مكافحة الاحتراق الوظيفي لدى قادة المؤسسات الاجتماعية

الاحتراق الوظيفي
shutterstock.com/Lightspring
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الاحتراق الوظيفي: مصطلح يعبّر عن حالة نفسية تصيب الموظَف تؤدي به إلى فقدان الرغبة في العمل، وتترافق مع انخفاض مستوى الإنتاجية، فضلاً عن الإرهاق الجسدي والعقلي الناجم عن ضغط العمل.

حدث شيء غير متوقع خلال فترة ترؤس جولي روغرز لـ«مؤسسة ماير» (Meyer Foundation) في واشنطن العاصمة؛ إذ قالت روغرز؛ التي قادت المؤسسة منذ عام 1986، وتنحت في يونيو/حزيران عام 2014: «عندما تعرفت عن قرب على قادة المؤسسات غير الربحية ضمن مجتمعي، أُعجبت بهم كثيراً، وكلما استمعت أكثر إلى ما يفعلونه، والصعوبات التي يمرون بها، أردت تسخير الجهود لفعل ما في وسعي من أجلهم».

عام 2013، أجرت «مؤسسة ماير» استطلاعاً شمل ما يقارب من 100 مدير تنفيذي لمؤسسات غير ربحية من أجل معرفة أفضل السبل لدعمهم، وأفاد المدراء أن هناك مجموعة من التحديات التي تؤثر على كفاءتهم؛ ومن أكثر الأمور التي تم ذكرها هي جمع التبرعات، وإدارة الموظفين، والعمل مع مجالس الإدارة، وأظهر الاستطلاع أيضاً أن معظم المدراء التنفيذيين رؤوا روابط قوية بين فرص تطوير المهارات القيادية، والفاعلية التنظيمية، والرفاه الشخصي؛ مثل الصحة البدنية والعقلية والتوازن بين العمل والحياة.

قالت روغرز: «يضحي هؤلاء الأشخاص بالكثير لتولي الأدوار التنفيذية في المؤسسات، ونحن لا نشهد وصولهم إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي فحسب، بل نرى أيضاً إصابتهم بالأمراض خلال خدمتهم لمجتمعاتهم، ومهمتنا هي الاعتناء بهم».

منح تطوير القيادة لمكافحة الاحتراق الوظيفي

غالباً ما يكون أفضل شيء يمكن أن يفعله المانحون للقادة في المؤسسات غير الربحية هو دعم تجديد طاقاتهم وإعطائهم مساحة للتفكير بأنفسهم لحمايتهم من الاحتراق الوظيفي، ويحتاج القادة إلى تخصيص المزيد من الوقت؛ أو ما يسميه خبير الإدارة جيم كولينز بـ«المساحة البيضاء»، من أجل المساعدة على استكشاف أفكار جديدة، من عام 2006 إلى عام 2011، كرمت «جائزة إكسبونانت» (Exponent Award) التابعة لـ«مؤسسة ماير» قادة المؤسسات غير الربحية الأكفاء من خلال تقديمها منح تطوير القيادة لمدة عامين بقيمة 100 ألف دولار؛ حيث أتاحت لهم تلك المنح الاستثمار في فرقهم وتجديد أنفسهم مهنياً وبدنياً، واستخدمت إحدى الفائزات بالجائزة؛ والتي تعمل في مؤسسة تخدم عدداً متزايداً من المهاجرين، الأموال لدعم «برنامج الغمر اللغوي»؛ الخاص باللغة الإسبانية، لمدة أسبوع؛ مما زاد من قدرتها على التواصل مع المستفيدين، وخلق آخر مساحة ضمن المؤسسة بحيث يمكن للموظفين استخدامها لممارسة اليوجا أو التأمل أو التفكير الهادئ، مما أدى إلى رفع معنويات الموظفين.

كما شاركت مؤسستا «غيفورد فونديشن» (Gifford Foundation) و«ألين» (Allyn)؛ القائمتان في وسط نيويورك، في رعاية «جائزة كاثي غولدفار فندلينغ للقيادة» (Kathy Goldfarb Findling Leadership Award) في ذكرى المديرة التنفيذية الراحلة لمؤسسة «غيفورد»؛ حيث تُمنح الجائزة لقادة المؤسسات غير الربحية الذين يجسدون نهج غولدفار فندلينغ في القيادة على أفضل وجه؛ والتي تتسم بالنشاط والإبداع والتعاون وتحمل المخاطرة والتعلم مدى الحياة.

يحصل الفائزون بالجائزة على مبلغ 3,000 دولار للاستخدام الشخصي؛ أي تشترط الجائزة على أنه لا يجوز لمتلقيها إنفاق الأموال في مؤسساتهم لحمايتهم من الاحتراق الوظيفي، لذلك استخدموها في قضاء إجازات عائلية وتطوير أنفسهم على المستوى المهني؛ الأمر الذي لم تكن المؤسسات قادرةً على تغطيته لولا ذلك.

قالت هايدي هولتز؛ مديرة الأبحاث والمشاريع في مؤسسة «غيفورد فونديشن»: «كانت كاثي من أشد المؤيدين لفكرة أنه لا يمكنك أن تكون قائداً جيداً إذا لم تعتنِ بنفسك، ومن الأمور التي يخسرها الكثير من القادة هي قضاء وقت ممتع مع عائلاتهم، ووقت راحة لأنفسهم، إلى جانب فرص تطوير أنفسهم مهنياً، لأنه عندما يقضي القائد وقتاً مع عائلته أو يسعى لتحقيق أهداف شخصية، ويعود بكامل نشاطه وحيويته، فإن ذلك يعود بالفائدة على المؤسسة خصوصاً بحمايته من الاحتراق الوظيفي».

برامج التفرغ

أنشأ مانحون آخرون ما يسمى ببرامج التفرغ لدعم قادة المؤسسات غير الربحية، ووجدت دراسة صادرة عن مؤسسة «ثيرد سكتور نيو إنغلاند» (Third Sector New England) أن إتاحة الوقت للقادة لقضاء إجازات رسمية يمكن أن يساعدهم على العودة إلى وظائفهم بكامل نشاطهم،  ويساعد ذلك في الوقت ذاته المؤسسات على تطوير مهارات القيادة بين الموظفين الآخرين خلال غياب المدير التنفيذي.

لأكثر من عشر سنوات، رعى «صندوق فرجينيا بايبر الخيري» (Virginia G. Piper Charitable Trust)؛ القائم في فينيكس، عاصمة ولاية أريزونا، برنامج تفرغ «زمالة بايبر» (Piper Fellows)؛ حيث  يقضي الزملاء شهراً أو شهرين بعيداً عن مؤسساتهم، ويكرسون الوقت للتعلم المهني وتجديد طاقتهم، ويمنحهم الصندوق مبلغاً يصل إلى 30 ألف دولارٍ لتغطية نفقات الدراسة والسفر المرتبطة بالتفرغ، و10 آلاف دولار لتطوير مجلس الإدارة والموظفين في المؤسسة، كما أن مؤسسات الزملاء ذاتها مؤهلة للحصول على تمويل إضافي يصل إلى 50 ألف دولار.

بالمثل، أعلن مجلس إدارة «مؤسسة ماير» في وقت سابق عن «برنامج جولي روغرز للتفرغ» (Julie L. Rogers Sabbatical Program) لتكريم قيادة روغرز للمؤسسة.

يتفهم هؤلاء المانحون دراسة حالة العمل للاستثمار في القيادة، ومن خلال الجوائز وبرامج التفرغ، فإنهم يساعدون على ضمان بقاء القادة في وظائفهم لفترة أطول وبطاقة متجددة، وكما ذكر جيمس شيبرد؛ مؤسس «أتشيف ميشن» (Achieve Mission)، في مقالة له، فإن الاستثمارات في رأس المال البشري تجني فوائد تتجاوز التكاليف بكثير.

اقرأ أيضاً عن أماكن العمل الداعمة، والقوة التي يمكن أن يكتسبها الموظفون فيها.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.