لماذا يحتاج الابتكار الاجتماعي إلى التصميم؟

الابتكار الاجتماعي يحتاج للتصميم
shutterstock.com/vectorfusionart
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يحتاج الابتكار الاجتماعي إلى أشخاص يعرفون كيفية خلق حياة ناجحة وهادفة، ويحتاج إلى المصممين.

يحيط الابتكار الاجتماعي بنا من جميع الجوانب، ويبدو في بعض الأيام يبدو أنه لم يتبق أحد في هذا العالم إلا ويريد تغييره إلى الأفضل، بداية من ملاحظة بول هوكينز في كتابه “الاضطرابات الميمونة” (Blessed Unrest) أن المنظمات الأهلية تشكل “أكبر حركة على وجه الأرض”، إلى المسؤولين التنفيذيين الذين عبّروا عن اهتمامهم المتجدد في ريادة الأعمال، إلى الملايين من المبادرين الاجتماعيين في المشاريع الناشئة والمدعومين من قبل المؤسسات الاستشرافية، وانتهاءً بشركات رأس المال المغامر (الجريء) التي تستهل كلمة الاستثمار بالتركيز على التأثير.

يبدو الأمر كما لو أننا استفقنا جميعاً في الوقت نفسه – ليس فقط على الخوف من التحديات التي نواجهها، ولكن على إدراك أننا لسنا عاجزين عن حل المشاكل الاجتماعية وأن الرضا العميق والرفاهة يأتيان من العمل من أجل الخير بدلاً من مجرد العمل فقط. فانظر مثلاً إلى الزملاء في مؤتمر “بوب تيك” (PopTech) لهذا العام، وهو مؤتمر سنوي للأفكار والابتكار يُقام في مدينة كامدن بولاية ماين في الولايات المتحدة. حيث كان هناك مايكل مورفي، الذي أعاد تصور ممارسة الهندسة المعمارية لمداواة مجتمعات بأكملها، وروز غوسلينغا، التي صممت طريقة لتأمين 22000 مزارع من أصحاب الأراضي الصغيرة في كينيا ضد المحاصيل التالفة.

الابتكار الاجتماعي

ولكن لأن الابتكار الاجتماعي منتشر للغاية، فهو فوضوي وغير منظم. حيث تظهر مجموعات جديدة من الخبراء طوال الوقت، وكل منها تعيد صياغة المصطلحات بشكل مختلف قليلاً. وبالإضافة إلى الخلط بين الكلمات المتشابهة، تؤدي الأساليب المتضاربة أيضاً إلى تعقيد الحقائق البسيطة وجعلها مبهمة وغامضة. فالسباق نحو التأثير والتوسع غالباً ما يتجاهل أساسيات الأعمال التجارية، ولا يوجد تركيز أو اهتمام كاف بالعواقب غير المقصودة لذلك. فنحن نسرّع المشاريع ونحتضنها ونمولها قبل أن نعلم حقاً أيها يُجدي نفعاً أم لا. الحديث عن العمل التعاوني مستمر، لكنه مجرد كلام واهِِ، وما نزال نكافح لتنفيذه ضمن الحدود التنظيمية للعصر الصناعي التي نحاول التخلص منها.

التصميم

أضف الآن التصميم؛ أي القدرة على إنشاء ما هو جديد، وقيادة فرق متنوعة من خلال العملية الإبداعية، وربط الأنظمة والتكامل والإشراف عليها، وتبسيط المعنى وتعريفه ونقله، ورواية القصص، وتصور ما لم يكن تصوره ممكناً، ووضع نظام وفرضه من خلال أدوات تتسم بالجمال والأناقة. فالتصميم يسمح للمراقب الخارجي بالتعلم عبر الاستماع والمراقبة. وهذا هو الجزء غير البصري فقط من العملية التصميمية، قبل أن يبتكر المصممون القطع الفنية التي تخاطب الجماهير وتُنشئ التحركات.

حتى الآن، على الرغم من أن مدرسة التصميم (d.school) في جامعة ستانفورد ومختبر التصميم (D-Lab) التابع لإيمي سميث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) قد ابتكرا برامج متعددة التخصصات لتعليم التفكير التصميمي، فلم يكن هناك برنامج شامل للحصول على درجة الماجستير في الفنون الجميلة (MFA) لإعداد مصممي الجوانب البصرية لدخول عالم الابتكار الاجتماعي – أي لا يوجد مسار تعلم للدور المتكامل تماماً. فقد كان التصميم في أغلب الأحيان مجرد تخصص منعزل، أو إضافة “من الجيد امتلاكها” بعد وضع التقنيات واستراتيجية العمل.

يمكن أن يسهم التصميم في تغيير قواعد اللعبة في الابتكار الاجتماعي، ولكن للقيام بذلك يحتاج المصممون إلى طريقة للانغماس في السياقات التي يحدث فيها الابتكار الاجتماعي، واكتساب المهارات التي يحتاجون إليها لتأدية دور قيادي، بالإضافة إلى توفر الوسائل لتسهيل العملية وتعزيز التعاون. وتكمن الفرصة الكبيرة في تطبيق قواعد التصميم ومهاراته ورؤاه وإبداعاته في العملية الكلية للابتكار الاجتماعي – في العمل من داخل النظام، وذلك بمساعدة الناس على رؤية ما نراه، وربط المجموعات ببعضها البعض، وفهم المشكلات عبر وضع تخيل مشترك لها وإيصاله للجميع. فالتصميم يساعد على رسم المسار نحو التقدم ويبسّط العمليات المعقدة ويحدد اللاعبين، ما يساعدنا على وضع خطة واضحة للأفكار التي تحقق نتائج وأين يمكن تطبيقها.

التصميم للابتكار الاجتماعي

يشمل التصميم في مجال الابتكار الاجتماعي تصميم كل شيء، بداية من المناقشات وحملات التواصل والتجارب والبنى التنظيمية ومنصات التكنولوجيا والأنظمة والمنتجات ونماذج الأعمال والاستراتيجيات والفن والثقافة. فهو يدمج كل مبادئ التصميم ووسائطه التقليدية منها والحديثة – مثل تصميم الهوية، والتصميم التفاعلي، والأفلام، والمنتجات، والحركة، والألعاب. ويمكن أن يكون القوة المتكاملة الوحيدة التي نحتاج إليها لمواجهة التحديات التي نواجهها بشكل منهجي ومستدام.

نحن بصدد إطلاق برنامج التصميم للابتكار الاجتماعي (MFA) في كلية الفنون البصرية في مدينة نيويورك للأسباب الأكثر عملية على الإطلاق؛ لأننا نرى حاجة هائلة لمثل هذا البرنامج، ولا توجد طريقة أخرى لتحقيق ذلك. فإذا كان الابتكار الاجتماعي هو الغاية، فإن التصميم هو الوسيلة والطريقة لإظهار وتوضيح هذه الغاية. وهذا ما نخطط أن يقوم به خريجونا، من داخل الشركات والمجتمعات والحكومات والمشاريع الريادية والمؤسسات غير الربحية.

يقول الكاتب والمفكر دانيال بينك إن شهادة ماجستير الفنون الجميلة (MFA) هي شهادة ماجستير إدارة الأعمال (MBA) الجديدة. ونحن لا نعتقد أن الهدف هو استبدال درجة بأخرى، أو زيادة تقسيم هؤلاء الحاصلين عليها، بل الهدف هو إيضاح أن الإبداع والتفكير التصويري على ذات القدر من الأهمية والحيوية بالنسبة للمشاريع الناجحة.

يحتاج الابتكار الاجتماعي إلى ممارسين مبدعين وبصريين ومتحمسين وفضوليين على نطاق واسع وأصحاب خبرات غير متخصصة ومتكاملة ومستمعين ومفكرين في مجالات الأنظمة ومنفذين لها وأشخاص يعرفون كيفية خلق حياة مليئة بالنجاحات والأهداف ويحتاج إلى المصممين.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.