اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

سلسلة القصص المتقاطعة: المبادئ التوجيهية لرواية القصص المتقاطعة

إعداد : ناتالي أسوري، آن سيرايت كريستيانو، زكيري والاس، آني نيماند

 

تم النشر 19 يناير 2022

شارك
شارك

تقدم منصة "ستانفورد للابتكار الاجتماعي" الجزء الثاني من سلسلة "القصص المتقاطعة"، التي بيّنا في جزئها الأول دور رواية القصص في إبراز القضايا الاجتماعية والإنسانية، وسنتحدث ضمن هذا الجزء عن بعض المبادئ التوجيهية لرواية القصص المتقاطعة وكيفية مشاركة القصص الخاصة بالمجتمعات.

يمكننا أن نرى جميع هذه العناصر الوارد ذكرها في الجزء الأول من السلسلة في مسلسل قصير من إنتاج "نتفليكس" (Netflix) بعنوان "عندما يروننا" (When They See Us)، الذي يروي لنا قصة الإدانة الخاطئة لكل من كيفن ريتشاردسون وأنترون مَكراي ويوسف سلام وكوري وايز وريموند سانتانا بالاعتداء الجنسي على امرأة بيضاء البشرة في منتزه "سنترال بارك" في مدينة نيويورك.

تجعل المؤلفة والكاتبة المشاركة والمخرجة إيفا ديفورني التجربة الفريدة للعنصرية التي يتعرض لها الذكور أصحاب البشرة الداكنة واللاتينيون ضمن نظام العدالة الجنائية محور القصة. كانت العنصرية متجذرة في فكر الشخصيات، وفي السياق الذي عليهم أن يخوضوا فيه. ينقلنا المسلسل إلى عالم هؤلاء الصبيان، الذين أصبحوا رجالاً في النهاية، وعالم عائلاتهم من خلال التصوير الصادق لحياتهم في نيويورك، تصوير شخصياتهم وصداقاتهم وحياتهم الأسرية. نشهد كيف يؤثر عرقهم وطبقتهم الاجتماعية ونوعهم على أسلوب تعامل الشرطة معهم. نشعر بقلقهم وخوفهم وسخطهم وهم يبحثون باستماتة عن العدالة في نظام وسمهم بالمجرمين قبل أن تتاح لهم فرصة رواية قصصهم. نرى قسم الشرطة والمحامية ذات البشرة البيضاء يبنيان القضية ضدهم على افتراضهما أنهم مذنبون، وليس على براءتهم والأدلة المقدمة.

بدلاً من إخبارنا بأن نظام العدالة الجنائية عنصري، توضح لنا إيفا ذلك من خلال متابعة هذه المحاكمة الجنائية الجائرة في لحظة اجتماعية وسياسية وتاريخية معينة. نرى من خلال قصصهم كيف يضطهد نظام العدالة الجنائية الرجال ملوني البشرة، وننهي المسلسل راغبين في تغييره.

ذكر الإطار التاريخي

لا يمكننا فهم الحركات أو القضايا التي يسعون إلى تغييرها دون معرفة الإطار الذي ظهرت خلاله. تشير الأبحاث إلى أنه عندما لا يذكَر الإطار التاريخي، قد ينظر الأشخاص إلى واقع ما أو جزء من البيانات ويضيفون افتراضاتهم حول ما تعنيه تلك البيانات. تتبع قوس التاريخ حتى الوقت الحاضر. اظهر الجذور التاريخية للسياسات العنصرية والطبقية والمتحيزة جنسياً، وكيف تستمر هذه السياسات ضمن أنظمة اليوم.

تقدم الصحفية والباحثة نيكول هانا جونز وزملاؤها نموذجاً لهذا النوع من رواية القصص في مشروع 1619 لصحيفة "نيويورك تايمز". من خلال الصحافة المطولة، يوضح لنا المشروع كيف صاغت العبودية المجتمع على هذا الشكل الذي نعرفه، وتعيد طرح عام 1619 بصفته عام ميلاد الولايات المتحدة، وهو العام الذي أحضرت فيه أول دفعة أناس مستعبدين إلى البلاد.

تبين نيكول والصحفية جينين إنترلاندي في أحد الأجزاء لماذا تعد التفاوتات الصحية العرقية اليوم نتيجة تاريخ من السياسات العنصرية وجذور العبودية. هما ترويان قصصاً عن أفراد يتعاملون مع أنظمة صممها أشخاص أصحاب معتقدات عنصرية، ونتيجةً لذلك كانت مجتمعات أصحاب البشرة الداكنة إما تحصل على القليل فقط من الرعاية الصحية الجيدة أو لا تحصل عليها إطلاقاً، وكان احتمال وفاتهم أكبر نتيجةً لذلك. ترسم الصحفيتان هذا الواقع منذ تحررهم وحتى يومنا هذا من خلال براعتهما في نسج قصص الأشخاص الذين يتعاملون مع أنظمة الرعاية الصحية، ووضحتا كيف صممت هذه الأنظمة لخذلهم.

أبرزوا أصوات المهمشين

في مجلة "ذا نيويوركر" (The New Yorker) تقتبس الكاتبة كيانغا-ياماهت تايلور قول المؤسَّسة التعاونية "كومباهي ريفر" للنسويات ذوات البشرة الداكنة (Black feminist Combahee River Collective): "إذا كانت النساء داكنات البشرة أحراراً، فهذا يعني أن أي شخص آخر يجب أن يكون حراً، لأن حريتنا ستستلزم تدمير جميع أنظمة القمع".

يمكن أن يمتد هذا المنطق إلى طريقة بناء الاستراتيجية والتواصل من أجل تحقيق العدالة والتغيير على مستوى الأنظمة. يحتاج الأشخاص الذين تعرضوا لعدة أوجه من عدم المساواة إلى من يمثلهم في صناعة القرار وأن يكونوا مسيطرين على قصصهم. عندما نفتقر إلى التمثيل الشامل في لجان التخطيط لدينا وبين رواة القصص، يرجح أن نخطئ في واقع المواجهة، وربما ننشر روايات محدودة.

على سبيل المثال، في أثناء إجراء بحث ميداني حول حركة حقوق المهاجرين، وجدت عالمة الاجتماع إميلي كابانيس أن مؤسَّسات المناصرة على المستوى الوطني روت قصصاً تصور المهاجرين بأنهم مجتمع اجتماعي منفرد، لأفراده أهداف مشتركة والهوية السياسية ذاتها. نظم المراهقون والناشطون في سن الجامعة مؤسَّسة يقودها الشباب في عام 2009، بسبب خيبة أملهم من قادة هذه المؤسَّسات، التي لم تضمّن وجهات نظرهم. كانت أولويتهم هي إصدار قانون التنمية والإغاثة والتعليم للقصر الأجانب التي تختصر بكلمة "دريم" (DREAM) والتي تماثل كلمة حلم في اللغة الإنجليزية – وهو مشروع قانون لحماية اليافعين غير المسجلين الذين نشؤوا في الولايات المتحدة. وأصبحوا معروفين باسم "دريمرز" (DREAMers) التي تماثل كلمة "الحالمين" في اللغة الإنجليزية. أكدت الرواية الرائدة حول حقوق المهاجرين حينها على نطاق واسع على نظام الهجرة المعطوب وأبرزت أصوات المواطنين المناصرين البالغين. في المقابل، صاغ الناشطون اليافعون روايةً جديدةً تبين الاحتياجات الفريدة للشباب غير المسجلين وتشاركها.

نتيجة لهذه الجهود، نجح الناشطون بالانضمام إلى الحوار الوطني الذي يدور حول إصلاح قوانين الهجرة، وتحديداً قانون "دريم"، وحظيوا بدعم مؤسَّسات المناصرة الوطنية. لقد حققوا ذلك من خلال مشاركة القصص الخاصة باعتراف الناس، حيث أفصحوا عن وضعهم بصفتهم أشخاصاً غير مسجلين، وأبرزوا وجهات نظرهم على أنها أساسية في مسير النضال للحصول على حقوق المهاجرين. شاركت إيلا، وهي زعيمة حركة غير مسجلة، الحديث التالي خلال مكالمة مؤتمر عبر الفيديو مع مكتب السناتور الأميركي ريتشارد دوربين وشباب غير مسجلين من جميع أنحاء الولايات المتحدة: "إحدى أقوى الأدوات بحوزتنا هي قدرتنا على رواية قصصنا، وقدرتنا على مشاركة حالتنا. وأعتقد أن اعتراف اليافعين بأنهم غير مسجلين هو من أقوى الخطوات التي اتخذوها -التي اتخذناها- وأكثرها تمكيناً لهم".

عند تعاونك مع المجتمعات من أجل مشاركة القصص الخاصة بهم، ضمهم إلى العملية الاستراتيجية حتى يتحكموا في كيفية استخدام قصصهم ومتى. عندما لا نفعل ذلك، نجازف بجعل الأشخاص رموزاً لهويتهم المحددة أو نؤذيهم لطلبنا منهم إعادة سرد تجربة صعبة تعرضوا لها. عندما تطلب من شخص ما رواية قصته، امنحه الفرصة ليتحدث بلسان حاله، أي دعه يعرف عن نفسه دون التقيد بجدول أعمال المؤسسة.

بالنسبة لتقرير "الحلم الأميركي: الخطة التفصيلية لتعزيز صمود رواة القصص غير المسجلين"، أجرت "ديفاين أميريكان" (Define American)، وهي مؤسسة تهدف إلى تغيير الروايات السائدة حول الأشخاص غير المسجلين في الولايات المتحدة، استقصاء آراء 40 ناشطاً غير مسجل أو كان غير مسجل شاركوا قصصهم مع وسائل الإعلام الوطنية والإقليمية لدعم جهود المناصرة بين عامي 2010 و2016. ووجدت أن مشاركة القصص منحت بعض الناس إحساساً بالقوة والانتماء، ورأى الكثيرون أن قصصاً معينةً تشارَك بغاية إقامة علاقات عامة جيدة. يستخدم المؤلفون ضمير الجماعة "نحن" لتوضيح نتائج الأبحاث:

اختلافاتنا تمدنا بالطاقة. ومع ذلك، فإن الضغط من أجل تقديم استراتيجيات علاقات عامة جيدة وخطط سياسية عظيمة دفعنا في كثير من الأحيان إلى تقليص نشاط حركتنا لرواية "أفضل" القصص فقط. منحنا الآخرون السلطة لتحديد أي القصص التي شاركناها وأيها تركنا. قيدنا حركتنا عندما، في جوهرنا، ندافع عن التحرير لأجلنا جميعاً.

ووجدت الدراسة أيضاً أن النشطاء تعرضوا للإجهاد وللأذى مجدداً بسبب رواية قصصهم. تقدم مؤسسة "ديفاين أميريكان" مجموعة مهمة من الأسئلة التي يجب أن تعتمدها مؤسَّسات المناصرة التي تتعاون مع المجتمعات لرواية قصصهم. تقترح طرح الأسئلة التالية:

  • هل حان الوقت المناسب لمشاركة قصتك؟ كيف حالك منذ آخر تواصل بيننا؟
  • ما النواحي التي ترتاح في مشاركتها الآن؟
  • هل شاركت قصتك أوهذه القصة من قبل؟

تضع مؤسسة "ديفاين أميريكان" أيضاً معايير خاصة بها عند مشاركتها قصص الآخرين، التي نعتقد أن جميع مؤسسات المناصرة يجب أن تعتمدها:

  • سنحدد نطاق العمل والتعويضات وجدولاً زمنياً للمشاركة، ونسأل عما إذا كان يتماشى مع توقعاتك.
  • سنصمم وسائل لاستقبال الآراء والاقتراحات في مسألة رعاية الصحة العقلية لرواة القصص ورفاههم خلال عملنا معهم.
  • سنحمل الآخرين الذين نعمل معهم، لا سيما في وسائل الإعلام، مسؤولية تكريم مساهماتك،
    • مسؤولية نطق وتهجئة اسمك بطريقة صحيحة.
    • تكريم نوعك الاجتماعي والضمائر التي يشار إليك بها.
    • كونك صريحاً وشفافاً حول متى تكون المحادثات "للنشر" ومتى لا تكون كذلك.
    • ضمك إلى عملية صناعة القرار الذي سيتخذ حول قصصك.
    • عندما يكون ذلك ممكناً، تسليمك مسودة للقصة قبل نشرها، أو تقبُّل إجراء تعديلات بعد نشر القصة إذا كنت، بصفتك راوي القصة، لا ترضيك تفاصيل القصة.
    • مسؤولية متابعة مسألة تزويدك برابط للقصة مكتوبة أو مسجلة فور نشرها.
    • شكر الراوي على منحنا وقته وإظهار ضعفه عند مشاركة قصته.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!