ما التوقيت الأمثل لتقديم يد العون للآخرين؟

الملكية النفسية
shutterstock.com/ronstik
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا رأيت أحدهم يعمل على إنجاز مهمة، فهل يجب أن تساعده على إتمامها؟ فإن لم تمد له يد العون فربما يفشل، وفي حال ساعدته ونجح، فقد لا تكون سعادته على تحقيق النجاح بمقدار سعادته بتحقيق النجاح بمفرده.

درس تقرير علمي جديد هذه المعضلة الأخلاقية الشائعة وتوصل إلى أن توقيت تقديم المساعدة يلعب دوراً رئيسياً في تحديد شعور متلقي المساعدة حيال المساعدة الحاصل عليها.

يميل الإنسان بصفته كائناً اجتماعياً إلى تقديم المساعدة للذين يحتاجون إليها. لكن هذا الميل قد يسبب تبعات نفسية على متلقي المساعدة. إذ أثبتت الأبحاث السابقة أن تلقي المساعدة يمكن أن يُشعر المتلقي بأنه اتكالي، وتعوزه الكفاءة، وبأنه مدين لمن ساعده، وغالباً ما يكون أقل سعادة بإنجازه.

ولكن هل يمكن أن يؤدي التوقيت إلى التخفيف من هذه الآثار السلبية لتلقي المساعدة؟ أجرى فريق من الباحثين تجارب لدراسة مشاعر الناس عندما تُعرض عليهم المساعدة ثم ركزوا على أثر توقيت تلك المساعدة، ووجدوا أن مشاعر الذين يتلقون المساعدة في بداية المهمة أفضل من مشاعر الذين يتلقونها في نهايتها.

حيث كتب الباحثون: “تعزز النتائج التي توصلنا إليها الفهم الحالي لكيف يمكن أن يؤدي تقديم المساعدة إلى الإضرار بسلامة المتلقي وتقدم نظرة عملية حول الوقت الملائم لتقديم المساعدة وذلك لتقليل هذه الآثار الضارة”.

وتألف فريق البحث من الأستاذة المشاركة لمادة التسويق بكلية إس كيه كيه للدراسات العليا في الأعمال بجامعة سونغكيونكوان في كوريا الجنوبية (SKK Graduate School of Business, Sungkyunkwan University) مين جونغ كو، وطالبة الدكتوراة في مادة التسويق بجامعة ويسكونسن ماديسون (University of Wisconsin-Madison) سويون جونغ، والأستاذ المشارك لمادة التسويق بجامعة جنوب فلوريدا (University of South Florida) ماوريسيو بالميرا، والأستاذة المشاركة لمادة التسويق بكلية إس كيه كيه، كيونغوي كيم.

تبين كو أن فكرة البحث بدأت عبر محادثة بينها وبين جونغ التي كانت ما تزال طالبة جامعية حينها، وذلك في ندوة حول كيف يمكن أن يفسر المرء عرضاً للمساعدة. تتذكر كو قائلة: “قلنا حينها، إن تلقي المساعدة أمر شديد الإحباط عندما نشارف على تحقيق الهدف، فربما يدّعي من يساعدني الفضل في تحقيق هدفي”.

أجرى الباحثون 9 تجارب مختلفة مع أشخاص يؤدون مهام بسيطة أو يسمعون سرداً حول أداء تلك المهام، مثل تركيب قطع لوحة بازل، أو لعبة كاسحة الألغام، أو تشكيل مجسم لكلب من قطع الليغو، أو حل مكعب روبيك، أو تنسيق باقة من الورود. في بعض التجارب قدّم شخص آخر مساعدة حاسمة في المراحل الأولى من المهمة، وفي تجارب أخرى قُدمت المساعدة في المراحل الختامية من المهمة.

وتوصّل الباحثون إلى “أن مدى الرضا يكون منخفضاً لدى من تلقى المساعدة في المراحل الختامية من المهمة مقارنة بمن تلقى المساعدة في مرحلة مبكرة، وذلك في 9 تجارب”. كما كشفت تجارب الفريق أن المشكلة تتعلق “بالمُلكية النفسية”، فالشخص الذي يتلقى المساعدة يشعر كما لو أنه فقد ملكيته للمشروع وكلما وصلت المساعدة متأخرة، ازداد شعوره بفقدان الملكية.

كما كشفت التجارب أن متلقي المساعدة لا يشعر بالرضا عند تلقي المساعدة المتأخرة في حال كان يستمتع بتنفيذ المهام أو لديه دوافع لتنفيذها، ولكن عندما تكون المهمة إلزامية لا يظهر نفس التأثير. بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن حل المشكلات للمتلقي يسبب له الاستياء، لكن تقديم الأدوات المناسبة لإيجاد الحل، أي تعليمه الصيد بدلاً من إعطائه سمكة، لا يسبب له أي مشكلة.

ولتحقيق ذلك تقول كو: “يمكنك فقط التلميح أو اقتراح طريقة يمكن أن يجربها المتلقي لحل المشكلة”، بدلاً من إعطائه الحل أو تولي تنفيذ المهمة بالكامل”.

كما ترى كو أن نتائج البحث على أرض الواقع يمكن أن تنعكس في كيفية تعامل الشركات مع موظفيها. ومع أن الشركات غالباً ما تكون ملتزمة بمواعيد نهائية مهمة لإنجاز المهام، يحتاج المدراء إلى النظر في تأثير المساعدة غير المرغوبة في ثقة الموظفين بأنفسهم. وتقول: “عليهم إعطاء الفرصة للموظفين لإكمال مهامهم متى بدؤوها”.

وتقول الأستاذة المشاركة لمادة التسويق بكلية الإدارة في معهد نيويورك للتكنولوجيا (the New York Institute of Technology School of Management) كولين كيرك: “إن هذا البحث يقدم إسهاماً رائعاً في فهمنا لتطور الملكية النفسية ومتى يستجيب الأفراد ذوو الملكية النفسية لأفعال الآخرين وكيف”. “وفي سياق التعرف إلى هذه الظاهرة الجديدة والمثيرة للاهتمام، دعم الباحثون عبر هذا البحث مجموعة الأبحاث حول الملكية النفسية وحول الردود البشرية على مظاهر الملكية النفسية عند الآخرين، المقصودة منها أو غير المقصودة”.

كما يمتلك هذا البحث صلات بالعديد من جوانب الحياة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الملكية النفسية تستغرق وقتاً لتتطور، حيث يقول كيرك: “يعزز هذا البحث تطوير فهم الملكية النفسية ويعزز الأبحاث حول المساحة الشخصية للفرد عبر توضيحه أن توقيت التدخل في تصرفات الفرد يمكن أن يؤثر في كيفية استجابة ذوي الملكية النفسية”.

مين جونغ كو، وسويون جونغ، وماوريسيو بالميرا، وكيونغوي كيم، “توقيت المساعدة: تلقي المساعدة في النهاية (مقابل تلقيها في البداية) يقوض الملكية النفسية والرفاه الذاتي” (The Timing of Help: Receiving Help Toward the End (vs. Beginning) Undermines Psychological Ownership and Subjective Well- Being)، مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology)، عدد يوليو/تموز 2022.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.