يقول قادة الشركات إنهم بحاجة إلى الضغط الذي يمارسه الناشطون والقوانين الحكومية الداعمة ودراسة الجدوى المحكمة كي يصبح الامتثال لمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أكثر من مجرد شعارات.
جميعنا بارعون في الكلام؛ يخشى أغلبنا من عدم تعامل الشركات مع التوريد المسؤول بالجدية الكافية لتحقيق أثر ملموس، وهذا ما أكده مسؤول تنفيذي في إحدى العلامات التجارية العالمية الرائدة مؤخراً. تشير المقابلات التي أجريناها مع مسؤولين تنفيذيين في 21 علامة تجارية رائدة إلى أن الشركات تكتفي باعتماد متطلبات التوريد المسؤول بالقدر الواجب عليها فقط، بدلاً من أن تمنح الأولوية للحقوق الإنسانية للموظفين والمجتمع أو لحماية البيئة. قال لنا أحد المسؤولين التنفيذيين: "استثمرنا كثيراً في العمل مع المؤسسات غير الحكومية، ومع ذلك ما زلنا نواجه المشكلات ذاتها منذ 10 أعوام"، وأضاف آخر: "لست راضياً عن الأثر الذي نحققه، ولا يفاجئني أننا لم نحرز تقدماً أكبر".
ما الذي يجب فعله؟ قال أحد المسؤولين التنفيذيين صراحة: "القسوة هي أفضل استراتيجية، أي مهاجمة الرئيس التنفيذي علناً". لم ينكر كثير من التنفيذيين الذين أجرينا معهم مقابلات صعوبة التوريد المسؤول وتعقيد ممارساته، بيد أنهم أوضحوا جميعهم نقطة واحدة، وهي أن ضغط الرأي العام المنسق والمدروس الذي يشمل الإشهار وفضح العلامات التجارية الكبرى وأصحاب المصلحة الآخرين يحفز الشركات على اتخاذ الإجراءات اللازمة. لا يمكن أن تكتفي الشركات بإخضاع الموردين للتدقيق واستخدام بطاقات قياس الأداء لعمليات الشراء المسؤول، والإفصاح عن البيانات السنوية ضمن تقارير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)، فمن الممكن أن يفي التزام هذه الإجراءات بدرجة أكبر بشروط أنظمة الامتثال لمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، لكن تعزيز رفاهة الموظفين والمجتمعات والبيئة يستوجب ضغطاً خارجياً على الشركات بطرق تشمل وضع قوانين حكومية أفضل وأذكى.
تصريحات هؤلاء المسؤولين التنفيذيين مقلقة للغاية، لأنهم يعملون في شركات تعدّ نماذج رائدة في ممارسات التوريد المسؤول ضمن قطاعاتها وفي القطاعات الأخرى، ويحتمَل أن تكون التبعات المترتبة على الشركات ذات الأداء الأدنى أسوأ من ذلك.
تنشيط التوريد المسؤول
كشفت جائحة كوفيد-19 عن المخاطر المنهجية للأزمات الصحية على سلاسل التوريد العالمية وضعف الموظفين المنهجي، وخاصة الموظفات اللاتي فقدن وظائفهن بمعدلات أعلى بكثير من الرجال، ويعانين من تزايد العنف تجاههن وتضاعف مسؤوليتهن في تقديم الرعاية. لكن لا يكفي أن تصبح حقوق الإنسان والعمال والمكونات الاجتماعية الأخرى في مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات سائدة في الأسواق المالية، وحتى أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، بلاك روك (BlackRock)، تعمل على رفع مستوى الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وتطلب من الشركات في محفظتها الاستثمارية أن تبين الطرق التي تعتزم اتباعها لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، وتفصح عن تلك الممارسات في مختلف أجزاء سلسلة قيمتها بتقارير "دقيقة". التشدق بالكلام هو الجزء السهل: لن يكون الإفصاح والشفافية مجديان إلا إذا حاسبت هيئات المراقبة المؤسسة عليهما.
سلط المسؤولون التنفيذيون الضوء على 4 نقاط قوة تساعد في جعل التوريد المسؤول أولوية حقيقية في العمل التجاري وإحداث تغيير جوهري:
1. يجب أن تتعرض الشركات إلى ضغط الناشطين
أخبرنا المسؤولون التنفيذيون أنهم "بحاجة إلى ضغط أكبر"، على الرغم من أن ذلك يبدو منافياً للبديهة. علّمت حركة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات المؤسسات غير الحكومية الناشطة والشركات طرق التعاون، وهو أمر في غاية الأهمية، إذ يعتمد الناشطون في عملهم الفعال على فهمهم المتقدم لسلاسل التوريد والعقود والحوافز التي تستهدف الظلم المنهجي الأساسي.
ومع ذلك، نتيجةً لزيادة التعاون بين الناشطين والشركات، تزاد ندرة نشاط تنظيم الحملات، الذي كان يهدد السمعة ويقلق المستثمرين والعملاء والموظفين والجهات الرقابية على حد سواء، مع مرور الوقت. ودون التعرض لضغط خارجي منسق، لن تخضع الشركات التي تتبنى سياسات التوريد المسؤول وعملياته، مثل مدونة قواعد السلوك وعمليات تدقيق أنشطة الموردين، لمساءلة حازمة.
أخبرنا المسؤولون التنفيذيون بوجوب تحمل الشركات عواقب تقصيرها في متابعة هذه الممارسات، يقول مسؤول تنفيذي: "سيكون من الرائع أن تتعرض علامتنا التجارية للهجوم، فتأثيره كبير. عندما كانت بعض الشركات ترفض التسديد للموردين كانت الشركات الكبرى تتعرض لضغوط كي تغير هذه القرارات، وفي بعض الحالات غيرتها فعلاً. يجب أن تكون الضغوط قوية بما يكفي وأن تؤثر في مبيعات الشركة". حتى أن البعض يسعى لأن يصبح هذا النشاط شخصياً. اقترح أحد المسؤولين التنفيذيين في المناصب التنفيذية العليا صراحة مهاجمة الرئيس التنفيذي علناً، قائلاً إن هذه "الاستراتيجية الأكثر فاعلية حتى الآن لإرغام الشركة على التغيير". أوضح أحد المسؤولين التنفيذيين:
"بصراحة، إذا أخبرتنا أن المؤسسات غير الحكومية ستهاجم علامتنا التجارية حسب نظرتها إلى عملنا، فسوف يجذب ذلك انتباه رئيسنا التنفيذي ومسؤولي المناصب التنفيذية العليا. سيساعدنا ذلك في تحفيز التغيير ويدعمنا لتحقيق المزيد. وإذا أخبرتني أنها ستهاجم سمعة مديرنا التنفيذي الحسنة مباشرة، فهذا سيدفعنا إلى التحرك بسرعة أكبر".
2. يجب أن تتخذ الحكومة موقفاً
يتضمن الضغط الخارجي وعمل الناشطين الإلحاح على الحكومة لوضع التشريعات اللازمة وتحمل نصيبها من المسؤولية. فعلى حد تعبير أحد المسؤولين التنفيذيين: "تكون الحكومة غالباً غائبة تماماً، وليس بإمكان الشركات إصلاح كل شيء وحدها". عندما تكون الحكومات عاجزةً أو غير مستعدة لإنفاذ قوانين العمل أو اللوائح البيئية أو غيرها من السياسات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، سيكون من الصعب أو المستحيل حتى أن تؤثر الشركات المشترية على سلوك مورديها. لكن القوانين هي الأقدر على إنشاء دراسة الجدوى المقنعة، يعد كل من قانون كاليفورنيا للشفافية في سلاسل التوريد وقوانين العبودية الحديثة في المملكة المتحدة وأستراليا أمثلة على تشريعات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات السابقة، في حين يعمل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على صياغة قوانين جديدة حول حقوق الإنسان والعناية الواجبة بالبيئة. وكما ذكر أحد المسؤولين التنفيذيين: "يؤدي غياب القوانين إلى صعوبة الحصول على الميزانية اللازمة لتطبيق معايير حقوق الإنسان، ولذلك نحن بحاجة إلى هذه القوانين".
كما أشاروا إلى أن القوانين المبهمة، المتعلقة بتواطؤ الشركات بشأن الاستثمارات الاجتماعية والاستثمار في الموردين المشتركين، تحتاج إلى توضيح أكثر لأنها تشكل حالياً مثبطاً قانونياً لتعاون الشركات في مجالات الاهتمام المشترك. ذكر المسؤولون التنفيذيون أن زيادة التعاون سيسهم في تذليل عقبات مثل مقاومة الموردين، لكن القوانين والتشريعات المصممة لمنع التواطؤ تولّد عواقب غير مقصودة تتمثل في تقييد الاستراتيجيات الإبداعية التي قد تؤدي إلى توسيع نطاق التوريد المسؤول. وضّح أحد المسؤولين التنفيذيين ذلك بقوله:
"لنفترض أنك تعمل لصالح شركة منافسة ونتعامل كلانا مع الشركة الموردة نفسها، لا يمكننا أن نتواطأ على نحو إيجابي لأن كلينا يحتاج إلى أن تكون الشركة الموّردة مستدامة تستثمر في تكنولوجيا أفضل، لكن لا يمكنني التحدث إليك بشأن ذلك. والحكومة ليست مرنةً بما يكفي لترى الأهمية المشروعة للتواطؤ في سبيل الصالح الاجتماعي، ونظرتها إلى التواطؤ الاجتماعي سلبية دوماً. التواطؤ الإيجابي صعب ومحامونا لهم دور رئيسي في زيادة صعوبته لأنه يصيبهم بخوف شديد".
3. دراسة جدوى لفرض التغيير الحقيقي
بما أن التوريد المسؤول يمثل التغيير والمجازفة، يحتاج مسؤولو المناصب التنفيذية العليا في العلامات التجارية والمصانع الكبرى على حد سواء إلى دليل يثبت أن تكاليفه مقبولة ومبررة، وأنه سيؤدي إلى زيادة الإيرادات وإنشاء وفورات الحجم، وأن الأسواق المالية ستلاحظ الأداء وتكافئه. يقول المسؤولون التنفيذيون إن معظم الأبحاث حول الاستثمار المسؤول في سلسلة التوريد تركز على تخفيض معدل الدوران الوظيفي أو حماية سمعة الشركات، ومع أن جميع الأدلة مهمة للمساعدة فهذه الدراسات تدعم التغيير التدريجي داخل الشركات في أحسن الأحوال. من أجل تحقيق التغيير الجذري المطلوب، يحتاج المسؤولون التنفيذيون إلى دراسة جدوى أقوى توضح أن التوريد المسؤول يفيد مؤشرات الأداء المالي الرئيسة، أو لا يضرها على الأقل، إذ أشار أحدهم إلى أن "التركيز على أهم مؤشرات الأداء الرئيسة في دراسة الجدوى مهم، وهو بالنسبة لنا سعر السهم وجودته. إذا استطعت أن تثبت أن معيار الصحة النسائية أو حقوق الإنسان أو أي معيار آخر من معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يؤثر على مؤشرات الأداء الرئيسة تلك، فسيحظى باهتمام المسؤولين التنفيذيين".
4. تحميل الرؤساء التنفيذيين المسؤولية
لا تتوافق هيكليات الحوافز المؤسسية مع التوريد المسؤول، فموقف مسؤولي المناصب الإدارية العليا في الشركات متناقض: على الرغم من صراحة العديد منهم في حديثهم عن غاية الشركة التي ترتكز على التوريد المسؤول، فهم يفصلون دوماً بين التوريد المسؤول وصناعة القرار الاستراتيجية القائمة بصورة أساسية على مقاييس الربحية والتحكم بالتكاليف.
لهذا السبب، تحدث المسؤولون التنفيذيون بوضوح عن سهولة أن يشجع الرئيس التنفيذي ممارسات التوريد المسؤول من دون أن يحمّل مدراء خطوط الأعمال أو مدراء سلاسل التوريد مسؤولية التزامه. يسأل أحد المسؤولين التنفيذيين: "من سيعمل على تنفيذ هذه الممارسات؟ هل هو الرئيس التنفيذي الذي يجلس مع الأثرياء في مدينة دافوس للتحدث عن إنقاذ الناس؟ كيف يعتزم ذلك القائد إرغام مرؤوسيه المباشرين على إجراء التغييرات بما يتوافق مع التوريد المسؤول؟ وهل سيوفر الغطاء السياسي اللازم ليمكّن الموظفين من إحداث هذه التغييرات؟ هل سينفذ الرئيس التنفيذي التزامه حقاً ويفرض على رئيس قسم المشتريات تغيير ممارسات العمل؟ من الذي سيجازف من أجل تمكين الموظفين الأقل نفوذاً من العمل بطرق مختلفة؟"
إذا لم تدمَج معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في استراتيجية الأعمال وتتجسد في الموارد والحوافز والدعم السياسي في الشركة فمن الصعب تحقيق تغيير يتعدى بعض التحسينات التدريجية.
التعاون في تطبيق أسلوب الترغيب والترهيب
في محادثاتنا مع المسؤولين التنفيذيين، أثار الحديث عن تقييم جهود شركاتهم تعليقات صريحة وناقدة غالباً بشأن الواقع الذي يواجهونه، فهم جميعاً يريدون أن ترقى شركاتهم إلى مستوى غاياتهم وتطلعاتهم، وأن تستفيد من إدارة سلسلة التوريد العالمية لمكافأة أدائها الجيد في تطبيق مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وتعزيزه. هذه فرصة للمجتمع المدني والقطاع الخيري وخبراء التحليل المالي والمستثمرين لاستثمار المجالات ذات الفائدة الكبيرة.
نقترح 3 استراتيجيات أساسية:
- الاستثمار في الضغط الخارجي. يمكن البدء بأن تستثمر المؤسسات الخيرية في بناء هيكلية تضغط على الشركات للتحرك باتجاه التوريد المسؤول، ثم الانضمام إليها في جهود تعاونية. يحتاج الناشطون إلى عقد شراكة مع المؤسسات غير الحكومية التي تقدم المساعدة التقنية ويمكنها التعاون مع الشركات التجارية في المجالات المناسبة. يجب على الممولين دعم الجهود المبذولة لبناء القدرات والخبرات ودعم آليات التنسيق. من السهل على الشركات والجهات المعنية بالتوريد المسؤول التعاون على تطبيق السياسات الحكومية التي تضمن تكافؤ فرص استثمارات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وتحفز تنفيذ سياسات التوريد المسؤول وتذلل العقبات التي تعوّق العمل التعاوني.
- وضع دراسة جدوى أفضل. تقدم سلسلة أبحاث مشروع العائد على الاستثمار (Project ROI) البارزة دليلاً على أن التزام مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يؤدي إلى تحسين النتائج المالية، وقد وثّقت عدة مؤسسات غير حكومية دراسة جدوى الاستثمارات الاجتماعية. ومع ذلك، يجب أن يكون البحث أعمق وأوثق ارتباطاً بالأداء المالي ويشمل إجراء تحليل أدق لبيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، لا سيما عائد الاستثمار للمكون الاجتماعي فيها. مثلاً، لا تظهر عوائد معالجة قضايا الصحة النسائية في سلاسل التوريد ضمن التقارير الفصلية، بل تتضح غالباً بعد عدة أعوام، لكن الأداء الجيد في المجال الصحي يدل على إدارة الشركة الحكيمة لسلسلة التوريد وقدرتها على الحد من المخاطر. إذا أخذ كل من الشركات والمستثمرين التوريد المسؤول على محمل الجد، فمن الضروري أن يستثمروا في تعزيز مقاييس دراسة الجدوى وقدرة المستخدمين النهائيين على فهم البيانات والتصرف بناءً عليها.
- تعزيز أنظمة الشركات الداخلية ومواءمتها. تحتاج العلامات التجارية وشركات التوريد إلى الدعم لرفع قدراتها وتغيير أساليب العمل التي تتبعها، وهي بحاجة إلى دعم خاص كي تتمكن من مواءمة الالتزامات العامة مع الأنظمة الداخلية، ودمج الأدوات وبرامج التدريب في عمليات سلسلة التوريد، والتوفيق بين حوافز الأداء وأهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وإدراج التكافؤ بين الجنسين في بطاقات قياس أداء الموردين. يجب أن يقود الرؤساء التنفيذيون جهود المواءمة هذه، ولكن يجب ألا يقتصر عمل المؤسسات غير الحكومية والمستثمرين وأصحاب المصلحة الآخرين على تقييم أداء الشركات الحالي فحسب، بل يجب عليهم تقييمه أيضاً حسب تكامل أنظمتها المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التي من المحتمل أن تولّد أداءً أفضل، كما يجب على خبراء التحليل المالي تدوين الملاحظات وطرح أسئلة حول التوافق الداخلي على مسؤولي المناصب التنفيذية العليا.
ستبني هذه الاستراتيجيات مجتمعة هيكلية العمل المنسق للتأثير على صانعي القرار الرئيسيين في الشركات والكيانات الخارجية، ومن الضروري تحقيق التوازن بين حوافز التغيير الإيجابي وعواقب التقاعس عن العمل أو التغيير السلبي في سبيل توليد نتائج بناءة. فالحوافز ضرورية ولكنها ليست كافية، وسيؤدي التركيز المفرط على العواقب (مثل مخاطر أنشطة تنظيم الحملات) إلى اتخاذ بعض الشركات موقف المواجهة أو الهروب لتوجيه مواردها نحو مكافحة المعارضة أو بيع خطوط الأعمال الإشكالية إلى مالكين جدد عديمي الضمير. وبالتالي تعزز الاستراتيجيات بعضها بعضاً لتسخير العواقب لتحفيز تقدم الشركات والحوافز لضمان استمرار هذا التقدم. في الوقت نفسه، تركز الاستراتيجيات على تغيير النظم الأساسية التي تحدد طرق تصميم سلاسل التوريد العالمية وتنظيمها، ما يخلق دافعاً أكبر لتحقيق التغيير الإيجابي. يعدّ مجال صحة الموظفين وتمكين المرأة في سلاسل التوريد من المجالات "الاجتماعية" المهيَّأة لمثل هذا التنسيق، إذ يمكن أن يخلق العمل الفعال تأثير قاطع الرصيف (curb-cut effect) في جميع أجزاء سلسلة توريد العلامة التجارية؛ أي أن يعود بالفائدة على الجميع وليس على الفئة المستهدفة فقط.
لا شك لدينا في وجود عدد كبير من المشكلات التي تجب علينا معالجتها لتحويل منظومة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات الخارجية، وقد وصف المسؤولون التنفيذيون المنظومة المستهدفة بأنها تشمل أنظمة أفضل لجمع البيانات، وإدارة الموردين ووظائف الموارد البشرية بفعالية أكبر، وبناء قدرات المؤسسات غير الحكومية المحلية الشريكة التي تنفذ البرامج، وزيادة العمل التعاوني بين الشركات، وأموراً أخرى. لكن هذه الاستراتيجيات الثلاثة تمثل قوة دافعة أساسية، ويجب أن تعمل أقوى الجهات الفاعلة في مجال التوريد المسؤول، من العلامات التجارية العالمية والمؤسسات غير الحكومية الكبرى والمؤسسات الممولة والمستثمرين والناشطين وقادة الفكر، على نحو منظم ومنسق بدرجة أكبر للتعاون على تطبيق استراتيجية جماعية متسقة ومشتركة وشديدة التنظيم تمزج بين الترغيب والترهيب والتغيير المنهجي. سيؤدي تنسيق العمل وفقاً لاستراتيجية مشتركة تتشارك مع العلامات التجارية الكبرى وتضغط عليها في آن معاً إلى حشد التوريد المسؤول لتأكيد غايته الأساسية وتحسين حياة الموظفين في كل مكان.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.