6 آليات لتعزيز ثقة المتبرعين والمانحين بالمؤسسات الخيرية

3 دقائق
جذب المتبرعين
shutterstock.com/SvetaZi

تحرص المؤسسات الخيرية على العمل بفاعلية وكفاءة وتنويع مصادر الدعم، محاولةً جذب المتبرعين والجهات المانحة لخلق موارد مالية متعددة تضمن استدامتها المالية، وتجسيد أهدافها واستمرار خدماتها.

ويتطلع العاملون في القطاع الخيري إلى كسب ثقة المانحين عبر التدقيق في المؤشرات المالية للمؤسسات الخيرية وتقييم مدى نجاحها في تحقيق مهامها. ومع ذلك، تسيطر المخاوف المالية على المانحين عند التفكير في المكان الذي سيضعون فيه أموالهم.

مع تزايد التحديات المجتمعية والاقتصادية؛ تبحث المؤسسات الخيرية عن أساليب جديدة لتعزيز ثقة المتبرعين والمانحين. وبحسب استطلاع أجرته مؤسسة بي بي بي تحالف العطاء الحكيم (BBB Wise Giving Alliance) الأميركية، أكد 73% من المشاركين أهمية الوثوق بمؤسسة خيرية قبل التبرع لها، وعبّر 19% فقط عن ثقتهم الشديدة بالمؤسسات الخيرية، فيما أبدى 10% فقط تفاؤلهم بشأن قدرة المؤسسات الخيرية على أن تصبح جديرة بالثقة.

أهمية بناء الثقة في العمل الخيري

ترتبط الثقة بفكرة السلوك التنظيمي والقانوني في العمل الخيري، وتؤثر إيجاباً في مصداقية القطاع غير الربحي. مع تطور أساليب إدارة التبرعات، وآليات كسب ثقة المتبرعين؛ زادت مسؤولية المؤسسات الخيرية عن نشر البيانات، ومحاولة توظيف التحول الرقمي لتسهيل التواصل مع المتبرعين ورسم صورة ذهنية صادقة عن المؤسسة وخدماتها.

سعت العديد من الدول إلى تفعيل دور المؤسسات الخيرية، خصوصاً الجمعيات الأهلية، وتطوير أدائها للحصول مؤشرات تنافسية متقدمة على الصعيد العالمي. وأكدت الباحثة السعودية رانيا خالد الجهني في دراسة بعنوان: آليات تعزيز ثقة المتبرعين للجمعيات الأهلية في المجتمع السعودي، أهمية كسب ثقة المتبرعين للجمعيات لدعم جهود الحكومة في تلبية احتياجات المجتمع.

وقدمت الدراسة مقترحات لتعزيز ثقة المتبرعين، منها، توظيف آلية التسويق الاجتماعي في الجمعيات الأهلية، وذلك لخلق صورة ذهنية واضحة لدى المتبرعين والجهات المانحة بأهميتها ودورها في تنمية المجتمع، وتدريب أعضاء مجلس الإدارة بالجمعيات الأهلية على آليات کسب ثقة المتبرعين لضمان الاستدامة المالية.

معايير الثقة

يتطلب بناء ثقة طويلة الأمد المتابعة والمساءلة والأصالة، وتعني المتابعة بالنسبة لعلاقة المؤسسة بالمتبرعين، استمرار تقديم المؤسسة لبرامجها وخدماتها ما يولد ثقة لدى المتبرعين بأن تبرعاتهم ستُوظف لتحقيق مهامها، فيما تتجلى المساءلة في إظهار المؤسسة غير الربحية للشفافية في مسؤوليتها وقيادتها، ووضع أصحاب المصلحة في الاعتبار، وبحسب دراسة أسترالية بعنوان: ثقة الجمهور في المؤسسات الخيرية الأسترالية: المحاسبة عن السبب والنتيجة (Public trust in Australian charities: Accounting for cause and effect)، يميل الأفراد إلى الوثوق بالمؤسسات الخيرية المألوفة لديهم والتي يتسم أدائها بالشفافية، فضلاً عن أن بناء السمعة الجيدة عن طريق تواصل القادة بالمتبرعين ومحاولة إشراكهم والالتزام بمبدأ الشفافية بشأن استخدام الموارد وكيفية إدارتها، ترفع من نسبة ثقة المتبرعين.

وتتعلق الأصالة بكيفية ظهور المؤسسة، من حيث صدق نتائجها واعترافها بأخطائها وتعاملها مع قيمها بنزاهة. عند التعامل مع المانحين؛ قد يكون من المغري رسم صور مثالية، لكن مع الوقت يؤثر إظهار الجانب المشرق فقط  بكسب ثقتهم.

كيفية بناء الثقة لدى المتبرعين

غالباً ما يتوقع المتبرع أن تقدم المؤسسة الخيرية العطاء بالطريقة التي يرغب بها، وفيما يلي ستة إجراءات يمكن اتباعها لكسب ثقة  المتبرعين المحتملين بالمؤسسة الخيرية:

  • استخدام طرق فعالة لجمع الأموال

تركز الشركات على قاعدة العميل هو الملك وتسعى لبناء سمعة جيدة بوسائل مبتكرة، وينطبق ذلك على المؤسسات غير الربحية أيضاً؛ إذ يمكن أن يساهم استخدام تكنولوجيات ذكية في جمع التبرعات في إقناع المانحين بأن المؤسسة تدرك أهدافها ومهامها.

  • الالتزام بالمسؤولية

يتطلب بناء الثقة لدى المتبرعين أن تحافظ المؤسسة الخيرية على مكانتها المالية وتتأكد من توظيف أموال المانحين مباشرةً في البرامج والمبادرات التي تنظمها، وبالتالي، يجب اعتماد ممارسات محاسبة سليمة، وإتاحة المعلومات المالية على الموقع الإلكتروني الخاص بالمؤسسة، ومساعدة المانحين على الانتقال من مجرد التفكير في المؤشرات المالية البسيطة مثل النفقات العامة، وإيجاد مقاييس صحيحة لتوثيق النتائج.

  • تركيز الاهتمام على المتبرعين والمتطوعين

في أوقات الأزمات، يجب أن تضع المؤسسة الخيرية في اعتبارها أن المتبرعين والمتطوعين هم جمهورها الأكثر أهمية، ومن الضروري إمدادهم بالحقائق وطمأنتهم بأن الأمور تحت السيطرة، تفادياً للأخبار المغلوطة التي يمكن أن تنقلها وسائل الإعلام عن المؤسسة.

وتكسب المؤسسة ثقة المانحين أيضاً من خلال إشراكهم في دائرة القرار واستشارتهم بشأن التغييرات الكبيرة، ومنحهم الفرصة للمساهمة بخبراتهم في تجاوز الأزمات. تؤكد دراسة للباحثة المصرية ميرفت أبو الغيط عبد العز بعنوان: الحوكمة الرشيدة كمدخل لتطوير خدمات الرعاية الاجتماعية بالجمعيات الأهلية، أهمية تفعيل آليات التخطيط الاستراتيجي بالجمعيات الأهلية، ونشر ثقافة الحوكمة في المجتمع، والاتصال بالجهات المانحة لتعبئة موارد الجمعية.

  • التجاوب السريع مع المانحين

توصلت دراسة للباحثتين السعوديتين ندى بنت صالح بدوي ونادية بنت علي الشويلي بعنوان: أثر شفافية الجمعية الخيرية على ثقة المتبرع وسلوكه: دراسة تطبيقية على إحدى الجمعيات الخيرية السعودية، إلى أن التجاوب السريع مع المتبرعين يعزز دافعيتهم للتبرع للجمعيات الخيرية. ويساعد خلق قنوات اتصال متعددة وفعالة في بناء الثقة؛ لذا يجب أن تدرب المؤسسة موظفي الدعم على خدمة العملاء ومعرفة كيفية التعامل مع المشكلات الأكثر شيوعاً، وأن تعمل على إعداد نظام محادثة مباشرة لتتمكن من التواصل في الوقت الفعلي مع المتبرعين. 

  • نشر تقرير سنوي

على الرغم من أن المؤسسات غير الربحية ليست مطالبة بنشر تقرير سنوي؛ إلا أنه يعد ضرورياً لتعزيز الصورة الذهنية للمؤسسة، وإبقاء المتبرعين على اطلاع بأدائها. ويمكن للمؤسسة نشر التقرير بصورة رقمية بسيطة توضح للمتبرعين الحالة المالية للمؤسسة وكيف تساعد التبرعات المستفيدين.

  • التعبير عن الامتنان

أسوأ شيء يمكن أن تفعله المؤسسة الخيرية هو اعتبار التبرع أمر مضمون. كلما تقدمت المؤسسة بالشكر وكانت أكثر وضوحاً في إيصال التأثير؛ أصبح المانح أكثر قدرة على مواصلة العطاء، لذا من الضروري التعبير عن الامتنان للمانحين من خلال رسائل ومكالمات الشكر.

ختاماً، مع تزايد عدم اتباع ممارسات الحوكمة في العمل الخيري؛ تزداد رغبة المانحين بمعرفة كيفية استخدام أموالهم والأثر الذي أحدثته. من خلال دمج بعض التغييرات الرئيسية في الأداء والتواصل، ستتمكن المؤسسة غير الربحية منبناء ثقة أكبر مع الجهات المانحة.

هذا المقال نُشر بناءً على أبحاث من منصة "ساهم".

المحتوى محمي