تفرض عليك تحديات التمويل وجذب المانحين والمتطوعين اهتماماً أكبر بمعرفة كيف تدير جمعية خيرية بنجاح. فاتباع الآلية المناسبة لإدارة الجمعيات الخيرية يساعدك في ربط الموظفين بالأهداف بطريقة منظمة تنعكس إيجاباً على أدائهم وتعاملهم مع احتياجات المستفيدين.
ويؤدي فهم المبادئ الإدارية للعمل الخيري وتطبيقها إلى تحقيق أهدافه ومقاصده، وعلى العكس، يُسبب ضعف الإدارة انهيار أي مشروع خيري حتى وإن بُني على رؤى عميقة، فالتخطيط المدروس يساعد في بلوغ الأهداف بأقل وقت وجهد وتكلفة.
إليك أربع قواعد فعّالة لتدير جمعية خيرية بنجاح:
1. ضع المستفيدين في صلب عملية الإدارة
تستهدف الجمعية الخيرية تغيير حياة المشاركين من أفراد وأسر ومجتمعات، وسيحقق دمجهم في إدارة عملياتها نتائج أكثر فعالية؛ إذ يمكنك تقييم متطلبات التمويل وأدوات التسويق ونهج إدارة المتبرعين من خلال تجربة المشاركين وخبرتهم، ومن المفيد أيضاً منحهم مقاعد في مجلس الإدارة وفرصة المشاركة في اتخاذ القرارات التنظيمية، فالتنوع والتجديد في مجلس الإدارة يُمكنك من فهم السياق الذي تعمل فيه الجمعية الخيرية، ويساعدك في تحديد أفضل الموارد والاستراتيجيات الملائمة للمجتمعات التي تخدمها.
2. ركز على قياس الأثر وتطوير الأداء
إذا كانت هدفك أن تدير جمعية خيرية بنجاح؛ عليك الاستمرار في مراقبة وتقييم التأثير الذي تحدثه، واستخدام نتائج هذا التقييم في تحقيق استفادة أكبر للمستفيدين، وبناء علاقات أفضل مع المانحين والممولين والمتطوعين، وتحسين أداء الموظفين؛ إذ يمكنك أن تتيح للموظفين فرصة المشاركة في تصميم عمليات قياس الأداء وتنفيذها، ومن المفيد في هذا الإطار أن تتعلم كيفية تقديم الملاحظات في سياق إيجابي عند معالجة الأداء الضعيف المُتصور، والسماح بهامش خطأ يشجع الموظفين على التجربة والابتكار.
وتتمحور الإدارة الجيدة أيضاً حول تطوير الكوادر البشرية وتوفير المناخ الملائم للارتقاء بأداء الموظفين، على سبيل المثال، حرصت جمعية الأمير ماجد بن عبد العزيز للتنمية المجتمعية السعودية منذ تأسيسها عام 2000 على تدريب الموظفين وتنمية قدراتهم ومتابعة أدائهم، ما أهلها للحصول للمرة الرابعة على التوالي على المركز الثاني كأفضل بيئة عمل سعودية لعام 2020، ضمن قائمة القطاع العام وغير الربحي الصادرة عن مؤسسة أفضل مكان للعمل (Great Place to Work).
وفي عام 2017، أطلقت جمعية الشارقة الخيرية مكتب التميز والتخطيط الاستراتيجي بهدف تحسين الأداء العام، ورفع مستوى كفاءة العاملين، من خلال متابعة مؤشرات الأداء الاستراتيجية والتشغيلية، لقياس أداء الإدارات والأقسام، وتحديد نقاط القوة وتحسينها وفق أساليب علمية مدروسة، ما مكّنها من حصد المركز الأول ضمن فعاليات الدورة الثانية من جائزة أفضل أداء خيري في المنطقة العربية عام 2021.
3. حافظ على مصدر دخل مستدام
مجرد حصولك على المشورة والدعم المحلي لا يكفي لاستمرارية عمل الجمعية، إذ يجب عليك التفكير في الموارد التي تحتاجها وأن تضع استراتيجية فعّالة لجمع التبرعات بطرق مختلفة ومبتكرة، توضّح للممولين والمستفيدين إمكانية استدامة الجمعية على المدى الطويل وقدرتها على تجنب أي أزمة مالية محتملة. على سبيل المثال، ركزت جمعية دبي الخيرية على دعم جهود التحول الرقمي وإضافة قنوات تبرع جديدة لزيادة حجم الإيرادات السنوية، وأجرت تحديث شامل لبنيتها التحتية التكنولوجية بما في ذلك الموقع الالكتروني والبرامج المعتمدة لتلقي التبرعات وتوزيعها على المستحقين لتوفر الوقت والجهد على المتبرعين والمستفيدين، وفي عام 2019 أطلقت جمعية الأمير ماجد للتنمية المجتمعية صندوقاً وقفياً مفتوحاً ومتاحاً للطرح العام بهدف توفير مصدر دخل مستدام.
ولتُدير جمعية خيرية بنجاح، تحتاج أيضاً لوضع ضوابط مالية داخلية والتأكد من الالتزام بها، مثل ضمان عدم حصر إدارة المدفوعات أو الإذن بها في موظف معين فقط، لأن عمليات الاحتيال قد تحدث بمساعدة أحد الموظفين من الداخل.
4. استفد من التكنولوجيا
يمكنك تحقيق الاستدامة المالية من خلال اعتماد الاستراتيجية القائمة على التكنولوجيا، لكن يجب أن تنقل خبرتك الرقمية وتوزعها على كل الإدارات والأقسام بما يضمن تنفيذ المهام وتعزيز ثقافة الابتكار من خلال تبني الحلول الرقمية لتوفير الجهد والوقت والمال ومواجهة تحديات، مثل ضعف الرقابة على الأعمال وتقييمها باستمرار، وفي المنطقة العربية هناك أنظمة تكنولوجية تسهل إدارة الجمعيات الخيرية، مثل نظام خير ونظام رافد في السعودية، وبرنامج جمعيتي في البحرين، وتناسب مثل هذه الأنظمة خصوصاً الجمعيات الخيرية غير القادرة على تكاليف تعيين فريق إدارة نظم المعلومات.
ختاماً، يمكنك أن تدير جمعية خيرية بنجاح من خلال السعي إلى تحقيق الاكتفاء المادي، والبحث عن أساليب مبتكرة للحصول على المزيد من التبرعات، وإجراء عمليات التدقيق والتقييم لإثبات معيار الشفافية والنزاهة.