اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

هل نتائج المشاريع الاجتماعية تتغير من مشروع لآخر؟

إعداد : سيسيليا شابيرو

 

تم النشر 25 مايو 2022

شارك
شارك

تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي الجزء الثاني من سلسلة "تحديد الفرص الكبرى للصالح الاجتماعي"، التي تحدثنا في جزئها الأول عن ثلاث فئات: (التكنولوجيا، والاستدامة المالية، ومقاييس التأثير الاجتماعي) تمكن ممولي المشاريع الاجتماعية من تتبع أداء استثماراتهم وتقييم الاستدامة التنافسية، وسنبين في هذا الجزء كيف أن نتائج المشاريع الاجتماعية قد تتغير من مشروع لآخر.

بعد جمع المئات من نقاط البيانات وتدقيقها وتسجيلها، يمكن لمقاييس الاستدامة المالية والتكنولوجيا أن تتلخص في درجتين وسطيتين مثقلتين منفردتين. تشكل هاتان الدرجتان أساس تحليلنا، فهما تمكنا من مقارنة الاستدامة التنافسية لكل المشاريع ضمن محفظتنا الاستثمارية بعضها مع بعض بشكل مباشر، بغض النظر عن مدى تفرّد كل ابتكار اجتماعي. ثم نضيف إلى هذا الأساس أي مقاييس تأثير اجتماعي قابلة للقياس لإضفاء بعد ثالث من المعرفة.

يستخدم المثال أدناه درجات الاستدامة المالية والتكنولوجيا لوضع العديد من المشاريع ضمن المصفوفة. حيث يحدد عدد المستفيدين حجم كل فقاعة (دون الحاجة إلى اعتماد معيار) كوسيط فضفاض لتمثيل وصول التأثير الاجتماعي. والنتيجة أن المشاريع التي تظهر أقرب إلى الزاوية اليمنى العليا، وخاصة تلك التي تم تمثيلها بفقاعات كبيرة، هي المشاريع التي من المرجح أن تحقق أكبر عائد اجتماعي طويل الأجل. وهذه المشاريع هي أهم المشاريع في المحفظة الاستثمارية لمستثمر المشروع الاجتماعي.

في حين أن جزءاً كبيراً من إطار العمل هذا يركز على وضع معايير لكميات هائلة من البيانات لأغراض المقارنة، يمكن لمستثمري المشاريع الاجتماعية أيضاً استخدامه لتبسيط عملية اختيار الاستثمار المناسب وتقسيمها إلى خطوات أكثر جدوى. حيث يمكنهم استبدال الفئة الثالثة وهي مجموعة بيانات التأثير الاجتماعي بمعيار مختلف لمساعدتهم على "تصفية" بيانات المشروع. فعلى سبيل المثال، يمكن للمستثمر العازم على وقف انتشار الأمراض المعدية في البلدان النامية أن يستخدم مقياس التأثير الاجتماعي "لعدد الحالات التي يتم تحديدها" كبعد ثالث، بدلاً من "عدد المستفيدين". وهذا سيؤدي إلى إقصاء كافة المشاريع التي لا تتفق مع رسالة الهدف للمستثمر. وإن اختلاف وتنوع تطبيقات إطار العمل هذا يتيح مجموعة متنوعة من الاستخدامات، إلا أنها جميعاً تنضوي تحت المبدأ الأساسي نفسه: المشاريع التي تُظهر الاستدامة التنافسية الأكبر هي التي على الأرجح ستحقق العائدات الاجتماعية الأكبر على المدى الطويل.

سيمتلك كل مشروع أيضاً مقاييس تأثير اجتماعي خاصة لا تتعلق إلا بقطاع هذا المشروع أو الحل الذي يقدمه. ويعد تحديد هذه المشاريع وتتبعها، حتى ولو لمقارنتها فقط بأدائها السابق، أمراً مهماً لقياس التقدم. وإن تقييم مدى تحسن التأثير الاجتماعي المستهدف لحل ما بمرور الزمن أو مقارنته مع البدائل الموجودة سيظل أمراً مهماً بالنسبة للمستثمرين الاجتماعيين، ونحن لا نرغب في خسارة أهمية هذه المقاييس أو الإخلال بها.

الدروس المستفادة

من المهم أن تتناسب الأداة الخاصة باستراتيجية محفظتك الاستثمارية مع السياق المحدد. فلا توجد أداة واحدة في هذا المجال تناسب الجميع، لذا يجب على المستثمرين تكييف الأدوات مع المحفظة الاستثمارية التي يديرونها وتوجهات المؤسسة.

في الواقع، من غير المحتمل أن يوفر أي إطار عمل للتأثير الاجتماعي طريقة لتجميع جميع المتغيرات التي تضاعف التأثير الاجتماعي في مختلف القطاعات إلى أقصى حد والإبلاغ عنها بثقة لا تُضاهى باستخدام عبارات مثل "قدم المشروع أ خيراً للأطفال بنسبة 50% أكثر من المشروع ب". ولكن عن طريق تجميع البيانات وقياسها بمرور الوقت، يمكننا البدء بإنشاء سجل إنجازات، ومقياس للتقدم، وتقييم تأثير الحلول الجديدة وفق آلية نقطة البداية التي لدينا الآن.

عند العمل في صندوق المشاريع التابع لليونيسف، فإن جمع البيانات التي يتطلبها إطار العمل هذا يوفّر طريقة لتتبع استدامة وتأثير ليس الاستثمارات فحسب، ولكن أيضاً المحفظة الاستثمارية ككلّ. وعلى سبيل المثال، لقد تعلمنا من محفظة استثمارية تضم 40 استثماراً ما يلي:

  • في أثناء العمل نحو الحصول على درجة عالية في فئة التكنولوجيا، قامت 40% من المشاريع التي تم تحليلها بتوسيع نطاق حلولها لتشمل مناطق جغرافية جديدة. فعلى سبيل المثال، إن تطبيق "سي بورد" (Cboard)، وهو تطبيق أرجنتيني يساعد الأطفال الذين يعانون من إعاقات في النطق واللغة، لديه الآن مطورو برمجيات يسهمون في تطويره من جميع أنحاء العالم. وقد أدى ذلك إلى ترجمة الحل الذي يقدمه المشروع إلى 43 لغة والوصول إلى أكثر من 25 ألف مستخدم نشط.
  • كان 30% من المشاريع تنافسية على الصعيد المالي وتلقت استثمارات لاحقة بناءً على المعلومات التي تم الحصول عليها من هذا التحليل. وأحد الأمثلة على ذلك شركة "ثنكنغ ماشينز" (Thinking Machines)، وهي شركة اجتماعية في الفلبين تستخدم الذكاء الاصطناعي وصور الأقمار الصناعية لإعلام السياسات، وقد حصلت على تمويل من الوكالات الحكومية والمؤسسات الدولية والمؤسسات غير الربحية والشركات منذ عام وقد أدى التحسين المستمر لتقنياتها وصحتها المالية المتزايدة إلى جعلها واحدة من أكثر الحلول تنافسية في المحفظة الاستثمارية والتي تتمتع بقيمة اجتماعية كبيرة.
  • يمكننا النظر في النتائج الخاصة بالمشروع، التي تم تقييمها بشكل موضوعي، بدلاً من الاعتماد على الغريزة والحدس للاختيار. فعلى سبيل المثال، نعلم أن 6,167 طفلاً معرضاً لخطر صعوبات التعلم في المكسيك، استخدموا ألعاب شركة "بيكس فريم" (Pixframe) المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما شحذ وظائفهم المعرفية. وبتعبير أدق، بعد 20 جلسة لعب مع الحد الأدنى من تواتر اللعب (مرة واحدة في الأسبوع لمدة 20 دقيقة)، تحسن الانتباه في المتوسط بنسبة 14%، وتحسنت الذاكرة البصرية بنسبة 23%، والطلاقة اللفظية بنسبة 22%.

بينما تم بناء إطار العمل لمساعدة المستثمرين، فقد ساعد أيضاً المشاريع نفسها. ومعظم المشاريع التي حللناها لم تتعقب المتغيرات مثل المستخدمين أو العملاء أو حجم السوق المحتمل. وقد فرضت طريقة القياس الجديدة تحمل المسؤولية، وأثارت النقاشات، وساعدت فرق الشركات الناشئة على وضع البنية التنظيمية لنظام الإبلاغ لديهم. وكل هذا ساعد هذه المشاريع في بحثها عن موارد إضافية.

بناء نظام قياس أفضل

بقدر ما نحن متحمسون لرؤية نتائج جهودنا حتى الآن، فإننا ندرك أن تقييمات التأثير الاجتماعي، خاصة بالنسبة للمشاريع في مراحلها المبكرة، لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه. ونأمل أن نرى أصحاب المصلحة يقدّرون القياسات الأكثر متانة ومشاركة تلك القياسات عبر مختلف الحدود المؤسسية. ويمكن لقاعدة بيانات مكونة من 40 مشروعاً اجتماعياً من محفظة استثمارية تابعة لمؤسسة واحدة أن تكون مفيدة، ولكن قاعدة بيانات تضم 5,000 مشروع اجتماعي من محافظ استثمارية من مختلف أنحاء عالم المؤسسات المتنوع ستجعل محفظة كل مؤسسة الاستثمارية أكثر تأثيراً.

ومن المهم أكثر من أي وقت مضى أن تُبنى قرارات تمويل المشاريع الاجتماعية على أُطُر عمل بيانات موضوعية. فمثلاً، من شأن الاستثمارات القائمة على البيانات والمدعومة بقاعدة بيانات غنية للمشاريع الاجتماعية في المراحل المبكرة، أن تؤدي بشكل مباشر إلى زيادة التمويل للمجموعات التي تعاني من نقص التمويل مثل النساء والأقليات العرقية، مما يمكّن مدراء المحافظ الاستثمارية من دعم المشاريع الاجتماعية التي كان من المرجح أن تخلق القيمة الاجتماعية الأكبر، بالإضافة إلى تقديم عائد اجتماعي بأنفسهم.

في حين أن إطار العمل يحتاج إلى مزيد من التنقيح، وأن جميع الجهود المبذولة لجمع البيانات وتقييم الأثر تتطلب جهداً ووقتاً كبيرين، هناك حل وسط قيّم بين الاكتفاء بحساب عدد المستفيدين وإجراء تجربة عشوائية منضبطة. وإن وضع النتائج في الاعتبار وأخذ الوقت الكافي لتقييم تلك النتائج هو أمر عملي من الناحية التشغيلية ويسمح للمستثمرين الاجتماعيين بتبسيط عمليات إدارة المحافظ الاستثمارية لدينا لتقديم صالح اجتماعي أكبر.

تشكر سيسيليا شابيرو أليكسان سيمون لمساهمته في وضع إطار العمل هذا، وتقديمه المشورة بشأن الهيكل الاستراتيجي للإطار وإضافة منظور من وجهة نظر مموّل تقليدي، وجورج لينك لتوجيهاته بشأن المقاييس المفتوحة المصدر، وفريق صندوق المشاريع التابع لليونيسف لتقديم ملاحظات حول التكرارات المختلفة وجمع البيانات حول الشركات المستثمِرة في الفترة ما بين عامي (2018-2021).

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!