تخيَّل تجمُّعاً يضم أشخاصاً عديدين يطرح أحدهم السؤال التالي: "هل أثر الإنترنت على المجتمع إيجابي أم سلبي؟" وهنا يدور نقاش يعكس تنوُّع آراء الحضور، لكن فحواه يشير إلى أن الجميع يتفقون على أن أثر الإنترنت إيجابي على المجتمع. بيد أنك لا تشعر بالارتياح حيال هذه النتيجة لأنك كنت شاهداً على النقاش بأكمله ولاحظت أن نسبة كبيرة من الحاضرين أومأوا برؤوسهم موافقين على إجابة محددة لا لشيء إلا لأن الجميع على طاولتهم فعلوا ذلك، أي أن موافقتهم لم تكن عن اقتناع بالضرورة، كما لاحظت أن الكثيرين ممن أشاروا إلى إيجابيات الإنترنت، مثل تمكين أطفالهم من متابعة الدروس ومساعدتهم على أداء الواجبات المدرسية في المنزل، تحدثوا بعد ذلك عن سلبياته، وغالباً من جوانب متنوعة ومختلفة تماماً؛ إذ أعرب بعضهم عن قلقه بشأن تعرُّض أطفالهم لمحتوى غير مناسب، بينما أبدى آخرون تخوُّفهم من إدمان الألعاب ووسائل التواصل الاجتماعي. بدأت هذه التصريحات كلها بعبارة: "الإنترنت جيدة، ولكن"، وبالتالي دخلت هذه الردود ضمن "الإيجابيات"، ولكنك كنت تراقب النقاش وأسلوب المتحدثين في التعبير عن آرائهم؛ إذ كانت آراء البعض قطعية وحازمة، بينما أبدى البعض ترددهم وتحفُّظهم، في حين شعر البعض الآخر بعدم الارتياح أو الخوف من التعبير عن رأيهم بوضوح؛ وبالتالي كانت النتيجة العامة التي خلصت إلى "إيجابية الإنترنت" تُخفي الحقائق التي لاحظتها والتي كانت أكثر تعقيداً بمراحل.
هذا ليس نقاشاً افتراضياً، بل سؤال حقيقي طرحناه على عملاء إحدى الشركات المدرجة في محفظتنا الاستثمارية والمسؤولة عن تقديم خدمة الإنترنت الفائقة السرعة المعروفة باسم "شبكات النطاق العريض". فقد أدركنا في شركة أوميديار نتورك إنديا (Omidyar Network India) أن الوصول إلى هذا المستوى من التفاصيل أمرٌ بالغ الأهمية لتعزيز جهودنا الحثيثة الهادفة إلى تحقيق إنجازات جديدة في مجال الأثر الاجتماعي الإيجابي. وعند قياس الأثر، من الضروري أن نتذكر أن الإنسان هو جوهر هذا الموضوع. ولإضفاء بُعد إنساني على المؤشرات التي تهدف إلى تعريفنا بالأثر، من المهم أن ننظر إلى الأرقام ونطرح سؤالين محوريين: "ما الذي تخبرنا به هذه الأرقام في حقيقة الأمر؟" و"كيف نستفيد منها؟" بعبارة أخرى، ليس للأرقام قيمة جوهرية بحد ذاتها، وبالتالي فهي لا تخبرنا بما نحتاج إلى معرفته كله. وكي تكون بيانات الأثر الدقيقة والقابلة للقياس أداة تحليلية فعّالة في صناعة القرارات، لا بد من إضافة رؤى نوعية تضع هذه الأرقام في السياق الذي وُلدت فيه.
ينعكس التعامل مع قياس الأثر بأسلوب يراعي أهمية البيانات المركّزة (Thick Data) والبيانات السطحية (Thin Data) على كلٍّ من الشركات المُدرجة في المحفظة الاستثمارية والمستثمرين، خاصة مَن يسعون لتحقيق أهدافهم الاستراتيجية والتأثيرية في آنٍ معاً. وفي هذا السياق، ثمة فرصة مهمة غالباً ما تتعرّض للتجاهل، وهي إمكانية استخدام بيانات الأثر لتوجيه الاستراتيجيات المتمحورة حول المستهلك.
يستخدم معظم الشركات، حتى المؤسسات الهادفة إلى تحقيق أثر اجتماعي أو بيئي ولا تزال في مراحلها المبكرة، أدوات قياس رضا العملاء، مثل مؤشر صافي نقاط الترويج (NPS). تؤدي هذه الأدوات التقليدية دوراً محورياً من خلال قياس مدى رضا العملاء. وعند استخدامها بعناية، يمكنها مساعدة الشركات على تحسين التوافق بين المنتج والسوق. ومع ذلك، ثمة عيوب تكتنف مؤشر صافي نقاط الترويج التقليدي، مثل عجزه عن تقديم تفاصيل معمَّقة حول قدرة المنتج أو الخدمة على التأثير في حياة العملاء، أو مدى هذا التأثير.
قدمت شركة أوميديار نتورك إنديا، بالتعاون مع شريكنا في البحث المدعوم بالتكنولوجيا، شركة ديكوديس (Decodis)، منهجاً جديداً لقياس الأثر يستند إلى الإنصات الواعي لعينات كبيرة من العملاء. وقد نفّذنا أنشطة الإنصات الواعي بخمس شركات مُدرجة في محفظة شركة أوميديار نتورك إنديا الاستثمارية، واستمر العمل مع إحداها طيلة عامين متتاليين، حيث استمعنا إلى 1,170 عميلاً بأربع لغات، ما أدى إلى إنتاج تسجيلات صوتية مدتها 4,420 دقيقة (أو ما يعادل نحو 3 أيام). وأسفر العمل على هذه البيانات ومع كل شركة عن نتائج غيرت مفهومنا لقياس الأثر.
نطلق على هذه الطريقة الجديدة لقياس الأثر اسم "التوفيق بين الأثر المطلوب تحقيقه والاحتياجات الفعلية للسوق" (Impact-Market Fit)، وتشمل الإنصات الواعي إلى عينات كبيرة من العملاء لمعرفة مدى اتساق استراتيجية طرح المنتج في الأسواق مع الأثر المنشود. يتطلب التوفيق بين الأثر المطلوب تحقيقه والاحتياجات الفعلية للسوق الجمع بين ما يقوله الناس والطريقة التي يقولونه بها. في حال اكتشاف وجود عدم توافق، على غرار السيناريو الذي ناقشناه في بداية هذا المقال، فلا بد من التفكير في كيفية إجراء تعديلات مناسبة، سواء على مستوى الاستراتيجية أو الأهداف التأثيرية. بعبارة أخرى، يكشف الإنصات الواعي للعملاء كيفية تعديل عرض القيمة المقدَّم للمستهلك واستراتيجية استقطاب العملاء لزيادة قيمة كلٍّ من الأثر والعمل بمرور الوقت. وعند توافر إطار العمل المناسب وعينة كبيرة من العملاء، يمكن استخدام قياس الأثر عبر الإنصات الواعي لإجراء تحليل الحساسية من أجل تحديد التغييرات التي يمكن إجراؤها في منتجات شركة معينة ضمن الشركات التابعة للشركة الأم بحيث تؤدي إلى أكبر تحسُّن ممكن في الأثر. على سبيل المثال، سنناقش في جزء لاحق من هذا المقال منصة التعلم عبر الإنترنت للباحثين عن عمل، إنتري (Entri)؛ إذ كان بمقدور إنتري المفاضلة بين الاستثمار في القدرة الوظيفية لمنصتها أو في جودة معلميها أو في نوع المحتوى الذي تقدمه، وتوصلنا إلى ضرورة استثمارها في جودة معلميها؛ لأنه سيزيد من أثرها إلى أقصى حدٍّ ممكن.
يعيد هذا المفهوم صياغة طريقة قياس الأثر بالنسبة للمستثمرين المؤثرين والشركات التي يستثمرون بها، بحيث لا يُنظر إليه باعتباره تقييماً لأداء شركة تابعة، بل أداة لمساعدة هذه الشركات على تحسين عملياتها ومنتجاتها أو خدماتها لتعظيم الأثر الإيجابي الذي تهدف إلى تحقيقه.
استخدام تحليل البيانات النصية والتعبيرية المدعوم بالذكاء الاصطناعي لإجراء "الإنصات الواعي"
يكمن سر تقييم التوافق بين الأثر المطلوب تحقيقه والاحتياجات الفعلية للسوق في الإنصات الواعي، أي إتاحة الفرصة أمام العملاء للتحدث بحرية بأسلوبهم التعبيري الخاص الذي يعكس آراءهم وتجاربهم بصدق. يؤدي ذلك، خاصة عند فعله مع مئات أو آلاف العملاء، إلى تراكم كم كبير من بيانات اللغة الطبيعية. ويوفر تحليل هذه الأساليب التعبيرية رؤية مُعمَّقة حول العملاء، ما يتيح للشركة إجراء تشخيص دقيق يساعدها على تحويل رضا العميل إلى أثر ملموس في حياته.
يتمثل أحد المتطلبات الأساسية للإنصات الواعي في وجود عينة كبيرة تتيح إجراء تحليل تجزئة السوق، لكن يستحيل تحليل كميات كبيرة من البيانات اللغوية التي تُجمَع من خلال الإنصات الواعي يدوياً. وتبلغ تقديراتنا لنشاط الإنصات الواعي في شركة واحدة إنتاج نصوص يتجاوز عدد صفحاتها 500 صفحة تستلزم من الباحث تخصيص نحو شهرين كاملين لتحليلها؛ بيد أن هذه العملية تستغرق يومين فقط باستخدام التحليل النصي المدعوم بالذكاء الاصطناعي. يوفر هذا التحليل النصي رؤى رئيسية تستشف فحوى ما تقوله عينات كبيرة من العملاء على نحو يتجاوز الاكتفاء بتحديد مدى رضاهم عن المنتج. ولإضافة مزيد من الدقة إلى هذا الفهم، نحلل الأسلوب التعبيري في ردود العملاء لنستشف كيفية تعبير العملاء عما يقولونه. على سبيل المثال، قد يستخدم العملاء كلمات إيجابية لوصف أثر منتج أو خدمة في حياتهم، لكن قد تُقال هذه الكلمات إما بنبرة تنمّ عن الفتور واللامبالاة وإما بنبرة حماسية؛ وهكذا تساعد إضافة تحليل الأسلوب التعبيري إلى التحليل النصي على إضفاء الطابع الإنساني على آراء العملاء وتكوين فهم أعمق لآرائهم في الأثر.
التوفيق بين الأثر المطلوب تحقيقه والاحتياجات الفعلية للسوق يتطلب الاستماع الفعّال والمنتظم
تشهد الأسواق المستهدفة تغيرات بمرور الوقت، خاصةً بالنسبة للشركات التي تنمو باستمرار؛ فقد يكون أثر المنتج أو الخدمة على العملاء القدامى الذين ارتبطوا بالشركة منذ فترة طويلة مختلفاً عن أثره على العملاء الجدد الذين تعاملوا مع منتجاتها أو خدماتها مؤخراً. ويمكن اعتبار إجراء تحليل الفئات (Cohort Analysis) لمقارنة العملاء الجدد بالعملاء القدامى اختباراً لما يُعرف بـ"أثر الجرعة" (Dosage Effect)، أي "هل العملاء الذين يستخدمون الخدمة منذ فترة طويلة يشعرون بأثر أكبر مقارنة بالعملاء الجدد؟"
هذا ما لاحظناه مع شركة وايوم (Wiom) المتخصصة في تقديم خدمات الإنترنت الفائقة السرعة والتي تخدم نحو 100,000 عميل من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط في العاصمة الهندية، نيودلهي؛ إذ أجرت شركة ديكوديس تحليلاً لقياس الأثر باستخدام الإنصات الواعي لعملاء شركة وايوم للمرة الأولى عام 2022 ثم كررته مرة أخرى عام 2023. وأظهرت نتائج تحليل البيانات النصية والتعبيرية المدعوم بالذكاء الاصطناعي في الجولة الثانية من المقابلات أن العملاء الجدد أعربوا عموماً عن تقديرهم لعدم انقطاع خدمة الإنترنت، ولكن دون توضيح الأثر الذي أحدثه ذلك في حياتهم. أما المستخدمون القدامى فانصبّ حديثهم على حالات استخدام محددة؛ إذ شعروا بأن استمرارية خدمة الإنترنت المقدمة من شركة وايوم أحدثت أثراً ملموساً في تمكين أطفالهم من استخدام الإنترنت للأغراض التعليمية وفي مساعدة البالغين على إدارة أعمالهم من المنزل؛ ولكن ما أثار دهشتنا هو سماع شيء آخر، وهو حديث العملاء بحماس عن شعورهم بالراحة والثقة في أثناء إجراء المدفوعات والمعاملات البنكية عبر الإنترنت باستخدام الإنترنت الفائقة السرعة، مقارنة باستخدام بيانات الهاتف المحمول لتنفيذ هذه العمليات.
يدعم ذلك كله الفكرة القائلة إن أثر بعض عروض الشركات على العملاء لا يظهر فوراً بل يتجلى على مدار الوقت؛ وهكذا تستطيع الشركة استخدام الإنصات الواعي باستمرار لصياغة فرضية حيوية حول أثر منتجاتها أو خدماتها، ما يسمح لها بتعديل رؤيتها للأثر بحيث تتناسب مع احتياجات العملاء وظروفهم الواقعية. في حالة شركة وايوم، كان توليد رؤى نوعية أعمق عنصراً محورياً لفهم استجابات العملاء ضمن السياق الزمني لرحلة المستخدم وفي ضوء فرضية الأثر الحيوية التي تعتمدها الشركة. علاوة على ذلك، لم يكن بالإمكان الكشف عن قوة هذه الفائدة غير المتوقعة دون استخدام التحليلات النصية والتعبيرية الدقيقة التي يتيحها الإنصات الواعي.
تمكين دراسة العينات الكبيرة باستخدام أداة استماع مدعومة بالذكاء الاصطناعي
يحتفظ المستثمرون المؤثرون في محافظهم الاستثمارية بشركات تمر بمراحل مختلفة، سواء في بدايتها أو في مرحلة النمو. ومع تطور الشركة، يصبح فهم شرائح العملاء الجديدة أمراً بالغ الأهمية لكل استراتيجية من استراتيجيات طرح المنتج في الأسواق. وعندما تواصل الشركة مسيرة التطور، تلجأ غالباً إلى تعديل المنتج واستراتيجية التسويق والخدمة لتحسين معدل تبني العملاء للمنتج وزيادة رضاهم عنه. ولا بد من ممارسة الإنصات الواعي في أثناء مرور الشركات بهذه المراحل لأنه يساعد على إجراء تعديلات دقيقة تُحقق أثراً أكبر.
كان وجود عينة كبيرة بما يكفي لإجراء تحليل تجزئة السوق بهدف تطوير نماذج مثالية أمراً بالغ الأهمية لتحسين التوافق بين السوق والأثر في شركة إنتري، إحدى الشركات التابعة لشركة أوميديار نتورك إنديا وتعمل في مجال التعليم. تقدم شركة إنتري منصة إلكترونية توفر موارد تساعد العملاء على الاستعداد للاختبارات وتطوير المهارات باللغات الماليالامية والتاميلية والهندية والتيلوغوية والكانادية، مستهدفة الباحثين عن عمل في مختلف المناطق. كان هذا الفهم الأعمق لشرائح العملاء محورياً، لا سيما في فهم النموذج الأكبر من عملاء شركة إنتري وأهم شرائحها المستهدفة: النساء المشغولات اللواتي يسعين للموازنة بين مسؤولياتهن المنزلية والبحث عن عمل أو إحراز تقدم فيه. علاوة على ذلك، ركزت الشركة في تقييم أثرها على عدد الوظائف التي حصل عليها العملاء، مع إغفال الجوانب الأخرى التي تؤثر على رضا العملاء. وعلى الرغم من ذلك، فقد كشفت تحليلات الإنصات الواعي أن القيمة الحقيقية لـمنصة إنتري تكمن في تحسين جاهزية العملاء لسوق العمل وقابليتهم للتوظيف. أظهرت هذه النتائج أن أثر المنصة يتجاوز المعايير التقليدية من خلال تسليط الضوء على أثرها الأشمل في صقل المهارات وزيادة الثقة بالنفس وتعزيز الفرص المهنية، وهو أثر يتجاوز الحصول على وظيفة واحدة إلى تمكين العملاء من النجاح في الوظائف الحالية والمستقبلية على مدار حياتهم المهنية. بعبارة أخرى، استطعنا من خلال الإنصات الواعي تحديد كيفية تعديل سردية أثر منصة إنتري، فضلاً عن إعطاء الأولوية للعملاء الذين وصفوا أنفسهم بأنهم الأكثر تأثراً بخدمات المنصة. في النهاية، وفرت هذه العملية للشركة رؤى واضحة حول ما يقدّره العملاء وكيفية تعديل عروضها وقياس أثرها خلال مرحلة التوسع.
ما هي الفائدة العائدة على المستثمرين والشركات التي يستثمرون بها؟
ينجذب أمثالنا من المستثمرين المؤثرين إلى الاستثمارات التي تهدف إلى تحقيق أثر إيجابي على الإنسان والبيئة؛ إذ نسعى جميعاً خلال دورات الاستثمار إلى رؤية إشارات تؤكد صحة توجهاتنا من خلال تقييم الأثر. يساعدنا التحليل على مستوى الشركات التي نستثمر بها في التحقق من صحة فرضياتنا بشأن كل استثمار ومراجعة الدروس المستفادة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد جمع هذه الرؤى بالشركات المُدرجة في المحفظة الاستثمارية على تقييم تقدمنا نحو تحقيق أهدافنا التأثيرية.
يمنحنا تقييم الأثر والإنصات الواعي فرصةللتعلم تتيح للمستثمرين المؤثرين تحسين فرضياتهم الاستثمارية، كما يساعد فهم "التوفيق بين الأثر المطلوب تحقيقه والاحتياجات الفعلية للسوق" على صياغة رؤى استثمارية تضيف قيمة حقيقية لشرائح محددة من العملاء، مع الأخذ في الاعتبار الفوارق المحلية. على سبيل المثال، ركزت منهجية الاستثمار بشركة أوميديار نتورك إنديا طيلة الأعوام الخمسة الماضية على تحسين حياة نصف مليار هندي يمثلون المستخدمين الجدد للإنترنت الذين دخلوا عالم الإنترنت للمرة الأولى عبر هواتفهم المحمولة. ومن خلال الاستماع لعدد كبير من هؤلاء العملاء عبر الشركات المُدرجة في محفظتنا الاستثمارية، استطعنا صياغة فرضيات تأثيرية محلية دقيقة ومرنة تدعم بناء أعمال مستدامة في الهند.
نقلة نوعية في استخدام قياس الأثر داخل القطاع
تبنينا في القطاع ضرورة قياس الأثر، ولكن حان الوقت الآن للانتقال إلى المستوى التالي. وهذا يعني للمستثمرين تعزيز ممارسات تقييم الأثر الحالية باستخدام أدوات الإنصات الواعي. علاوة على ذلك، يتعين على الشركات التي يستثمرون بها التفاعل بقوة مع عملية قياس الأثر وإظهار قدر أكبر من المرونة تجاه آراء العملاء. وبمقدور اعتماد قياس الأثر بأسلوب مُعمَّق ومدروس مساعدة المستثمرين والشركات التي يستثمرون بها على التوافق معاً حول كيفية تصحيح المسار، بدلاً من الاكتفاء بمتابعة المؤشرات الطويلة الأمد، ما يؤدي إلى تعزيز مرونة الشركات وقدرتها على التكيف والاستجابة بفعالية لآراء عملائها. وينظر المستثمرون بعين التقدير إلى قدرة الشركات التي يستثمرون بها على تصحيح المسار بسرعة وفعالية ويدعمونها عند الحاجة، وهو أمر بالغ الأهمية للشركات في مراحلها الأولى. وبذلك يمكن للشركات توجيه قدر أكبر من التركيز إلى بناء نموذج عمل يلبي احتياجات العملاء على نحو مستدام، بدلاً من متابعة مجموعة ثابتة من مؤشرات الأثر قد لا تتغير وفقاً لمتطلبات السوق.
يستلزم تحقيق هذا التحول استعداداً لقبول الأفكار المبتكرة وتعديل العمليات الحالية لتتماشى مع الأهداف الجديدة، لكن الانتقال المنظَّم إلى قياس الأثر بأسلوب يتسم بالدقة والتركيز على الإنسان بمقدوره تحقيق التوازن بين توحيد أساليب قياس الأثر على مستوى القطاع وتخصيص هذه الأساليب بما يلائم احتياجات كل حالة أو جهة، إضافة إلى قدرته على الإسهام في تحقيق قيمة مضافة على نحو يعزز المسؤولية الاجتماعية.