ما الذي كشفه مشروع قانون البنية التحتية عن الصراعات الحزبية؟

3 دقائق
الاستثمار في البنية التحتية
unsplash.com/unsplash.com/

منح إقرار قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف دفعة تفاؤل بين الناشطين في العمل السياسي العام من غير الحزبيين.

وبعد أن وقّع الرئيس جو بايدن قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف ليصبح نافذاً، يجدر بنا التوقف قليلاً لأخذ العبر في الدروس التي تعلمها المجتمع المدني عبر المناقشات والمفاوضات والتسويات التي أدت في النهاية إلى إقرار القانون.

أولاً، بالنسبة للناشطين في العمل السياسي العام من غير الحزبيين، فيجب أن يشعروا بالسعادة لمجرد معرفة أن الشراكة بين الحزبين لا تزال على قيد الحياة حتى لو كان نبضها ضعيفاً. حيث انضم ثلاثة عشر ممثلاً جمهورياً إلى 215 ديمقراطياً للتصويت على مشروع القانون لضمان إقراره. وحدث ذلك بعد تصويت الحزبين في مجلس الشيوخ، حيث انضم 19 جمهورياً إلى 50 ديمقراطياً في التصويت لصالح مشروع القانون. وعلى الرغم من أن البعض ربما يقول بأن هذه العملية قد أضعفت مشروع القانون (ولو قليلاً)، تبقى النتيجة أن الأميركيين في جميع أنحاء البلاد سيستفيدون من الاستثمار في مجالات حيوية، مثل شبكات النطاق العريض، وتجهيز البنية التحتية لمقاومة الفيضانات، والحدائق العامة، بالإضافة إلى استثمارات أخرى.

فعلى سبيل المثال، تشمل البنود الخاصة بتعزيز شبكات النطاق العريض استثماراً غير مسبوق بقيمة 65 مليار دولار وسيخصص للبنية التحتية لشبكات النطاق العريض وشراء الأجهزة وبرامج المعرفة الرقمية ودعم القدرة على تحمل كلفة الإنترنت. ففي الوقت الحالي، لا يستطيع 20 مليون أميركي الحصول على خدمة الإنترنت عالية السرعة، ولا يستطيع الملايين غيرهم تحمل كلفتها حتى لو حصلوا عليها. وعلى الرغم من ظهور المشكلة قبل وقت طويل من انتشار الوباء، فإن تداعيات كوفيد-19 نوهت بالأهمية الكبيرة للتواصل وساعدت على زيادة تركيز صانعي السياسات على إيجاد حلول. فمن خلال الاستثمار في شبكات النطاق العريض، لا سيما في المجتمعات المهمشة، نستطيع توفير السبل لزيادة فرص العمل والتعليم والمعرفة الرقمية، وبالتالي إعطاء الأولوية للنمو الاقتصادي والقدرة التنافسية، والتي تعد ضرورات حيوية لبلدنا.

ثانياً، ونظراً لطبيعة الاستقطاب السياسي المتجذرة في أميركا اليوم، نتوقع رؤية نقاشات سياسية أكثر تحزباً في المستقبل المنظور. وكما أظهر بحث في مركز بيو للأبحاث، فقد اتسعت الفجوة الحزبية على مدى السنوات القليلة الماضية بين الديمقراطيين والجمهوريين في جميع القضايا الرئيسية تقريباً، بما في ذلك الاقتصاد والعدالة العرقية والتغير المناخي والسياسة الخارجية ومجالات رئيسية أخرى. ويبقى هذا الانقسام قائماً حتى عندما تحظى إحدى القضايا بدعم شعبي عريض، مثل الاستثمار في البنية التحتية للبلاد.

على سبيل المثال، وفي استقصاء أجري في سبتمبر/أيلول، استخلص مركز بيو للأبحاث نتيجة مفادها أن عامل التحزب قد طغى على أي عامل آخر، حتى عامل الولاء المحلي، في التأثير على آراء الأميركيين حول البنية التحتية وكيف ينبغي للحكومة أن تستجيب لمخاطر الطقس القاسي. وعلى وجه التحديد، شدد 62% من الديمقراطيين على أهمية وضع الحكومة لمعايير أكثر صرامة لمواجهة الفيضانات والعواصف الكبرى والحرائق، في حين وافقهم الرأي 31% فقط من الجمهوريين. والأهم من ذلك، وفي حين أن هذا النوع من الانقسام يجعل صنع السياسات أكثر تعقيداً، فهو يجبر الطرفين على تقديم تنازلات، وهو ما رأيناه في هذه العملية التشريعية.

ويقودنا هذا الاستقطاب إلى القلق لأن البيانات لم تعد ذات أهمية كبيرة في صنع السياسات، وهو ما يدفعني إلى التقييم النهائي لعملية استخدام البيانات والأدلة عند طرح هذا التشريع. في مركز بيو للأبحاث، تحكم البيانات توصياتنا، ويسعدنا أن نرى مشروع القانون النهائي يتضمن بنوداً عن البنية التحتية الجاهزة لمواجهة الفيضانات ومبادرات استبقاء الوظائف، بالإضافة إلى شبكات النطاق العريض. ولا تزال البيانات مهمة في النقاش العام وصنع السياسات، لا سيما عندما تظهر الأبحاث والأدلة تكاليف وفوائد أنواع مختلفة من الاستثمارات العامة. فعلى سبيل المثال، أظهرت الأبحاث أن كل دولار يتم استثماره في التخفيف من حدة الكوارث من قبل ثلاث وكالات فيدرالية يوفر 6 دولارات على المجتمع. وهذا هو أحد الأسباب التي دعتنا إلى تأييد زيادة التمويل في مشروع القانون المتعلق بالتخفيف من تداعيات الكوارث قبل وقوعها. ومثال آخر عن ذلك حصل في كولورادو، فبعد أن أظهر أحد الأبحاث أن ما يقرب من 50% من حوادث السيارات المبلغ عنها في السنوات العشر الماضية وقعت ضمن منطقة واحدة من الولايات المتحدة. وكان 550 حادثاً منها مرتبطاً بالحيوانات البرية، تعاون بيو مع قادة وشركاء من الولاية لمعالجة المشكلة من خلال الدعوة لمشروع قانون البنية التحتية. وعبر تمويل مشروع القانون لأول موارد خصصت في البلاد لبناء معابر للحيوانات البرية، والتي تبلغ 350 مليون دولار على مستوى البلاد وعلى مدى خمس سنوات، ستكون الولاية قادرة على التعاون مع الحكومات المحلية والقبلية لتقليل الوفيات والإصابات البشرية والحيوانية في المستقبل.

تمنح الدروس المستفادة من تجربة إقرار قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف دفعة تفاؤل لغير الحزبيين من المشاركين في العمل السياسي. وعلى الرغم من الانقسام وانعدام الثقة في الحكومة اللذين شكلا مادةً لأحاديث الأميركيين في السنوات الأخيرة، نرى أنه من الممكن تقديم استثمارات كبيرة للصالح العام، ويجب أن نستمر في المحاولة. حيث يتمتع قطاعنا بالقدرة على تقديم وجهات النظر والحقائق لإظهارها قبل أن تضيع في غمار الصراعات الحزبية. لذلك من الضروري أن نستمر في هذا الطريق. نعلم أن الأمر ليس سهلاً في خضم هذه الفوضى، لكنه ممكن. ويمكن لقطاعنا أن يحقق إنجازات ذات قيمة وأن يساعد في دفع أميركا إلى الأمام في السنوات القادمة.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي