يعلم الكثيرون أننا نعيش في زمن تطغى فيه حالة عدم اليقين مما هو آتٍ، إلا أن القليلين تسلحوا بالمهارات اللازمة لتجاوز حالة عدم اليقين هذه بشجاعة ومرونة. لذا يتملكنا القلق والخوف والتخبط عندما نواجه حالة من عدم اليقين، فيجرّنا الشعور بالتهديد إلى مزالق سلوكية تتمثل في الجمود السلوكي وعدم القدرة على التكيف أو اجترار الأفكار. وفي هذه المرحلة يغيب عن أذهاننا أن الإشراقات العظيمة في حياتنا كبناء العلاقات المهمة والتعليم والعمل والإنجازات غير المسبوقة التي حققها العلماء والتغيير الذي أحدثه رواد الأعمال الاجتماعيون لا تتحقق إلا بعد مواجهة حالة من عدم اليقين. ولا بد لنا جميعاً من أن نقتحم المجهول لتحقيق الفرص الجديدة التي نصبو إليها. وحتى عندما يكون المجهول مدمراً فطريقة مواجهتنا له يمكن أن تساعدنا على اجتياز المعاناة.
وما يدعو إلى التفاؤل وجود أدوات لمساعدتنا على مواجهة المجهول بشجاعة، ما يؤدي إلى رفع قدرتنا على الاستفادة من الفرص المخبأة في الجانب المشرق لعدم اليقين. قدمنا في كتاب "الوجه المشرق لعدم اليقين" أكثر من 30 أداة للمساعدة على تجاوز حالة عدم اليقين التي توصلنا إليها عبر الاطلاع على الأبحاث التجريبية ومقابلات أجريناها مع مبدعين ومبتكرين وفنانين ورواد أعمال.
ونظّما هذه الأدوات العديدة فيما سميناه "الإسعافات الأولية للتغلب على عدم اليقين". وتُقسم الإسعافات الأولية هذه إلى أربعة أقسام من المهمات التي يمكن تنفيذها عند مواجهة المجهول، وتتمثل في رؤية جديدة لعدم اليقين لا تعده مصدر خسارة بل مصدر فرص، والاستعداد المسبق لعدم اليقين لكي نكون جاهزين لمواجهته، والتصرف في حالة عدم اليقين بمزيد من الإيجابية، والثقة في النفس في مواجهة التحديات الحتمية. تهدف الأدوات إلى المساعدة في إنجاز هذه المهام الأربع بطرائق جديدة ومريحة. فعلى سبيل المثال يستعرض قسم "التصرف" طرائق اتخاذ الإجراءات التي تزيد من احتمالية النتائج الإيجابية. ويمثل "التعلم في الضباب "إحدى الأدوات التي تعرفنا عليها. فعندما تخوض غمار تجربة جديدة أو يهتز العالم من حولنا بسبب حدث غير متوقع فمن السهل أن نشعر بالضياع. وغالباً ما يصف الناس هذا الشعور بالضبابية وفقدان بوصلة الطريق. والسؤال هنا كيف يمكننا اكتشاف الطريق للخروج من الضبابية؟ناثان فير وسوزانا هارمون فير
يعدُّ مارتن فان دين برينك، الذي حقق أصعب الإنجازات غير المسبوقة في مجال تصنيع أشباه الموصِّلات، المسير في حالة عدم اليقين أشبه بقيادة السيارة في ظروف صعبة: الطريق ضبابي ومظلم ولا تستطيع رؤية سوى عدد قليل من السيارات أمامك مع أضواء حمراء وأنت تقود بأقصى سرعة ممكنة. وعندما تبدأ بتحقيق المزيد من النجاح تصبح في المقدمة، حيث تنعدم الأضواء الحمراء ولا تملك أدنى فكرة عما يجب القيام به. كيف تقود عبر الضباب؟
تستخدم علوم البيولوجيا التطورية والاستراتيجية والابتكار تشبيه "مشهد الفرص" التي يخفيها الضباب لوصف المواقف غير المؤكدة. تخيل خريطة طبوغرافية ثلاثية الأبعاد مليئة بالتلال والوديان. ومع غياب المعرفة المسبقة بهذا المشهد الذي يلفه الضباب، كيف لنا معرفة إن كنا على شفا الوادي الذي يمثل المنطقة الخطرة أو بجوار التلة الكبيرة التي تمثل الفرصة الكبيرة؟ تشير الأبحاث إلى أن أفضل طريقة للتغلب على الضباب هي اعتماد مجموعة من تقنيات التعلم مثل الحلقات السريعة والقواعد البسيطة وأساليب التحول وذلك للتعلم بأسرع ما يمكن حتى لا تقضي وقتك متردداً على قمة تل أو متخبطاً في حالة من الكآبة.
الحلقات السريعة
تعد مسرعات الشركات الناشئة بيئة رائعة للحصول على أفكار حول كيفية التعلم السريع في ظل حالة عدم اليقين. حيث يواجه مؤسسو الشركات الناشئة العشرات من الأسئلة المجهولة الإجابة مثل نوعية السوق المستهدف وكيفية التفاوض على العقود، والمسرعات نوع جديد من المؤسسات التي تم إنشاؤها لدعم الشركات الناشئة. وعلى عكس حاضنات الشركات الناشئة التي توفر مكاتب للعمل فيها لفترة غير محددة، تقبل مسرّعات الأعمال مجموعة من الشركات الناشئة على شكل فصل دراسي لفترة محددة (عادةً ثلاثة أشهر)، وتمنحهم مبلغاً ضئيلاً من المال يغطي بصعوبة المصاريف الأساسية وذلك مقابل أسهم في هذه الشركات الناشئة، ثم تدربهم حتى يوم العرض النهائي حين يقدمون عروضاً تقديمية لمستثمرين خارجيين بهدف الحصول على تمويل. على سبيل المثال تستضيف حاضنة الأعمال واي كومبينيتور (Y Combinator) مأدبة عشاء كل أسبوع للمشاركين حيث يتحدث رواد الأعمال الناجحون عن الدروس المستفادة بالإضافة إلى تقديم رواد الأعمال المقبولين إلى الموجهين والعملاء الذين يناقشون افتراضاتهم. ويوجد اليوم الآلاف من مسرعات الشركات الناشئة والشركات المتخرجة منها مثل إير بي إن بي (Airbnb) ودروب بوكس (Dropbox) وغيت هاب (GitHub).
وتساءلت دراسة أكاديمية حديثة عن ثمان من المسرعات الرائدة عن أفضل طريقة لتصميم مسرّعة أعمال لمساعدة المؤسسين على التعلم بأسرع ما يمكن. وهل يجب توحيد البرنامج للشركات الناشئة كلها أم تخصيصه بحسب حالة كل شركة على حدة؟ وهل يجب تقليص التفاعل مع الموجهين أم تسريع وتيرته؟ وهل ينبغي الحفاظ على أسرار المؤسسين أم عليهم تداولها فيما بينهم؟ وخلص الباحثون إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه المؤسسين هو المزلق الذي وصفناه في الفصل 17 المتمثل في دفع آلية العمل للاكتفاء باليقين حتى لو كان دون المستوى المطلوب وذلك في مواجهة الكثير من المواقف المجهولة.
وتتصدى شركات مسرعات الأعمال الكبرى لذلك من خلال دفع رواد الأعمال لتنفيذ إجراءات لا يستطيعون إنجازها بمفردهم. فهم يدفعون رواد الأعمال لمقابلة سيل من الموجهين والعملاء يصل عددهم إلى مائتين في الشهر الأول، وبذلك يتعرفون على المزيد من مشاهد الفرص بدلاً من تقوقعهم في حدسهم الأولي. ويحرص العديد من المؤسسين في بداية الأمر على عدم طرح أفكارهم خوفاً من سرقتها. وتدفعهم شركات مسرعات الأعمال الكبرى إلى التحدث عنها فهي تعلم كما توضح ديبي ستيرلنغ من مؤسسة غولدي بلوكس (GoldieBlox) وهي شركة تم إنشاؤها لتعزيز المهارات الهندسية للفتيات: "لا أعتقد أنه من السابق لأوانه أبداً البدء بمشاركة حتى مجرد فكرة تقريبية أو رسم تخطيطي على الورق، لا أعتقد ذلك مطلقاً. لم يحدث أن سُرقت مني فكرة نصف ناضجة أو نُفذت بشكل أفضل مما إذا كنت سأنفذها بنفسي". وذات مرة أخبرت ديبي فكرتها لنادل في مطعم وكانت النتيجة أن قام النادل بتقديم ديبي إلى عمته التي تعمل محررة في مجلة ذي أتلانتيك (the Atlantic)، والتي كتبت مقالة مهمة حول غولدي بلوكس ساعدت في إطلاق نشاطها التجاري.
كما تدفع أفضل مسرعات الشركات الناشئة رواد الأعمال إلى التعرف بعضهم على بعض والحديث عن رحلة تقدمهم. وكما ذكرنا آنفاً، يتردد العديد من المؤسسين في مشاركة الأفكار مع مؤسسين آخرين خوفاً من سرقتها لكنهم يكتشفون دائماً أن فوائد اكتشاف كيفية حل مشكلة مشتركة أو معرفة طرائق جديدة للتعامل مع إحدى العقبات تفوق أي مخاطر محتملة.
أخيراً، تدفع كبرى مسرعات الأعمال شركاتها الناشئة إلى لقاء مجموعة كبيرة من الناس بدلاً من تخصيص المحادثات لمجموعة ضيقة في المجال نفسه. فعلى سبيل المثال، رفض أحد المؤسسين الذي ابتكر برمجيات للقضايا الاجتماعية اجتماعاً رتبته المسرِّعة مع نائب رئيس قسم التسويق في شركة ترفيه. لكنه دُهش من أفكاره الرائعة وقال المؤسس بعد ذلك اللقاء: "كان أفضل لقاء أجريته في هذا الصيف". وتأتي أحياناً أفضل الأفكار من أماكن لا تخطر على البال. وكما يوضح رائد الأعمال ديفيد هيات قائلاً: "إذا بحثنا عن إجابات حيث يبحث الجميع عنها، فسيفكر الجميع بنفس الطريقة، الأصالة تتطلب قليلاً من الغرابة".
قواعد بسيطة
تشير الأبحاث إلى أن القواعد البسيطة مثل الاستدلال السريع والمرن المستند إلى الخبرات السابقة يمكن أن تساعد أيضاً على معرفة الطريق عبر الضباب. فبدلاً من الاعتماد على الخطط المعقدة أو التسرع الأعمى يمكنك استخدام قواعد بسيطة لتحسين عملية صناعة القرار من خلال الجمع بين الدروس المستفادة من التجارب السابقة ومرونة التكيف. فإذا دققنا النظر نرى أن القواعد البسيطة ناجحة في كل مكان في العالم. وعلى الرغم من أن أدمغة النمل أصغر بأربعين ألف مرة من أدمغة الإنسان، فإن قاعدتها البسيطة "ابحث عن عمل" تسمح لملايين النمل بإنشاء أقسام معقدة من العمل وإنشاء سلاسل توريد معقدة وتغيير المهام على نحو مستقل. وأدت قاعدة بسيطة في شركة إنتل (Intel) والمتمثلة بتخصيص مساحة التصنيع على أساس الربح لكل رقاقة إلى قيام مدراء الإدارة الوسطى بتحويل الشركة من صناعة الذواكر إلى صناعة المعالجات الدقيقة دون توجيه من كبار القادة. وبالمثل، بعد أن باعت شركة أمازون أكثر من مليون قرص فيديو رقمي (DVD) لفيلم "ماما ميا" (Mamma Mia) مقابل 30 دولاراً، أعلن أحد المنافسين أنه سيبيع نفس القرص مقابل 10 دولارات، حينها ساعدت القاعدة البسيطة "العملاء أولاً" المدراء التنفيذيين على اتخاذ قرار مطابقة السعر وخسارة 20 مليون دولار من الإيرادات في "أقل من 60 ثانية" دون توجيه من جيف بيزوس.
أجرى باحثون في ستانفورد، ومنهم ناثان، بحثاً مكثفاً حول كيف يطور رواد الأعمال قواعد بسيطة في بيئة من عدم اليقين. ووجدوا أن رواد الأعمال الأكثر نجاحاً يستخدمون الخبرات السابقة لبلورة القواعد التي يجب التركيز عليها، مثل تطوير أشباه موصِّلات منخفضة التكلفة لصانعي ألعاب الفيديو بدلاً من جذب عملاء جدد، بالإضافة إلى طريقة القيام بذلك مثل عقد اجتماعات أسبوعية مع فرق التسويق والهندسة لإدراج رؤى العملاء الجديدة. عندما تتعلم الفِرَق كيفية العمل معاً، تطور الفرق الأكثر فاعلية أساليب استدلالية أكثر تعقيداً حول أولويات الفرص المختلفة وترتيبها وتوقيتها، تماماً مثل تحديد أولويات المناطق الجغرافية التي يجب الدخول إليها. وعلى النقيض من ذلك، لا يأخذ رواد الأعمال الأقل فاعلية الوقت الكافي للتفكير في القواعد البسيطة وتنفيذها، وبدلاً من ذلك يكررون أخطاء الماضي مراراً وتكراراً.
يقول المستثمر في الشركات الناشئة ديفيد هورنيك فيما يخص عدم اليقين: "يكون وضع الأشخاص الذين يعتمدون على الاستدلال لاتخاذ القرارات ويبتعدون عن المعلومات العامة أفضل بكثير عند التعامل مع حالات عدم اليقين، لأنه لا داعي للقلق من تغير المعلومات لأن الاستدلال يتتبع المعلومات الجديدة". ويستخدم هورنيك قاعدة بسيطة يسميها "صناعة القرار التي يقودها الإنسان" للبدء باستثمارات ناشئة. "أنا لا أستثمر لأنك خبير، أنا لا أستثمر لأن لدي نظرية، أنا أستثمر لأنك أظهرت أنك من النوع الذي أرغب في الاستثمار معه، أنت مدفوع بالشغف وليس المال، وأنت مبدع عندما تواجه عدم اليقين".
تبديل الأساليب
أخيراً، من المفيد أن تدرك تنوع استراتيجيات التعلم وأنك قد تحتاج إلى تغيير استراتيجيتك لتتناسب مع المشكلة التي تواجهها. لنفكر في السباق الذي جرى على تصميم طائرات دون طيار (درونز) للمستهلكين العاديين، أي تلك الآلات الطائرة التي يقودها هواة وتحلق فوق رؤوسنا. واجه رواد الأعمال الذين أنشؤوا هذه الصناعة الجديدة ثلاثة تحديات رئيسية: ما أفضل تصميم ممكن، وما الفائدة من الطائرات دون طيار، وكيفية تصميم طائرات دون طيار قادرة على التحليق. قارن باحثو جامعة ستانفورد الذين يبحثون في هذه الصناعة بين شركتي ثري دي آر (3DR) التي أسسها محرر مجلة وايرد (Wired) السابق كريس أندرسون، وشركة دي جيه آي (DJI) التي أسسها فرانك وانغ عندما كان طالب دراسات عليا. لحل مشكلة أفضل تصميم البسيطة نسبياً أثبت اعتماد ثري دي آر على التعهيد الجماعي؛ أي تحويل المشكلة إلى مجموعة كبيرة من الناس، أنه الحل الأكثر فاعلية. حيث اقترح مستخدم ما من الحشود التي شاركت في التعهيد الجماعي تصميماً رباعي المراوح يعود إلى خمسينيات القرن الماضي والذي تفوق بسرعة على نهج وانغ التكراري لتصميمه الأصلي على شكل الهليكوبتر.
لكن وانغ قرر أن يغير أسلوبه في تعلم حل المشكلات بعد أن أخفق في مشكلة التصميم وذلك عندما واجه المشكلة الأكثر تعقيداً المتمثلة في العثور على فائدة من استخدام الطائرات دون طيار. بدأ وانغ بتجارب متزامنة حيث تحدث إلى العديد من المستخدمين في وقت واحد، منهم رجال إطفاء وعشاق هذه الرياضة ومزارعون، حتى قابل أحد الطيارين الذي تحدث عن المبالغ التي تدفعها شركات إنتاج الأفلام مقابل اللقطات الجوية السيئة. ويمكن للطائرات دون طيار أن تخدم هذا السوق، لكن نجاح ذلك يعتمد على تصميم جهاز ذي محورين (جيمبال) عالي الجودة، وهو جهاز متطور لتصوير لقطات فيديو ثابتة. ولحل هذه المشكلة قام وانغ بتغيير الاستراتيجيات مرة أخرى حيث قام بتجميع فريق متعدد التخصصات مع مهندسي برمجيات وميكانيكيين وكهربائيين، ثم بدأ بحلقات سريعة من التجريب لإنتاج ذلك الجهاز وكانت النتيجة أن ارتفعت إيراداته إلى أكثر من 100 مليون دولار. وفي المقابل، تمسكت شركة ثري دي آر بالأسلوب المجتمعي الذي نجح في اكتشاف التصميم الرباعي المراوح. وعلى الرغم من ملاحظة أفراد مجتمعه الحاجة إلى أداة تثبيت لم يتمكنوا قطّ من التنسيق بشكل كافٍ لصنع تلك الأداة.
عندما واجه رواد الأعمال التحدي الكبير والأخير المتمثل بتصميم طائرة دون طيار قادرة على الطيران، عانى مجتمع ثري دي آر أيضاً في عملية التنسيق، في حين اعتمد فريق وانغ استراتيجية للتبديل بين التصميم الشامل وتصميم المكونات الفردية. حيث أوضح أحد المهندسين ذلك قائلاً: "كنا نربط الأجزاء بالشريط اللاصق والروابط البلاستيكية معاً لتشكيل التصميم، ثم نصنع عشرين نموذجاً أولياً كل أسبوع وعلى نحو مستمر، ونصنع باستمرار نماذج أولية جديدة ونضع الأجزاء المناسبة عوضاً عن الروابط البلاستيكية". وبعد مئات الحلقات السريعة، صنعت دي جيه آي طائرة دون طيار جاهزة للطيران واستحوذت على 77% من سوق الطائرات دون طيار، ما حوَّل وانغ إلى ملياردير ملحِقاً بشركة ثري دي آر هزيمة قاسية. وخلص باحثو جامعة ستانفورد إلى أن المشكلات البسيطة يمكن معالجتها من قبل أشخاص يعملون بشكل مستقل، وأن المشكلات المعقدة تتطلب التعاون، والمشكلات المركبة تتطلب كليهما. وتُظهر النتائج التي توصلوا إليها عموماً أهمية أن تكون قادراً على تبديل أسلوبك في التعلم من خلال طرح السؤال: "ما التحدي الذي أواجهه، وما استراتيجية التعلم التي يمكن أن تساعدني في التعرف عليه على نحو أسرع؟".
إمعان التفكير والممارسة
يتطلب التعلم في الضباب اعتماد حلقات تعلم سريعة وبلورة قواعد بسيطة، وتغيير استراتيجية التعلم بحسب ما يتطلبه الموقف. وإليكم كيفية البدء بذلك:
1. أنشئ مسرّعة لأعمالك. كيف سيكون نمط تجربة تسريع أعمالك؟ هل ستدفع نفسك إلى التحدث إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص حول فكرتك في أسرع وقت ممكن؟ عندما كانت روبن تشيس تبحث عن الطريقة الصحيحة لوصف زيبكار (Zipcar) الشركة الناشئة لمشاركة السيارات التي أسهمت في تأسيسها، كتبت أفكارها على بطاقات الملاحظات وناقشتها مع كل شخص قابلته. وسرعان ما اكتشفت أن سر إقناع الناس بتجربة الخدمة كان في الكلمات التي استخدمتها لوصف هذه الخدمة: سيارة عند الطلب.
2. ضع قواعد بسيطة مع استدلال سريع وغير مكلف بناءً على تجاربك السابقة. يمكن وضع قواعد بسيطة لأي مجال من مجالات الحياة تقريباً. أنشئ قواعد بسيطة أو عدّلها بناءً على طبيعة أعمالك. طوّر قواعد عملك بعناية لكن أبقها مرنة. ويمكن لهذه القواعد أن تضبط توازن حالة عدم اليقين نظراً لأنها تحرر الطاقات الفكرية. على سبيل المثال قد تكون القاعدة البسيطة للعمل الإنساني الخيري هي إعطاء خمسة عشر دقيقة لكل من يطلبها، وقد تكون القاعدة البسيطة لهواة جمع الأعمال الفنية المتمرسين اتباع العقل والقلب والسعر.
فيما يلي بعض الأمثلة على القواعد البسيطة التي تطلق العنان لمخيلتك. لتوظيف طاقم العمل: تمهل في عملية اختيار الموظفين واستعجل في عملية الفصل من العمل. لتناول الطعام: تناول الحلويات في عطلة نهاية الأسبوع وليس ضمن أيام الأسبوع. لميزانيتك: اشرب القهوة في المنزل بدلاً من شراء كوب كل يوم. لحياتك الاجتماعية: اقضِ وقتاً مع الذين يجعلونك تشعر بحيويتك. للإجازات: وازن بين زياراتك للأماكن الجديدة والأماكن القديمة المفضلة لديك. لعلاقتك مع الشريك: حل الخلافات دائماً قبل النوم (أو دائماً بعده اعتماداً على ما يناسبك).
والأهم من ذلك تبنَّ القواعد التي تناسبك. ففي واحد من أكثر الأمثلة المضحكة عندما اكتشفت جيرترود شتاين، وهي روائية كانت مرشدة لإرنست همنغواي وفرنسيس سكوت فيتسجيرالد وهنري ماتيس وآخرين، أن كلبها المحبوب المسمى باسكيت قد نفق، اقترح عليها أحد الأصدقاء الحصول على كلب جديد من النوع والسلالة نفسيهما وتسميته باسكيت. اتخذ بابلو بيكاسو وجهة نظر معاكسة معتبراً أن الحصول على نوع الكلب نفسه سيؤدي إلى تذكيرها بالكلب الذي نفق. قاعدتان بسيطتان ومتعارضتان. فماذا فعلت شتاين؟ في البداية حاولت الجمع بينهما، أي الحصول على الشيء نفسه وعدم الحصول عليه في آن واحد. لكن في النهاية قررت شتاين الحصول على نوع الكلب نفسه وسمّته باسكيت. وقالت: "لا أستطيع القول حتى الآن أنني أخلط بين الكلب القديم والكلب الجديد".
3. اختر تقنية التعلم المناسبة للمشكلة. اطلب مشورة الخبراء في حال واجهتك مشكلة تقنية. تحدث إلى مستخدمي المنتج في حال واجهت مشكلة في طلب أحد العملاء. وإذا أردت اختبار مدى قوة أفكارك فتحدث إلى معارضيها. وإذا كنت ترغب في توسيع آفاق تفكيرك فتحدث مع من هم خارج تخصصك. وفي حال كنت تميل إلى قراءة الكتب بدلاً من إجراء المناقشات فاتعب نفسك قليلاً واخرج وتحدث إلى الناس. قم بتغيير أسلوبك بحسب المشكلة.
4. إعطاء الأولوية لاتخاذ الإجراءات على إيجاد أفضل الطرائق. تعتمد مشاريعنا في كثير من الأحيان على المباشرة في العمل أكثر من اعتمادها على البحث عن أفضل طريقة للبدء بها. وتكشف كل خطوة نتخذها المزيد من مشهد الفرص. وعلى الرغم من النجاح المالي الملحوظ لشركة دي جيه آر، فجدير بالذكر أن شركة ثري دي آر ليست فاشلة فهي تواصل تلبية احتياجات السوق الأخرى بما فيها احتياجات مجتمع عشاق الطائرات دون طيار.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً