تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي الجزء الأول من سلسلة "الاستثمار المؤثر للشركات في مجال الابتكار" والتي سوف نتحدث فيها عن كيفية إدارة الشركات الاستثمار المؤثر في مجال الابتكار، كما سنتعرف على المجال المتنامي لمستثمري الشركات المؤثرين.
في شهر أغسطس/آب من عام 2019، تصدّر 181 مديراً تنفيذياً من مؤسسة "بزنس راوند تيبل" (Business Roundtable) عناوين الأخبار عندما أعادوا تعريف هدف الشركة؛ حيث وسعوا نطاق الهدف في تحقيق الحد الأقصى من القيمة السهمية للشركة ليشمل "التزاماً أساسياً تجاه كافة أصحاب المصلحة" بما في ذلك الموظفين والعملاء والمجتمعات.
تباينت ردود الأفعال على هذا التصريح بين الانتقاد والتأييد، إلى أن حل عام 2020 وحمل معه جائحة عالمية، وحرائق غابات متفشية، وحساباً جماعياً للعنصرية المنهجية، كل ذلك مترافقاً بأزمة اقتصادية؛ تلك الأحداث عرقلت الأعمال وسببت اضطراب المجتمع بطرق متداخلة وغير مسبوقة، ووضعت ما تعنيه الشركات بالتزامها تجاه جميع أصحاب المصلحة على المحك كما لم يحدث من قبل.
على الرغم من أن الطريق أمام الشركات ما زال طويلاً لتتبنى التطلعات المثالية لمؤسسة "بزنس راوند تيبل" بشكل كامل، إلا أن اختيارها لاستثمار رأس المال في التأثير الاجتماعي يتزايد كإحدى وسائلها في "ترجمة القول إلى فعل". حيث أطلقت عدة شركات على مدار الاثني عشر شهراً الماضية استراتيجيات استثمار لدعم القضايا الاجتماعية والبيئية تزامناً مع تحقيق الأهداف الاستراتيجية والتجارية. وقد جرى معظم هذا النشاط في مراحل الابتكار الأولية على هيئة استثمارات في المشاريع مع إمكانية توجيه القطاعات نحو مستقبل أكثر استدامةً وإنصافاً قاده نموذج متنام من المستثمرين مثل مستثمري الشركات المؤثرين.
المجال المتنامي لمستثمري الشركات المؤثرين
يقوم مستثمرو الشركات المؤثرون باستثمارات تتماشى مع الأولويات الاستراتيجية لشركاتهم ومركزها في السوق ومواردها، وتتوسع معها أيضاً، في سبيل إدرار عائدات اجتماعية ومالية قابلة للقياس ويعزز كل منها الآخر. يستخدم مستثمرو الشركات المؤثرون مزيجاً من الأدوات التقليدية التي تتضمن رأس المال المغامر (الجريء) للشركة، والمسؤولية الاجتماعية للشركة، وتطوير الشركة ليجمعوا بين الأعمال التجارية والأهداف المجتمعية من خلال عملية الاستثمار، إلى أن يصبح نجاح أحد الجانبَين يؤكد نجاح الآخر ويعززه.
بعبارة أخرى، لا تسعى الاستثمارات إلى استهداف العائد المالي والقيمة الاستراتيجية للشركة فحسب، بل تسعى أيضاً للحصول على النتائج الاجتماعية والبيئية الإيجابية الملموسة. على الرغم من أن الأولويات النسبية للشركات قد تتغير بناءً على الكيان والمرحلة والفريق وتوافق الأعمال، فإن معظم مستثمري الشركات المؤثرين يعملون انطلاقاً من افتراض أن القصدية في المحاور الثلاثة يمكن أن تثمر عائدات اجتماعية ومالية مُعزِّزة.
كانت شركة "باتاغونيا" من أوائل الشركات المستثمرة المؤثرة في مجال الابتكار، إذ أنشأت في عام 2013 صندوقاً استثمارياً مخصصاً للاستثمار في الشركات الناشئة "لتأسيس البنية التحتية للطاقة المتجددة، وممارسة الزراعة العضوية المتجددة، والحفاظ على موارد المياه، وتصريف النفايات، وإيجاد مواد مستدامة". ومنذ ذلك الحين، أعلنت أكثر من 30 شركة عن إطلاقها لاستراتيجيات وصناديق تمويل للاستثمار المؤثر، في حين أن عدداً أكبر من الشركات يستثمر دون أي شكل من أشكال الإعلان العام.
تدير شركات الاستثمار المؤثر في مجال الابتكار الآن أكثر من 7.2 مليار دولار من رأس المال الملتزم، من إجمالي سوق الاستثمار المؤثر المقدَّر بقيمة 715 مليار دولار، وهذا المبلغ يتزايد بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 54% منذ عام 2016، ففي عام 2020 فقط، أعلنت كل من شركة "أمازون" و"مايكروسوفت" و"سيلز فورس" (Salesforce) و"تيلوس" (TELUS) و"سيتي" و"يونيليفر" عن التزامات استثمارية بقيمة تتجاوز 100 مليون دولار.
تنشأ استراتيجيات الاستثمار المؤثر للشركات غالباً من الميزانية العمومية، إلا أن الشركات تستخدم بازدياد هيكليات بديلة، مثل صناديق التمويل خارج الميزانية العمومية، وصناديق التمويل التي ينصح بها المتبرعون، وصندوق الصناديق. تعتمد اليوم 70% من استراتيجيات التأثير للشركات على الميزانية العمومية، و13% تعتمد على هيكلية صناديق التمويل خارج الميزانية العمومية، و15% تعتمد على وسائل مؤسَّسية أو غيرها من الوسائل الخيرية. تتنوع مواضع تركيز التأثير أيضاً، حيث أن 55% من الشركات تعتبر الاستدامة البيئية مجال التأثير المستهدف في المقام الأول، تليها العدالة الاجتماعية (35%)، ثم تنمية القوى العاملة/التعليم (23%)، ثم الصحة (10%). من بين الاستراتيجيات التي أُطلِقَت في عام 2020، 46% منها تتضمن أهدافاً محددة في التنوع والإنصاف والشمول.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.