الأفكار الكبيرة غير كافية (الجزء الثاني)

تنفيذ رحلة الابتكار
freepik.com/@freepik
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي الجزء الثاني من سلسلة “الأفكار الكبيرة غير كافية” التي سنتعرف من خلالها على ما تبقى من خرافات حول تنفيذ رحلة الابتكار.

تحدثنا في الجزء الأول من السلسة عن رحلة الابتكار وخرافتين من خرافات تنفيذ رحلة الابتكار، في هذا المقال سنتكمل الحديث عن الخرافات المتبقية.

خرافات حول تنفيذ رحلة الابتكار

3. لا تفترض أنك “إذا بنيت المكان، سيأتي الأشخاص إليه”

إن الإيمان المُبالَغَ فيه بقوة فكرتك مشكلة شائعة بين المُبتكِرين. لكن الكثير منهم يتوقعون أن تتحدث أفكارهم أو حلولهم عن نفسها وأن تنجح بناء على مزاياها الخاصة. بعد أن ناضلوا من أجل إنشاء نموذج أولي أو نموذج تجريبي له صدىً لدى المستخدمين، فإنهم يفترضون أن الشركاء وأصحاب المصلحة الآخرين سينبهرون أيضاً بالتفوق الواضح للعرض. يمكن للمبتكرين التقليل من أهمية الحاجة إلى إيصال قيمة فكرتهم وإقناع الآخرين بمزاياها.

ومع ذلك، إذا كنت تريد أن تكون مُزعزِعاً، فأنت بحاجة إلى إشراك الداعمين وتحييد المعوقات من خلال تكييف رسالتك وجذب اهتماماتهم. هذا الأمر مهم بشكل خاص للمبتكرين الاجتماعيين الذين قد يكونون أقل اعتياداً على المناورات السياسية.

عرفت شرايفر، بالطبع، كيفية استخدام شهرتها وعلاقاتها لحَشد السياسيين والصحفيين والرأي العام. على سبيل المثال، دَعَتِ الصحافة إلى “مخيم شرايفر” الأول لمشاهدة التجربة الاجتماعية وأعطتها زاوية اهتمام إنسانية إضافية من خلال القفز في المسبح بنفسها لإعطاء دروس السباحة للأطفال. وبعد بضعة أشهر، كتبت مقالاً من أربع صفحات لصحيفة “ذا ساترداي إيفننغ بوست” (The Saturday Evening Post) – بموافقة جون كنيدي – تكشف عن سر العائلة القديم حول مصير شقيقتها روزماري.

كان اختيار شرايفر لمجلة عائلية واسعةِ الانتشار وشائعة مُصمماً لإحداث أقصى قدر من التأثير، وقد أدارت المشروع مثل الحملات. يتذكر ديفيد جيلمان، الصحفي الذي عمل معها في هذا المقال: “كانت يونيس مُصمِّمَة على القضاء على جميع [أسباب] المنافسين عندما كان الأمر مُتعلقاً بالحصول على تمويل حكومي”.

لقد أدركت تماماً كيف يمكن أن توفر قصة أختها وسيلة لجذب انتباه القارئ وإظهار الظلم الخفي. لقد فهمت بشكل حدسي كيف يمكن أن يساعد التعبير الماهر عن الذات في بناء الثقة والترويج للقضية الأوسع.

كما هو مقصود، ضربَ هذا الإدراك على وتر حساس لدى القراء وأحدث تحولاً عميقاً في المواقف المجتمعية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية – كما أدى ثقل الرأي العام إلى تحييد المعارضة السياسية للحصول على تمويل إضافي. في الوقت نفسه؛ نبَّه المقال العائلات إلى مبادرة “مخيم شرايفر” الجديدة، وحثّ على إحداث برامج شعبية مماثلة في المجتمعات الأخرى. في غضون عام واحد، ظهرت موجة من المخيمات الصيفية الموازية في جميع أنحاء الولايات المتحدة (العديد منها مدعوم من مؤسسة كينيدي).

4. تخلَّ عن الاعتقاد بأن “التوسع يعني الاستنساخ”

إن التوسع يعني أكثر من تكرار المفهوم الذي ثبتت فعاليته. بالطبع، التكرار أمر مهم. نمت فكرة شرايفر في البداية من وضع “الطيار” الواحد إلى مشروع وطني مُتعدد العقد، ويمكن القول بأنها نمت لتصبح حركة دولية. ولكن إذا كان الأمر مجرد تكرار، لكان قد ظل حلاً محلياً للآباء والأمهات ذوي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكانت مهمة شرايفر الأكبر ظَلَّت: تعزيز الشمولية والتعاطف العام مع الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية، وإدخالهم في التيار الرئيسي لنمط الحياة الأميركية.

أحياناُ يجب عليك التغيير وفقاً لمقياس التوسع. قد تكون الفرضية بأنك تبتكر أولاً ثم تتوسع مضللة، لأن التوسع يتطلب أيضاً براعة وتفكيراً إبداعياً. يتعلق التوسع بتحويل حلك لينمو ويكون له تأثير أكبر.

بالنسبة إلى شرايفر؛ جاء محور التحول الكبير في أواخر عام 1967، عندما تلقت طلباً للتمويل من معلمة الصالة الرياضية الشابة في شيكاغو؛ آن ماكجلون. كانت تعلّم الأطفال المعاقين ذهنياً وكانت تقترح تنظيم لقاء على مستوى المدينة لهم. أدركت شرايفر أن الحركة لديها الفرصة للتحول من معسكرات متعددة، تغذيها مؤسسة كينيدي، إلى شيء مختلف أكبر. اقترحت حدث ظهور أعلى بكثير للأطفال من جميع أنحاء البلاد.

تتذكر ماكجلون: “لم تكن رؤيتي أبداً المشاركة في الألعاب الوطنية أو الدولية… لم تكن لدي الرؤية أو الصلات لأفكّر على نطاق عالمي. كان لدى شرايفر أفكار أكبر”.

في مارس/آذار عام 1968، فاجأت شرايفر الجميع في مؤتمر صحفي عندما أطلقت على مشروعها اسم “الأولمبياد الخاص”، بعد أن استخدمت نفوذها لتأمين الوصول إلى العلامة التجارية “الأولمبية” الثمينة. بالنسبة للحدث نفسه، أقنعت الشخصيات الرياضية مثل الأبطال الأولمبيين جيسي أوينز ورافر جونسون بتدريب الأطفال وتشجيع التغطية الإعلامية، وألقت الكلمة الافتتاحية في استاد شيكاغو الرياضي الأسطوري في “سولدجر فيلد”.

جمع الحدث 1,000 رياضي من 26 ولاية وكندا، بينما لم يستقطب سوى بضع مئات من المتفرجين؛ لكن بالنسبة للدورة الثانية التي أقيمت في عام 1972، أقنعت شرايفر برنامج “وورلد وايد أوف سبورتس” على قناة “أيه بي سي” ببث الألعاب على التلفزيون. نمت الحركة منذ ذلك الحين لتصبح حدثاً عالمياً، عُقد آخر مرة في أبوظبي في عام 2019 بمشاركة 190 دولة.

إن الإبداع لا يتوقف عندما تبدأ بوضع أفكارك موضع التنفيذ!

شارك المؤلفون في كتابة التفكير الغريب: الطريق غير التقليدي للأفكار العظيمة (ALIEN Thinking:The Unconventional Path to Breakthrough Ideas) (الصادر عن بابليك افايرز، 2021).

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.