

هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
أدخل بريدك الإلكتروني واحصل على المقال مجاناً
اكتشف أفضل محتوى عربي على الإنترنت لتطوير ذاتك وتحسين مهاراتك وجودة حياتك وتحقيق طموحاتك في أسرع وقت.
يقول مؤيدو المدارس المستقلة في أميركا إن نموذجهم يعزز الابتكار في القاعة الدراسية، في حين يخشى النقاد من أن تطغى مصالح المستثمرين على مصالح الطلاب؛ يمكن جَسر هذا الشرخ بواسطة التمويل وفق نموذج "الدفع مقابل النجاح".
تتمثل الشكوى المتكررة بشأن المدارس المستقلة الأميركية في أنها تعمل بدافع تخفيض التكاليف؛ فالدوائر التعليمية وحكومات الولايات تحدد دخل المدرسة بناءً على عدد الطلاب الذين تخدمهم، وتجني المدرسة أرباحها من الفرق بين إجمالي مبلغ التمويل الذي تحصل عليه والتكلفة الكلية لخدمة الطلاب، أي أن انخفاض التكاليف يزيد الأرباح ولكنه يقوض قيمة التعلم في نفس الوقت.
ماذا لو لم يكن التمويل مرتبطاً بعدد الطلاب الذين تخدمهم المدرسة بل بنتائج التعليم الإيجابية التي يحققونها؟
من الممكن اعتبار نموذج التمويل القائم على الدفع مقابل النجاح أساساً لهذا التغيير، إذا حقق البرنامج الأهداف المحددة تحصل المنشأة التي تقدم الخدمة على أجرها الذي يكون غالباً أعلى من الأجر في العقود القائمة على دفع الرسوم مقابل الخدمة؛ وإذا لم تحقق الخدمة الهدف المحدد لها فلن تكون المؤسسة الممولة ملزمة بدفع التكاليف.
يتم تنفيذ مشاريع قائمة على نموذج الدفع مقابل النجاح في البلاد بالفعل؛ خذ مثلاً برنامجاً للتعليم في مرحلة رياض الأطفال بمدينة شيكاغو أعلن نتائجه المرحلية في العام الماضي التي توضح أن المشروع حقق أهدافه الأولية فكان لزاماً على المستثمرين تقديم أول دفعة تمويل مقابل النجاح، في حين لم يتمكن أحد البرامج التي تهدف إلى الحد من معدلات العودة للجريمة في مدينة نيويورك من تحقيق أثر قابل للقياس، ولذا لم تكن المؤسسة الممولة ملزمة بدفع تكاليفه. أدى نموذج الدفع مقابل النجاح عمله في كلا المشروعين كما يجب.
سيؤدي تمويل المدارس بالاعتماد على هذا النموذج إلى سدّ شرخ كبير في النقاش الوطني الدائر حول مستقبل التعليم، إذ يشير مؤيدو الخيارات البديلة للمدارس إلى أن أداء الطلاب لا يبدي تحسناً على الرغم من زيادة معدلات الإنفاق على الطالب الواحد، بينما يخشى المعارضون من أن يؤدي الدعم العام لها إلى ملء جيوب المستثمرين على حساب جودة تعلّم الطلاب.
سيشجع نموذج الدفع مقابل النجاح المدارس على تجربة أساليب جديدة ويضمن في نفس الوقت ألا يحصل المستثمرون على المال إلا إذا نجح الطلاب.
من أجل ضمان أن تجني المدارس إيرادات كافية للاستمرار بتمويل عملياتها، سيكون من الضروري أن يدمج نموذج الدفع مقابل النجاح النتائج القابلة للتحقيق على المديين المنظور والبعيد معاً؛ ففي حين يساعد المال الذي يُدفع مقابل النتائج القصيرة الأمد في استمرار عمل المدرسة، سيكون الأمل بالحصول على التمويل مقابل النتائج البعيدة الأمد دافعاً للابتكار في المدارس. يمكن أن تشمل هذه النتائج ما يلي:
ما إن يتم تحديد النتائج المرجوة تتحمل المدارس والأنظمة المشارِكة مسؤولية تحديد أفضل الطرق لتحقيقها، وبدلاً من التركيز أولاً على إدارة التكاليف ستهتم بالاستثمار في رفع سوية مدرّسيها أو بتسخير الموارد لمنح أولياء الأمور دوراً أكبر في تعلّم الطلاب.
على الرغم من أن تبني نموذج الدفع مقابل النجاح يؤدي إلى إنشاء نظام تعليم فعال بدرجة أكبر، فالعمل على تنفيذه شاقّ؛ إذ يتعين على المسؤولين الحكوميين جمع أصحاب المصالح من أجل تحديد النتائج المرجوة والاتفاق على أدوات التقييم وتنظيم خطط الدفع، وستتمثل النتيجة في إنشاء نظام يحفّز اتباع الأساليب الإبداعية في تعليم الطلاب، وهو ما لا يمكن للاختبارات الموحدة تحقيقه بمفردها. عن طريق تعديل السياسات بدلاً من وضع سياسات جديدة بالكامل سيتمكن المسؤولون من التغلب على كثير من عقبات التنفيذ، مثل:
ولعل مؤسَسة المناصَرة اللاربحية داتا كواليتي كامبين (Data Quality Campaign) قد توصلت إلى حل لهذه التحديات، ففي عام 2015 حددت ما سمته "العناصر العشرة الأساسية في أنظمة البيانات الطولية على مستوى الولاية" (10 Essential Elements of Statewide Longitudinal Data Systems)، وتمثل العنصر الأول في "معرّف الطالب الفريد" (unique student identifier) الذي يلازمه طوال فترة تعليمه ويربط بين الأنشطة التي يقوم بها ومستويات أدائه مع مرور الوقت. تم إدخال العناصر العشرة كافة في القانون الفيدرالي الأميركي لخلق فرص التميز في التكنولوجيا والتعليم والعلوم المعروف باسم (America COMPETES Act) لعام 2007 الذي وثّق 12 "عنصراً مطلوباً في نظام بيانات التعليم في مرحلة رياض الأطفال وحتى ما بعد المرحلة الثانوية (P-16) على مستوى الولاية". أدخلت غالبية الولايات الأميركية هذه العناصر في أنظمة إعداد تقارير البيانات التي تستخدمها، ولكن ما زال من الصعب تحديد مدى قدرة هذه الأنظمة على تتبع التقدم الذي يحرزه الطلاب في ولايات أخرى.
بيّن بحث موسّع أن الأفراد الذين ينهون دراسة المرحلة الثانوية تقل احتمالات اعتمادهم على الموارد العامة وتزداد معدلات إنتاجيتهم الاقتصادية. صحيح أن انتشار استخدام نموذج الدفع مقابل النجاح على نطاق واسع سيؤدي إلى زيادة التكاليف الإدارية بدرجة كبيرة، لكن انخفاض التكاليف الاجتماعية الناجم عنه سيشكل تعويضاً مجزياً.
هذه هي مشكلة "الجيوب غير المناسبة"؛ أي أن تتحمّل إحدى الهيئات الحكومية (أو أحد مستويات الحكومة) تكاليف إجراء تدخلي ما بينما تجني وكالة أخرى أرباحه، أو أن تتولّد التكاليف اليوم بينما يستغرق تحقيق الأرباح أعواماً طويلة، ويمكن للتمويل التدريجي وفق نموذج الدفع مقابل النجاح معالجة المشكلة الأخيرة، ولكنه غير قادر على حلّ الأولى. وفي نفس الوقت، يمكن عن طريق إبراز مشكلة تحديد طريقة قياس أثر البرنامج وتوضيحها إجبار المسؤولين العامين على الإقرار بأن الاكتفاء في تقييم الإنفاق العام بحساب المدخلات والمخرجات في نظام التعليم المحدد بدقة شديدة والقائم على خطة صارمة جداً سيمنعهم من احتساب الآثار الاقتصادية الأشمل التي توقعها البرامج العامة على المجتمع.
فالمشكلة إذاً ليست متعلقة بطريقة تخفيض تكاليف برنامج معين (مثل التكاليف الإدارية المرتفعة لعمليات متابعة الطلاب) قدر تعلقها بطريقة احتساب الآثار الاجتماعية للإنفاق الحكومي بصورة شاملة أكثر.
ستكون الدعوة إلى إجراء تغيير فوري على مستوى النظام بأكمله عديمة الجدوى نظراً لانقسام الآراء المتعلقة بالتمويل العام للتعليم، ولكن التوصل إلى اتفاق مع بعض المدارس التي يمكنها تجربة النموذج سيشكل نقطة انطلاق، وإذا كانت النتائج الأولية مبشرة فيمكن توسيع النموذج بمساعدة نسبة صغيرة من التمويل الفيدرالي والحكومي، ويمكن تعديل مستويات التمويل المستقبلية بناءً على النتائج. سيثبت هذا النهج التدريجي جدواه للمشككين ويتيح للمسؤولين إجراء تصحيحات على النموذج عند ظهور التحديات غير المتوقعة.
على أي حال، ستكون التجارب الجادة على نموذج التمويل بناءً على الدفع مقابل النجاح وسيلة لإنهاء تبادل الاتهامات بالفشل في الحوار الوطني الدائر حول تمويل المدارس وتأسيس بيئة ملائمة للتنافس على تحقيق النتائج التعليمية التي من المفترض أن تسعى جميع النُهج المتبعة في التعليم لتحقيقها.
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.