أبرز 10 تقنيات للمساهمات الخيرية والتبرع في المنطقة العربية

6 دقائق
منظومة العمل الإنساني
shutterstock.com/CharacterFamily70

تقع منظومة العمل الإنساني تحت ضغط شديد في سعيها إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة الناجمة عن الأزمات والكوارث.

ومنذ الحرب العالمية الثانية، اضطر نحو 60 مليون شخص إلى ترك ديارهم بسبب النزاع والعنف، وفي عام 2016، زاد حجم عمليات نداءات الأمم المتحدة إلى 20 مليار دولار، وذلك بالتزامن مع اتساع الفجوة بين حجم الاحتياجات والموارد المتاحة لتلبيتها.

وعقّدت جائحة "كوفيد-19" الوضع الإنساني وزادت من حجم المشاكل التعليمية والاقتصادية والصحية وغيرها؛ حيث أفادت "منظمة العمل الدولية" أن نحو 25 مليون شخص إضافي قد يصبحون عاطلين عن العمل، مع خسارة في الدخل تقارب قيمتها 3.4 تريليون دولار أميركي.

ويتوقع البنك الدولي في تقرير الفقر والرخاء المشترك لعام 2020 أن تتسع دائرة الفقر لتشمل 88 مليون شخص آخر مع نهاية 2021 بسبب الجائحة.

ولا تزال الدول الفقيرة تعاني من ضعف خدمات البنية التحتية والاتصالات الرقمية؛ ما يجعل حصولها على المنح والتمويل صعباً، وأظهرت مؤشرات التنمية العالمية أن البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي بلغ معدل انتشار الإنترنت والهاتف المحمول فيها 20.4% نهاية عام 2019 مقارنةً مع 62.5% في البلدان الأخرى.

تقنيات تساهم في تطوير منظومة العمل الإنساني عربياً

وعليه؛ يتنامى اليوم التوجه نحو توظيف التكنولوجيات الحديثة في منظومة العمل الإنساني واستقطاب المزيد من الجهات الفاعلة؛ حيث تفرض استثنائية الأوضاع التي يشهدها العالم -وخصوصاً البلدان العربية- ضرورة اللجوء إلى أدوات مبتكرة ليعادل حجم الاستجابة نطاق الأزمة. وإليكم أبرز 10 تقنيات للمساهمات الخيرية والتبرع في المنطقة العربية:

1- منصة "حسنة"

منصة دولية غير ربحية تعمل على الربط بين المتبرعين والمشاريع الخيرية من جميع أنحاء العالم، وبدأ الإصدار التجريبي لها في أواخر يونيو 2020، مستهدفةً توصيل الزكاة إلى أكثر من 4,600 مبادرة في أكثر من 145 دولة، وبمشاركة واسعة من نخبة المؤسسات المعنية بالعمل التنموي.

وتضع المنصة في متناول المانحين بيانات موثوقةً تمكنهم من اتخاذ قرارات مدروسة وتساعدهم في توجيه مساهماتهم إلى مشاريع موثوقة تتماشى مع أولياتهم وقيمهم؛ ما دفع "الهيئة المصرية الإسلامية" و"دار الإفتاء"، و"هيئة الإمارات للشؤون الإسلامية والأوقاف"، و"دائرة الإفتاء في الأردن" إلى دعم المنصة لتوافق مشاريعها مع الشريعة الإسلامية.

2- منصة "آي خير"

انطلقت من الإمارات كأول منصة عربية وتطبيق متكاملين للتبرع ودفع الصدقات من الهاتف المحمول من خلال الرسائل النصية القصيرة، والحساب البنكي، والكروت الائتمانية، وتمتاز بتوصيل التبرعات مباشرة إلى حساب الجهة الخيرية بدون خصم أية مصارف إدارية.

ويعد التطبيق آمناً تماماً؛ إذ لا يسمح بانضمام جهات خيرية غير مرخصة، كما يمكنه تذكيرك وقتما رغبت بالتصدق للمشاريع المُختارة.

يضم التطبيق أكثر من 150 مشروعاً خيرياً تقدمه نحو 20 جهة خيرية موثوقة؛ منها مؤسسة الجليلة للتعليم الأبحاث الطبية، وصندوق الفرج لتخفيف وطأة المعاناة عن نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية وأسرهم، وأوقاف الشارقة، وجمعية دبي الخيرية، ومؤسسة تحقيق أمنية لتحقيق أمنية الأطفال الذي يعانون أمراض تهدد حياتهم.

وصل مجموع التبرعات عبر "آي خير" إلى نحو 13 مليون درهم إماراتي، وتمت أكثر من 900 ألف عملية تبرع من خلال التطبيق الذي تجاوز عدد مستخدميه 41 ألف مستخدم.

3- تطبيق (sharethemeal)

أعد برنامج الأغذية العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة، هذا التطبيق لمساعدة أطفال سورية في مواجهة الجوع بطريقة سهلة، وبمجرد الضغط على زرع "تبرع" يتم التبرع بمبلغ 0.80 دولار؛ والذي يكفي لإطعام طفل واحد بثلاث وجبات يومياً.

تمكن التطبيق من مشاركة أكثر من 115 مليون وجبة، ويستهدف مشاركة 800 مليون وجبة خلال الأعوام الخمسة القادمة، وحاز تطبيق (sharethemeal) على عدة جوائز؛ منها جائزة أفضل تطبيق "آب ستور" و"جوجل بلاي" للعام 2020.

وتأتي أهمية التطبيق في ظل تزايد عدد السكان السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فحسب تقرير برنامج الأغذية العالمي الصادر أواخر 2020؛ يكافح 12.4 مليون شخص في سورية (60% من السكان) للعثور على ما يكفيهم من الطعام.

4- تطبيق (GiveZakat)

هو التطبيق الرسمي لصندوق الزكاة للاجئين التابع لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)؛ والذي يمكن من خلاله التبرع بالزكاة والصدقات للاجئين والنازحين على مدار العام.

وارتأت المفوضية إلى تصميم برنامج يعمل كصلة وصل بين جهات الزكاة ومستحقيها من اللاجئين والنازحين داخلياً، بعدما كشف تقريرها السنوي للزكاة في أبريل/نيسان 2019، أن أكثر من 60% من اللاجئين والنازحين داخلياً حول العالم يأتون من بلدان منظمة التعاون الإسلامي.

ويضمن التطبيق طرق دفع آمنة ووصول تبرعات الزكاة للمستحقين من دون خصم أية مصاريف إدارية، ويساعد على حساب الزكاة، وتخصيصها لأكثر الفئات احتياجاً من اللاجئين والنازحين في عدد من دول العالم، وكذلك تتبُّع مسار الزكاة.

كما يوفر التطبيق الاطلاع على الفتاوى والآراء الشرعية حول صندوق الزكاة للاجئين الخاضع للأحكام والضوابط الشرعية للزكاة، والحائز على عدد من الفتاوى من علماء المسلمين ودور الإفتاء الرسمية، بالإضافة إلى جائزة أفضل منصة عالمية لتوزيع الزكاة لعام 2019.

منذ بداية 2021، تبرع 11,765 شخصاً بزكاتهم، وحازت 5,583 أسرة على المساعدة من خلال التطبيق.

5- تطبيق "فائض"

إحدى التطبيقات الخيرية، ويهدف إلى تسهيل عملية التبرع لجمعيات خيرية في السعودية، وقد يكون التبرع بالملابس أو الأثاث أو الأجهزة الإلكترونية أو الأوراق أو التبرع بالولائم.

ويوفر التطبيق بيانات شاملةً عن أقرب الجمعيات من موقع المستخدم، وأداة الوصول إلى مقرات هذه الجمعيات عبر خريطة تفاعلية، كما يُمكن للمستخدمين المشاركة في إضافة جمعيات خيرية قريبة من موقعهم الحالي.

ويساعد التطبيق في حل مشكلة الهدر والفقد الغذائي الذي يكلف المملكة 40.4 مليار ريال سنوياً على أساس الإنفاق الاستهلاكي، وبحسب دراسة أعدتها المؤسسة العامة للحبوب؛ يبلغ حجم الهدر 4.06 مليون طن بنسبة تصل إلى 33% سنوياً، فيما تصل مساهمة الفرد إلى نحو 184 كيلو غراماً من الغذاء المُهدر.

6- تطبيق "ميجا خير"

تطبيق أطلقته شركة "تي أيه تيليكوم" (TA Telecom) للاتصالات، بهدف تسهيل الوصول المباشر إلى الجمعيات الخيرية الموثوقة في مصر التي تدعم ملايين المحتاجين، بما يوفر التكاليف الباهظة لجمع التبرعات عن طريق التحويلات المصرفية والمحصلين، أو الزيارات الشخصية.

وعند التبرع عبر التطبيق يتم خصم قيمة التبرع من رصيد الموبايل أو الفاتورة الشهرية، ويتيح لك التبرع مرة واحدة وجدولة التبرعات الدورية إلى أي من المنظمات الموثوقة غير الهادفة للربح المدرجة في التطبيق؛ مثل مستشفى سرطان الأطفال 57357، وبنك الطعام المصري، ومؤسسة مجدي يعقوب للقلب وأكتر من 50 مؤسسة وجمعية خيرية غيرهم.

وعبر خاصية "خير ميتر" يتيح لك التطبيق عرض تبرعاتك الماضية، وقياس مدى تأثيرك، ويوفر "ميجا خير" التبرع لأية جهة خيرية في مصر برسالة قيمتها 5 جنيه مصري أو مضاعفاتها بنقرة واحدة.

واستطاع "ميجا خير" جمع ما يفوق 55 مليون جنيه مصري من التبرعات منذ 2010، وساعد الكثير من المنظمات في مواجهة السرطان، وأمراض القلب، والفقر، وعدة قضايا مجتمعية جوهرية.

7- مبادرة "قطر الخيرية"

انطلقت كمبادرة مجتمعية تسمى "لجنة قطر لكفالة الأيتام"، وتحولت بعدها إلى منظمة غير حكومية دولية تحت اسم "قطر الخيرية" لتوسيع نطاق المبادرة وأنشطتها وزيادة انتشارها، فأصبح لديها مكاتب في 30 دولة وشركاء تنفيذيين في 40 دولة أخرى.

وتُعنى المنظمة بتنفيذ مشاريع تنموية وإنسانية وحشد الدعم والموارد وبناء شراكات فاعلة لتوفير حياة كريمة للجميع من خلال:

1- توفير حياة كريمة للأطفال وأسرهم.

2- التخفيف من معاناة المتضررين من الأزمات.

3- المساهمة في التنمية الشاملة والمستدامة.

4- تعزيز السلام والتماسك الاجتماعي.

5- تعزيز التنمية الاجتماعية والعطاء الخيري في دولة قطر.

وعلى مدى 5 أعوام، تمكنت قطر الخيرية من الوصول إلى 29 مليون شخص من خلال مشاريع إنسانية وتنموية واسعة النطاق بتكلفة إجمالية قدرها 1.2 مليار دولار أميركي.

8- مبادرة "لو عندك دم"

عاش هشام خارما؛ المخرج والمنتج الموسيقي المصري، تجربة صعوبة للعثور على متبرع بفصيلة الدم المناسبة لإنقاذ حياة أحد أقربائه، فكانت مصدر الإلهام الرئيسي وراء تأسيسه لمبادرة "لو عندك دم" في نوفمبر/تشرين الثاني 2011.

انطلقت المبادرة بداية عبر صفحات التواصل الاجتماعي ثم تحولت إلى موقع إلكتروني، وتقوم فكرته على تسجيل بيانات الراغبين بالتبرع بالدم فيتمكن من هم بحاجة الى متبرعين من الوصول إلى المتبرع المناسب؛ من خلال البحث عبر الموقع وتحديد المحافظة المصرية التي ينتمون اليها، وفصيلة الدم التي يبحثون عنها، ويقدم الموقع للباحثين قائمةً بالمتبرعين المقترحين المناسبين لمواصفات البحث التي أدخلوها، ثم يزوّدهم ببيانات المتبرعين المقترحين.

وعقدت المبادرة شراكات مع عدة جهات منها جمعية رسالة للأعمال الخيرية، و"أجزخانة" تطبيق الصيدلية الافتراضية، ومبادرة إمدادات التحرير (Tahrir Supplies) التي عملت على إيجاد متبرعين بالدم للمصابين في ميدان التحرير أثناء أحداث الثورة المصرية.

ويتطلع فريق "لو عندك دم" الى التوسع بالمبادرة لتشمل منطقة الشرق الأوسط مستقبلاً.

9- تطبيق "بانكيو"

يعاني اللاجئون من مشكلة فقدان أوراقهم الثبوتية مثل شهادات الولادة، أو بطاقات الهوية، وغيرها من الوثائق المهمة، فيصبح من الصعب عليهم الحصول على وظيفة، أو متابعة الدراسة في بلد اللجوء، أو حتى فتح حساب مصرفي؛ لكن "بانكيو" (BanQu) هو إحدى التطبيقات التي تسعى لمعالجة هذه المشكلة.

"بانكيو" عبارة عن تطبيق يعمل وفق تقنية البلوك التشين، أطلقه المدير السابق لمؤسسة "يو إس إيد" (US Aid) في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ أشيش غادنيس، أواخر عام 2016، ويضم حوالي 5 آلاف هويّة مسجّلة، ويزداد استخدامه باضطراد في مناطق مثل شرق أفريقيا والأردن.

ويتيح التطبيق للمستخدمين تسجيل معاملاتهم، وسجلاتهم الصحية والتعليمية، وتاريخهم الائتماني لدى البنوك إن وجد، بهدف تكوين هوية شخصية رقمية.

وأبرمت شركة "بولورو" العالمية للاتصالات، شراكةً مع "بانكيو" لمساعدة اللاجئين على استلام وإنفاق الأموال المحولة إليهم من قبل المنظمات غير الحكومية.

10- منصة "إحسان"

منصة سعودية تعمل على استثمار البيانات والذكاء الاصطناعي لدعم المشاريع والخدمات التنموية واستدامتها، عبر تقديم الحلول التقنية المتقدمة وبناء منظومة فاعلة من خلال الشراكات بين القطاعات الحكومية والخاصة غير الربحية.

واستطاعت المنصة خلال رمضان 1442 هـ جمع تبرعات بما يقارب 780 مليون ريال، واستفاد منها ما يصل إلى مليون و800 مستفيد، فضلاً عن المساعدات والمشاريع الأخرى؛ مثل المساجد والخدمات الصحية وغيرها.

في النهاية؛ قد لا تملك التكنولوجيا حلولاً لجميع المشاكل؛ إلا أنها تساعد على نسج روابط قويّة بين الجهات المانحة والمحتاجين، وعبر ابتكار القدرات وإمكانات التوسع؛ بات توفير الإعانات أسرع وأسهل.

ومن تطبيق (GiveZakat) الخاص بصندوق الزكاة للاجئين، تمكنت منال؛ أم سورية نزحت من ريف إدلب إلى لبنان منذ أكثر من 6 سنوات، من الحصول على أموال الزكاة.

ولجأت منال إلى لبنان نتيجة القصف بالطائرات قرب منزلها في سورية، وتقطن الآن في منطقة سهل البقاع اللبنانية المحاذية للحدود مع سورية، في مأوىً متواضع من الخشب والصفيح، إضافةً إلى القماش المشمّع الذي تقدمه مفوضية اللاجئين.

ومع ارتفاع الأسعار في لبنان نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية وقيمة العملة المحلية، بالكاد تتمكن من تغطية تكاليف الحياة اليومية الأساسية؛ خصوصاً أن لديها أطفال في عمر الدراسة.

وتعبر منال عن مدى أهمية أموال الزكاة التي ترد إليها فتقول: "لولا هذه الأموال لما استطعت أنا أو عائلات أخرى أن نقوى على الحياة في هذه البلاد".

إن تحسين منظومة العمل الإنساني في المنطقة العربية أمر غاية في الأهمية؛ خصوصاً في ظل التطور التكنولوجي والتقني الذي يسمح لرواد الابتكار من الإسهام في نمو المجتمع العربي وتحقيق المساهمات الخيرية التي يحتاجها المجتمع.