كيف يؤثر مستشارو المانحين في توزيع التبرعات؟

المستشارون
shutterstock.com/sun ok
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تصدّر عمل مستشاري المانحين عناوين الصحف نتيجة لدعم مجموعة ذا بريدجسبان غروب (the Bridgespan Group) إسهامات ماكينزي سكوت (مليونيرة أميركية وطليقة جيف بيزوس) ذات الأهمية التاريخية (من حيث الحجم والأسلوب)، التي بدأت في عام 2020. وقبل تلك الحادثة كان مستشارو المانحين من العناصر الأقل شهرة في منظومة التغيير الاجتماعي ولم تكن طبيعة عملهم مفهومة على نطاق واسع. لكن المستشارين كانوا يؤدون دورهم بهدوء منذ عقود وحتى قرون في دعم تصميم وتنفيذ الحلول لتحسين أحوال الأفراد والمجتمعات ورفاههم. والآن نظراً لدعوة العمل الخيري إلى بذل المزيد من الجهد للمساعدة في مواجهة التحديات الاجتماعية والبيئية الهائلة، فقد حان الوقت للاهتمام بالمستشارين الذين يسعون جاهدين لتشجيع المزيد من العطاء الأفضل الذي سيعزز بدوره الابتكار الاجتماعي الفعال والمستدام.

منذ عام 2017 ونحن ندرّس مقرراً تعليمياً خاصاً بمرحلة الدراسات العليا يتناول تقديم المشورة للمانحين ضمن المقرر التدريسي لشهادة الماجستير للدراسات الخيرية في جامعة كنت في المملكة المتحدة. وفي أثناء تصميم ذلك المقرر وتدريسه، كان من الواضح مدى ضآلة توافر معلومات بحثية قوية أو معلومات عن أفضل الممارسات حول هذا الموضوع، لذلك قررنا تأليف كتاب لملء هذه الفجوة. يجمع كتاب “تقديم المشورة للمانحين: المبادئ والممارسةبين المعرفة والأفكار العملية التي اكتسبناها خلال 48 عاماً من العمل في جمع التبرعات ودراسة الأعمال الخيرية (بيث) والعمل في مجال تقديم المنح وتقديم الاستشارات للأعمال الخيرية (إيما). وعززنا هذه المادة العلمية عبر مقابلات مع 40 من مستشاري العمل الخيري في 15 دولة الذين تحدثوا عن دوافعهم للعمل في هذا المجال وعن تفاصيله والتحديات التي يواجهونها، والنقاط البارزة التي تجعله جديراً بالاهتمام، وآمالهم حول تأثير هذا العمل. لقد كان تسليط الضوء على مستشاري العمل الخيري من هم، وما طبيعة عملهم، وما مدى تأثيرهممهمة ممتعة. كما كان خطوة مهمة في جعل هذا الجزء من عمل التغيير الاجتماعي أكثر شفافية. نأمل أن تساعد الأفكار الموجودة في كتابنا على جذب المزيد من الفاعلين إلى هذه المهنة، وتمكّن الزملاء من فهم عملهم بشكل أفضل، وتؤدي إلى فهمٍ أفضل أن التمويل الخيري للابتكار الاجتماعي الناجح نادراً ما يحدث بالصدفة.

إدراك مدى تأثير مستشاري العمل الخيري على المانحين والمجتمع

يحظى مستشارو العمل الخيري بكلمة مسموعة عند كبار المانحين -منهم من يتبرع بالملايين أو حتى المليارات- ويمكنهم الاستفادة من هذه المكانة المتميزة لدفع التغيير الاجتماعي والابتكار قُدماً. إن الوجود في موقع نفوذ يعني أن تقديم المشورة للمانحين ينطوي على درجة عالية من المسؤولية والاستعداد لمواجهة المعضلات الأخلاقية. حتى عندما يطلب أحد المانحين بوضوح من مستشاره تحديد المشاريع والمؤسسات التي تستحق التمويل (مع ملاحظة أن تحديد ما “يستحق” يمثل دائماً رأياً شخصياً)، لن يتمكن المستشار من تقديم جميع الخيارات الممكنة إلى المانح. وتعتمد الخيارات التي يطرحها على مدى امتداد شبكاته، ووجهة نظره بشأن ما يُعد مؤسسة فعالة، وعملياً، كم لديه من الوقت لوضع الخيارات. أخذ فريق مستشاري بريدجسبان في الحسبان 6,490 مستفيداً محتملاً للمنح وأجرى بحثاً على 822 منهم قبل أن تموّل المانحة ماكنزي سكوت 384 مؤسسة بـ 4.2 مليارات دولار في عام 2020. بذل الفريق جهداً هائلاً ولكنه لم يصل إلى مرحلة الكمال وأغفل مبادرات تغيير اجتماعي ناجحة عدة. لذلك لا بد من أن يكون المستشارون على دراية بأهمية تأثيرهم في هذه “المسؤولية التي تتطلب الحكمة” وأن يكونوا دقيقين بخصوص مبادئ صناعة القرار والعمليات التي يستخدمونها عند تقديم الخيارات لعملائهم للنظر فيها.

في مرحلة ما يصبح التأثير تحدياً، وعلى المستشارين التأكد من أنهم دقيقون وذوو أهداف واضحة. أشار معظم المستشارين الذين قابلناهم إلى أنهم لم يواجهوا أي مشكلة في مواجهة المانحين الذين لديهم افتراضات عفاها الزمن حول مؤسسات التغيير الاجتماعي، وذلك بشرح حاجة المؤسسات غير الربحية إلى النفقات العامة مثلاً، أو الذين لديهم مفاهيم خاطئة حول مقدار الجهد الذي ينطوي عليه العطاء المؤثر. قد تشمل التحديات الأخرى مطالبة المانحين بالتفكير في مصدر ثروتهم وقوتهم وامتيازاتهم، وإذا ما كانوا يقدمون ما يكفي. لإثارة هذه القضايا دون الإضرار بالعلاقة بالمانح -في النهاية المانح هو العميل- يحتاج المستشار إلى الاستماع إلى موقف المانح وفهمه، ودعم موقفه بالأدلة والأمثلة.

قد يفترض المراقبون أن جميع المستشارين المحترفين يسعون حتماً إلى استرضاء عملائهم وليس استفزازهم، بسبب فرق المكانة والسلطة، لكن في الواقع لا تكون الخيارات كما تُملي هذه القطبية. على سبيل المثال، في البداية قد يكون دور مستشار العمل الخيري هو تشجيع المانح في سياق مصالحه المعلنة، وبعد ذلك، ومع نمو الثقة والفهم، قد يحفز المستشار التفكير العميق ويقدم المزيد من الخيارات للمانح للنظر فيها. ويجب اتخاذ القرارات باستمرار بشأن أفضل ما يمكن أن يساعد المانح على تحقيق أهدافه الخيرية وما الذي سيؤدي إلى تغيير اجتماعي هادف.

وبغض النظر عن كيف يرى المستشار دوره -شخصاً يخدم عميله أو يتحداه، أو الاثنين معاً- يتجاوز تأثيره العلاقة بينه وبين عميله ليمتد إلى التأثير في قطاع العمل الخيري برمته والمناقشات على مستوى المجتمعي التي تدور حول دور الثروة وعطاء القطاع الخاص. والمستشارون ليسوا في مأمن من انتقادات دور منح القطاع الخيري الخاص وتأثيرها لأنهم جزء من منظومة العمل الخيري. أحد الأسئلة المهمة حول الدور الاستشاري هو لمصلحة من يعمل المستشارون: المانح (العميل) أم القطاع غير الربحي، أم المجتمع؟ أم -حسب وجهة نظر أولئك الذين يرون أنه عمل تجاري بحت- هل يعمل المستشارون فقط لتحقيق مكاسبهم الخاصة؟

عند التفكير في موقفهم في مواجهة انتقادات العمل الخيري وديناميات قدرته، على المستشارين أولاً التفكير في سبب عملهم في مجال العمل الخيري ولماذا تُعد مساعدة الناس على العطاء وسيلة مفيدة اجتماعياً. ثانياً، عليهم أن يكونوا قادرين على شرح الدور الفريد والمشروع للعمل الخيري وأن يقدموا أمثلة عن التغييرات الإيجابية التي يحققها.

كما يمكن للمستشارين مساعدة عملائهم على فهم ما يدور من نقاشات داخل قطاع العمل الخيري وكيف يمكن أن يكون عطاؤهم عرضة للتدقيق، ويمكنهم دعم عملائهم في تلقي الانتقادات المنطقية والرد عليها. على سبيل المثال، يمكن للمستشارين مساعدة المانحين على رد الاتهامات بعدم الفعالية من خلال مساعدتهم على أن يعملوا وفقاً لاستراتيجية وتشجيعهم على التعاون مع المانحين الآخرين والجهات الفاعلة في قطاع التغيير الاجتماعي. كما يمكن للمستشارين مساعدة المانحين على تجنب الاتهامات بإساءة ممارسة السلطة من خلال تشجيعهم على الإصغاء إلى المستفيدين واعتبارهم شركاء ذوي أهمية وليس متلقين ممتنين. ويمكن للمستشارين ربط المانحين بواقع المؤسسات غير الربحية والناس الأكثر تضرراً من المشكلات الاجتماعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة. وعليهم تشجيع المانحين على تبني ممارسات جيدة مثل المشاركة في تصميم معايير التأثير، أو توفير تمويل إضافي لتغطية تكلفة التقييمات، أو التخلص من تقارير المتابعة تماماً والانخراط في علاقة أكثر ثقة بالمستفيدين من المنح بوصفهم شركاء متساوين بالأهمية.

تحظى ديناميات السلطة الفاسدة وغير الديمقراطية لمنح القطاع الخاص باهتمام كبير في الوقت الراهن. نسلط الضوء في المقابلات التي أجريناها على عدد من الأمثلة حيث يعمل المستشارون (أفراد ومؤسسات استشارية) مع المانحين لتعزيز ممارسات نقل السلطة ودعمها. ويشمل ذلك:

  • التخلي عن السيطرة: نصحت شركة فيلا إنغايجد غيفينغ (Phīla Engaged Giving) بإنشاء صندوق ذا شير فاند (The Share Fund) الذي يهدف إلى “الخروج من هياكل السلطة التقليدية لسيطرة المانحين، والتنازل عن جميع قرارات تقديم المنح لصالح لجنة تمويل مؤلفة من أعضاء مجتمع الأقليات العرقية [ذوي البشرة السمراء والملونة والسكان الأصليون] من ذوي الخبرة في العدالة العرقية وعدالة النوع الاجتماعي”
  • الإصغاء والاستجابة: تشغل ميليندا توان منصب المديرة الإدارية لصندوق فاند فور شيرد إنسايت (Fund for Shared Insight) الذي تصفه بأنه “ممول وطني تعاوني يعمل على تحسين العمل الخيري من خلال تعزيز طرق إصغاء المؤسسات والكيانات غير الربحية واستجابتها للأشخاص والمجتمعات الأكثر تضرراً من الأنظمة والهياكل التي نسعى إلى تغييرها في عملنا”.
  • اتباع نهج إصلاحي: ثمة مستشارون جدد من ذوي الخبرة في مجال المساواة والعدالة ينتقلون إلى مجال العمل الخيري. على سبيل المثال، أسست المحامية المتخصصة بالثروات الخاصة ستيفاني بروبي مؤسسة غود أنسيستور موفمينت (Good Ancestor Movement) التي تنصح العملاء بتبني نهج إصلاحي عند اختيار كيفية استخدام فائض ثروتهم.
  • دراسة الامتياز: تساعد مؤسسة جينيريشن بليدج (Generation Pledge) المانحين على دراسة امتيازاتهم من خلال نموذج تغيير السلوك الذي يساعد وارثي الثروة على التفكير في علاقتهم بالثروة وتعلّم العمل من منطلق التواضع الفكري، ما يعني أنهم على استعداد لتغيير آرائهم وسلوكهم عندما يقدم لهم المنطق السليم.
  • تشجيع اتخاذ إجراءات أكثر جرأة: أُسست جمعية ريسورس جاستيس (Resource Justice) “لتثقيف الشباب ذوي الثروة حول جذور عدم المساواة ولتشجيع بعضهم لبعض على اتخاذ إجراءات جريئة لإعادة توزيع الثروة والأرض والسلطة بالتعاون مع الحركات من أجل العدالة الاجتماعية التي يمكن أن تحدث تغييراً منهجياً”.

توصّلت أبحاثنا إلى 3 طرق رئيسية يمكن للمستشارين عبرها تقديم إسهام إيجابي في قطاع التغيير الاجتماعي، وهي تشجيع المزيد من الأعمال الخيرية؛ دعم العمل الخيري الأفضل؛ التخفيف من حدة المشاكل الاجتماعية من خلال الأعمال والممارسات الخيرية.

كيف يشجع المستشارون المزيد من الأعمال الخيرية؟

إن قدرة المستشارين على تشجيع المزيد من العطاء وتعزيزه متأصلة في نموذج عملهم، فسواء كانوا يهدفون إلى تحقيق ربح أم لا، هم بحاجة إلى عملاء وبالتالي لديهم مصلحة راسخة في تحفيز المزيد من الأشخاص ليصبحوا مانحين. تشكل الأجيال الشابة التي سترث ثروة، أو التي اكتسبت ثروة ولكنها لم تتدارس خطط الإنفاق أو لم تؤكدها بعد، مجموعة واعدة من مانحي المستقبل. ويُعد بذل الجهد للوصول إلى الجيل القادم والتواصل معه طريقة بالغة الأهمية يمكن للمستشارين من خلالها تنمية قاعدة عملائهم مع المساعدة أيضاً في التأثير في الجيل القادم من المانحين وتثقيفهم. إذ يشارك المستشارون غالباً في إقحام الأجيال الشابة إلى أعمال الأسرة الخيرية، ما يخلق فرصة لإشراك الجيل القادم وبطريقة تعالج المخاوف المتعلقة بقطاع العمل الخيري الخاص.

تعد زيادة عدد المانحين خطوة أولى ضرورية تسبق تحسين جودة تبرعاتهم لأن المانحين يحتاجون إلى بدء العمل قبل أن يتحول التركيز إلى تحسين أعمالهم الخيرية. استعار أحد المستشارين الذين قابلناهم تشبيهاً من عالم الرياضة لتوضيح هذه النقطة قائلاً: “لا يمكنك تحسين طريقة ضرب اللاعب لكرة الغولف إذا لم يبدأ اللاعب بممارسة الغولف أولاً!”.

كيف يدعم المستشارون العمل الخيري الأفضل؟

تمثل مساعدة العملاء على ممارسة العمل الخيري الأفضل أساس عمل مستشاري المانحين. إذ يستخدم المستشارون أساليب مختلفة لمساعدة العملاء ليصبحوا مانحين أفضل، مثل تثقيف المانحين، وتصحيح آراء العملاء ومفاهيمهم الخاطئة، والدعوة إلى أفضل الممارسات في تقديم المنح منذ البداية، وذلك بهدف وضع خطة للعمل الخيري تطبق الممارسات الجيدة في التنفيذ وتحقق النجاح في التأثير. كما يمكن أن تستمر هذه الجهود خلال سير العملية، فبعد تحديد الأهداف العامة في خطة العمل الخيري، هناك العديد من الطرق التي يمكن للمستشارين من خلالها مساعدة العملاء على التحسين المستمر لتنفيذ خطتهم. على سبيل المثال، يمكن للمستشارين مساعدة المانحين على التفكير في مدى مشاركتهم مع المؤسسات التي يمولونها وتحديد أفضل الطرق لهذه المشاركة.

هناك تحول معروف ومثبت في موقف الجيل تجاه المشاركة، حيث يرغب المانحون الأصغر سناً (بشكل عام) في الانخراط في القضايا التي يدعمونها وأن يكونوا أكثر فاعلية في صياغة المشاريع والتأثير في المؤسسات التي يدعمونها. يمكن أن تولد هذه الرغبة في المشاركة فوائد مجتمعية إيجابية إضافية، مثل توظيف المانحين خبراتهم في المبادرات واستفادة المؤسسات من شبكة علاقاتهم. وتشمل الجوانب السلبية البارزة ترتيب عمل إضافي للمؤسسات المتلقية للمنح (من خلال متطلبات تسهيل مشاركة المانحين) وتعقيد ديناميات السلطة. قد يكون من الصعب على المستفيدين تحدي أولئك الذين يقدمون الموارد المالية أو رفضهم، لذلك يمكن للمستشارين جعل العمل الخيري أفضل من خلال مساعدة العملاء على تبني الممارسات الجيدة وتجنب المشاركة الإشكالية التي قد تؤدي إلى تشويه استراتيجية المؤسسة غير الربحية، وإضافة التكاليف، وإبعاد المانحين الآخرين وبالتالي إضعاف الأداء.

كيف يخفف المستشارون من حدة المشاكل الاجتماعية عبر تقديم المشورة للمانحين

رداً على وجهة النظر النقدية التي ترى أن تقديم المشورة جزء من المشكلات العامة داخل قطاع العمل الخيري، ثمة وجهة نظر أخرى ترى أن بعض العملاء يطلبون المساعدة من المستشارين بخاصة لتجنب الأضرار مثل تفاقم عدم المساواة ولتعزيز المنافع مثل زيادة حشد الجهود المجتمعية. على سبيل المثال، يفضل بعض الناس توزيع ثروتهم على الأعمال الخيرية بدلاً من الحفاظ على ثروة الأسرة أو تنميتها. إذ توصلت إحدى الدراسات إلى أن مسألة كيفية التعامل مع الميراث الأسري الكبير كانت ثاني أكبر مصدر قلق للمانحين في المملكة المتحدة الذين سعوا للحصول على مشورة من مستشاري العمل الخيري.

ثمة توافق محتمل آخر بين ما يريده المانحون وما يجلب منافع اجتماعية كبيرة وهو الحماس المتنامي لبدء الأعمال الخيرية الجادة في سن مبكرة والإنفاق الضخم بدلاً من إنشاء وسائل عطاء طويلة الأمد. يمكن للمستشارين مساعدة العملاء على التبرع بالجزء الأكبر من فائض ثروتهم في حياتهم بدلاً من انتظار توزيع المنح عبر وصيتهم بعد وفاتهم. وقد ينصاع المانحون في النهاية إلى أمانيهم عند اتخاذ هذا القرار، حيث يمنحهم هذا النهج سيطرة أكبر على كيفية إنفاق أموالهم والمزيد من الفرص للتمتع بالعرفان بالجميل والثناء في أثناء وجودهم على قيد الحياة. ونظراً لإلحاح العديد من الاحتياجات التي تتطلب دعماً خيرياً، مثل الاحتياجات الواردة في أهداف التنمية المستدامة، يمكن القول إن أي فوائد خاصة من “العطاء في أثناء الحياة” يمكن أن تقابلها فوائد عامة.

بالإضافة إلى ذلك، يعمل المستشارون أحياناً مع المتبرعين الذين لا يشعرون بالارتياح لأنهم ورثوا ثروات كبيرة. قد يختارون التبرع ببعض أموالهم أو كلها لتتماشى مع التزامهم الشخصي بالمساواة و(أو) رغبتهم في تعويض ما استغلته الأسرة لجني ثروتها.

من الإنصاف القول إن توقعات العمل الخيري عالية، وهو ما قد يفسر سبب مسارعة بعض المراقبين إلى نقد ضعف الأداء في قطاع العمل الخيري والتغيير الاجتماعي. ومع ذلك، يتبع المستشارون والمانحون أنفسهم هذه التوقعات العامة المرتفعة. يظهر العديد من الدراسات أن الرغبة في تحفيز التغيير التحولي أو حتى “تغيير المجتمع” من خلال السعي وراء الابتكارات الاجتماعية تشكل دافعاً للمانحين. من الواضح أن تحقيق هذه التوقعات يتطلب الكثير من المال، ويتطلب أيضاً أن يتكامل ذلك مع “الكرم الصادق إلى جانب حسبة منضبطة لما تأمل في تحقيقه” على حد تعبير المؤسس المشارك لمجموعة بريدجسبان توم تيرني. وهنا يمكن للمستشارين أداء دورهم في مساعدة المانحين على تحقيق نجاح العمل الخيري عبر التدخلات المؤثرة التي تولد فائدة عامة أكبر من خلال تحقيق المزيد من المصالح العامة؛ وزرع الثقة بالمانحين التي قد تؤدي إلى مزيد من العطاء؛ وتحويل المزيد من الأموال بعيداً عن الاستهلاك الخاص وتحويل الميراث نحو التوزيع الخيري لتحقيق التغيير الاجتماعي الإيجابي في نهاية المطاف.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.