ما معوقات تمكين المرأة ووصولها إلى المراكز القيادية؟

3 دقائق
التمكين القيادي للمرأة
shutterstock.com/LADYMAYPIX

على الرغم من تزايد تمثيل النساء في القوى العاملة؛ فإن الإحصاءات الحديثة تشير إلى ضعف التمكين القيادي للمرأة والمتمثل في ضعف تقلدهنَّ المناصب القيادية، فبحسب تقرير المرأة في مكان العمل (Women in the Workplace) لعام 2022 الصادر عن شركة ماكنزي آند كومباني (McKinsey & Company)، مقابل كل 100 رجل انتقلوا من وظائف على مستوى مبتدئ إلى مناصب إدارية، حصلت 87 امرأة فقط على ترقية إلى درجة وظيفية أعلى.

ظهر التحيز اللاواعي في العديد من الدراسات، عندما طلب الباحثون من الجنسين رسم صورة القائد وربطها دائماً بشخصية ذكورية، كما أن الدور القيادي للمرأة القيادية، خاصة في القطاع العام، كان مقتصراً على الوظائف الإدارية الوسطى.

هذا الواقع لا يختلف كثيراً في المنطقة العربية، لكن السعودية كرّست جهودها وفق رؤية 2030 لتعزز دور المرأة، ومنذ نهاية عام 2015؛ بدأت مسيرة العمل على مراجعة التشريعات التي تخص المرأة، وانعكست هذه الجهود على مستهدفات تمكين المرأة؛ إذ بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات من 15 سنة فما فوق 35.6% خلال الربع الثاني لعام 2022، في حين تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 33.7% متجاوزة بذلك مستهدف الرؤية لعام 2030 للوصول إلى نسبة 30%، كما وصلت نسبة النساء في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا في القطاعين العام والخاص إلى 39.6% خلال عام 2021.

أسهمت مبادرة تمكين المرأة في الخدمة المدنية بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالسعودية، في تعزيز دورها القيادي عبر زيادة نسبة المشاركة للمرأة في جميع القطاعات الحكومية، وعلى جميع المستويات الوظيفية من خلال استثمار طاقاتها وقدراتها وتوسيع خيارات العمل أمامها، وزيادة مشاركتها لضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين، وتقلّدها المناصب القيادية الهيكلية العليا في الأجهزة الحكومية عن طريق مجموعة من المشاريع الداعمة، وعملت المنصة الوطنية للقيادات النسائية كأداة تُمكّن الجهات من التواصل وترشيح القياديات لمناصب قيادية أو مجالس إدارات أو وفود رسمية في المحافل الدولية بناءً على معايير بحث ذكية.

كما ركز مشروع تحقيق التوازن بين الجنسين على ثلاثة محاور: البيئة المُمكِّنة، والمستوى المؤسسي، والمستوى المجتمعي/الفردي، وعمل المشروع على تحليل البيئة التمكينية والأطر التنظيمية والتشريعية والسياسات والأنظمة واللوائح لتحديد الفجوات التي تحد من تكافؤ الفرص بين الجنسين وتقييم الاحتياجات التدريبية، وتقديم التوصيات في ممارسات وإجراءات الموارد البشرية التي تحقق تكافؤ الفرص بين الجنسين.

وهدفت مبادرة التدريب والتوجيه القيادي إلى رفع نسبة النساء في المناصب القيادية المتوسطة والعليا، تحقيقاً لأهداف زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل عن طريق تدريب الكوادر النسائية في مختلف القطاعات، بهدف توفير بيئة مثالية تمكنهنَّ من الحصول على المعلومات اللازمة لإثراء معرفتهن القيادية.

وعلى الرغم من الاهتمام الحكومي بتمكين المرأة في المناصب القيادية؛ فإنه ما يزال هناك جدل حول عدم إتاحة المجال لها للوصول إلى الأدوار القيادية من خلال التوزيع العادل لهذه الأدوار، سواء كان مع زميلها الرجل أو الاختيارات النسائية التي يحددها صاحب القرار، وتتضح مشكلة تمكين المرأة في الأدوار القيادية بالمنطقة العربية، من خلال محدودية وصول النساء الكفء إلى المراكز القيادية، وممارسة التنمر الإعلامي والوظيفي تجاه المرأة لمنع وصولها إلى المراكز القيادية.

ففي الأردن، طال التنمر الإلكتروني عدداً من النساء الفائزات والمترشحات اللاتي لم يحالفهن الحظ في الانتخابات النيابية عام 2020، من بينهن مرشحة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأخرى تلعثمت وارتبكت خلال لقاء تلفزيوني على الشاشة الرسمية، وترى جمعية معهد التضامن الأردني "تضامن"، أن النساء في الأردن يتعرضن للتنمر الإلكتروني ضعف ما يتعرض له الرجال، بخاصة إذا ما قمن بمشاركة حياتهن الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ واجهت 47% من المترشحات تنمراً إلكترونياً، وتعليقات سلبية على صورهن ومظهرهن ولباسهن، والتحريض على عدم التصويت لهن.

تعد المضايقات والقرصنة الإلكترونية والتشهير والتهديد بنشر مواد إباحية، أمثلة على العنف الإلكتروني ضد النساء الذي قد يؤدي إلى فقدان وظائفهن، إذ كشف دراسة مصرية حديثة أن نحو 85% من المشاركات تعرضن للعنف الإلكتروني، و52.7% منهن طالتهن مضايقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

من جهة أخرى، تقيّد بعض القطاعات حق المرأة العاملة في التدريب القيادي أو اتخاذ القرار، أو المساواة في الفرص بسبب المحسوبيات والعلاقات التي يصعُب على المرأة مجاراتها على حساب سمعتها الشخصية أو التزاماتها العائلية، لتصبح صناعة القرار بيد الرجال الذين هم أيضاً نتاج بيئتهم وثقافتهم وموروثاتهم التي تحدد اختياراتهم للمرأة كقائدة.

ما يزال التمكين القيادي للمرأة يخضع لتحدي الكفاءة التي لا تنفصل عن القيم الأخلاقية التي تحكم أطر الجَدَارات عند القائد، وبين الواقع والمأمول في التمكين القيادي للمرأة من خلال المرأة نفسها وجداراتها، والدعم الأسري، والنظرة المجتمعية التي تشمل مُتَخذي القرار ومن لديه القدرة على ترشيحها ليتيح الفرصة لها للوصول إلى المناصب القيادية، والتدريب والتطوير المستمر، وكذلك التنظيمات.

المرأة السعودية ساعدها القرار السياسي من قيادة واعية وحازمة تؤمن بأهمية مشاركة المرأة كأحد ركائز الرؤية الوطنية في وطن طموح واقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي، ولذا تحرص المملكة على تأمين فرص التدريب والتأهيل للمرأة لتكون في مواقع القيادة، وهذا ما سيسهم في منح الكفاءات النسائية الفرصة للوصول إلى الترشيحات بعدالة الفرص والحد من التحيز بتمكينها ووصولها إلى المواقع القيادية والسياسية.

المحتوى محمي