كيف يساعد قياس الأداء الموظفين في فهم مغزى عملهم وقيمته؟

قياس الأداء
shutterstock.com/Yuganov Konstantin
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قياس الأداء له أهمية حاسمة في استمرار المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات غير الربحية، ومع ذلك لا يزال من الصعب الاتفاق بالإجماع على طريقة قياس ما تولّده من أثر اجتماعي (أو قيمة اجتماعية) على الرغم من طلب الممولين للبيانات على نحو متزايد، كما تختلف أساليب القياس باختلاف المؤسسات التي تعاني نسبة كبيرة منها صعوبة في قياس الأداء وتعتبره عبئاً.

نما لدى طالبة الدكتوراة في الإدارة، هيلي بير، اهتمام بطرق قياس العمل المتعلق برسالة المؤسسات الاجتماعية؛ كيف يمكن تطوير أساليب قياس الأثر والاستفادة منها على نحو أفضل من أجل ضمان أن يحقق كل من الموظفين والمؤسسات قيمة أكبر من هذا الأثر؟

بير هي أستاذة مادة إدارة العمليات في كلية ووريك للأعمال في المملكة المتحدة، وعملت مع زملائها أستاذ مادة الأداء والابتكار في كلية ووريك، بييترو ميكيلي، وأستاذة مادة المؤسسات والتأثير في كلية سعيد للأعمال بجامعة أوكسفورد، ماريا بيشاروف، على إعداد تقرير يوضح الفائدة التي يعود بها قياس الأداء (أو العملية الرسمية لجمع بيانات العمليات أو الأنشطة أو مجموعات الموظفين في المؤسسة وتحليلها) على الموظفين، لا سيما مساعدتهم على فهم قيمة عملهم وهدفه، وتوصلوا إلى أن اتباع المؤسسة نهجاً مدروساً لتحديد الموظفين الذين تطلب مشاركتهم في ممارسات قياس الأداء وطرق هذه المشاركة يولّد آثاراً واسعة النطاق.

بدأت الأستاذة بير عملها بجمع بيانات المراقبة والأرشيف وإجراء مقابلات شخصية مع الموظفين في مؤسستين اجتماعيتين كبيرتين في المملكة المتحدة، ومن أجل حماية خصوصية الموظفين في التقرير أطلق المؤلفون لقب “مستقبل الشباب” على مجموعة الموظفين الذين يعملون مع الشباب لحمايتهم من التشرد وتعزيز استقلالهم الاقتصادي، ولقب “الأرض العضوية” على مجموعة الموظفين الذين يعملون على تعزيز الاستدامة عبر الزراعة العضوية. تقول بير إن المؤسستين تعملان ضمن سياق مؤسسي وتتبعان ممارسات “متطورة” لقياس الأداء، وكانت قد بدأت مع زملائها بتحليل استخدام مجموعتي الموظفين لأدوات قياس الأداء في عملهم لكن سرعان ما اكتشفوا أن عملية مراقبة أداء الموظفين وتقييمه لها آثار عميقة تتمثل في تأكيد نظرة الموظف تجاه أهمية عمله أو دحضها.

تقول الأستاذة بير: “قد يعتبر البعض قياس الأداء أمراً مسلماً به، أو يظن أن عملياته محايدة، ولكنها في الواقع تؤثر في فهم الفرد لأهمية عمله بعدّة طرق”.

انغمست الأستاذة بير في العمليات اليومية وشاركت في اجتماعات استراتيجية مع المسؤولين التنفيذيين، ودققت في طرق تفاعل الموظفين مع أدوات قياس الأداء ودرست السياق الذي تدور هذه التفاعلات ضمنه ووثّقت الاستجابات الفردية، تقول: “أردنا بصورة أساسية معرفة ما يمر به الموظفون، وأردنا أن نتعرف إلى التجارب التي يخوضونها ومشاعرهم وحالاتهم المزاجية، وأسباب إعجابهم بأدوات أو مقاييس محددة للأثر وعدم إعجابهم بأخرى، وأسباب حماسهم أو شعورهم بانعدام قيمة أصواتهم”.

حدد مؤلفو التقرير 3 مسارات: “المسار العملي والمسار الوجودي ومسار العلاقات”، وهي المسارات التي إما أن تؤكد “قيمة العمل” بالنسبة للموظف (أي نظرته تجاه أهمية عمله أو قيمته)، وإما أن تدحضها. من الجدير بالذكر أن هذه المسارات الثلاثة لا يستبعد بعضها بعضاً، وهي توفر نموذجاً تحليلياً لفهم أهم الاعتبارات في قياس الأداء. يقول أستاذ مادة السلوك التنظيمي في كلية ستانفورد للدراسات العليا في الأعمال، جستن بيرغ: “ثمة مقولة قديمة في أبحاث الإدارة وممارساتها تقول: ستحصل على ما تقوم بقياسه. يبين لنا هذا التقرير أن آثار القياس ليست واضحة جداً فيما يتعلق بفهم الموظفين للقيمة التي يحققونها من عملهم”.

لاحظ الباحثون أن المسار العملي يمنح الموظفين الذين يتعاملون مع أدوات قياس الأداء فهماً لغاية عملهم وشعوراً بأنهم يحققون فيه إنجازاً حقيقياً، ما يساعدهم على أداء أنشطته وإنهائها، في حين كان من الممكن أن ينغمسوا في عملية جمع البيانات المملة التي كانت تعيق تقدمهم في العمل. يقول مؤلفو التقرير إن “المسار الوجودي” يسلط الضوء على آليات أخرى تؤثر في نظرة الموظف إلى قيمة العمل، ويمكن أن تشكل الجهود المبذولة في أعمال مراقبة الأداء وتقييمه فرصاً لمساعدة الموظفين على رؤية أثر عملهم بوضوح.

إلا أنه في بعض الحالات، لا تتمكن ممارسات قياس الأداء من إبراز أهم ميزات أداء الموظفين فتسبب حجب مساهماتهم في المؤسسة ورسالتها الاجتماعية أو البيئية الأكبر، ولكن عندما شارك الموظفون في تصميم عمليات قياس الأداء وتنفيذها تمكنوا من رؤية قيمة آرائهم وشعروا بأنهم يحظون باحترام زملائهم ودعمهم، بينما ترافق “مسار العلاقات” مع “إسكات” الموظفين عندما تم إقصاؤهم ما أدى إلى فقدان شعورهم بامتلاك علاقات هادفة في العمل.

تقول الأستاذة بير إنه من الممكن أن يرى باحثون آخرون اختلافاً في الأهمية النسبية لكل مسار في تشكيل نظرة الموظفين تجاه قيمة العمل، أو أن ينفذوا النموذج نفسه ضمن شروط مختلفة، ويرى الأستاذ بيرغ أن مؤلفي التقرير “كشفوا عن رؤى قد تساعد الموظفين ومؤسساتهم على الاستفادة من الأثر الذي يعملون على قياسه بدرجة أكبر”.

هيلي أليسون بير وبييترو ميكيلي وماريا بيشاروف، بحث “المغزى والرسالة والقياس: كيف تشكل ممارسات قياس الأداء المؤسسي نظرة الموظفين تجاه قيمة العمل” (Meaning, Mission, and Measurement: How Organizational Performance Measurement Shapes Perceptions of Work as Worthy)، مجلة أكاديمية الإدارة.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.