4 تغييرات يقودها الابتكار الاجتماعي لتحقيق المساواة بين الجنسين

3 دقائق
المساواة بين الجنسين
shutterstock.com/Andrey_Popov

يضع التقدم السريع للابتكار منظومة العمل الخيري وشركاء التنمية المستدامة أمام تحدٍ كبير يتطلب تبني تفكير متطور يواكب التغيرات من خلال التقدم والبحث المستمر.

ولا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون التركيز على المساواة بين الجنسين لضمان حصول الجميع على كامل الحقوق والحريات. على الصعيد العالمي، هناك محدودية في وصول المرأة إلى الموارد والفرص، وضعف مشاركتها في عمليات صنع القرار التي تشكل مجتمعاتهن وحياتهن الخاصة. 

وفي المنطقة العربية، يعيق عدم المساواة بين الجنسين تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فبحسب مؤشر التنمية حسب النوع الاجتماعي (Gender Development Index. GDI) الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، تشارك واحدة فقط من كل خمس نساء في القوة العاملة، وهو المعدل الأدنى عالمياً، كما كانت مشاركة النساء والفتيات بالمنطقة العربية في التنمية البشرية أقل بنسبة 14.4% مقارنةً بالرجال خلال العشرين عاماً الماضية.

وضع النوع الاجتماعي في صميم البرامج التنموية

التمييز على أساس النوع الاجتماعي فيما يتعلق بصنع القرار والوصول إلى الموارد الاقتصادية والاجتماعية يضر بأهداف التنمية، لكن الابتكار الاجتماعي يساعد في تمكين المرأة وممارسة دورها في المجتمع بفاعلية، وقد ركزت دراسة الباحثتين العراقيتين زهراء الحسيني وشيماء الأحبابي، بعنوان: الابتكار المجتمعي ودوره في إدماج النوع الاجتماعي بقضايا التنمية، على مفهوم النوع الاجتماعي والعوامل المرتبطة به لمعرفة اختلاف مكانة وأدوار الجنسين في المجتمعات، وكيفية إدماج النوع الاجتماعي في قضايا التنمية.

يُعد إدماج النوع الاجتماعي في البرامج التنموية عنصراً أساسياً لتحقيق المساواة بين الجنسين، ويمكن أن تسهم الابتكارات والمبادرات المجتمعية الخاصة بقضايا النوع الاجتماعي في إدماج المفهوم على كافة المستويات، على سبيل المثال، يُعد المركز الدولي لبحوث المرأة (International Center for Research on Women. ICRW) رائداً في مجال تعزيز تمكين المرأة من خلال استخدام التكنولوجيا، وتغيير المعايير الاجتماعي، والمرونة الاقتصادية، ويدعم مُسرع الربيع (SPRING Accelerator (SPRING المؤسسات الاجتماعية من خلال تقديم المنتجات والخدمات ونماذج الأعمال المصممة خصيصاً لإحداث تأثير إيجابي في حياة الفتيات المراهقات.

أوجه التغيير المبني على الابتكار الاجتماعي

يقود الابتكار تحولات إيجابية في حياة النساء، ويتضح ذلك في أربعة مجالات تغيير:

  1. تحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية عالية الجودة التي تزيد من رفاهية النساء والفتيات، على سبيل المثال، تعمل منصة التعلم على الأجهزة المحمولة من شول المباشر (Shule Direct) على تحسين نتائج تعلم الطلاب عبر توفير الوصول إلى مواد التعلم الرقمية المصممة محلياً.
  2. زيادة المشاركة المجتمعية، على سبيل المثال، تعمل حملة لتعليم المرأة (Campaign for Female Education. CAMFED) التي تقودها قواعد شعبية في إفريقيا، على دمج القراء الإلكترونيين في برنامج التوجيه الحكومي للغة الإنجليزية، ومعالجة الفقر وعدم المساواة والظلم من خلال تعليم الفتيات والقيادة النسائية، وتحقيق الاستقلال المالي لهن من خلال قروض الأعمال الصغيرة التي تقدمها كيفا (Kiva)، وهي مؤسسة أميركية مهمتها توسيع الوصول المالي لمساعدة المجتمعات المحرومة على الازدهار.
  3. دعم التغيير، على سبيل المثال، من خلال مخطط قروض أفايا للتمويل الصغير (Afya Microfinance) الذي وضعته جمعية المرافق الصحية الخاصة في تنزانيا (Association of Private Health Facilities in Tanzania. APHFTA)، تحصل صاحبات الأعمال على التمويل، ما يمكّنهن من إضفاء الطابع الرسمي على أعمالهن وتنميتها وتحقيق الأمن الاقتصادي لهن.
  4. تضمين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشكل حياة النساء والفتيات، سيساهم في إحداث تغييرات في المجتمع بمرور الوقت. عندما تحصل النساء على الأمن الاقتصادي، يكتسبن أيضاً المكانة وسلطة اتخاذ القرار، وهذا بدوره يؤثر إيجاباً في ديناميكيات الأسرة والمجتمع؛ إذ تصبح المرأة أكثر نفوذاً واحتراماً، وعندما تُمنح الفتيات والنساء الفرصة لتعلم مهارات جديدة واكتساب المعرفة؛ يكتسبْن ثقة أكبر بأنفسهنّ.

مبادرات مرتبطة النوع الاجتماعي

عندما تُحرم الفتيات والنساء من الوصول إلى الفرص والرعاية والخدمات التي يحتاجون إليها، سيؤثر ذلك في مستقبلهم وقدرتهم على الازدهار والتطور والاستفادة من أقصى إمكاناتهم؛ لذا ظهرت مبادرات مجتمعية مبتكرة تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، منها، مبادرة تاكسي النساء (Women's taxis) التي أطلقتها المؤسسة البريطانية خدمة تصميم المرأة (Women Design Service. WDS) وتوسعت في أكثر من 18 دولة، منها الإمارات والسعودية.

ركزت المبادرة على فكرة ضمان حرية المرأة في التنقل ليلاً من خلال خدمات السيارات التي تقودها النساء، وفي دبي، لا يوجد مقطورات مخصّصة للسيدات فقط خلال ساعات الذروة ولكن توجد أيضاً خدمة سيارات أجرة وردية اللون التي أطلقت عام 2007، وفي مصر، هناك خدمة مماثلة لتوفير وسيلة تنقل آمنة للسيدات مزودة بميكروفونات وكاميرات داخلية في كل رحلة.

في الإطار ذاته، انطلقت مؤسسة خريطة تحرش (Harass Map) في مصر عام 2010 بالتعاون مع العديد من الشركات الخاصة والمؤسسات الدولية، مثل صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة في مصر، لمعالجة ظاهرة التحرش والتوعية بها؛ فإذا تعرضت إحدى السيدات للتحرش أو شهد أحد الأفراد واقعة تحرش؛ يملئ تقرير حول بيانات المكان الواقع به حادثة التحرش ويرسله مباشرةً للمؤسسة لتتحقق منه، ثم تضعه على خريطة غوغل مصر موسوماً بنقطة حمراء، دلالةً على أنه مكان غير آمن للنساء، كما يعمل متطوعون من المؤسسة على رفع الوعي حول ظاهرة التحرش في هذه المناطق.

وتثميناً لجهودها، حصلت مؤسسة خريطة تحرش على عدة جوائز، منها، جائزة القمة العالمية للشباب عام 2011، وجائزة دويتشه فيله لأفضل المدونات عام 2012، في إطار استخدام أفضل للتكنولوجيا في مجال خدمة المجتمع.

إذن، دمج النوع الاجتماعي في قضايا التنمية عبر بوابة الابتكار، يحتاج للاستفادة من قوة التكنولوجيا ووضع النساء في مركز تصميم المبادرات والمشاريع التي تعزز الأمن الاقتصادي وتحسين سبل العيش.

هذا المقال نُشر بناءً على أبحاث من منصة "ساهم".

المحتوى محمي