كيف يسهم العمل التطوعي في تنمية المجتمع؟

2 دقائق
العمل التطوعي في المجتمع
shutterstock.com/New Africa

يعزز انخراط الأفراد في مجال العطاء شعورهم بالقدرة على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعهم. وسواء استثمروا وقتهم أو مالهم في مساعدة الآخرين؛ سيسهم عملهم التطوعي، على اختلاف صُوره، في خلق مجتمع أفضل.

ويمثل العمل التطوعي فرصة لجميع الأفراد للمساهمة في المجتمع، فجامع التبرعات أو أمين الصندوق الذي يعمل مع مؤسسة خيرية ما، يسهم بطريقة أو أخرى في تعزيز معايير الحوكمة من خلال تدقيق حسابات الصناديق الخيرية واعتماد الشفافية في جمع التبرعات، وبالتالي أصبح المتطوعون بمثابة رأس المال الاجتماعي الذي تقوم عليه الممارسات الحديثة للتنمية، وبات العمل التطوعي دليلاً على وجود طاقات ذاتية بالمجتمع قادرة على النهوض به في مختلف المجالات. فما أوجه الاستفادة التي يقدمها العمل التطوعي في المجتمع؟

الاستثمار في الموارد البشرية

يصبح المجتمع أقوى عندما يوظف طاقات أفراده في سبيل الارتقاء بأوضاعه، إذ يكوّن المتطوعون شبكة من العلاقات مع أقرانهم ومع الأشخاص الذين يساعدونهم، تتجاوز أي فروق جغرافية أو عِرقية أو طبقية وغيرها من الاختلافات التي تؤدي إلى تقسيم المجتمع، في هذه الإطار يصبح الأفراد أكثر انخراطاً في مجتمعاتهم المحلية التي يمتلكون فيها أكبر قدر من المعرفة والتأثير.

ومع تعدد الموارد البشرية التي اختارت التطوع لتنمية مجتمعاتها، ازداد التنافس الإيجابي لتقديم الخير، وبحسب دراسة جزائرية بعنوان: "العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع"، تنعكس روح التنافس بين الجماعات التطوعية إيجابياً على جودة الخدمات المُقدمة، وتساعد أعمال التطوع في تحقيق روح التكافل وزيادة التوعية المجتمعية بتوزيع الثروة الاجتماعية والاهتمام بالفقراء والمحتاجين.

يربط العمل التطوعي الأفراد بقضايا مشتركة، مثل العيش المستدام أو تعليم الأطفال، فالمتطوعون أشخاص يتشاركون الرغبة في الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم، والانفتاح على قضاء الوقت في العمل المجتمعي، والميل إلى الانخراط في الأنشطة الموجهة نحو الفريق، والرغبة في الإسهام في رفاهية الآخرين.

يسهم العمل التطوعي في إحداث فرْق أسرع وأكبر في المجتمع، بسبب امتلاك المجموعات التطوعية القوة والخبرة لتحقيق ذلك، وقد يتواصلون مع المسؤول في مجتمعهم المحلي لطرح المشكلة وكيفية تقديم الدعم للعمل على حلها، وربما تُتاح لهم الفرصة لتمثيل منطقتهم في الدوائر الحكومية وتعزيز دورهم في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع، والمشاركة في اتخاذ القرارات.

وفكرة أن التطوع عمل غير مأجور، لا يعني بالضرورة أن المهارات التي يكتسبها الأفراد من خلاله أساسية وبسيطة، فبعض الفرص التطوعية مثل التطوع في تنظيم مشاريع كأس العالم 2022 في قطر توفر تدريباً مكثفاً يساعد المتطوعين في اكتشاف مهاراتهم وتوسيع قاعدة معرفتهم.

تحقيق الأمان الاجتماعي

يمكن أن يساعد التطوع في معالجة ظواهر اجتماعية كالجريمة والبطالة، من خلال دمج الطاقات الشابة في العمل التطوعي والاستفادة من أوقات فراغهم في تطوير مهاراتهم وخدمة المجتمع والمحتاجين، وبذلك، يُعتمد التطوع كوسيلة للضبط الاجتماعي، الذي يمثل مجموعة من القوى التي يمارسها المجتمع على أفراده، لضبط سلوكهم وأساليب تفكيرهم  لضمان سلامة البناء الاجتماعي والحرص على استقرار نظمه ومحاربة مظاهر الانحراف من خلال التمسك بالقيم المرغوبة والمقبولة، كما أكدت دراسة مصرية أن العمل التطوعي يسهم في القضاء على الصراع والمنافسة بين أفراد المجتمع، والوقاية من الجريمة.

وتحقيق هذا الانضباط لا يتطلب أن يكون العمل التطوعي مرتبطاً بمؤسسة خيرية، بل قد ينبع من سلوك فردي، كزراعة أشجار في الحي مثلاً، أو أي ممارسة أخرى تعود بالنفع على المجتمع.

قيمة اقتصادية مضافة

تسارُع التحديات اليومية يتطلب جهوداً جماعية لمواجهتها، فالدول وحدها لا تقوى على تلبية الاحتياجات التنموية المختلفة، وبالتالي يمكن أن يسهم العمل التطوعي في المجتمع عبر تحقيق وفورات ملموسة في الإنفاق الحكومي لصرفها في مشاريع تنموية تخدم المجتمع، وتؤثر البرامج التطوعية بطريقة طويلة الأمد على السلوك المالي للحكومة، ولكن شرط أن يُخطط لها على نحوِ جيد يجذب العديد من المتطوعين، وأن يخضع المتطوعون للتدريب من أجل تولي بعض المهام ذات النفع العام، وبذل الجهد للحفاظ عليهم لتحقيق الاستفادة من جهودهم وخبراتهم.

وتركز الدول على نشر ثقافة التطوع لتحقيق قيمة اقتصادية مضافة، وقُدّرت أحدث قيمة لساعة التطوع في أميركا بنحو 29.95 دولاراً في عام 2021، بزيادة 4.9% عن عام 2020، وتستهدف المملكة العربية السعودية رفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي، من 1% إلى 5% بحلول عام 2030.

المحتوى محمي