هل سنتمكن من بناء اقتصاد مستدام مرن ومتمحور حول الإنسان، ونحقق من خلاله أهدافاً متنوعةً كالنمو والشمول والتكافؤ؟ هل يمكن أن توفر الصناعة الازدهار في مجالات تتعدى المهن والنمو الاقتصادي، من خلال اعتماد الرفاه المجتمعي كبوصلة يسترشَد بها في إنتاج السلع والخدمات؟
يبدو أن موجز السياسات "الصناعة 5.0" (Industry 5.0) الذي أصدرته المفوضية الأوروبية مؤخراً يردّ على تلك الأسئلة بالإيجاب. إنه يثبت أهمية تصور النمو الاقتصادي كوسيلة لتحقيق الازدهار الشامل، كما أنه دعوة لإعادة التفكير في دور الصناعة في المجتمع، وإعادة ترتيب الأولويات في أهداف السياسات وأدواتها.
إن الأفكار التي سنذكرها والمبنية على آراء جمعَت من الأبحاث التجريبية، هي أول محاولة لشرح كيف يمكن أن نعيد التفكير في ذلك، وتهدف إلى المساهمة في الجدل حول الاقتصاد الاجتماعي في أوروبا وخارجها.
الفئة الريادية الجديدة
تبرز فئة ريادية جديدة صنعتها مبادئ الريادة الاجتماعية وكانت الفرص التكنولوجية وقودها، وهي مهيأة لمداواة الجروح الاقتصادية والاجتماعية التي سببتها كل من جائحة كوفيد-19 والتداعيات المفاجئة لاقتصاد المعرفة الأولي؛ وهو اقتصاد مبني على الأفكار ورأس المال الفكري، ويحرّكه الإبداع والتكنولوجيا والابتكار المنتشرون.
نعتقد أن هذه الفئة، التي نسميها ريادة التكنولوجيا الاجتماعية، مهمة لتدشين جيل جديد من سياسات التنمية المكانية القائمة على الابتكار، المستوحاة من فكرة أشمل عن النمو - بشرط أن تشملها سياسات الصناعة والابتكار في إطارها المرجعي.
ويرجع بعضاً من ذلك إلى أن الابتكار الاجتماعي قد خضع لعملية تحول معقدة في السنوات الأخيرة؛ فقد شهد تهجيناً للأهداف الاجتماعية والتجارية، وكنتيجة مباشرة لذلك، نشأت نماذج إدارية جديدة تدعم المهام المؤسَّسية التي تدمج بينهما. وحالياً، نشأ توجه أحدث عززت الجائحة نشوءه، قد يدفع عملية التحول هذه إلى أبعد من ذلك: الفكرة أن التكنولوجيات - خاصةً تلك التي تحولت إلى سلع في المجالات الرقمية والبرمجية - توفر فرصةً فريدةً لمعالجة التحديات المجتمعية على نطاق واسع.
تختلف ريادة التكنولوجيا الاجتماعية عن عمل شركات التكنولوجيا الفائقة بأنها تهدف تحديداً إلى "تطوير حلول قائمة على التكنولوجيا ونشرها لتلبية الاحتياجات الاجتماعية"، كما أوضح الباحثان جيفري ديسا وسوريش كوتا. لا يستفيد رواد التكنولوجيا الاجتماعية من التكنولوجيا في رفع كفاءة أجزاء من عملياتهم فقط، بل في الحث على إحداث تغيير مزعزع في طريقة تناول مشكلة اجتماعية معينة، وبطريقة تضمن الاستدامة الاقتصادية أيضاً. بمعنى آخر، هم يحاولون تلبية حاجة اجتماعية من خلال الابتكار التكنولوجي بأسلوب مستدام مالياً.
نعتقد أن ريادة التكنولوجيا الاجتماعية ستؤدي دوراً محورياً في صياغة سياسات اجتماعية وصناعية متكاملة تماماً. كما تمنح معنىً محدداً لمفهوم الاقتصاد الذي تحركه الأهداف الواسع والمعاصر؛ وهو الاقتصاد الذي يضم أفراداً من مجالات أوسع مما هو محدد عادةً في نماذج الاقتصاد الاجتماعي، وهذا يحول سلوك المؤسَّسات والأفراد نحو تحقيق المنفعة للناس ولكوكبنا. لكن لإنجاز هذه المهمة السياسية الطموحة، يجب على مؤسَّسات الأبحاث والتكنولوجيا أن تتقدم وتساعد القطاع الثالث والمبادرين الاجتماعيين.
الاستعانة بالتكنولوجيا لتقديم قيمة اجتماعية واقتصادية بالتوازي
بدءاً من التسعينيات، كانت المؤسَّسات والجامعات والشركات تعلق آمالاً كبيرةً على اقتصاد المعرفة، إذ كانوا يعتقدون أن الابتكار التكنولوجي سيحفز النمو الاقتصادي والازدهار بشكل عادل وشامل. إن انتشار الأنشطة التي تعتمد على المعرفة المكثفة سيحل محل التصنيع باعتبارها أكثر أنماط الإنتاج تقدماً، وسيطلق العنان للإبداع الذي يشكل أساس اقتصاد جديد مليء بالفرص.
لكن للأسف تظهر الأبحاث أن اقتصاد المعرفة لم يرقَ حتى الآن إلى مستوى هذه التوقعات؛ بالتأكيد من ناحية الفرص المتكافئة، ومن ناحية أداء النمو المطلق التي تعد محط جدل. مع أن الأنشطة المبتكرة والقائمة على الإبداع قد ساهمت في نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن المعرفة والثروة تركزتا في مناطق مختارة، مع استثناء الغالبية العظمى من المناطق والمجتمعات والقطاعات الاجتماعية. لم ينتج عن هذا التفاوت في توزيع الموارد أوجهاً جديدةً من عدم التكافؤ فحسب، بل قد يمثل سقفاً زجاجياً (حاجزاً غير مرئي يحافظ على ارتفاع مجموعة ديموغرافيّة معيّنة) أمام توقعات النمو في أوروبا أيضاً.
يوجد جانب بارز آخر في الحقبة الأولى لاقتصاد المعرفة، وهو الديناميكية التي تتمحور حول الأنشطة المبتكرة، وهي ديناميكية تتصف بأنها ذات مرجعية ذاتية وفاعلية فائقة وموجهة نحو الأداء، ويتضح ذلك في حالة الأطراف الإلكترونية المكلفة والمتطورة، التي تتراوح أسعارها بين 2000 دولار وما يتجاوز 50 ألف دولار. إن البدائل الأقل تكلفةً مثل "ركبة جايبور" (Jaipur Knee) والتصنيع التجميعي للأطراف التي تنتجها مؤسَّسة ليمتليس (Limbitless)، أتاحت لعدد أكبر من الناس الحصول على حلول مماثلة، لكن النماذج الأصلية تجسد الميل لخدمة الأنشطة السوقية ذات العائد المرتفع، بدلاً من الحاجة الاجتماعية. لهذا السبب، نحتاج إلى إعادة النظر في الرواية المتداولة عن النمو الذي يغذيه رأس المال المغامر ويدفعه الابتكار، أو على الأقل منح ذات الأهمية لجدول أعمال ابتكار شامل يسعى لتحقيق النمو ويعالج أوجه عدم المساواة في آن معاً. لتحقيق ذلك، يجب على رواد الأعمال تنمية القيمة الاجتماعية والاقتصادية معاً.
فإضافةً إلى دعم ريادة التكنولوجيا الاجتماعية للابتكار الأشمل والأكثر تكافؤاً، هي تساهم بشكل أساسي في تعزيز القطاع الثالث. أدت الآثار السلبية الضخمة على الرعاية الصحية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي الناتجة عن جائحة كوفيد-19، إلى مضاعفة الضغوط على الجمعيات الخيرية والمؤسَّسات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية وغيرها من مؤسَّسات القطاع الثالث. ومع أن تلك المؤسَّسات كانت مهمة، بل بطوليةً أحياناً، في معالجة تداعيات الجائحة، فقد كافح الكثير منها لإظهار قدرتها على الصمود على نطاق واسع. إذ واجه أولئك الموجودين على الخطوط الأمامية زيادات حادة في تكاليف التشغيل والمسؤوليات والمخاطر، ووجد آخرون، مثل الذين يعملون في مجال التعليم، أنفسهم مقيّدين بسبب القيود، وغير قادرين على ممارسة الأنشطة الاعتيادية وتقديم خدماتهم المعتادة. فأدت هذه التحديات إلى انسحاب الكثيرين.
يجدر بنا أن نتساءل عما إذا كان الاعتماد المبكر على التكنولوجيا الرقمية - إلى جانب الهيكل المالي المتين الذي يجمع بين رأس المال القائم على المنح والرأسمال التجاري - سيتيح للمبادرين الاجتماعيين تقديم حلول لهذه المشاكل تكون أكثر فعاليةً وهيكليةً وقابليةً للتطوير. وبشكل أعم، على الرغم من أن العديد من المبادرين الاجتماعيين يعتبرون التكنولوجيا جزءاً من عملية الابتكار لديهم لزيادة كفاءة مبادراتهم، إلا أن قليلاً منهم نسبياً مهيئين لتسخير التكنولوجيا لتغيير طريقة مواجهة التحديات الاجتماعية. علينا أن نشجع جميع المبادرين الاجتماعيين على تبني التكنولوجيات الرقمية وغيرها من التكنولوجيات التي تساعدهم على تصور حلول جديدة تكون وقوداً للرخاء الاجتماعي والاقتصادي منذ البداية.
خمس وسائل تدعم التكنولوجيا من خلالها اقتصاداً جديداً تحركه الأهداف
توفر التكنولوجيا في خدمة الريادة الاجتماعية العديد من الفرص، فهي تتيح حلولاً جديدةً فعالةً وتساعد في توسيع نطاق الحلول الحالية، كما يمكنها دعم المشاركة والمساهمة في استدامة المؤسَّسات الاجتماعية وتعزيز الاستثمار المالي.
1. الحلول الجديدة
تتيح التكنولوجيا نُهجاً رياديةً جديدةً لمعالجة المشاكل الاجتماعية، من خلال إيجاد حلول لم تكن لتوجَد لولا ذلك. أحد الأمثلة على ذلك هو اعتماد الروبوتات وأجهزة الاستشعار لتحسين استقلالية الأشخاص، أو لتمكين الرعاية المخصصة التي تقوم على البيانات الكثيفة. فمثلاً "كيربيديه" (Carebidet) هو نظام آلي لاستخدام المرحاض يضمن للأشخاص الذين يعانون من صعوبة في الحركة الكرامة والاعتماد على الذات، والخوارزميات التي تحدد التأخيرات في سداد الفوائد أو فواتير الكهرباء باعتبارها مؤشر أولي على الفقر المستجد، هي مثال آخر على ذلك.
2. التوسُّع
تؤدي التكنولوجيا أيضاً دوراً مهماً في توسيع نطاق الحلول الحالية لتكون في متناول المزيد من المستفيدين في مزيد من الأماكن. من الأمثلة الجيدة على ذلك حلول الاتصالات المتنقلة مثل نظامَي "إم-بيسا" (M-Pesa) الشهير و"تالا" (Tala)، اللذين يحللان البيانات التي جمِعت من هواتف العملاء المحمولة لتوفير التمويل بالغ الصغر، واستخدام الطائرات دون طيار (الدرون) لتوصيل الأدوية إلى المناطق النائية، ومنصات مثل "هوموسجوب" (HumusJob) التي تساعد القطاع الزراعي على توظيف العمال على أساس تعاقدي عادل.
3. التأسيس المشترك
إن فائدة التكنولوجيا في المشاركة كبيرة أيضاً، . إذ يمكن للمؤسَّسات الاجتماعية مشاركة التقنيات باهظة الثمن مع الشرائح السكانية المحرومة عبر المنصات الرقمية، فيتيح لهم ذلك تطوير الحلول التي تلبي احتياجاتهم واختبارها. على سبيل المثال، يشرك مشروع "هاك أبيليتي" (Hackability) المسؤولين وأصحاب الهمم (ذوي الاحتياجات الخاصة) في إنشاء لوازم لتسهيل الصعوبات اليومية التي يواجهونها.
4. الاستدامة
تعزز التكنولوجيا الاستدامة الاقتصادية لنماذج الريادة الاجتماعية، وغالباً تمهد الطريق لتحقيق توازن أكبر بين منطق الأعمال والمنطق الاجتماعي، لأنها تساعد المؤسَّسات عادةً على التوسع، وتضاعف الزيادة في حجم الأنشطة هوامش الاستدامة الضئيلة وتساهم في العمليات الفعالة. على سبيل المثال، تضع العديد من المؤسَّسات التي تعتني بالمسنين أجهزة مراقبة غير مكلفة في منازل كبار السن، إذ يساعدهم ذلك على اكتساب فهم أعمق لعاداتهم واحتياجات من يخدمونهم، ليصبح العاملون في مجال الخدمات الاجتماعية أكثر كفاءةً وليتمكنوا من خدمة المزيد من الناس.
5. إمكانات الاستثمار
إن تحويل نماذج العمالة المكثفة إلى نماذج رأس المال المكثَّف، يحفّز رواد التكنولوجيا الاجتماعية على الاستثمار في ريادة التكنولوجيا الاجتماعية ويحث المؤسَّسات الاجتماعية على أن تصبح جاهزةً للاستثمار. إن ريادة التكنولوجيا الاجتماعية بمثابة الوسيط بين الحاجة إلى الحلول الاجتماعية المبتكرة والمستثمرين المؤثرين الراغبين في توفير موارد مالية مخصصة، ما يجعلها محوريةً لبناء سلسلة قيمة هجينة ومتمحورة حول التأثير.
الموازنة بين الفرص والأهداف
على الرغم من أهمية هذه الفرص، إلا أنها تخضع لقضايا إدارية وحكومية متعلقة بأمور مثل قواعد الملكية الفكرية المعقدة. كما يعلّق المستثمرون الجدد غالباً آمالاً كبيرةً على كسب العائدات المالية إلى جانب أهداف الأثر الاجتماعي، والتي يمكن أن تخلّ التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتقدم مصادر جديدة تتسبب في الانحراف عن المهمة.
لا تحفّز الريادة الاجتماعية الابتكار فحسب، بل تساهم أيضاً في التخفيف من تبعاته غير المقصودة ومنحه معنىً وهدفاً. في الواقع، تساعد الطبيعة المتأصلة لريادة التكنولوجيا الاجتماعية في توجيه التقنيات الجديدة والابتكار نحو حل التحديات المجتمعية، لتعزز في النهاية التكافؤ بين العرض التكنولوجي والطلب على الحلول الاجتماعية. كما تعزز الإمكانيات على مستوى النظام التنبؤ بالاحتياجات الاجتماعية وتطوير الأنشطة التي تحفز التغيير التحويلي.
إلى جانب ذلك، يحتاج القطاع إلى النظر في مجموعة واسعة من نماذج الابتكار. على الرغم من أن مبادرات الأبحاث والنفقات تتزايد بشكل عام على المستوى العالمي، إلا أن إنتاجية البحث آخذة في الانخفاض. في الواقع، أوضح الباحث نيكولاس بلوم وزملاؤه أن كمية الأبحاث التي يمكننا ترجمتها مباشرةً إلى أفكار وحلول، مقابل كل دولار مستثمَر، آخذة في التناقص. لهذا السبب، ينبغي للمبتكرين الاستفادة أكثر من المعرفة الحالية، واستخدامها لتأجيج شعلة الابتكار وإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية. بالنظر إلى الاستدامة المشكوك فيها للابتكار ذو العائد المرتفع والقائم على العرض، يجب على القطاع أن ينظر في اعتماد المزيد من نماذج الابتكار التي أنشئت في ظروف تكون فيها الموارد شحيحةً، وتشمل نماذج الابتكار المقتصِد.
غرس الريادة الاجتماعية في العلم والتكنولوجيا
إذا كانت ريادة التكنولوجيا الاجتماعية الركيزة القيمة للنمو الشامل للاقتصاد الاجتماعي، إذاً كيف تحفّز مؤسَّسات الأبحاث والتكنولوجيا المؤسَّسات الاجتماعية على اعتماد التكنولوجيا وتساعدهم في ذلك؟
يتطلب جعل التكنولوجيا في صميم الريادة الاجتماعية أكثر من مجرد تكييف الآليات التي تتبعها الشركات الناشئة التي تستخدم التكنولوجيا الفائقة، فالطبيعة الهجينة للمؤسَّسات الاجتماعية وحاجتها إلى الحفاظ على رسالتها الاجتماعية تجعل التحدي شديد التعقيد. على سبيل المثال، يتطلب تبني التكنولوجيا استثماراً مالياً، وقد يطرح المستثمرون آراءً مختلفةً حول رسالة المؤسَّسات الاجتماعية، وقد تحمل قضايا إدارة الملكية الفكرية استراتيجيات إقصائية لا تتوافق مع الرسالة الشاملة والمتمحورة حول القيمة للمؤسَّسات الاجتماعية.
لكن من المهم إيجاد وسائل لإنجاح ذلك. لا يزال عدد شركات التكنولوجيا الاجتماعية منخفضاً إلى حد ما: فمثلاً في المملكة المتحدة، نسبة 0.2% فقط من مجمَل الشركات الناشئة هي شركات تسخّر التكنولوجيا لفعل الخير، ويوجد 210 شركة فقط في إيطاليا ذات توجه اجتماعي من بين أكثر من عشرة آلاف شركة ناشئة. من منظور أشمل، فإن تحويل حتى عدد قليل من بين أكثر من 2.5 مليون شركة أوروبية تنشط في الاقتصاد الاجتماعي (حوالي 10%) إلى شركات مبتكرة تعتمد على التكنولوجيا اعتماداً كبيراً، يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً من ناحية النمو؛ فإذا أصبحت شركة واحدة فقط من بين كل 100 شركة اجتماعية أوروبية شركة تكنولوجيا اجتماعية، ستعادل 25 ألف مؤسَّسة سنوياً.
نرى خمسة مجالات تساهم فيها مؤسَّسات الأبحاث والتكنولوجيا في إطلاق العنان لإمكانيات ريادة التكنولوجيا الاجتماعية:
- تدشين جيل جديد من سياسات نقل التكنولوجيا. نقل التكنولوجيا هو العملية التي تنتقل من خلالها المعرفة والمهارات التكنولوجية من مؤسَّسات الأبحاث إلى المؤسَّسات الأخرى. في الماضي، لم يكن لدى الجامعات والمعاهد البحثية الكثير من ممارسات نقل التكنولوجيا المخصصة للشركات الاجتماعية أو القطاع الثالث عامةً. عليهم تحقيق مهمتهم الثالثة المتمثلة في التعامل مع الاحتياجات المجتمعية، والانفتاح على نماذج جديدة من الأنشطة التي تراعي الابتكار الاجتماعي وأهداف الأثر الاجتماعي.
- نشر نماذج الابتكار المفتوح التقليدية. إن الابتكار المفتوح هو عملية تستخدمها الشركات غالباً، وترفد من خلالها مصادر ابتكار خارجية متعددة عملية البحث والتطوير الداخلية للمؤسَّسة. ينبغي لمؤسَّسات الأبحاث والتكنولوجيا أن تضع سياسات تحفز دمج الشركات الاجتماعية في الابتكار المفتوح من خلال إقامة شراكات مع مختلف القطاعات.
- جرب نماذج جديدةً من بناء القدرات. تحتاج المؤسَّسات العامة وشبكات الشركات الاجتماعية إلى تخصيص أماكن للتعلم المتبادل والجماعي، تتبادل فيها الشركات الاجتماعية ومؤسَّسات الأبحاث والتكنولوجيا الأفكار وتتفاعل في جميع القطاعات. يجب أن تستهدف سياسات أكثر تمكين هذه العمليات الإجرائية بدلاً من التركيز على دعم المبادرات الفردية.
- تفعيل السياسات الخاصة بالطلبات وتجديدها. إنالسياسات العامة الخاصة بالطلبات تدعم الطلب على الابتكارات بين المستهلكين والمواطنين، وتحفز على توفير الحلول التي تواجه المشاكل الاجتماعية. يمكن أن تحفز هذه السياسات فرص السوق الأولية لكل من شركات التكنولوجيا الاجتماعية الناشئة والشركات الاجتماعية التي تمر بمرحلة التحول التكنولوجي.
- ادعم قطاع الاستثمار المؤثر بأساليب تدرك إمكانيات القيمة المختلطة ورأس المال الصبور لشركات التكنولوجيا الاجتماعية إدراكاً أعمق. يجب أن يشمل ذلك معايير تنظيمية وقياسية ذكية لتوجيه تطوير الأدوات المالية وضمان عدم مقايضة القيمة الاجتماعية مقابل أي شيء آخر.
في الختام، علينا أن نعتبر شبكات الشركات الاجتماعية في أوروبا وخارجها حاضنات ومسرعات أعمال لريادة جديدة ذات إمكانيات عالية. يتطلب تحقيق ذلك أن تضع مؤسَّسات الأبحاث والتكنولوجيا سياسات جديدة تدعم كلاً من توزيع الثروة والمعرفة توزيعاً أكثر تكافؤاً وشمولاً اجتماعياً، والابتكار الذي يعزز كلاً من المصلحة الاجتماعية والنمو الاقتصادي. في صميم هذا النموذج، يقود جيل شاب من رواد التكنولوجيا الاجتماعية - أذكى حليف يمكن أن يعتمد عليه واضعو السياسات - عملية تحويل التحديات المجتمعية إلى فرص تنموية شاملة للاقتصاد الاجتماعي.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.