نموذج جديد لإعداد التقارير المالية للمؤسسات الاجتماعية

التقارير المالية
Shutterstock.com/Portrait Image Asia
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بصفتي النائب الأول لرئيس الابتكار والاستراتيجية والتنفيذ في مؤسسة «هاوزينغ بارتنرشب نتوورك» (Housing Partnership Network)، فإنني مكلّف بالمساعدة على ضمان إطلاق المؤسسات الاجتماعية التي نرعاها وإدارتها ومراقبتها بفاعلية، بالاستناد إلى مبادئ العمل السليمة، ولكن عندما بدأت في العمل على هذه المهمة منذ مدة، لاحظت أمراً أثار فضولي، وهو أنّ هذه المؤسسات الاجتماعية كانت تُعدّ التقارير بإدراج التمويل الذي تجمعه مؤسستنا لدعمها كـ«إيرادات» على قوائم الأرباح والخسائر. بحثت أكثر في هذه العملية ووجدت أنها شائعة إلى حد ما عبر القطاع غير الربحي.

من خلال هذا النهج، ظهر أنّ العديد من المؤسسات الناشئة التابعة لنا تحقق الأرباح بناء على بياناتها المالية. كان ذلك صحيحاً من الناحية النظرية، حيث تجاوزت الإيرادات التي يتم الإقرار بها النفقات، إلا أنني أرى أنّ ذلك قد سبب انحرافاً للمبادئ المالية الأساسية لهذه المؤسسات، فإذا وضعنا التمويل تحت بند رأس المال المُستثمَر وليس بند الإيرادات في الميزانية الختامية، فقد يتضّح على الفور أنه بدلاً من أن تظهر المؤسسة على أنها تحقق القليل من الأرباح، فإنّ بعضها كانت في الواقع عكس ذلك تماماً.

لم يكن هذا الأمر مفاجئاً، لأنّ هذه المؤسسات كانت لا تزال عملياً في مرحلة الانطلاق،. إلا أنّ هذه الملاحظة حفّزت اهتمامي، لذلك بدأت في النظر في التقارير المالية للمؤسسات غير الربحية والمؤسسات الاجتماعية الأخرى الأقدم على نطاق الولايات المتحدة، ووجدت أنّ تقديم التقارير بهذه الطريقة هي قاعدة وليست استثناء.

تقييم أداء المؤسسة

تُعدّ هذه العملية منطقية إلى حد ما، لأنّ المؤسسات الاجتماعية عادة ما تركز على تلبية حاجة اجتماعية أكثر من تركيزها على تحقيق الأرباح. في المقابل، ومن واقع خبرتي بالعمل ضمن بيئات المؤسسات الناشئة، أرى أنّ هذا النوع من التقارير قد لا يكون جيداً إذا كان هو الطريقة الوحيدة التي تنظر المؤسسة من خلاله إلى مواردها المالية. من الجيد الاحتفاظ بالبيانات المالية بهذا الشكل لأغراض إعداد التقارير أو مراجعة الحسابات الأساسية، ولكن من المهم أيضاً فهم كيفية أداء المؤسسة الحقيقي.

نعمل الآن على إنشاء نماذج بديلة من التقارير المالية لكل مؤسسة اجتماعية نرعاها في مؤسستنا، بحيث تُظهر التمويل على أنه رأسمال وليس إيرادات. الجدير بالذكر أنّ التمويل لا يعدّ حقاً كذلك، حيث لا يسعى المموّلون عادة إلى تحقيق عائد على استثماراتهم المالية، بل إنهم يركزون على نجاح المهمة المعلَنة، إلا أنّ نظام التصنيف الثاني هذا يوفر رؤية أكثر واقعية لأداء المؤسسة.

الفرق بين آليات نماذج التقارير المالية

من أجل توضيح الفرق الذي يمكن أن يُحدثه هذا العرض لتقارير التدفقات النقدية، انظر إلى الجداول  أدناه، والتي تُظهر منظورين مختلفتين في لقطة مالية لإحدى المؤسسات الاجتماعية التي نرعاها. يوضّح الجدول الأول كيف يتم تمثيل النسب المالية عندما يُتناول التمويل على أنه إيرادات، ويوضّح الثاني كيف تؤثر معاملة التمويل على أنه رأسمال على هذه النسب.

التمويل باعتباره إيرادات 2012 2013 2014 2015 الربح/الخسارة التراكمية
الهامش الإجمالي 97% 77% 77% 93% 88%
العائد على الأصول -3.62% -0.18% -0.60% 52.03% 50.27%
العائد على رأس المال -3.64% -24% -0.92% 52.03% 50.27%
النسبة المالية 7427% 77% 63% 585%
هامش الربح الصافي -149.87% -0.62% -1.40% 44.14% 32.42%

 

التمويل باعتباره رأس مال 2012 2013 2014 2015 الربح/الخسارة التراكمية
الهامش الإجمالي 97% 77% 77% 93% 88%
العائد على الأصول -4% -41% -46% 12% -34.40%
العائد على رأس المال -4% -48% -0.92% 52.03% 50.27%
النسبة المالية 7427% 57% 63% 585%
هامش الربح الصافي -150% -239% -321% 23% -50.82%

 

كما هو موضّح، فإنّ النسب المالية حول العائد على الأصول والعائد على رأس المال وصافي هامش الربح تتغير بشكل كبير عندما يتم تصنيف التدفقات النقدية الداخلة على أنها رأسمال. يُقدّم هذا النهج الجديد العديد من المزايا، وهي:

الدافع نحو تحسين الأداء

إنّ إعادة النظر في الطريقة التي يتم بها إعداد التقارير حول التدفقات النقدية الداخلة تجبر القادة على التركيز على أرباح مؤسساتهم وقيمة الخسائر بدلاً من التركيز على مقدار النقد المتبقي في البنك لتنفيذ خطتهم. قد يؤدي التركيز على ما يُظهر أنه وضع مالي سليم إلى تعزيز الإحساس بأنّ هنالك وقتاً كافياً لبناء خطة عمل وتنفيذها، وهذا الشعور الزائف بالأمان يمكن أن يكبح تبنّي المنظور السليم الذي من شأنه أن يدفع المؤسسة لتحقيق الأهداف الرئيسية. يوفّر إظهار التمويل باعتباره رأسمال؛ في شكل مقياس ملموس، الدافع لتحسين الأداء ودفع القادة نحو التركيز على توليد الإيرادات الحقيقية.

طريقة تدفع المؤسسة نحو تحديد الأولويات 

عندما يتم إظهار التمويل على أنه إيرادات، قد يطّلع المدير على قائمة الأرباح والخسائر ويقول: «نحن نقوم بعمل رائع، لقد حققنا الأرباح هذا العام أيضاً». في الرسم البياني الأول أعلاه، على سبيل المثال، يُظهر إدراج التمويل تحت بند الإيرادات أنّ المؤسسة وصلت إلى نقطة التعادل عام 2013، إلا أنه عندما يتم إدراجه في الميزانية الختامية كرأسمال مُستثمَر، يتدهور هامش الربح إلى سالب 239%. تبعث المجموعة الأولى من الأرقام على الاطمئنان، ولكن ضع في اعتبارك كيف يمكن لهذه الأرقام الإيجابية أن تؤثر على منظور فريق القيادة بشأن الأولويات. من المؤسف القول إنّ ذلك النهج قد يدفع قادة المؤسسات إلى السعي نحو الحصول على المزيد من «إيرادات التمويل» بدلاً من تركيز جهودهم على توليد إيرادات حقيقية.

دفع الممولين نحو مساعدتك على تحقيق الاستدامة

لا يتم عادة تقديم التمويل ليكون متاحاً إلى الأبد كمصدر للإيرادات؛ إذ تتجه المؤسسات والجهات المعنية بالاستثمار المؤثر نحو دعم المؤسسات برأسمال كاف لكي تتمكن من أن تصبح مدعومة ذاتياً، إنهم لا يرغبون في رؤية هذه المؤسسات الناشئة تعود إلى نقطة الصفر كل عام متوقعة ضخاً جديداً للتمويل، بل سيقدّر المموّلون رغبة المؤسسة الاجتماعية في أن تصبح مستقلة. إنهم يريدون بشدة لمس تفهُّمك بأنهم يدعمون مرحلتي احتضان وإطلاق مؤسستك ولا يدعمون عملك إلى الأبد. قد يكونون مستعدين وقادرين على مساعدتك للمضي قُدماً وبعزم نحو الاستدامة الذاتية، من خلال التّزوُّد بالتقارير المالية الواقعية وتقديم دعم إضافي في هيئة تطوير استراتيجي أو خبرة عملية.

مسار يمكن أن يطوّر مدراء أكثر تأثيراً

 قد يكون الواقع حقيقياً، لكنّ الأداء والنتائج في المؤسسات يستندان إلى الأرقام. إنّ الأدوات المستخدمة لقياس العائد على رأس المال وهامش الربح الصافي ستؤدي إلى نتيجة مختلفة مقارنة بالتركيز على مدى نجاح المدير في جذب «إيرادات التمويل» إلى مؤسسته الاجتماعية. يتبلوّر الابتكار الحقيقي من معرفة كيفية جعل نموذج الأعمال مستداماً. وهناك ميزة إضافية، إذ يمكن أن يساعد هذا النهج قادة المؤسسات على أن يصبحوا أكثر اعتياداً على ضغوط العمل المتمثلة في التركيز على الأرقام. لا شك أنّ الضغوط سوف تتضاعف، ولكن كيف يمكن لمؤسسة ناشئة أن تنمو وتزدهر؟

بالنظر إلى جميع هذه الأسباب، أرى أنه ينبغي على جميع مدراء المؤسسات الاجتماعية السعي، على أقل تقدير، نحو إعداد نسخة من البيانات المالية التي تصنّف التمويل تحت بند رأس المال في الميزانية ​​الختامية. سيؤدي هذا إلى إجبارهم على تدقيق تقارير الأرباح والخسائر من منظور واضح، وتحفيزهم على اتخاذ قرارات تركز على توليد نتائج مرضية متمثلة في العائد الاجتماعي والعائد المالي. قد تفاجئك النتائج في حال نظرت إليها من زاوية أخرى!

اقرأ أيضاً: كيف تحقق الاستدامة المالية لمؤسستك؟

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.