كيف تجذب اهتمام الآخرين لقضيتك الاجتماعية؟

4 دقائق
كيفية جذب اهتمام الآخرين
shutterstock.com/microstock3D

استضاف شون غيبونز من مؤسسة «كميونيكيشن نتوورك» (Communication Network) جونا برغر؛ وهو خبير في استراتيجيات التواصل الشفهي، والتسويق الفيروسي، والتأثير الاجتماعي، والعدوى الاجتماعية، والاتجاهات السائدة، وأستاذ في التسويق في كلية وارتون بـ«جامعة بنسلفانيا»، ومؤلف أحد الكتب الأكثر مبيعاً؛ الذي يحمل عنوان «العدوى الاجتماعية: لماذا تجذبنا بعض الأفكار» (Contagious: Why Things Catch On)، لمناقشة كيفية حشد الدعم للأفكار وجذب الاهتمام للقضايا التي من شأنها تغيير المجتمع.

شون غيبونز: لماذا تُعتبر بعض الأفكار مؤثرة وتجذب انتباه الجمهور؟ هل هناك عوامل محددة يجعلها تنتشر بسرعة؟

جونا برغر: أجل يوجد، عندما نلمس شيوع بعض الأفكار، فإننا نعتقد أن ذلك حدث عشوائياً، وأنه لا توجد طريقة ناجحة يمكنك تكرارها واعتمادها، لكن كما أحدّث الشركات والمؤسسات غير الربحية التي أعمل معها، فإن ذلك الاعتقاد مضلل، وأقول ذلك استناداً إلى عملي في هذا المجال لمدة تتجاوز الخمسة عشر عاماً، حيث عملت على تحليل الآلاف من أجزاء المحتوى عبر الإنترنت، وعشرات الآلاف من العلامات التجارية، وملايين عمليات الشراء.

تظهر العوامل ذاتها دائماً، إنها ليست عشوائية أو مجرد حظ أو صدفة، بل هناك علم يقف وراء الطريقة التي ننجذب للأفكار من خلالها، مثلاً، يعدّ التواصل الشفهي أكثر فاعلية من التسويق التقليدي بعشرة أضعاف، إذ يثق الناس به أكثر، بالإضافة إلى أنه أكثر استهدافاً، ومن أجل تسخير التواصل الشفهي لصالحك، ينبغي عليك معرفة كيفية تحويل شخص يدعم قضيتك أو يهتم بها، إلى ناشط، أو أشبه بقناة اتصال، ذلك لجذب مؤيدين محتملين جدد.

هل هناك طريقة لفعل ذلك؟

نعم، هناك ستة محركات ذكرتُها في كتابي «العدوى الاجتماعية»، ووضعتها ضمن إطار يسمى باللغة الإنكليزية (STEPPS)؛ وهو اختصار للمفاهيم التالية: الرواج الاجتماعي، والمحفزات، والعاطفة، والقيمة العملية العامة، والقصص. جميع تلك المحركات هي عبارة عن مبادئ اختُبرت بمرور الوقت وتدفع الناس إلى التحدث عن المعلومات ومشاركتها، إنها تجذب الانتباه للمنتجات، وتجعل من المؤسسات غير الربحية معروفة أكثر.

على الرغم من متعة التحدث عن الأفكار والقضايا السائدة، إلا أن معظم المؤسسات لا تسعى إلى تحقيق شعبية مؤقتة. يعدّ الوصول إلى 10 أو 100 مليون مشاهدة لجزء من المحتوى أمراً رائعاً، ولكن الأهم من ذلك هو زيادة عدد المؤيدين الجدد أو التبرعات بنسبة 10% أو 20%، وهذا ما تساعد المفاهيم المذكورة أعلاه المؤسسات على تحقيقه؛ أي خلق قيمة دائمة من خلال تحويل المؤيدين إلى شبه ناشطين.

هل يمكن وينبغي قياس الأثر في عمليات التواصل؟ إذ يبدو أن أعداد المتابعين ونقرات الإعجاب أشبه بمقياس لا معنى له عندما تسعى إلى إحداث تغيير اجتماعي.

بكل تأكيد، فقد افترضت الكثير من المؤسسات أن الوصول إلى 10 ملايين متابع يعدّ نجاحاً. هناك رسم كرتوني رائع حول هذا أعرضه عندما ألقي كلمة، حيث يصوّر العديد من المقاعد الفارغة في جنازة أحد الأشخاص، ويعلق أحدهم قائلاً: « كنا نتوقع مشاركة أكبر، فقد كان لديه 2,000 صديق على فيسبوك». تقف الكثير من المؤسسات التي دخلت مؤخراً عالم وسائل التواصل الاجتماعي عند تلك النقطة تماماً، ولا شك أنها تتوقع مشاركة أكبر.

إذا شوهد مقطع فيديو، فهذا لا يعني أن الشخص الذي شاهده سيتخذ أي إجراء، حيث تُعتبر المقاييس مثل المشاركات والتعليقات؛ التي تتعقب التفاعل الأعمق، بمثابة انعكاسات أفضل لما إذا كان المحتوى أو رسائل التواصل مؤثرة أم لا. لا تريد المؤسسات المزيد من الأصدقاء والمتابعين، بل المزيد من التبرعات والمؤيدين، لذلك فإنها تتعقب المشاركة النشطة، وليس المتابعة السلبية. وضعتُ مقياساً جديداً بالتعاون مع مؤسسة «ديجيتاس» (Digitas) يسمى «مؤشر العدوى الاجتماعية» (Contagious Index) الذي يساعد المؤسسات على تتبُّع عملها بفاعلية أكبر.

هذا يذكرني بعض الشيء بما نسمع عنه خلال الانتخابات، إذ غالباً ما يُسلَّط الضوء على قضايا مثل حمل السلاح، حيث يدعم الأغلبية اتّباع إجراءات سلامة أفضل أو وضع قوانين للسيطرة عليه داخل الدولة، لكن الإرادة السياسية تبدو ضعيفة، لأن الأشخاص الذين يعارضون هذه الإجراءات لديهم قدر أكبر من القوة، هل ذلك يلعب دوره أيضاً في المجال الذي نتحدث عنه؟

إذا كنت تتحدث عن «مؤيدين كثر» لمؤسسة ما، وكيف يمكنك تقوية مركزك، فإحدى أهم الميزات للتواصل الشفهي هو الاستهداف، لأنه أكثر تأثيراً من التسويق التقليدي. إذا سألت شخصاً ما، «هل يمكنك إعلام شخص آخر حول هذه القضية؟» فإنه لن يخبر أياً كان، بل سيختار شخصاً ضمن شبكته الاجتماعية الذي يعتقد أنه يجد هذه القضية مهمة، فإذا كان بإمكانك توليد المزيد من التواصل الشفهي، سيعمل الأشخاص ضمن شبكتك على استهداف الآخرين نيابة عنك، ويكتشفون المؤيدين المحتملين الأفضل ويشاركون المعلومات معهم.

كيف يمكنك اختراق عالم يعجّ بالمعلومات والأفكار؟ هل البيانات؛ أي المعلومات أو الحقائق الجديدة، هي ما تدفع الناس إلى التحرك؟

بالنظر إلى مفهوم الرواج الاجتماعي، فمن المرجح أن يشارك الناس المعلومات أو القصة التي تجعلهم يبدون بحالة مقبولة اجتماعياً أكثر، إذ كلما جعلهم الأمر يبدون أكثر ذكاء وعلى اطلاع أكبر ارتفع احتمال نقلهم له. كيف يمكنك أن تُظهر مؤيديك أو متابعيك يبدون أكثر ذكاء واطلاعاً؟" تتلخص الإجابة بأنه كلما تمكنت من جعلهم يبدون أفضل، ارتفع احتمال نقلهم لقصتك أو معلوماتك، ويعدّ «تحدي دلو الثلج» مثالاً رائعاً على ذلك.

غالباً ما يتناول الأشخاص الذين يعملون في القطاع الاجتماعي قضايا طويلة الأمد، لكن كيف يمكنك معايرة أدوات التواصل لديك للتنافس على جذب الاهتمام إذا كنت تعمل على قضية متداولة محلياً بكثرة ولمدة طويلة، وقد تبدو مجهدة من بعض النواحي؟

يعتبر هذا بمثابة تحدّ دائم، إذ كيف تعيد اختراع شيء كان موجوداً في السابق؟ هناك مفتاح واحد وهو العثور على عامل جذب جوهري؛ أي بدلاً من إمداد الناس بالمعلومات، خذ بالاعتبار كيفية إظهار مدى أهمية هذه القضية، ماذا سيحدث إذا لم نجد حلاً للمشكلة؟ وكيف سيكون العالم نتيجة لذلك؟

كما أن المشاعر مهمة، إذ عندما نُعير اهتماماً لقضية ما، فإننا نشاركها، وكما أذكر في كتابي، فإن بعض المشاعر؛ مثل الإلهام والغضب والقلق، تدفع الناس للمشاركة، ومن الأهمية بمكان فهم كيفية تسخيرها.

ما هي النصيحة التي يمكنك تقديمها لرئيس تنفيذي يقود مؤسسة غير ربحية بالاستناد إلى عملك وأبحاثك؟

ما الذي تفضل أكله، البروكلي أم تشيز برغر؟ يعلم الجميع أنه ينبغي تناول المزيد من الخضار نظراً لفائدتها، لكن عند التطبيق، غالباً ما نختار تشيز برغر لمجرد أنه ألذ، وذلك بناء على طبيعة مذاقنا.

يمكنك إسقاط الأمر ذاته على الرسائل أو الأفكار، إذ يعدّ بعضها أكثر قبولاً بناء على مدى ملاءمتها لعقول الناس، ولسوء الحظ، غالباً ما يكون التواصل على مستوى المؤسسات غير الربحية غير جذاب كفاية، إذ يعلم المتلقون أن هذا هو الأمر الصحيح الذي ينبغي عليهم فعله والاهتمام به، إلا أنهم لا يعطونه الانتباه الذي يستحقه.

إذا كنت تدرك تماماً ما الذي ينطوي عليه علم التواصل الفاعل، فيمكنك جعل أي رسالة أكثر جاذبية وأن تلقى الاهتمام المطلوب. يمكنك تسخير الأساس العلمي لديك، وقضيتك الهامة، وتحويلها إلى رسائل مؤثرة من خلال فهم الأسباب الكامنة خلف اهتمام الناس ومشاركتهم، كما يمكنك أن تنجح في نشر أي قضية من خلال فهم مؤيديك بصورة أفضل.

اقرأ أيضاً: كيف يكون التواصل الاستراتيجي فعالاً؟

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي