دراسة مفصّلة لإحدى حملات الفيديو الرائجة على الإنترنت

حملات الفيديو على الإنترنت
unsplash.com/Headway
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن للمؤسسات غير الربحية الاستفادة من نشر مقاطع الفيديو على الإنترنت لدفع الآلاف، بل الملايين، من الأشخاص إلى المشاركة معهم بميزانية بسيطة، من خلال اتباع نهج مبتكر ملائم وبمساعدة الشبكات الداعمة.

من خلال التعاون مع مؤسسة غير ربحية جريئة وحملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton) وعدد من الشركاء الماهرين، أشرفنا على إنشاء مقطع فيديو لحشد المناصرة انتشر انتشاراً جنونياً، إذ يسلّط الضوء على مخاطر موقف الولايات المتحدة من الأسلحة النووية على اعتبارها قضية انتخابية. تجاوزت مشاهدات الفيديو 1.8 مليون مشاهدة على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة في عام 2016، وحظي بتأييد مشاهير مثل المغنية شير (Cher) ورجل الأعمال ريتشارد برانسون وأعضاء فرقة آر إي إم (R.E.M) الموسيقية، ولفت الانتباه إلى الهدف السياسي المقصود من هذه المبادرة. والأهم من ذلك كله، جذب آلاف المؤيدين والمموّلين الجدد لحملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton).

مع تزايد أهمية مقاطع الفيديو على الإنترنت بوصفها أداة لحشد المناصرة من أجل التواصل بشأن القضية وجمع الأموال في آن معاً، سيرغب المزيد من المؤسسات غير الربحية في تجربة العمل على وسائط ومنصات جديدة. مهما كانت قضيتك، من المهم اتباع النهج الصحيح في هذا القطاع على وجه الخصوص، حيث تفتقر غالبية المؤسسات ببساطة إلى الميزانيات الكافية لإنتاج عشرات مقاطع الفيديو العالية الجودة، وإجراء محاولات قد تصيب وقد تخطئ بهدف جذب الانتباه العام.

وبما أننا عملنا بأنفسنا على إنشاء مقطع فيديو ونشره ليحقق معدلات عالية من إعادة النشر والمشاهدة، إلى جانب تجاربنا السابقة في حملات الفيديو على الإنترنت، يمكننا الإشارة إلى عدد من عوامل النجاح المهمة. تشمل العوامل الضروري توفرها في سياق الترويج للقضايا على الإنترنت أسلوب سرد القصص الذي يمس التيارات الاجتماعية بعمق، وتحديد الموضع التنافسي للمحتوى من خلال النبرة والأسلوب ليبرز ضمن المحتوى الذي يحمل رسائل مماثلة. أما من جهة النشر، فالحملات الأكثر فاعلية والأوسع تأثيراً كانت مدعومة باستراتيجية ترويج تحشد الشبكات الداعمة التي تسهم في انتشارها.

التميّز وسط الزحام

عندما شرعت حملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton) في إنشاء إعلان لجذب الدعم لفت الانتباه إلى سياسة الأسلحة النووية في أوج سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية، واجهت انقساماً في تركيز الجماهير الوطنية على قضيتها، إلى جانب المنافسة على الاهتمام من حملات تحمل رسائل مماثلة نشرتها مجموعة موف أون (MoveOn) وحملة كلينتون في السابق.

معظم خبراء التواصل في هذه القضية، الذين يمضون وقتاً في تصفّح المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، قادرون على تأكيد أن مساحات المناصرة الإلكترونية تزخر بنقاط الترويج وطلبات جمع التبرعات وحملات توقيع العرائض وغيرها من دعوات العمل، حتى في غير الفترات الانتخابية. من الضروري أن يفهم من يحاول طرح رسائل مؤثّرة هذه البيئة التنافسية، لا سيما من وجهة نظر الجمهور، ويأخذها في الحسبان عند تصميم الحملة. وبالنظر إلى كل تلك الفوضى، أدرك العاملون في حملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton) أن عليهم تأليف رواية والمضي بموضوعها بلا هوادة كي تبرز وتتميز.

بينما يكتب الكثير من الناس عن قوة سرد القصص للتمييز بين حملات المناصرة وإشراك الداعمين، فإن غالبية تلك الرسائل لا تزال تؤثر على عقولنا بدلاً من عواطفنا. وفي هذه النقطة بالذات حاول الفريق الاستفادة من المشاعر المتأصّلة المرتبطة بالتعاطف مع معاناة الآخرين والسخط على الذين يهددون بإلحاق تلك المعاناة. وضعنا باستخدام الصياغة المعارضة تصريحات دونالد ترامب حول استعداده لاستخدام الأسلحة النووية مقابل تسجيلات تاريخية معلنة من السلاح الجوي الأميركي للناجين من هيروشيما، ولا داعي للقول كم كان وقع ذلك على الناس مأساوياً ومزعجاً، لكنه كان فعالاً جداً في جذب انتباههم إلى هذه القضية.

بالإضافة إلى الجذب العاطفي المباشر، تلقى أقوى رسائل حشد المناصرة أيضاً تجاوباً من التيارات الاجتماعية الأعمق التي تحشد أصلاً شبكات من الداعمين لقضايا موازية. في هذه القضية، كان السباق الانتخابي الاستقطابي قد حفّز رغبة التقدميين في منع ترشّح ترامب للرئاسة، والنظرة العامة للعالم التي تمثّلها حملته. وبجعل قضيتنا وجهاً آخر لهذا المسعى حشدنا شبكات واسعة من الداعمين شديدي الاندفاع، وأعددنا أرضاً خصبة للمشاركة الجماهيرية.

أخيراً، بالنسبة للتميّز، السرد هو جزء من الحل، لكن الأسلوب والمعالجة البصرية يتولّيان بقية المهمة، فبينما تعتمد إعلانات الحملات الأخرى ومنها الحملات ضمن مجال القضية ذاته أسلوباً صحفياً رصيناً، وتصنع عناصرها البصرية من المقاطع الإخبارية، فاختيار شريكنا المسؤول عن مقاطع الفيديو استخدام معالجة مبسّطة لجميع العناصر البصرية، إلى جانب قرار حملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton) بعدم التهاون، كانا سبباً لضمان بروز هذا الفيديو بين دفق الرسائل الانتخابية الرتيبة الأخرى التي تنشر يومياً.

الاستفادة من الشبكات للنشر والمشاركة

تحظى مؤسسات المناصرة مع الآلاف من مؤيديها بأفضلية خالصة على الشركات التجارية في مجال الترويج لمحتواها على الإنترنت. وفي الواقع تتمتع قدرة المؤسسة غير الربحية على الاستفادة من شبكات الداعمين المندفعين بأهمية كبيرة في تحقيق انتشار واسع النطاق بميزانية ترويج محدودة.

قبل إطلاق فيديو الحملة، أمضت حملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton) بعض الوقت لإعداد “آلية السفير” التي استدعت فيها أعضاءها وعيّنت المستعدين منهم مروّجين. وانطلاقاً من قائمة أكثر الأشخاص الفاعلين من قاعدة الداعمين الرئيسية للمؤسسة، أعدّت هذا الفريق الداخلي من خلال إرسال سلسلة من الإخطارات عبر البريد الإلكتروني تطلب فيها من الداعمين تكريس وقتهم لمشاركة الفيديو وترويجه بعد إصداره. أدّى هذا المسعى إلى توليد زخم أولي حاسم بعد نشر الفيديو مباشرة فانتشر بين الأقران بقوة وعلى نطاق واسع.

ساعد تركيز مبادرة ترويج حملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton) في منصة فيسبوك بصورة أساسية على الوصول إلى شبكات الدعم بسهولة أكبر، إذ كان من السهل العثور على المجتمعات على فيسبوك التي تضمّ مئات الآلاف من الداعمين والتواصل معهم، كما أن سهولة مشاركة مقطع فيديو حمّل مسبقاً على المنصة أتاحت إقبال المجموعات والشخصيات المؤثّرة عليه بسرعة.

لمنح الفيديو دعماً إضافياً، استثمرت حملة (نو ريد باتن) (#NoRedButton) أيضاً بحكمة في الترويج المدفوع في منصة فيسبوك، وعلى الرغم من النتائج المخيبة للآمال المحتملة للترويج المدفوع عن طريق الرسائل الذي لم يحقق نجاحاً يذكر حتى الآن، فالترويج المدفوع للمحتوى الذي يلقى تفاعلاً جيداً بطبيعة الحال يحقق زيادة هائلة في المشاهدات والمشاركات. وبالإضافة إلى الإنفاق على الإعلانات على الشبكات الاجتماعية، استعانت الحملة بمساعدة احترافية للوصول إلى المدوّنات والمؤثّرين الذين يمكنهم توجيه اهتمام جماهير جديدة إلى الحملة. وفي الختام، وعلى الرغم من أن الحصة الكبيرة من انتشار الفيديو نتجت عن مساعٍ مجانية، أدى هذا الترويج المدفوع إلى زيادة كبيرة في الأرقام الإجمالية.

الاستراتيجية الجيدة تغطي نفقاتها تلقائياً

بالنسبة إلى المؤسسات غير الربحية، سيكون سعر التذكرة هو أكثر حصيلة مثيرة للدهشة خلال هذا التحليل، إذ نُفّذت الحملة بأكملها بأقل من 20 ألف دولار للنفقات الخارجية، بما فيها إنشاء مقطع الفيديو ورسوم الوكالة الشريكة وجميع العروض الترويجية المدفوعة. ويصعب على أي أسلوب إعلامي آخر مضاهاة قيمة هذه التكلفة مقابل المشاركة المباشرة مع جمهور مستهدف يتألف من حوالي مليوني شخص.

من حيث المبدأ، من المفترض أن تستطيع جميع المؤسسات غير الربحية التي تعمل على القضايا ذات الأهمية الوطنية أن تستفيد من الانتشار الواسع وغير المكلف نسبياً الذي توفّره حملات الفيديو على الإنترنت، لكن تحقيق ذلك يتطلب التزاماً تنظيمياً لصياغة الروايات بطرق مؤثرة والتكليف بتحقيق إبداع جريء وإشراك الداعمين بصفة مشاركين نشطين في نشر الإعلان.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.