منذ التمرد الذي شهده مبنى مجلس النواب في الولايات المتحدة في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، صارت العبارة الشائعة بين الأميركيين هي أن الديمقراطية في البلاد باتت "مهددة"، لكن ألم تكن الديمقراطية في الولايات المتحدة مهددة على الدوام؟ وإذا أردنا توخي الدقة، فربما علينا القول إننا لم ننعم بها قطّ. يُمثل تاريخ الأمة نضالاً مستمراً من أجل تأمين الحقوق والحماية للناس جميعاً، لأنها منذ تأسيسها وحتى الوقت الحاضر لم تحقق قطّ المبادئ الأساسية للديمقراطية وهي: المساواة السياسية، والحقوق الأساسية، والحماية المتساوية. لأكثر من 250 عاماً، استُعبد ذوو البشرة الداكنة وحرموا من كل حق في حين تعرضوا إلى التعذيبين الجسدي والنفسي، وتعرضوا في القرن اللاحق إلى التمييز القانوني في كل جانب من جوانب الحياة مثل التصويت والإسكان والتوظيف والدخول إلى الأماكن العامة والرعاية الصحية، باستثناء فترة إعادة الإعمار الوجيزة التي شهدت تحرير العبيد ومنح ذوي البشرة الداكنة حقوقاً مدنية. لا يزال ذوو البشرة الداكنة يواجهون قيوداً تمنعهم من ممارسة حقوقهم بالكامل، بدءاً من سياسات العدالة الجنائية العنصرية وصولاً إلى إقصاء الناخبين، وقد أدت هذه الانتهاكات إلى ظهور حكومات تخدم ناخبيها المحصورين في قلة من الأثرياء والبيض الذين عززوا سلطتهم من خلال استغلال الناس وتجريدهم من إنسانيتهم وإقصائهم.
على مر الأجيال، أكد الناشطون والعلماء والباحثون أن التعويضات هي السبيل لإنهاء هذا التاريخ المناهض للديمقراطية، وفي الولايات المتحدة يظن معظم الناس أن هذه التعويضات تنحصر في دفع مبالغ نقدية لذوي البشرة الداكنة، وبالفعل كان التعويض المالي دائماً جزءاً من النقاش، ولكن من أجل تقديم التعويضات الكاملة عن انتهاكات حقوق هذه الفئة يجب علينا فعل المزيد؛ علينا أن نهيئ الظروف الملائمة لبناء ديمقراطية متعددة الأعراق بحق، ومن ثم فالتعويضات ليست مالية فقط، بل تشمل المطالبة بوقف السياسات التي تنتهك حقوق ذوي البشرة الداكنة وتمنعهم من ممارسة سلطتهم السياسية، كما يتطلب تقديم التعويضات أيضاً أن نتعلم من أساليب انتهاك الولايات المتحدة المبادئ الديمقراطية الأساسية، ونعمل على إصلاح هذا الضرر من خلال إنشاء نظام سياسي ينعم فيه الجميع بالديمقراطية.
أتاحت التغييرات الاقتصادية والثقافية الأخيرة فرصة مواتية، إذ أدى التفاوت الهائل والمتزايد في الثروة إلى ظهور جيلين من الشباب المستعدين لتغيير الوضع الاقتصادي الراهن، وأظهرت استجابة الحكومة للجائحة أن بوسعها ضخ استثمارات مالية ضخمة في رفاهتنا الاقتصادية ورفاهتنا الجماعية. ونذكر أخيراً الحركة من أجل حياة السود (بلاك لايفز)، المستمرة بقوة منذ عقد من الزمن ويمكن القول إنها أكبر حركة من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، إذ أدت إلى تحفيز الملايين للمطالبة بالعدالة بسبب عنف الدولة ضد ذوي البشرة الداكنة، وصارت البلاد جاهزة للمضي في مسألة التعويضات.
التعويضات ستصلح الضرر الذي أحدثه انتهاك المبادئ الرئيسية للديمقراطية
يتطلب وضع حد حقيقي لانتهاك مبادئ الديمقراطية التعويض عن أضراره، وتشمل التعويضات في هذا السياق وضع برنامج فيدرالي شامل من شأنه إزالة آثار العبودية وإرث السياسات التمييزية الذي خلَّفته.
وللبدء بذلك، يجب أن نوضح الانتهاكات التي طالت المبادئ الديمقراطية، وما يتطلبه إجراء إصلاح عرقي. فيما يلي نورد الإصلاحات الخمسة الضرورية المتوافقة مع إطار عمل الأمم المتحدة الذي يشمل: رد الحقوق وتقديم التعويضات وإعادة التأهيل والترضية ووقف الضرر (وضمان عدم تكراره)، كما نحدد الانتهاكات التي تطال الديمقراطية، ويستجيب كل إصلاح لأضرار محددة محصورة بذوي البشرة الداكنة أو تشملهم مع الفئات المستضعفة الأخرى ولكنهم يعانونها بدرجة أكبر.
-
المساواة السياسية
المساواة السياسية هي فكرة مفادها أنه يجب أن تتساوى أصوات المواطنين كلهم في القرارات الحكومية، ومع ذلك فقد استُبعد ذوو البشرة الداكنة من الحكم والعمليات السياسية منذ تأسيس البلاد. وإذا كان قانون الحقوق المدنية وقانون حقوق التصويت فعالَين في تأمين الحماية للمساواة السياسية، فإن قرار مقاطعة شيلبي ضد هولدر كان كارثياً إذ مهد الطريق لتجديد مساعي إقصاء الناخبين وفرضِ قيود على التصويت والتلاعب في توزيع الدوائر الانتخابية التي عمل المعنيون معاً على تصميمها بما يضمن حرمان الناخبين ذوي البشرة الداكنة من حقوقهم بطريقة جائرة. ومع ذلك، فإن عدم المساواة السياسية لا يقتصر على التمثيل غير المتكافئ، فالعنصرية أداة ابتُكرت لحماية التوزيع الحالي للثروة والسلطة وترسيخ وجهات النظر الاستبدادية. على مدار تاريخ البلاد، استخدمت الرواية القائلة بأن ذوي البشرة الداكنة أدنى من البشر أو كسالى أو أغبياء لتبرير السياسات التي تستغل مجتمعاتهم وتجردهم من إنسانيتهم، والتي لا يزال الكثير منها مستمراً حتى يومنا هذا. تشمل العناصر المهمة لإجراء إصلاح عرقي لهذه الانتهاكات الديمقراطية ما يلي:
- إزالة الحواجز التي تمنع الأميركيين ذوي البشرة الداكنة والأميركيين كافة من التصويت. يجب أن نعيد تفعيل قواعد الإذن المسبّق المنصوص عليها في قانون حقوق التصويت لعام 1965 ومنع الولايات من تغيير قوانينها بطرق تؤدي إلى التمييز ضد الناخبين ذوي البشرة الداكنة، ونعيد حقوق التصويت للسجناء أو المسجونين سابقاً (وقف الضرر).
- التأكد من احتساب الأصوات جميعها بالتساوي من خلال تعديل الإجراءات الانتخابية التي تعطي بطرق لا ديمقراطية أفضلية للناخبين البيض على الناخبين ذوي البشرة الداكنة وغيرهم من ذوي البشرة الملونة. ويتعين على البلاد أن تعمل على إصلاح أساليب انتخاب مجلسي النواب والشيوخ وإعادة النظر في الهيئة الانتخابية وإنهاء التلاعب في الدوائر الانتخابية (وقف الضرر، رد الحقوق).
-
حماية الحقوق الأساسية
وفقاً لمعهد المعلومات القانونية (Legal Information Institute)، تتطلب الحقوق الأساسية حماية كبيرة من انتهاكات الحكومة، وتتضمن هذه الحقوق الحرية وتقرير المصير وحرية الحركة وحرية التجمع السلمي، ودون حماية هذه الحقوق ستصبح الأنظمة الديمقراطية غير ليبرالية، إذ تتمكن الأغلبية من انتهاك الحريات المدنية للأقلية وسحق المعارضة.
يؤدي عدم المساواة السياسية إلى انتهاك حقوقنا الأساسية، وحتى بعد التحرر، عمل السياسيون على إعادة ترسيخ التسلسل الهرمي العرقي من خلال نظام تأجير المدانين وما يسمى "قوانين السود" (Black Codes) التي سمحت للولايات الجنوبية بسجن ذوي البشرة الداكنة لارتكابهم جرائم تافهة ثم تأجيرهم للشركات الخاصة ليعملوا فيها دون أجر، كما حُرم الذين عانوا الإعدامات دون محاكمة وتدمير مجتمعاتهم من سبل التظلم المجدية.
واليوم، تواصل السجون تشغيل المساجين من دون أجر غالباً وخاصة ذوي البشرة الداكنة، وتعد وحشية الشرطة وعمليات القتل من أوضح الأمثلة على سيطرة الدولة على حياة ذوي البشرة الداكنة، لكن الرعاية الصحية في الولايات المتحدة أيضاً أظهرت تمييزاً ضد النساء ذوات البشرة الداكنة على الدوام، فأُنكرت آلامهن وأُخضعن إلى عمليات التعقيم القسرية ولم تُتح لهن الرعاية اللازمة، وبسبب ذلك صار معدل الوفيات بين الأمهات ذوات البشرة الداكنة أعلى 3 مرات مقارنة بمعدل الوفيات بين الأمهات ذوات البشرة البيضاء. تعود الأسباب الأساسية التي جعلت النساء ذوات البشرة الداكنة، ولا سيما الفقيرات منهن، يتحملن وطأة هذه السياسة إلى عصر استعباد الرقيق، وتشمل العناصر المهمة للإصلاح العرقي هنا:
- إنهاء العبودية القسرية والحبس الانفرادي والسجن الجماعي. يتطلب إصلاح الضرر الذي تسببت فيه هذه المؤسسات أن تلغي حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية استثناءات العبودية التي تُستخدم عقوبات للجرائم، وعليها إصلاح نهج النظام القانوني الجنائي في تحديد العقوبات وتعميق الالتزام بممارسات العدالة التصالحية (وقف الضرر، رد الحقوق، إعادة التأهيل).
- إعادة الأراضي المسروقة إلى ذوي البشرة الداكنة والسكان الأصليين الذين سُرقت أراضي أجدادهم (وقف الضرر، رد الحقوق).
- توجيه أنظمة الشرطة الحالية نحو الممارسات التصالحية المتأصلة في المساءلة المجتمعية، والاستثمار أكثر في الأساليب غير الأمنية لوقف العنف ومنعه (رد الحقوق، إعادة التأهيل).
- توثيق أضرار العنف الذي أقرّته الدولة ضد ذوي البشرة الداكنة وبناء آليات المساءلة لعدم تكراره، وقد يتمثل هذا في الآثار والمتاحف والنصب التذكارية الأخرى المخصصة لتثقيف العامة حول هذه الأضرار وأسبابها (وقف الضرر، الترضية).
-
الحماية المتساوية وسيادة القانون
تعني سيادة القانون ضمان الحماية المتساوية للجميع: يجب أن تحكم الدولة مواطنيها بالعدل دون تمييز بينهم، ومع ذلك، كان حق المشاركة في الديمقراطية مقتصراً لفترة طويلة على الرجال البيض الأثرياء، الذين استخدموا القانون صراحة لممارسة التمييز ضد ذوي البشرة الداكنة، ولكن حتى بعد التحرر، عانى ذوو البشرة الداكنة معاملة مجحفة في الأماكن العامة، وكانت الخدمات العامة التي يحصلون عليها أقل جودة والتحقوا بالمدارس التي كانت تحصل على أقل تمويل، في حين أن الاستثمارات الضخمة في العاملين الأميركيين مثل برنامجيّ نيو ديل (New Deal) وجي. آي. بيل (G.I.Bill)، كانت تقتصر إلى درجة كبيرة على البيض. أدت عمليات الإقصاء التي مارستها الحكومات والمصارف إلى عزل ذوي البشرة الداكنة في أحياء خاصة لم تحصل على الأدوات المالية اللازمة لبناء الثروة، كما أن هذه الأحياء تضررت بشدة خلال عملية التطوير الحضري، إذ سُلِّمتْ لمطورين من القطاع الخاص. وفي الوقت نفسه، جرّمتْ سياسة المخدرات بدرجة كبيرة المواد الأكثر انتشاراً في مجتمعات ذوي البشرة الداكنة. وتشمل العناصر المهمة للإصلاح العرقي هنا:
- ضخ استثمارات كبيرة لبناء الثروة في مجتمعات ذوي البشرة الداكنة وتوجيه مدفوعات مباشرة لها لمعالجة السرقة المنهجية لتريليونات الدولارات. ستكون هذه الاستثمارات خطوة مهمة نحو وفاء الدولة بالتزامها التعويض عن الانتهاكات التي طالت مبدأ الحماية المتساوية، وتتضمن تقديم مدفوعات مباشرة لأسر ذوي البشرة الداكنة ودعم الإنصاف في ملكيتهم للمنازل وبناء هيكلية لحقوقهم في ملكيتها، وزيادة تمويل مؤسساتهم التعليمية ودعم الرعاية الصحية المقدمة لهم. يمثل التعويض عن سجن اليابانيين الأميركيين، والفصل العنصري في جنوب إفريقيا، والإبادة الجماعية الثقافية في المدارس الداخلية الكندية، نماذج ودروساً عن دفع التعويضات (التعويض، إعادة التأهيل).
- ضمان المزايا لأحفاد ذوي البشرة الداكنة المستبعدين من البرامج الاجتماعية الحكومية مثل برنامج جي آي بيل، بالإضافة إلى التشريعات التي اعتُبرت شاملة ولكنها استبعدتهم هم وعائلاتهم (التعويض).
دور القطاع الاجتماعي
هذه الإصلاحات ليست شاملة، إذ سيكون على البلاد تطوير العديد من المكونات المالية وغير المالية الأخرى مع مرور الوقت، لكنها تمثل نقاط انطلاق مهمة على الرغم من ذلك. ويتطلب المضي قدماً في تحقيق هذه الأهداف تغييراً كبيراً ومستداماً في الرواية وتنظيماً شعبياً ومناصرة للسياسات وإنشاء بنية تحتية للحركات الاجتماعية. يجب أن نوضح لعدد أكبر من الناس كيف ستؤدي هذه الخطة إلى تحسين حياتهم وحياة أحبائهم، وأن نجهزهم لاتخاذ خطوة جماعية تسمح بالضغط على واضعي السياسات ودفعهم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، وأخيراً، يتعين علينا أن نبني بدائل للوضع الراهن ونختبرها ونراجعها لتصميم السياسات الكفيلة بإصلاح الديمقراطية في نهاية المطاف.
أسفرت الجهود المبذولة حتى الآن عن نجاح هائل، إذ تخلص صانعو السياسات والمتظاهرون في جميع أنحاء البلاد من آثار الكونفيدرالية، وانتهت العبودية القسرية في الولايات جميعها، كما ارتفع دعم المدفوعات النقدية لذوي البشرة الداكنة على اعتبارها من مكونات التعويضات بنسبة 15% في آخر 25 عاماً. ومع ذلك، سيتطلب تحقيق التغيير والحفاظ عليه تفاني الملايين من الناس، وسيكون لكل من الممولين والمؤسسات غير الربحية وصانعي السياسات دور في ذلك.
- يجب على الممولين الاستثمار في منظومة التعويضات بوصف ذلك جزءاً من عملهم لتأمين الديمقراطية، وتعمل المؤسسات في جميع أنحاء البلاد على تعزيز الحركات الداعمة للتعويضات؛ خذ مثلاً تحالف الإنصاف والتحول (Equity and Transformation) الذي يعدّ رائداً في نموذج مكافحة المخدرات، ومشروع المحاربين القدامى ذوي البشرة الداكنة (Black Veterans Project) الذي يطالب بالتعويض عن التمييز ضد المحاربين القدامى ذوي البشرة الداكنة، ورواة القصص في مؤسستَي كولور فارم ميديا (Color Farm Media) وكينفولك (Kinfolk) الذين يعملون على إبراز نماذج عن القادة ذوي البشرة الداكنة الذين يناضلون من أجل العدالة والإصلاح.
- يمكن للمؤسسات العاملة في مجالَي الديمقراطية والتعويضات أن تربط برامجها ورواياتها معاً. على المؤسسات الناشطة في مجال الديمقراطية النظر فيما إذا كانت أولويات سياستها هي مكافحة السياسات المناهضة لذوي البشرة الداكنة، فقد أدركت مجموعات مثل صندوق روكفلر براذرز فاند (Rockefeller Brothers Fund) أن الخطابات المناهضة لذوي البشرة الداكنة هي من أكثر الأدوات المقوضة للديمقراطية وأن العمل على تحصين الديمقراطية يجب أن يكون من خلال إطار تعويضي.
في الوقت نفسه، يجب على المؤسسات التي تطالب بالتعويضات التركيز على الديمقراطية باعتبارها فرصة لسرد القصص، وتعمل مجموعات مثل غيت فري (Get Free) على الربط بين الاثنين، ما يعزز التزام الناس بإنشاء ديمقراطية متعددة الأعراق وبناء تحالف أوسع للمطالبة بالتعويضات. بينما تتطلع المؤسسات المطالبة بالتعويضات إلى تحديد رؤيتها وأهدافها السياسية، عليها أن تدرك أهمية الإصلاح الديمقراطي في تحقيق حرية ذوي البشرة الداكنة والحفاظ عليها.
- يمكن لواضعي السياسات أيضاً أن يقدموا حلولاً عند تقاطع التعويضات والديمقراطية، وأن يعلنوا صراحة دعمهم لسياسة التعويضات، كما يمكن للسياسيين على المستوى المحلي وعلى مستوى الولاية أن يلزموا أنفسهم بدراسة الضرر الذي يلحق بذوي البشرة الداكنة بسبب سياسات حكومتهم، ويمرروا السياسات التي تحدد هذا الضرر وتعالجه. في مدينة إيفانستون بولاية إلينوي، قاد عضو المجلس البلدي روبن رو سيمونز عملية تطوير واحدة من أولى سياسات التعويضات التي تمولها البلديات، حيث يُقدم مبلغ 25 ألف دولار أميركي في شكل دفعات إسكان إصلاحية للمقيمين ذوي البشرة الداكنة (أو أحفادهم) المتضررين من سياسات الإسكان التمييزية. يعد العمل السياسي على مستوى الولاية والمستوى المحلي ضرورياً لبناء الدعم الكبير اللازم لتمرير سياسة التعويضات الفيدرالية الشاملة.
التعويضات تعنينا جميعاً
على مدى قرون، ناضلت التحالفات المتعددة الأعراق التي يقودها ذوو البشرة الداكنة من أجل تحقيق الديمقراطية الحقيقية، إذ عمل أصحاب السلطة على حماية وضعهم من خلال تجريد ذوي البشرة الداكنة من إنسانيتهم وإساءة معاملتهم وإقصائهم بطرق غير ديمقراطية. قاد الكفاح من أجل إلغاء العبودية وعصر إعادة الإعمار إلى التعديلات 13 و14 و15، ما أدى إلى تأمين مجموعة واسعة من وسائل الحماية التي ضمنت في نهاية المطاف الحقوق الدستورية في الخصوصية والزواج والإجهاض (لفترة من الوقت). ساعدت حركة الحقوق المدنية وقوانين الحقوق المدنية وحقوق التصويت اللاحقة على إنشاء دولة جديدة تماماً تضمن المزيد من الحقوق لعدد أكبر بكثير من الناس، وبالمثل يمكن للحركات الداعمة لسياسة التعويضات أن تسهل تغييراً اجتماعياً أكبر يحمي حرياتنا ويمكّن المزيد منا من التنعم بالصحة والثروة والسعادة.
الديمقراطية الحقيقية المتعددة الأعراق غير ممكنة دون التعويضات، وتاريخ الاستعمار والإمبريالية والاستغلال والعبودية تاريخ عالمي، ويتعين على الأمم الأخرى التي تطمح إلى تحقيق المبادئ الديمقراطية أن تفكر في نوع التعويض اللازم لمعالجة الضرر الذي سببته الدول. وفي حين أن هذا يشمل في كثير من الأحيان المجتمعات الأصلية أو القبلية أو المنحدرة من أصل إفريقي، فالتعويضات قابلة للتطبيق أيضاً عبر الحدود الوطنية، فالمجموعات والأفراد في جميع أنحاء منطقة البحر الكاريبي وأميركا الجنوبية وجنوب آسيا وإفريقيا تدعو المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا وغيرها من القوى الإمبريالية إلى تقديم تعويضات عن قرون من السياسات الضارة والإقصائية.
يمثل تقديم التعويضات مشروع هذا الجيل، لأن تأمين الديمقراطية سيكون التحدي الأبرز في عصرنا، وهي أكثر من مجرد فرصة لمحو الظلم الذي واجهه ذوو البشرة الداكنة، فهي تهدف إلى تحقيق المساواة الاقتصادية والمساواة الاجتماعية، عندها فقط يمكننا أن نبني بلداً متكاملاً وملتزماً بالإصلاح المستمر ومستعداً لممارسة أعلى مستويات الديمقراطية التي يمكن تخيلها.