غيّرت الحكومات والشركات والمؤسسات غير الربحية في جميع أنحاء العالم طرق عملها للتغلب على آثار جائحة كوفيد-19، ويتعين على القطاع الاجتماعي أن يواصل الاعتماد على عقلية الإبداع هذه في أعقاب الجائحة.
تشكل مقولة "الحاجة أمّ الاختراع" جزءاً من الثقافة الغربية منذ عدة قرون، وهي تلخّص بدقة مفهوماً أُثبِتت صحته يفيد بأن الإنسان عندما يستعصي عليه حلّ مشكلة ما سيبدع في ابتكار حلول جديدة بصورة مذهلة.
وقد شهدنا ذلك مراراً في الأشهر الثمانية عشر الماضية، إذ غيرت الحكومات والشركات والمؤسسات غير الربحية في جميع أنحاء العالم طرق عملها للتغلب على آثار جائحة كوفيد-19، ونشرنا عدة مقالات حول بعضها؛ فمنها مؤسسات أهلية سعت لتوفير اللقاح لأهالي الأحياء المجاورة، وبنوك طعام سارعت لتوسيع نطاق عملها من أجل تلبية الطلب غير المسبوق، ومدارس ومدرسون انتقلوا من التعليم المباشر إلى التعليم الافتراضي.
ابتكار أساليب جديدة في معالجة المشكلات الاجتماعية
انطوى كثير من هذه المساعي على اتباع طرق العمل المعروفة، مثل الممولين الذين عمدوا إلى تقديم التبرعات بهدف توفير الدعم التشغيلي العام بدلاً من تمويل المشاريع، وذلك ليس سهلاً غالباً، ولكنه لا يتطلب ابتكار فكرة أو عملية جديدة بالكامل. غير أن جهود بعض المؤسسات أدت إلى ابتكار أساليب جديدة كلياً في معالجة المشكلات الاجتماعية، وهذا هو موضوع المقالة الرئيسة على غلاف عدد خريف عام 2021 من مجلة ستانفورد للابتكار الاجتماعي بعنوان "الابتكار الاجتماعي المفتوح" (Open Social Innovation).
ألفت هذا المقال المحررة الأكاديمية في مجلة ستانفورد للابتكار الاجتماعي، جوهانا مير، بالتشارك مع الأستاذ في جامعة يوهانِس كيبلر في مدينة لينز النمساوية (Johannes Kepler University Linz)، توماس غينوبر، ويناقشان فيه فعالية ماراثون البرمجة (الهاكاثون) الضخمة التي أقيمت في ألمانيا بمشاركة نحو 28 ألف شخص مكلف بالتوصل إلى حلول للمشكلات التي ولّدتها الجائحة. كان عدد المشاركين هائلاً واستدعى العمل معه إجراء بعض التعديلات الجديدة على الفعالية، لكن الابتكار لم يتمثل في هذه التعديلات،
بل في مشاركة أفراد ومؤسسات من جميع شرائح المجتمع (الحكومة والشركات والمؤسسات غير الربحية والمواطنين الأفراد وغيرهم) الذين شاركوا بفعالية في جميع مراحل ابتكار الحلول وتوسيع نطاقها؛ وهي تحديد المشكلات التي يجب معالجتها والتوصل إلى الحلول وترتيبها حسب الأولوية ثم تطبيقها وتوسيع نطاقها، وما كان ذلك ليتحقق لولا مشاركة جميع أصحاب المصلحة الذين كان وجودهم ضرورياً لحل تلك المشكلات.
الابتكار الاجتماعي المتاح
أطلق مؤلفا المقال على هذا النهج اسم "الابتكار الاجتماعي المفتوح"، وهو "مفتوح" لأنه يتيح مشاركة الجميع في جميع مراحله. أدى استقطاب مجموعة كبيرة من المشاركين إلى زيادة احتمال مشاركة أفراد أكثر ذكاء في حلّ المشكلات وتوليد أفكار جديدة من خلال تلاقح المعارف الذي يعززه تنوع المشاركين، كما أن مشاركة مؤسسات المجتمع على اختلافها زادت احتمالات تبني الحلول النهائية وتنفيذها بصورة تامة.
أقتبس عن المؤلفَين قولهما: "قد يؤدي بناء تحالف وتفضيل العمل الجماعي على العمل الفردي إلى إبطاء عملية الابتكار الاجتماعي، لكن هذه العملية الجماعية تضاعف احتمالات النجاح على المدى الطويل. وقد يؤدي بناء العلاقات وتوطيدها بين المبتكرين ذوي الأفكار المتقاربة، وبينهم وبين المؤسسات المعنية إلى تحويل الممارسات وتحفيز التغيير المنهجي".
على الرغم من أن الابتكار الاجتماعي المفتوح ليس حلاً سحرياً لجميع المشكلات، فهو يفيد في معالجة بعض المشكلات الاجتماعية ويمكن لنا التعلم من الكثير من جوانبه وربما دمجها في عمل كل منا.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.