كيف توظف مؤسسة مصر الخير العمل المؤسسي لتحقيق التنمية المستدامة؟

3 دقائق
مصر الخير
shutterstock.com/golubovystock

كان حلم بولس زخاري، من مدينة البلينا بمحافظة سوهاج المصرية، العمل في وكالة الفضاء الأميركية، ناسا، وأدرك أن ذلك لن يتحقق إلا بإكمال تعليمه، وهنا، جاءت منحة مصر الخير لتشكل الخطوة الأولى نحو حلمه. زخاري كان من طلاب الدفعة الأولى للمنحة التي تساعد طلاب من صعيد مصر في الالتحاق بالجامعة الأميركية بالقاهرة.

يمثل بولس أحد فئات المجتمع المصري التي تعمل مؤسسة مصر الخير على تطوير قدراتها، فمنذ نشأتها عام 2007، شاركت في عدة مشروعات في مجالات التعليم والصحة والبحث العلمي والتكافل الاجتماعي وتنمية الجانب الحياتي للوصول إلى هدفها المتمثل في القضاء على الفقر والبطالة، والأمية والأمراض.

ركائز عمل مؤسسة مصر الخير

تعمل المؤسسة تحت شعار "تنمية الإنسان مهمتنا الأساسية" وتتبع منهجية العمل المؤسسي لتحقيق التنمية المستدامة، إذ تركز على تطوير مهارات الأفراد ليتمكنوا من الحصول على دخل مستدام يساعدهم في إعالة أنفسهم وأسرهم، وبعيداً عن أي توجهات سياسية أو دينية؛ تستثمر المؤسسة أموال الزكاة والصدقات والتبرعات في المشاريع التنموية.

تدرك مؤسسة مصر الخير أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب تحمل مخاطر أكبر واستثمار المزيد من الموارد في فرص مقنعة، مع وضع النمو الاجتماعي والمالي في الاعتبار، وهذا جوهر العمل المؤسسي الذي يساعد على الربط بين الأرباح والأهداف لتحسين النتائج.

العمل المؤسسي

تطرّق الكاتبان البريطانيان توماس لورانس (Thomas Lawrence) وروي سودابي (Roy Suddaby) إلى مصطلح العمل المؤسسي لأول مرة في كتاب "المؤسسات والعمل المؤسسي" (Institutions and Institutional Work) عام 2006، ويشير إلى الإجراءات المنظمة الهادفة إلى إنشاء المؤسسات وصيانتها أو قد تؤدي إلى تعطيلها، ويقوم على تنظيم العمل وتوزيعه على لجان وفرق وإدارات متخصصة تكون لها حرية اتخاذ القرارات في دائرة اختصاصاتها.

يعد العمل المؤسسي من العمليات الإدارية الأساسية التي يمكن من خلالها تطوير المؤسسات عن طريق فحص السياسات والممارسات المُتبعة من تخطيط وتنفيذ وقيادة، وتحليلها لرسم صورة واضحة عن أداء المؤسسة ومدى تحقيق أهدافها والوسائل اللازمة لذلك، ويتيح أيضاً عرض نقاط القوة والضعف في الوظائف الإدارية وإعادة النظر في البرامج والسياسات الحالية.

وعلى الرغم من هذه المزايا، لا تزال المؤسسات الخيرية في المنطقة العربية تعاني من مشاكل متعلقة بالعمل المؤسسي، وبحسب دراسة الباحث اليمني محمد ناجي بن عطية، البناء المؤسسي في المنظمات الخيرية الواقع وآفاق التطوير، تتبع الكثير من المؤسسات غير الربحية البناء المؤسسي التقليدي الذي لا يواكب التطورات والتغيرات الإقليمية والعالمية، ما يؤثر في بقائها واستمرارها ونموها، وضعف الخدمات المقدمة للمستفيدين. لكن مصر الخير من المؤسسات غير الربحية التي توظف العمل المؤسسي لتحقيق استقرار النفقات وزيادة الإيرادات، والقضاء على الهدر، إلى جانب الالتزام بمعيار النزاهة، وجودة الخدمة.

الهيكلية التنظيمية

تقوم مؤسسة مصر الخير على هيكل مؤسسي يشمل أكثر من 1,000 موظف، ويبدأ بمجلس الأمناء الذي يضم قيادات وخبراء في مختلف المجالات، مروراً باللجان التنفيذية والإدارات الفرعية. بهدف تعزيز مبدأ الشفافية وتجنب تضارب المصالح؛ تتحكم لجنة التدقيق والحوكمة ومراقبة الأعمال في وحدة إدارة الأعمال المسؤولة عن التدقيق والجودة والرصد والتقييم والشكاوى.

تساعد هذه الهيكلية المنظمة في حل مشاكل معقدة مثل الفقر، إذ تساهم مؤسسة مصر الخير في الحد من ارتفاع معدلات الفقر في مصر، من خلال إجراء الأبحاث لمعرفة الخدمات الواجب تقديمها في المجتمع، ودراسة كل حالة لتحديد الأشخاص الأكثر استحقاقاً للدعم، ومنذ نشأتها حتى عام 2014، أجرت المؤسسة مسحاً لـ 445 قرية و39 مركزاً و262 قرية صغيرة، واستمرت في التوسع حتى وصلت إلى جميع أنحاء الجمهورية.

العمل الجاد والمنظم، مكّن مؤسسة مصر الخير من كسب ثقة المتبرعين عبر توجيه الإعانات إلى مستحقيها، وحشد الدعم الحكومي من الوزارات ذات الصلة بالعمل التنموي مثل وزارة التضامن الاجتماعي، واستقطاب شركات القطاع الخاص التي وجدت في المؤسسة وسيلة فعّالة لتعزيز دورها في المسؤولية الاجتماعية، وانعكس ذلك في تقديم ما يزيد عن 20 مليون خدمة عبر 183 مشروعاً من خلال 17 برنامجاً في ستة قطاعات مختلفة، خلال تسع سنوات من تأسيس مصر الخير.

التركيز على الشراكات

تتمحور الأعمال التجارية حول الأشخاص، وأصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات آلية للوصول إلى النجاح والحفاظ عليه، وكلما عززت هذه الشركات دورها تجاه المجتمع؛ تمكنت من استقطاب المزيد من المتطوعين للمساهمة في التنمية وإحداث فرق في حياة المحتاجين، وعليه تركز مصر الخير على الشراكات لإبراز دور القطاع الخاص في التنمية وتشجيع الشركات على المساهمة في المشاريع والمبادرات المجتمعية.

تتجلى التنمية الحقيقة بتضافر الجهود لتوفير أبسط الاحتياجات للمستحقين، وعليه تحرص مصر الخير على إشراك الجهات الحكومية والخاصة في جهود المجتمع المدني لتحقيق أهداف التنمية.

مجرد وضع القواعد لا يكفي. فإلى جانب تحديد الأهداف؛ يجب على المؤسسات الخيرية وضع سياسات وإجراءات واضحة ومتسقة لتحقيق تلك الأهداف من خلال تدابير فعّالة.

المحتوى محمي