كيف يسهم توظيف التمويل الحكومي والاستثمارات الخيرية في القضاء على التشرد؟

القضاء على التشرد
shutterstock.com/Roman Bodnarchuk
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يعد شارع غراند آفنيو في مدينة لوس أنجلوس مركزاً لاستعراض أبنية المدينة المدهشة، فعلى أحد جانبيّ الشارع يقف برجان جديدان لامعان مليئان بالشقق السكنية التي تبلغ أسعارها ملايين الدولارات، وفندق فاخر ومطاعم شهيرة ومتاجر راقية. هذان البرجان من تصميم المهندس المعماري فرانك غيري بكلفة تبلغ مليار دولار.

وعلى الطرف الآخر من الشارع قاعة حفلات والت ديزني التي تحمل توقيع غيري أيضاً بتكلفة 274 مليون دولار.

وعلى بعد نحو مئتي متر جنوب غرب الشارع، تقع مدرسة كولبرن للموسيقى التي تخطط حالياً لبناء توسع بكلفة 350 مليون دولار بقيادة المهندس غيري أيضاً، أما أهم معالم هذه المدرسة هي قاعة زيبر للحفلات، وهي نسخة مصغرة عن قاعة حفلات ديزني وتحتوي 430 مقعداً.

أجلس في مقعد في الصف الأول من قاعة زيبر، وعلى خشبة المسرح، يتناوب 4 مرشحين لرئاسة البلدية على طرح أسئلة حول القضية الأولى في السباق الانتخابي: التشرد. تجلس على يساري امرأة طويلة ترتدي نظارات ولا ترتدي كمامة، حالها حال المرشحين والمشرفين، بالرغم من تعليمات المضيف الواضحة بوجوب ارتداء الكمامات، وما أكد لي مكانتها الواضحة أنها خرجت من الباب الجانبي لتعاود الظهور على المسرح.

كان اسمها روبي سميث، وروت أنها بعد أن أمضت سنوات في الشارع قدمت لها مؤسسة الإسكان الأسري في لوس أنجلوس (Los Angeles Family Housing) المحلية منزلاً دائماً.

ثم مدت يدها كما لو أنها تمسك مفتاحاً وقالت:

“في اللحظة التي أدرت فيها المفتاح في الباب، شعرت بإحساس جديد بالحرية والتجدد. نحن نحتاج إلى الإسكان الميسور التكلفة، لا أحد يعلم تأثير امتلاك مفتاح منزل في حياة الناس”.

على بعد بضعة أمتار يمتد رصيف التزلج في لوس أنجلوس، حيث يحتشد آلاف الأشخاص في الخيم على طول الرصيف.

يتجلى هذا التفاوت الصارخ في أكثر المجتمعات ثراءً في أميركا؛ ما عليك سوى مقارنة مدينة سان فرانسيسكو بمدينة بالتيمور، إذ يبلغ متوسط دخل الأسرة في سان فرانسيسكو ضعف متوسط دخل الأسرة في بالتيمور، ومع ذلك ينتشر التشرد فيها أكثر.

يناقش الباحثان غريغ كولبرن وكلايتون بيج آلدرن في كتابهما الجديد “التشرد مشكلة سكن” (Homelessness is a Housing Problem) أن السبب بسيط للغاية، فالمدن الثرية ليست ملاذاً لمن لا يمتلكون منازل بسبب المناخ المعتدل أو السياسات المتراخية، بل لأن الفقراء الذين يعيشون في أماكن مثل نيويورك ولوس أنجلوس وسياتل وسان فرانسيسكو يُرمَون في الشوارع بسبب تضخم الإيجارات وخيارات السكن المحدودة. توصل تقدير جديد إلى أن الشركات تمتلك 43% من إجمالي الوحدات السكنية العائلية المُعدة للإيجار في لوس أنجلوس.

يتجلى الحل الواضح في أن ننشئ عدداً أكبر من المساكن على نطاق واسع، ولأن رأس المال الخاص هو السبب الرئيس لتشرد الناس في الشوارع، يجب تسخير رأس المال الخاص من أجل تعويضهم.

يكمن الحل في أن تعيد الحكومة النظر في طرق تمويل بناء المساكن الميسورة التكلفة والمساكن المخصصة للمشردين، ويجب أن تتحول تدفقات التمويل الدولية والفيدرالية والمستقلة من العرض إلى الطلب، فذلك سيتيح الإيجارات الطويلة الأجل أو شراء العقارات الخاصة التي تبنى للمشتري مباشرة، أو تخفيض تكاليف رؤوس الأموال عبر تقديم القروض والضمانات غير المكلفة.

كل هذه الاستراتيجيات تخلق ما يسمى “حزم رأس المال” (capital stacks)؛ التمويل المتعدد الطبقات للاستثمارات العقارية الذي يمكن أن تجعل إسكان من يعانون الفقر المدقع والمشردين ملائماً بما يكفي للاستفادة من المبالغ الهائلة المقيدة في السوق الخاص.

وفي حين أن البعض، وأنا منهم، سيكون لديهم صلاحية مطلقة لإنشاء أدوات مالية تفيد الأثرياء لمساعدة الفقراء، فمصير ملايين الأميركيين يتطلب اتخاذ إجراءات فورية.

التكلفة

قدرت وزارة الإسكان والتنمية المدنية أن أكثر من 580 ألف شخص يعانون التشرد في جميع أنحاء الولايات المتحدة قبل بدء جائحة كوفيد عام 2022،

وتكلفة إسكان كل فرد في مساكن مؤقتة ودائمة -تتراوح بين مساكن الطلبة إلى الاستوديوهات السكنية- تبلغ 200 ألف دولار لكل مسكن، بإجمالي 116 مليار دولار، وفقاً لحساباتي الرياضية السريعة. علماً أن إيلون ماسك أنفق أكثر من ثلث هذا المبلغ لشراء تويتر.

في مقاطعة لوس أنجلوس حيث أقطن، وجد التعداد الأخير أن 66,436 شخصاً مشرداً يعيشون في الشوارع أو في المركبات أو في مآوٍ مؤقتة، وباستخدام العملية الحسابية البسيطة ذاتها نستنتج أن تكلفة تأمين مساكن لهؤلاء المشردين جميعاً تبلغ 13.3 مليار دولار.

قد تبدو الفكرة التي أطرحها باهظة التكاليف وجريئة ومستحيلة، لكنها ليست كذلك، وعلى الرغم من أني أقر أنها فكرة معقدة، فإنشاء منظومة مالية تجذب رأس المال الخاص أمر قابل للتحقيق ويبدأ من الأوقاف المالية المكدسة لدى المؤسسات الخيرية الأميركية.

أرني المال

ناقشت في مقال رأي نشر مؤخراً في مجلة “تاريخ العمل الخيري” (Chronicle of Philanthropy)، أن المحافظ الاستثمارية للمؤسسات الخيرية الأميركية هي الشريحة الأولى من رأس المال الخاص الأنسب من الناحية المنطقية لاستهدافها؛ فهي مسخّرة لخدمة الصالح العام وتمتلك نحو 1 تريليون دولار من الأصول على الأقل.

على الرغم من الالتزام الأخلاقي في القطاع الخيري، فالقانون الفيدرالي يُلزم المؤسسات الخيرية بتوزيع 5% فقط من أوقافها سنوياً على شكل تبرعات خيرية، بينما يُستثمر معظم ما تبقى من الأموال في الأسواق الخاصة مع التركيز على الاستمرارية والعوائد لا على تخفيف المعاناة الإنسانية.

يتغير هذا الوضع مع مجموعة متنامية ولكنها لا تزال صغيرة من المؤسسات الخيرية التي تنقل أوقافها إلى الاستثمارات المرتبطة بمهمتها؛ تبين في استقصاء أجرته مؤسسة إكسبوننت فيلانثروبي (Exponent Philanthropy)، أن 18% فقط من المؤسسات الصغيرة أو المتوسطة المشاركة فيه انخرطت في استثمارات مرتبطة بالمهمة أو التأثير في عام 2021. وتجدر الإشارة إلى أن إحدى المؤسسات الكبرى، فورد فاونديشن (Ford Foundation)، التي تعهدت بمبلغ مليار دولار من مجموع أسهمها البالغ الآن 16 مليار دولار للاستثمار المرتبط بالمهمات في عام 2017.

قال رئيس مؤسسة فورد فاونديشن، دارين ووكر، في دراسة حالة لكلية هارفارد للأعمال في عام 2020: “كل عام نستخدم نسبة 95% المتبقية من أصولنا لكسب المال كي نتمكن من الاستمرار بهذه الاستثمارات إلى الأبد. لكن ماذا إذا كنا نستطيع توظيف هذه النسبة في دعم القضايا والمفاهيم ذاتها التي نخصص لها نسبة الـ 5%؟”.

إليكم إحدى الأفكار: إذا استُثمر عُشر ثروة المؤسسات الخيرية الأميركية (نحو 100 مليار دولار) في الإسكان، فسنتمكن من إيواء 500 ألف مشرد، أي 86% من المشردين في البلاد.

تكمن قوة التركيز على المؤسسات الخيرية أولاً في أنه في حين تسعى هذه المؤسسات إلى تحقيق عوائد مُعدّلة حسب الخطورة، فأهداف إيراداتها أقل من أهداف الأسهم الخاصة غالباً، وبإثبات تفانيها في تحقيق الأثر بالاستثمارات النقدية الكبيرة ستوفر مساراً لمدراء الصناديق الذين يتجنبون المخاطرة، وبالتالي ستجذب الأموال الخاصة الكبيرة. كما أن الأصول المقدرة لصناديق التقاعد، التي تُستثمر عادة في العقارات -وأحياناً لبناء مساكن ميسورة التكلفة أو مساكن مخصصة للمشردين- تجاوزت 35 تريليون دولار عام 2020.

تعمل فاليري ريد هورس مول رئيسة مالية لمؤسسة إيست باي المجتمعية (East Bay Community Foundation)، حيث تعمل على تحويل أوقاف المؤسسة البالغة قيمتها مليار دولار نحو تحقيق الأثر حصراً.

تقول: “يتطلب هذا الجهد مشاركتنا جميعاً، القطاع الخيري والحكومة وسوق وول ستريت. يجب علينا جميعاً العمل بجدّ على هذه العملية المعقدة من دون خوف، وإلا فسنستمر في استخدام الحلول السريعة المؤقتة التي لن تحل المشكلة”.

أشكال دعم الإيجار

ننتقل الآن إلى دور الحكومة في إنشاء حزم رأس المال الذي يخلق العوائد المعدلة حسب الخطورة التي يسعى إليها جميع مستثمري القطاع الخاص. أحد أطراف هذه المعادلة ضمان وجود مستأجرين في حال عمدت إحدى مشاريع التطوير العقارية إلى بناء وحدات سكنية بالفعل.

في أواخر العام الماضي، أغلقت شركة الاستثمار المؤثر في لوس أنجلوس إس دي إس كابيتال غروب (SDS Capital Group) صندوقها لدعم الإسكان بقيمة 150 مليون دولار، والمخصص لبناء 1,800 وحدة سكنية على مستوى الولاية، مع 1,200 وحدة في مدينة لوس أنجلوس وحدها. وكان جميع المستثمرين من القطاع الخاص، مع 3 مؤسسات خيرية محلية كبرى. تتوقع إس دي إس الانتهاء من عمليات البناء كافة خلال السنوات الخمس المقبلة.

من خلال الحفاظ على التكاليف بمعدل 200,000 دولار أميركي لكل مسكن، تولّد مؤسسة إس دي إس عوائد مقبولة لمستثمريها من خلال الاعتماد كلياً على قسائم الإيجار الواردة في المادة 8 من القانون المتعلقة بقوانين الإيجار. أشكال الدعم هذه محمية نظرياً من مخاطر الركود الاقتصادي، إذ تعدّ مصدر دخل مدعوماً من الحكومة يساعد على تخفيف المخاطر.

تكمن المشكلة في مدينة لوس أنجلوس وجميع أنحاء البلاد في ندرة القسائم وعجزها عن خدمة ملايين الأميركيين المؤهلين للحصول على مساكن الإيجار ولكنهم ما زالوا خارج البرنامج.

في يناير/كانون الثاني من عام 2021، أصدرت مؤسسة كوميونيتي تشينج (Community Change) الدولية غير الربحية، كتيباً بعنوان “صفقة جديدة لعدالة الإسكان: دليل الإسكان للإدارة الجديدة“. (New Deal for Housing Justice: A Housing Playbook for the New Administration). ومن بين توصيات المؤسسة الرئيسية جعل المادة 8 من قانون الإسكان برنامجاً عالمياً، وهي تُدعى اليوم برنامج قسائم اختيار السكن. كانت نقطة البداية هي طرح قانون استقرار الأسرة وقسائم الفرص (Family Stability and Opportunity Vouchers Act)، الذي طُرح على مجلس الشيوخ الأميركي في عام 2021، وعلى الرغم من أنه لم يصل مرحلة التصويت، فقد ساعد على تمويل 500 ألف قسيمة جديدة.

هذا النوع من الاستثمارات سيجذب مزيداً من مدراء الأموال ومستثمري القطاع الخاص ممن يبحثون عن العوائد المعدلة حسب الخطورة التي حققتها شركة إس دي إس.

علاوة على ذلك، يمكن تعزيز مثل هذا الاستثمار الفيدرالي من خلال الأموال والطاقات المحلية؛ في عام 2014، أطلقت وكالة خدمات الرعاية الصحية في مقاطعة لوس أنجلوس ما يُدعى بشبكة أشكال الدعم الإسكانية المرنة (Flexible Housing Subsidy Pool) التي بدأت عام 2015 نتيجة مزيج بقيمة 4 ملايين دولار من رأس المال الخيري الذي قدمته مؤسسة كونراد إن. هيلتون فاونديشن (Conrad N. Hilton) و 14 مليون دولار أخرى من وكالات المقاطعات.

يقول المهندس الرئيسي لشبكة الدعم المرن الذي يشغل الآن منصب وزير وكالة الخدمات الصحية والإنسانية في كاليفورنيا، مارك غالي: “أضفت مؤسسة هيلتون فاونديشن الشرعية على الفكرة التي كان من الممكن أن يستغرق تنفيذها وقتاً أطول بسبب أشكال البيروقراطية في حكومة المقاطعة، ودعم القطاع الخيري بكميات الأموال هذه هو ما ساعد على المسارعة بتنفيذها حقاً”.

تقدم الشبكة للمطورين ومالكي العقارات دعم الإيجارات وفق المادة 8، وتقدم خدمات توفير المستأجرين لمالكي العقارات وغيرها من الحوافز، ما يجعل الصفقات قابلة للتطبيق. وكان النجاح الأكبر بالنسبة لغالي هو استخدام الوعد بالقسائم المستندة إلى المشاريع التي تضمن سكن المستأجرين المدعومين في مبنى معين. ونتيجة الوعد بالإيجارات طويلة الأجل غير القابلة للإلغاء، تمكن مطورو العقارات من تأمين التمويل وإطلاق المشاريع مع تحقيق عوائد مقبولة.

وبحلول نهاية عام 2021 كانت الشبكة المرنة قد أسكنت 9,259 شخصاً مشرداً بمعدل 127 شخصاً شهرياً.

شراء الحكومة للعقارات

تمثل دور الحكومة عبر التاريخ في البناء، فأنشأت خليطاً من برامج المنح التي تأتي مع قيود لا حصر لها تؤخر البناء وتزيد التكلفة.

وخير مثال قرار مدينة لوس أنجلوس الذي يدعى “الاقتراح آتش آتش آتش” (Proposition HHH) ويقدم صكوك تأمين بقيمة 1.2 مليار دولار وافق عليه المصوتون في عام 2016، ويعد بدعم بناء 10 آلاف وحدة سكنية جديدة للمشردين. ووفقاً لتقرير صدر عام 2022 عن هيئة الرقابة في المدينة، بعد 6 سنوات لم يكن في المدينة سوى 1,142 وحدة جاهزة للسكن بكلفة وسطية وصلت حتى 600 ألف دولار تقريباً لكل وحدة.

ولكن بسبب ثقل وطأة الأزمة، توجهت ولاية كاليفورنيا إلى لعب دور المشتري، فكانت النتائج مهمة؛

في فترة الأزمة الناجمة عن الجائحة، أطلقت الولاية مشروع “روم كي” (Project Roomkey)، الذي دفع تكاليف إقامات المشردين اليومية في الفنادق، وسرعان ما أدركت إدارة الحاكم أنه من الأفضل شراء هذه الفنادق مباشرة وتسليم إدارتها للمؤسسات غير الربحية لتوفير مساكن داعمة مؤقتة ودائمة. سمي المشروع الجديد مشروع “هوم كي” (Project HomeKey).

عملت المستشارة الأولى لحاكم الولاية في الابتكار الاجتماعي، كاثلين كيلي جوناس، على تأمين تعهدات بقيمة 46 مليون دولار من المؤسسات الخيرية الرئيسية لطمأنة الهيئة التشريعية أن استثمار مشروع هوم كي البالغ 800 مليون دولار سوف يقترن بخدمات الدعم للمستفيدين غير الحاصلين على مساكن. وكانت هذه طريقة القطاع الخيري لضمان تلبية استثمارات الدولة بالدعم الذي يحتاج إليه مقدمو الخدمات من أجل تقديم الخدمات التي يحتاج إليها عملاؤهم. تمكن البرنامج من تأمين 5,900 وحدة في غضون أقل من عام واحد.

تقول جوناس: “يرغب القطاع الخيري، مثل أي مستثمر آخر، في الحصول على عوائد استثمارية جيدة. وما تعلمته من الشراكات بين القطاعين العام والخاص هو أن القطاع الخيري ينجذب بشدة نحو فرص الاستفادة من تمويل الولاية العام”.

ستتحقق الفائدة للطرفين؛ فالميزانية التي اقترحها المحافظ للسنة المالية الحالية والدعوات التالية للحصول على 2.75 مليار دولار إضافية للحصول على المزيد من العقارات، خلقت فرصاً واضحة للمستثمرين الذين يبنون مساكن جديدة للمشردين لكسب عوائد مقبولة مع ضمان وجود المشتري.

المال الرخيص

في عام 2015، أوضحت مؤسسة كاليفورنيا المجتمعية (California Community Foundation)، أن قوة القرض تضمن زيادة الاستثمار في تأمين مساكن للمشردين على نطاق ضيق، فخصصت ضماناً بقيمة 5 ملايين دولار لمالكي صندوقها الاستشاري للمانحين وطلبت منهم تقديم قروض منخفضة الفائدة لمدة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات استثمرتها المؤسسة بعد ذلك في صندوق قروض الإسكان الداعم التابع لمؤسسة الإسكان الداعم لتمويل المراحل الأولى من تطوير المساكن الداعمة الدائمة.

تقول مديرة الاتصالات في المؤسسة، باولا فالي: “استخدم متبرعونا الاستثمارات الأولية البالغة قيمتها 5.77 مليون دولار بالمجمل لتأمين مواقع مناسبة لتطوير مساكن المشردين والفئات السكانية غير الآمنة في لوس أنجلوس، وهذا أدى إلى إنشاء 42 مشروع إسكان نتج عنها إيواء 3,077 أسرة مشردة وإدراجهم في وحدات سكنية داعمة أو ميسورة التكلفة”.

على نطاق أوسع، استخدمت الحكومة الفدرالية أيضاً ميزانيتها العمومية لدعم المشاريع واسعة النطاق. حيث قدم قانون تمويل البنية التحتية للنقل والابتكار لعام 1998 ضمانات قروض، وتمويلاً منخفض الفائدة، وخطوط ائتمان لمشاريع البنية التحتية الكبرى. جذبت هذه الاستراتيجية مليارات الدولارات على شكل استثمارات خاصة، ويمكن استخدام استراتيجية مماثلة لزيادة إنتاج المساكن الميسورة التكلفة ومساكن المشردين بدرجة كبيرة.

يقول غاري بينتر، مدير مركز سول برايس للابتكار الاجتماعي في جامعة جنوب كاليفورنيا: “سيؤدي إنشاء آلية لتقديم ضمانات القروض لهذه المشاريع إلى جعل الصفقات أسهل وأبسط. وعلاوة على ذلك، سيؤدي ضمان تمويل الفجوة في مشاريع إعادة التأهيل لاستثمار المباني القائمة التي تحتاج إلى إصلاحات كبيرة، أو في تكييف المساحات التجارية لإسكان الفئات الأضعف، إلى تحفيز التقدم بالعديد من المشاريع”.

على الرغم من مرور عقود من الزمن على إنشائه، كان صندوق المؤسسات المالية لتنمية المجتمع (CDFI) اللاعب الأساسي في تحفيز الاستثمار الخاص لدعم الإسكان الميسور التكلفة وإسكان المشردين.

فالمنح الفيدرالية من الخزينة والقروض المصرفية المنخفضة الفائدة المُيسّرة بموجب قانون إعادة الاستثمار المجتمعي تمنح رأس مال المؤسسات المالية لتنمية المجتمع الرخيص لدعم المجتمعات ذات الدخل المتدني والشركات التي تدعمها، كما أصبح نهج هذه المؤسسات المالية مساراً تثمنه المؤسسات الخيرية لتقديم قروض طويلة الأجل منخفضة العائد من محافظها الاستثمارية، تسمى غالباً الاستثمارات المرتبطة بالبرنامج، لدعم تطوير الإسكان الميسور التكلفة وإسكان المشردين.

ابدأ العمل الآن

في شهر أبريل/نيسان، أعلن عمدة لوس أنجلوس الحالي، إريك غارسيتي، تسوية دعوى قضائية، وإذا وافق عليها رئيس المحكمة ومجلس المدينة فستُلزم المدينة بإيواء 60% من مشرديها في غضون 5 سنوات، بتكلفة 2.4 إلى 3 مليارات دولار.

إلى جانب روبي سميث، كان المدعي العام بمدينة لوس أنجلوس والمرشح الحالي لمنصب العمدة، مايك فوير، بين الحاضرين المرموقين على مسرح قاعة زيبر.

كان فوير هو الشخص الوحيد الذي أشار إلى استخدام رأس المال الخاص لمعالجة أزمة التشرد.

وفي محادثة أجريناها بعد بضعة أيام، أخبرني أنه إذا انتُخب رئيساً للبلدية فسوف ينشئ صندوقاً بقيمة مليار دولار لتقديم قروض منخفضة الفائدة لبناء المزيد من المساكن الداعمة الدائمة، وأيد فكرة حاجة المدينة إلى المزيد من قسائم الإسكان، وأن ضمانات القروض ستؤدي دوراً كبيراً في تقليل مخاطر الاستثمار الخاص.

يقول فوير: “أدعو قادة شركات الأسهم الخاصة والقطاع الخيري والشركات الكبرى في لوس أنجلوس وأوضح أننا لن نحافظ على مدينتنا ما لم يشارك الجميع دون استثناء. فتمويلنا العام لن يكون كافياً، وسيتعين علينا الاعتماد على تمويل القطاع الخاص”.

تمتلك المؤسسات الخيرية في لوس أنجلوس ما لا يقل عن 100 مليار دولار في أوقافها، ويُمكن لعُشر هذا المبلغ أن ينقل 48,500 شخصاً مشرداً من سكان لوس أنجلوس إلى مساكن داعمة مؤقتة ودائمة، ما سينهي التشرد في شوارع المقاطعة فعلياً، وهذا من دون تدخل البنوك وشركات الأسهم الخاصة وصناديق التحوط.

إلى جانب القضاء على التشرد في لوس أنجلوس، يمهد المزج بين التمويل الحكومي غير المقيد والاستثمارات الخيرية الطريق لتدفق جديد من رأس المال المؤسسي حيث تتغير طاقة المال فتنقلنا من استخراج الموارد الحالية واستهلاكها إلى تجديدها.

تصحيح: نسبت النسخة الأصلية من هذه القصة عن طريق الخطأ قاعة زيبر في مدرسة كولبورن إلى المهندس المعماري فرانك غيري، تستوعب قاعة زيبر في الواقع 430 ضيفاً، وليس ألفاً كما ظهر في النسخة الأصلية.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.