحتمال ضئيل للغاية بالنسبة لتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وأصغر من أن يعد أداة مفيدة لمعالجة المشكلات المجتمعية.

وببساطة إذا تحققت جميع الشروط، فسنرى “القليل من التأثير”. ولكن هذه الـ “إذا” ذات أهمية كبيرة. ومع أن استنتاج التقرير قد يبدو متشائماً لممارسي الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، لدرجة إحباطه للهمم، فإنه يبدو متفائلاً للغاية بالنسبة لي. وكنت لأصوغه على نحو مختلف: “يمكن أن يكون لتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية نظرياً القليل من التأثير في حال توفر الشروط المناسبة، لكن احتمال حصولنا على هذه الشروط ضئيل للغاية”.

ما نوع التأثير؟

حُملت كلمة “ربما” الكثير في الاستنتاج. أما بالنسبة إلى عبارة “القليل من التأثير”، فتتمثل إحدى نقاط الضعف في التقرير في أنه لا يقدم تعريفاً لـ “التأثير” يتناول بشكل كامل إن كانت نتائج نشاط الشركات تسهم بطريقة إيجابية في تحقيق أهداف الاستدامة على غرار تلك المحددة في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وفي بعض الأحيان يحمل المصطلح معاني ضبابية. حيث يستخدم كفعل، كما هو الحال في العنوان والسؤال الرئيسي للتقرير (“هل يؤثر تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الاقتصاد الحقيقي؟”). لكن في أجزاء أخرى من التقرير، يُستخدم المصطلح كاسم كما هو الحال عندما يذكر التقرير “لدى تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تأثير”، وهنا من المرجح أن يُفسر بأنه “يحمل فوائد بيئية أو اجتماعية”. في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والتأثير، باتت أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) إطاراً شائعاً لتحديد إذا ما كان الاستثمار مؤثراً أم لا، فعندما يناقش المؤلفون إن كان تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لديه “تأثير” أم لا، فغالباً سيتم تفسيره بهذه الطريقة، أي هل سيساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة أم لا.

ولا يقتصر ذلك على دلالة الكلمات. قد يشير استنتاج التقرير إلى أن تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية قد يحمل “القليل من التأثير” إلى معنيين مختلفين تماماً؛ فقد يعني ذلك أن تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية – إذا انطبقت الشروط – يمكن أن يسهم في حل المشكلات المجتمعية بما يتواءم مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وقد يعني أيضاً أنه يمكن أن يحدث تأثيراً على أرض الواقع، إلا أنه لن يكون بطرائق تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

والأهم من ذلك أن المؤلفين لم يتعمقوا في مسألة مقدار الإسهام الفعلي للشركات والمستثمرين من حيث التأثير (المتوائم مع أهداف التنمية المستدامة) في المقام الأول. وفي سياق السؤال المهم الذي يتناوله هذا التقرير، من الواضح أن مقدار الإسهام يستحق التفكير ملياً! لكن ذلك بالغ الصعوبة و(على حد علمي) لا توجد محاولات جدية في هذا السياق يمكننا الاعتماد عليها.

وأفضل طريقة للتفكير في هذه المشكلة هي تخيل مخطط “فن” (Venn) مؤلف من دائرتين. تصور أولاً أهداف التنمية المستدامة بألوان متعددة – لا فقر، لا جوع، مياه نظيفة وصرف صحي مناسب، العمل من أجل المناخ، إلى آخر هذه الأهداف – وتخيل جميع الأنشطة والبرامج والجهود التي يجب أن توائم هذه الأهداف مثل بناء المدارس وإدارتها، وإنشاء برامج الصرف الصحي، ووضع برامج للحد من وفيات الأمهات، وإيصال الطعام لمئات الملايين ممن يعيشون في فقر ولا يستطيعون دفع ثمن ذلك الطعام. وفي حال لزم الأمر، حدد الأهداف الرئيسة والأهداف الفرعية، ثم انتقل إلى التفاصيل.

ومع الأخذ في الاعتبار أن أهداف التنمية المستدامة قد تمت صياغتها في الأصل كخريطة طريق لسياسة الحكومات وإجراءاتها على أساس غير ربحي، تخيل الدائرة الثانية المليئة بالمنتجات والخدمات والأنشطة والبرامج التي يمكن للشركات إنشاؤها. مع الأخذ في الاعتبار أن الشركات تسعى للربح. وهي ليست تهمة، هي مجرد ملاحظة أنه لكي تشارك الشركات في أي نشاط متعلق بأهداف التنمية المستدامة على نطاق واسع يجب أن يكون هناك دافع تجاري أو دافع ربح في مكان ما وفي مرحلة ما، وذلك طبيعة العمل التجاري. وفقط حين تصبح الأنشطة جذابة تجارياً للشركات، يمكن للمستثمرين الاستثمار فيها.

سوف تتداخل الدائرتان بالتأكيد. ولكن إلى أي مدى؟ كلما رسمت هذا المخطط استنتجت أن التداخل هامشي. ومن خلال تحديد الأهداف الفرعية للتنمية المستدامة، يظهر الكثير من الأماكن التي لا يُحتمل أن يؤدي فيها نشاط الشركات أي دور على الإطلاق، أو دوراً ضئيلاً على الأكثر. وهذا يعني أن التأثير “المتوائم مع أهداف التنمية المستدامة” الذي يمكن أن تحدثه الشركات من المحتمل أن يكون ضئيلاً نسبياً. ومع أني لا أريد أن ألمّح إلى أن مؤلفي التقرير قد اتبعوا طريقة تفكير مشابهة، فإننا ننتهي إلى نفس النتيجة: يمكن (ربما) أن يكون لتكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تأثير “قليل”.

الخلاصة والتوصيات

يقدم التقرير بعض التوصيات للمستثمرين، ومع أنها مفيدة فإنها تركز في الغالب على فكرة تحقق الشروط الأربعة. وكما لاحظ المؤلفون، فإن تحققها لن يكون “صعباً” فحسب، بل سيكون التأثير – في السيناريو بعيد الاحتمال الذي تحمله جميع الشروط – ضئيلاً (“قليلاً”).

باختصار ونظراً لأننا نعلم مسبّقاً أن تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لا يؤثر في الأداء المالي، يشير التقرير إلى أن تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ليس له تأثير في وقتنا الراهن، ومن المحتمل ألا يكون له تأثير في المستقبل أيضاً. لذلك، فإن توصياتي لقطاع الاستثمار ستكون أكثر صراحة:

  1. راجع مبادئ الاستثمار المسؤول. حدد الأهداف الرئيسية لمبادرة مبادئ الاستثمار المسؤول، وانظر إن كانت المبادئ والجهد الذي بذله الموقعون عليها منذ عام 2006 قد جعلنا أقرب إلى تحقيق هذه الأهداف. وإن لم يحصل ذلك، فأعِد صياغة المبادئ.
  2. راجع سياسات ومبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وسياسات وأهداف الاستثمار المسؤول. في حال كنت تهدف بجدية إلى الإسهام في حل المشكلات المجتمعية، فلا تعتمد على تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وابحث عن الأدوات التي تتمتع بسجل مسند بالأدلة وحافل بإنجازات التأثير.
  3. أعِد تثقيف فرق الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مؤسستك. ركز على الاستثمارات التي يمكن أن يكون لها تأثير، مثل الملكية الفعالة (أي الاستفادة من حقوق الملكية للتأثير على أنشطة الشركات المستثمر فيها)، والاستثمار في التقنيات الجديدة أو البنية التحتية للأسواق الناشئة وأي نشاط يسهم في أهداف التنمية المستدامة لكنه لا يتلقى التمويل في الوقت الراهن.
  4. تعاون مع الحكومات. ساعد الهيئات الحكومية في بلورة سياسات فعالة لمعالجة القضايا المجتمعية، واستثمر معها من خلال هياكل التمويل المختلط على سبيل المثال، وعبر النشاطات المذكورة في النقطة السابقة أيضاً.
  5. راجع خيارات تمويل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية المتاحة. اقرأ بتأنٍ النشرات الإعلامية والتعريفية حول “التأثير” و”أهداف التنمية المستدامة”. ففي حال كانت تعتمد على تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عمليات الاستثمار العائدة إليك، فستواجهها عاجلاً أم آجلاً.

كما أن للتقرير تداعياته على الجهات التنظيمية التي “ترغب في تحقيق الشروط التي تعزز تأثير تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية”. ونظراً لأن قوة تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تكمن في سعة نطاقه، يؤكد المؤلفون أنه حتى التأثيرات غير المؤكدة أو الصغيرة قد تضيف تأثيراً ذا جدوى. ولكن مع احتمال تحقق تلك الشروط الذي يتراوح بين “ربما” و”بعيدة الاحتمال إلى حد ما” ومع “تأثيرات غير مؤكدة وصغيرة” كنتائج، طبعاً إذا تحققت تلك الشروط، ربما استنتاجي المشكك إلى حد ما هو أن صانعي السياسات يجب ألا يضعوا الكثير من بيضهم في هذه السلة.

وبدلاً من ذلك، ستكون توصياتي للحكومات وصانعي السياسات أكثر صرامة:

  1. لا تعتمد على تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية كأداة لمواجهة التحديات المجتمعية. إن تلبية الشروط الأربعة صعب للغاية إن لم يكن مستحيلاً، وحتى إذا توفرت تلك الشروط فسيكون التأثير ضئيلاً (وقد لا يكون نوع التأثير الذي تحتاج إليه أو تتوقعه).
  2. التزم بالأساسيات. في حال رغبت في حشد رأس المال الخاص أو جهود الشركات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة أو أهداف اتفاقية باريس للمناخ، فاستخدم أدوات مجربة ومختبرة مثل التمويل المختلط، والشراكات بين القطاعين العام والخاص والضمانات والإعانات المالية. أو ببساطة استثمر بنفسك في التكنولوجيا أو البرامج الجديدة.
  3. راجع قوانين الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والتمويل المستدام. يقول الكثيرون إنهم يعتزمون “تحويل رأس المال” نحو أهداف التنمية المستدامة وحماية المستهلكين، ثم يتبعون ذلك بطلب تكامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية من قبل شركات مالية (مع طلبات أخرى). نحن ندرك الآن أن الاستمرار في مطالبة الشركات المالية بالامتثال للعديد من هذه القوانين ليس منطقياً، فهي لا تحقق هذه الأهداف ولكنها تضيف أعباء إعداد تقارير ضخمة بفوائد مشكوك فيها وربما تشتت الانتباه عن أعمال ذات جدوى أكبر.

هل هناك ما يدعو للتفاؤل هنا؟

نعم. مع أن استنتاج التقرير قد يكون محبطاً للكثيرين، والتوصيات المذكورة أعلاه قد تبدو ساخرة، لكن علينا أن ندرك أننا في خضم عملية ابتكار. وغالبية عمليات الابتكارات تدريجية، ولا بد من التجربة والخطأ، وكما يوضح مات ريدلي في كتابه “كيف ينجح الابتكار” (How Innovation Works)، فإن الابتكارات الناجحة عادة ما يسبقها “تاريخ يتميز بالفشل”. “الابتكار ظاهرة متشعبة وجماعية ومتنامية وفوضوية”. هناك عدد هائل من الذين يعملون لتوجيه التمويل والاستثمارات بحيث تكون أكثر تأثيراً. لذا فإن ما يدعو للتفاؤل في هذا التقرير هو أنه يمثل خطوة صغيرة جداً ولكنها مهمة في طريق التعلم الجماعي لهذا التعهد المتنامي والفوضوي للإسهام في أهداف التنمية المستدامة من خلال “تأثير” الشركة والمستثمر.

وبعبارة أخرى، ما يدعو للتفاؤل هو أن هذا التقرير يجب أن يشجع تلك الأعداد الهائلة من الناس على (إعادة) توجيه جهودهم لتكون أكثر أهمية، ولتكون أكثر فعالية كل يوم.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً