تأسيس بنية تحتية للأعمال التجارية ذات الأهداف الاجتماعية (الجزء الأول)

الشركات الاجتماعية
(الصورة من آي ستوك/ستوديو ستوك آرت)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

حتى تستمر الشركات الاجتماعية وتزدهر، يجب علينا تغيير الهيكليات القانونية الأوسع لبيئات عمل الأعمال التجارية، وتغيير معايير الاستدامة، ونظم المساءلة، وفرص التمويل.

تدعى المؤسسات التي تسعى إلى تحقيق أهداف اجتماعية وبيئية – جنباً إلى جنب مع الأهداف المالية – “بالشركات الاجتماعية”، وهناك العديد من الأمثلة: تقوم مؤسسة “ريفوليوشن فودز” (Revolution Foods) بتوفير وجبات مدرسية صحية في الولايات المتحدة، ومؤسسة إنفي (Envie) تعمل على توحيد جهود المؤسسات الاجتماعية وهي متخصصة في أنشطة إعادة التدوير في فرنسا، وتوفر سالا أونو (salaUno) رؤية حول الرعاية الصحية منخفضة التكلفة في المكسيك. ازداد الحماس العام تجاه نماذج الأعمال الاجتماعية مثل هذه بشكل ملحوظ – لاسيما بين الأجيال الشابة. ومع ذلك، استمرت معظم الشركات في العمل بالطريقة القديمة نفسها: مُركِّزَة فقط على تعظيم الأرباح والقيمة السهمية للشركة، بغض النظر عن العواقب الاجتماعية والبيئية لأفعالها.

نجد أنفسنا على مفترق طرق: إما أن يظل الاقتصاد الاجتماعي منفصلاً عن بقية الاقتصاد، أو يتغلغل في الاقتصاد العالمي الأوسع ويساهم في تغيير الطريقة التي تتم بها جميع الأعمال التجارية. إذا ظلت الشركات الاجتماعية محصورة في تخصصها الضيق ضمن بيئة عمل مُصممة لدعم الأعمال التجارية الهادفة إلى الربح، عندها سيكون من الصعب لهذه الأعمال النمو أو الصمود. والأهم من ذلك؛ إذا ظل السعي الحصري لتحقيق الأرباح والقيمة السهمية للشركة هما الدافع الأساسي لأنظمتنا الاقتصادية والاجتماعية، فإن عدم المساواة سيستمر فقط بالازدياد، وسنواصل تدمير أنظمتنا البيئية الطبيعية بسرعة تعرّضُ الأنواع الأخرى للخطر وتُهدّدُ البشرية جمعاء.

كيف يمكن للشركات الاجتماعية أن تشكّل نماذج لإصلاح بقية جوانب الاقتصاد، والتوسع خارج مجال تخصصها الضيق الحالي؟ يمكن للشركات أن تتكيف وتتعلم من الممارسات التنظيمية التي تتيح للشركات الاجتماعية مواصلة السعي المشترك لتحقيق الأهداف الاجتماعية والبيئية، جنباً إلى جنب مع الأهداف المالية من خلال تحديد هذه الأهداف المزدوجة ومراقبتها بانتظام؛ وتحفيز الموظفين على تقديرهم ودعمهم؛ والاعتماد المنهجيّ على هذه الأهداف في اتخاذ القرارات الاستراتيجية. ولكن، هذا ليس كافياً. يجب أيضاً إجراء تغييرات على بيئة العمل لتسهيل ازدهار الشركات الاجتماعية من خلال تحسين الهيكليات القانونية، ومقاييس الاستدامة وآليات المساءلة الأكثر شمولاً، وزيادة الوصول إلى التمويل.

ما الذي يُمكننا تعلمه من الشركات الاجتماعية؟

إن الموازنة بين الأهداف الاجتماعية والبيئية والمالية ليست مهمة سهلة، بل إنها أبعد ما تكون عن ذلك. لكنني وزملائي حددنا مجموعة من الممارسات التي يمكن أن تساعد في تمكين الشركات الاجتماعية من إنشاء ثقافة هجينة تلتزم بالسعي المشترك لتحقيق هذه الأهداف المزدوجة والحفاظ عليها.

أولاً، يمكن للشركات الاجتماعية دمج أهدافها المزدوجة بوضوح في سياسات مكتوبة واستراتيجيات راسخة لجعلها ظاهرة للموظفين ولتساعد على منع انحراف المهمة عن مسارها. إن تحديد أهداف واضحة في المجالات الاجتماعية والبيئية والمالية، ومراقبة التقدم نحو تحقيقها، أمر بالغ الأهمية.

ثانياً، يجب أن تسهل أنظمة الحوافز وتدريب الموظفين السعي لتحقيق هذه الأهداف المتعددة. يجب أن تستند الزيادات والترقيات على التقدم، ليس فقط نحو الأهداف المالية، ولكن أيضاً نحو الأهداف الاجتماعية والبيئية. يمكن أن يعمل تدريب الموظفين على تعزيز فهم وتقدير المكونات الاجتماعية والبيئية والمالية لمهمة المؤسسة. كما يمكن أن تساعد فرص مواكبة الزملاء الذين يعملون في أجزاء مختلفة من المؤسسة على جمع الموظفين المسؤولين عن هذه المكونات المختلفة معاً والذين كانوا ليظلوا منفصلين لولا ذلك.

أخيراً، القيادة أمر مهم. عندما يعطي قادة الأعمال الاجتماعية وأعضاء مجلس الإدارة الأولوية للعمل لتحقيق التوازن بين أهدافهم الاجتماعية والبيئية والمالية للمؤسسة ككل، فإنهم يساعدون في تعزيز ثقافة تُمكّنُ الموظفين على جميع المستويات من فعل الشيء نفسه. ونرى في بحثنا أن المؤسسات التي يتبنى قادتها عمليات أكثر ديمقراطية لصناعة القرار، حيث يمكن للموظفين ذوي وجهات النظر والخبرات المختلفة أن يكون لهم رأي حقيقي حول كيفية التعامل مع الأمور قيد الدراسة والتوفيق بين الأهداف، يبدو أن هذه المؤسسات أكثر قدرة على الحفاظ على السعي لتحقيق الأهداف المالية والاجتماعية والبيئية.

ومع ذلك، في حين يمكن للمؤسسات الفردية بناء ثقافة هجينة ملتزمة بتحقيق أهداف متعددة من خلال تبني الممارسات المذكورة أعلاه، فإن التغييرات داخل المؤسسات الفردية – رغم أهميتها – غير كافية لإخراج الشركات الاجتماعية من مجال تخصصها الضيق المحدد. يجب علينا أيضاً تغيير بيئة العمل الأوسع للشركات، مع تمكين الشركات الاجتماعية من النموّ ودفع الآخرين لتحقيق السعي نحو الأهداف الاجتماعية والبيئية إلى جانب الأهداف المالية.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.