كيف تحقق الاستفادة القصوى من برامج مسرعات الأعمال؟

مسرعات الأعمال
(الصورة من آي ستوك/ ليندون ستراتفورد)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تكشف البحوث التي أجريت على 23 ألف مشروع عن العوامل التي يجب على المتبرعين والمدراء ورجال الأعمال أخذها في الاعتبار عند اختيارهم لدعم أو تشغيل أو استخدام مسرعات الأعمال، وهي برامج التدريب الشائعة بشكل متزايد والتي تساعد الأعمال التجارية على النجاح.

بدأ صانعو السياسات حول العالم بالتوجه إلى ريادة الأعمال توجهاً متزايداً، على اعتبار أن ريادة الأعمال تمثل مساهِمة مهمة في التنمية الاقتصادية المحلية وخلق فُرَص العمل. في الوقت نفسه، أصبحت برامج التدريب قصيرة المدى والمكثفة شائعة ليس فقط في وادي السيليكون ولكن أيضاً عبر الأنظمة الاقتصادية النامية، وتساعد مسرعات الأعمال مثل هذه المشاريع الريادية على التوسع السريع.

ومع تزايد الاهتمام بالمسرعات، ظهرت أسئلة حول فعاليتها، خاصة في أنظمة ريادة الأعمال الناشئة. للمساعدة في الإجابة عن هذه الأسئلة، تتبعت “مبادرة التعلم عبر مسرعات الأعمال العالمية” (GALI) – وهي عبارة عن تعاون بين شبكة “أسبن لرواد الأعمال في مجال التنمية” (ANDE) حيث نعمل و”جامعة إيموري” – أكثر من 23 ألف مشروع استثماري تحتضنه برامج مسرعات الأعمال في جميع أنحاء العالم على مدار 5 سنوات. مع انضمام بيانات مبادرة (GALI) إلى الأبحاث الناشئة الأخرى، أصبح المتبرعون والحكومات ومؤسسات القطاع الاجتماعي في وضع أفضل من أي وقت مضى لاتخاذ قرار بشأن مشاركتهم في المسرعات.

أظهرت أبحاث (GALI) أن المشاريع التي تحتضنها مُسَرعات الأعمال تتفوق في الأداء وسطياً على المشاريع غير المحتضنة من المسرعات. هذا ليس فقط لأن المسرعات تختار أفضل المشاريع لتبدأ بها، على الرغم من أهمية حرية الاختيار والاختيار من بين مجموعة متنوعة من الخيارات. إن التدريب والموارد والاتصالات التي توفرها مسرعات الأعمال تحدث فرقاً في كفاح المشروع من أجل النجاح. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى بعض الفروق الدقيقة. أولاً، تعودُ الغالبية العظمى من الفوائد – من حيث التمويل ونمو الإيرادات – على نسبةٍ صغيرة نسبياً من المشاركين. بعض برامج التسريع تحقق نجاحاً مستمراً أكثر من غيرها. أخيراً، من المرجح أن تنتفع أنواع معينة من رواد الأعمال من تجربة التسريع. على سبيل المثال؛ وجدت مبادرة (GALI) أن الفرق المكونة من النساء فقط تشكل 13% من المشاركين في برنامج التسريع مقابل 52% للفرق المكونة من الرجال بالكامل وتبدأ العملية بمستويات أقل من التمويل الموجود فعلياً، ثم ينتهي بها الأمر إلى التخلف أكثر عن أقرانها من الفرق المكونة من الرجال بالكامل بعد التسارع.

مثل العديد من التدخلات، ليست مسرعات الأعمال حلاً سحرياً لإنهاء مشاكل التنمية الاقتصادية. ما الذي يمكن أن يفعله أصحاب المصلحة المختلفون إذن للعمل على زيادة فعالية دعمهم ومشاركتهم في المسرعات؟ بالنسبة للمتبرعين ومدراء برامج التسريع ورواد الأعمال، يشير البحث إلى عوامل مختلفة يجب تقييمها وأخذها في الاعتبار عندما يختارون دعم المسرع أو تشغيله أو استخدامه.

المتبرعون

على مدار العقد الماضي، ظهر عدد من برامج المتبرعين – مثل “مبادرة الشراكة من أجل تسريع ريادة الأعمال” (PACEوشراكات الابتكار، ومبادرة تشجيع تكنولوجيا المعلومات في إفريقيا (Make-IT in Africa)لإنشاء المسرعات أو تمويلها. وهذا ليس بالأمر المفاجئ. وجدت مبادرة (GALI) أن أغلبية المسرعات تعتمد على شكل معين من الإيرادات الخيرية. بالإضافة إلى ذلك، يرى المتبرعون أن مسرعات التمويل وسيلة فعالة لدفع التنمية الاقتصادية: بدلاً من محاولة “اختيار الفائزين” من خلال توفير الدعم المباشر لعدد قليل من المشاريع الاستثمارية، يمكن أن يضع المتبرعون أموالهم في بناء البنية التحتية التي يمكن أن تساعد مجموعة متنوعة من المشاريع ذات معدل النمو العالي.

يجب على المتبرعين المهتمين بالعمل مع المسرعات أخذ عدد من العوامل في عين الاعتبار مثل النتائج المتوقعة، ونوع نموذج التسريع، وكيف يتم هيكلة الدعم.

تشير النتائج التي كشفت عنها مبادرة (GALI) أنه يجب على المتبرعين عدم قياس فعالية المسرع تبعاً لنفس المجموعة من النتائج مثل برامج الدعم الأكثر عمومية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة (SME). تهدف تدخلات برامج الدعم (SME) عموماً إلى دفع مجموعة واسعة من الأعمال التجارية، ويحصل جميع المشاركين على هذه الفائدة في الحالة المثلى. ومع ذلك، تُظهر بيانات (GALI) أن المسرعات أفضل بكثير في إعطاء دفعة أكبر لمجموعة أصغر بكثير من المشاريع ذات إمكانات النمو الأعلى. قد لا يلاحظ بعض المشاركين أي فوائد على الإطلاق، وقد يفشل البعض بشكل أسرع بسبب اختبار السوق الأسرع، وهي نتيجة مفيدة ولكنها مؤلمة. يجب على المتبرعين أن يضعوا ذلك في الاعتبار وألا ينظروا فقط إلى متوسط مبلغ التمويل أو نمو المشروع ضمن مجموعة، بل يجب عليهم فحص نسبة المشاركين الذين وصلوا إلى مرحلة تمويل أو مرحلة نمو ما.

يجب على المتبرعين أن يكونوا صبورين ومرنين عندما يتعلق الأمر بتأسيس دعمهم للمُسرعات. تكافح مسرعات الأعمال، لاسيما تلك الموجودة في الاقتصادات النامية، لإيجاد نماذج إيرادات مستدامة. قد تكون التكلفة الكاملة لخدماتهم كبيرة جداً على الشركات الناشئة التي تكافح لدفع ثمنها. إن انعدام خيارات الخروج للشركات الناشئة يجعل من الصعب على مسرعات الأعمال جني الإيرادات من خلال جني الأسهم. في ظل هذه الظروف، يجب ألا يتوقع المانحون أن تصبح المسرعات مكتفية ذاتياً بسرعة. يجب عليهم أيضاً تجنب متطلبات الإبلاغ والامتثال المُرهقة التي تضيف تكاليف أكثر وتحول الانتباه عن أعمال دعم الشركات الناشئة.

مدراء برنامج مسرع الأعمال

إن تشغيل برنامج تسريع يعني أن تكون رائد أعمال وأن تواجه بنفسك الأسئلة الصعبة. كيف توازن بين التدريب الذي تعلمته والدعم على المستوى الشخصي؟ كيف تصل بين المشاركين والمستثمرين؟ لسوء الحظ، تُظهر أبحاث مبادرة (GALI) أنه لا توجد وصفة أو حيلة واحدة للحصول على برنامج ناجح، وأن المسرعات الناجحة جداً تستخدم مجموعة متنوعة من التصاميم. إلا أنه هناك عدد قليل من الاعتبارات القائمة على الأدلة التي يمكن أن تحدد أي نوع من تصاميم مسرعات الأعمال.

أولاً، يجب أن يتطابق تصميم البرنامج مع واقع بيئة الأعمال لقطاع ريادة الأعمال المحلي. هذا الأمر مهم من حيث تسهيل الاستثمار على وجه الخصوص، حيث أن رأس المال في المرحلة المبكرة نادر للغاية في بعض المواقع. تُظهر أبحاث مبادرة (GALI) أن المسرعات في الاقتصادات النامية لم تمِل إلى النجاح في توليد الاستثمارات مثل تلك الموجودة في بيئات العمل الريادية الأكثر رسوخاً. كشفت المقابلات التي أجريت مع المشاركين أن المستثمرين المشاركين في أحداث العروض التقديمية “لليوم التجريبي” ليست دائماً مباراة جيدة لرواد الأعمال في البرنامج. في الأماكن ذات رأس المال المحدود للغاية في المرحلة المبكرة، قد يكون من الضروري أن يتدخل المُسرع نفسه بمبالغ صغيرة من التمويل لمساعدة المشروع على البقاء لفترة أطول لمنحه فرصة لإنشاء سجل حافل قد يفتح جولات الاستثمار المستقبلية. في إندونيسيا، على سبيل المثال، تجمع “كينارا” بين مسرعها وصندوق الاستثمار لتوفير رأس مال أولي لمجموعة فرعية من رواد الأعمال باستخدام عملية “اختيار الأقران” التي ابتكرتها مؤسسة “فيليدج كابيتال” (Village Capital). لاحظت شركة “إنفيست تو إنوفيت” (Invest2Innovate)، التي تعمل مع رائدات أعمال في باكستان، عدم التوافق بين نوع رأس المال المتاح المعتمد على الأسهم واحتياجات رائدات الأعمال. وقد عالجن ذلك من خلال زيادة رأس المال وتوفيره بأنفسهم من خلال هياكل بديلة، مثل اتفاقيات تقاسم الإيرادات التي لا تعتمد على النمو المفرط والخروج التقليدي من الأسواق.

بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أنه من المهم الحصول على التدريب والإرشاد بشكل صحيح، فمن المهم أيضاً التفكير في كيفية هيكلة تفاعلات الأقران بين المشاركين. على الرغم من إهمال هذا العامل في بعض الأحيان، تظهر مبادرة (GALI) وأبحاث أخرى أن التواصل والتعاون بين المشاركين يمكن أن يكون مفيداً بشكل خاص في حل مشاكل رواد الأعمال.

في النهاية، ضع في اعتبارك كيف يمكن للتوعية وتصميم البرنامج أن يؤثرا على مظهر رواد الأعمال الذين يتقدمون ويصبحون ناجحين في مسرعك. بناء على ما توصلنا إليه من أن هناك عدداً قليلاً جداً من الفرق المكونة من النساء فقط منخرطة في برامج التسريع، تتعاون مؤسسة “أيه إن دي إي” (ANDE) مع الباحثين لاختبار كيف يمكن أن تؤثر اللغة المستخدمة في التوظيف على تنوع مجموعات المتقدمين في أميركا اللاتينية من حيث النوع الاجتماعي. تختبر المسرعات أيضاً استراتيجيات معالجة التحيز الاستثماري المُوثّق جيداً ضد رائدات الأعمال. فعلى سبيل المثال، من خلال دعم مؤسسة “أيه إن دي إي” مع “مركز النمو الدولي” (International Growth Centre)، تدرس “فيليدج كابيتال” كيفية تأثير الأساليب المختلفة لقرارات الاستثمار على فجوة التمويل بين الجنسين.

روّاد الأعمال

يواجه رواد الأعمال مشهداً مُربكاً من الخيارات مع ظهور العديد من برامج التسريع. في حين أن الموقف يختلف حسب الموقع، تشير الأبحاث إلى بعض العوامل التي يجب على رواد الأعمال وضعها في الاعتبار عند التفكير في المشاركة في المسرّع.

نظراً لأهمية مشاركة الأقران، من المهم فهم أنواع رواد الأعمال الذين قد يشاركون في برنامج مسرع الأعمال عبر التعرف على خريجي البرنامج مثلاً. هل هؤلاء هم الأقران الذين قد يوفّرون لك معلومات وآراء قيّمة؟ هل يعملون في قطاع مشابه أو مجاور؟ هل يمتلكون نموذج عمل يواجه تحديات شبيهة بالتي تواجهها؟

من المهم أيضاً العثور على برنامج يتوافق مع احتياجات شركتك في مرحلة تطورها. نظراً لأن المسرعات تعمل مع المشاريع الاستثمارية الموجودة ضمن طيف النضج – بداية من الأفكار الخالصة إلى طفرات النمو الكبيرة – فقد يعني ذلك أنه يجب على رواد الأعمال استخدام برامج متعددة في مراحل مختلفة من رحلتهم. في حين أن بعض النقاد يؤكدون أن المشاريع التي تستخدم مسرعات متعددة تتنقل لدعم أعمالها الفاشلة، إلا أنهم مخطئون. وجدت مبادرة (GALI) أن المشاريع في المكسيك تميل إلى النمو بعد كل برنامج تسريع تمر به.

استشراف المستقبل

يتيح العدد المتزايد من المسرّعات للعديد من رواد الأعمال الوصول إلى الخبرات والموجهين والمستثمرين. يمكن أن يلعب هذا الدعم دوراً كبيراً في نجاح المشروع، لاسيما في بيئات ريادة الأعمال الأقل تطوراً. يُعد انتشار المسرعات تطوراً إيجابياً للاقتصادات حول العالم، ولكن قد يكون من الصعب تقييم النهج الأفضل لنموذج الأعمال الخاص بالمشروع ومرحلة النضج. لا تزال هناك أسئلة مهمة، مثل الفعالية النسبية للنماذج المختلفة التي تجمع بين الاستثمار المباشر والتسريع، وتأثير مسرعات الأعمال على بيئة العمل الأوسع لريادة الأعمال. نأمل أن يستمر الباحثون في جمع الأدلة حول ما إذا كانت مسرعات الأعمال تساعد الشركات على النمو وكيف وفي أي مواقف تساعدها بحيث يمكن للجميع العمل معها بفعالية.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.