

هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
أدخل بريدك الإلكتروني واحصل على المقال مجاناً
اكتشف أفضل محتوى عربي على الإنترنت لتطوير ذاتك وتحسين مهاراتك وجودة حياتك وتحقيق طموحاتك في أسرع وقت.
كان شمال مدينة كنتاكي مَعقِلاً لمبادرات الأثر الجماعي قبل أن تُسمّى حتى «بالأثر الجماعي» بوقت طويل، فطيلة عقود؛ عالجت حكومة المنطقة والقادة المدنيون القضايا الاجتماعية الشائكة من خلال الشَراكات، لاستحداث رؤية لمستقبَل المنطقة وتنفيذ خطط لتحقيق هذه الرؤية؛ حيث يقول نائب رئيس أحد هذه الجهود: «كنا نعمل وفقاً لمفهوم الأثر الجماعي؛ لكننا لم نكن نُطلِق عليه هذه التسمية».
من جهة أخرى؛ عندما نتطرَّق إلى مبادرات التعليم في شمال مدينة كنتاكي، نجدها مثالاً حياً للمثل القائِل «كل ما يزيد عن حدّه ينقلِب إلى ضدّه»؛ حيث أُنشِئَت مبادرات لتعزيز التعاون بين المعلِّمين من جهة، وبين المعلِّمين والشركات من جهة أخرى، وبين المعلِّمين والشركات والحكومة والمؤسَّسات المدنية، كما كان لعدد لا يُحصى من المؤسَّسات الأخرى يد في دعم التعليم؛ وذلك جزء من مهامها في مساعَدة الأطفال والأُسر. وتذكر «باتريشيا ناجلكيرك»؛ مديرة قسم الأثر المجتمعي على التعليم في مؤسَّسة «يونايتد واي أوف غريتر سينسيناتي » (United Way of Greater Cincinnati): «ستستمِع عندما تجلس في تلك الاجتماعات إلى الكثير من الأفكار العظيمة؛ لكن لن تجد حينها منسِّقاً أو خطةً لتنفيذها."
ومع ازدهار مبادرات الأثر الجماعي في جميع أنحاء البلاد؛ كان شمال مدينة كنتاكي يمثِّل دراسة حالة في التعامِل مع معضِلَة يمكن أن تنتج عن هذا الازدهار، فعند وجود عدّة مبادرات لديها مهام وأعضاء وجماهير متداخِلة، كيف يمكنك تقليل المنافِسة وزيادة الأثر؟
حالياً تُنسِّق مبادرات التعليم في شمال مدينة كنتاكي فيما بينها؛ من خلال مؤسَّسة مرجِعية تهدف إلى تحسين جميع أشكال دعم الشباب، منذ الولادة وحتى الحصول على مهنة، ولتحقيق هذا الهدف؛ واجه القادة المحليّون عدة قضايا؛ مثل: من هي المجموعة المؤهَّلة لتقديم الدعم المرجعي من بين المجموعات الحالية؟ كيف يُموَّل صندوق دعم المؤسَّسة المرجعية؟ ماذا ستفعل المبادرات عندما تتداخَل مجالات عملها؟ هل ستستدعي الحاجة إلى انسحاب أية مبادَرة حالية؟ استغرَق العثور على إجابات هذه الأسئلة مدة عامَين، وتطلَّب تحليلاً وتفاوضاً مكثَّفاً، بالإضافة إلى إجراء بعض المناقَشات الصريحة والمزعِجة كما أشار قادة شمال مدينة كنتاكي.
اقرأ أيضاً: ماذا نقصد بالأثر الجماعي عالي الجودة؟
ولَّد الفائِض هذه المعضلة؛ حيث أُطلِقت العديد من الشراكات والمبادرات لتحسين الخدمات التعليمية في شمال كنتاكي – المنطقة الواقِعة بين المقاطَعة الرابعة والتاسعة على الحدود الجنوبية لولاية أوهايو – خلال التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، فسعى مجلِس الشركاء في التعليم إلى تحسين التعاون بين مؤسَّسات التعليم للمرحلة الثانوية وما بعد الثانوية، وعمل تحالُف شمال كنتاكي التعليمي – وهو مشروع تابع لغرفة التجارة – على تعزيز التعاون بين المدارس والشركات، وكان لدى خطة الرؤية لعام 2015 – التي عزّزت التعاون بين القطّاعات لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية – فريق لتطبيق خطط التعليم، وقد شارَك بعض الأشخاص في كل هذه المساعي، وصاروا يقابلون بعضهم في جميع الاجتماعات؛ حيث تذكُر المدرِّسة «بولي لاسك بيج»: «يمكنك الذهاب إلى ثلاث اجتماعات خلال أي أسبوع، وستستمع إلى التقرير نفسه ثلاث مرات».
تنافست المبادرات على الموارد وجذب اهتمام نفس الجمهور، وبالرغم أنهم عملوا معاً بدرجات متفاوتة؛ لكن لم يكن لديهم استراتيجية جامِعة، وكانت الجهود المبذولَة لتحقيق التعاون معقَّدةً بسبب إحدى المصاعب التي نراها عادةً في الضواحي والمناطِق الريفية؛ وهي وجود العشرات من السُلطات القضائية المسؤولة عن منطقة كبيرة.
تذكُر «لَسك بيج» الإحباط الذي عبّر عنه قادة خطة الرؤية لعام 2015: «يوجد العديد من المبادرات، لذا توجد ازدواجيةً في الجهود بشكل كبير، كما يقول مجتمَع الأعمال: «العديد من الناس يرجعون إلينا لطرح عدد كبير جداً من الأسئلة»، لذا افترضت خطة الرؤية عام 2015 الفكرة: «كيف ستكون الأمور إذا أعدنا التنسيق فيما بيننا؟».
استغرَق العثور على الإجابة عامَين من الأبحاث والمناقَشات، ووجدت العديد من المؤسَّسات نفسها مؤهلّةً لقيادة الهيكلية الجديدة، لذا سهَّلت المؤسَّسات المحايدة بشكل أساسي هذه العمليات.
تداخلت عمليتان نوعاً ما، ففي عام 2008، أطلقت خطة الرؤية لعام 2015 سلسلةً من المناقَشات مع أصحاب المَصلَحة في مجال التعليم، حول تنسيق جهودهم بإشراف مؤسَّسة واحدة – لم تضمر خطة الرؤية لعام 2015 أية رغبة في أن تكون هي هذه المؤسَّسة؛ حيث لا يقتصر جدول أعمالها على المجال التعليمي فقط – ثم في عام 2009، وقَّعت مؤسَّسة «يونايتد واي أوف غريتر سينسيناتي» (المسؤولة عن شمال كنتاكي) مع مؤسَّستنا الوطنية غير الربحية، لإقامة منتدى الاستثمار الشبابي لتيسير تنفيذ خطة «مؤهَّل في عمر 21» (Ready by 21)؛ وهي مجموعة من استراتيجيات الأثر الجماعي لمساعَدة المجتمعات على «تهيئة الشباب للجامعة والعمل والحياة»؛ وذلك من خلال تعزيز الشراكات ووضع أهداف مشترَكة وقياس مدى التقدُّم.
تقول «كارا ويليامز»؛ نائب رئيس قسم التواصُل والمبادرات الاستراتيجية في خطة الرؤية لعام 2015: إن إحدى مفاتيح النجاح هو «اختيار الأشخاص المناسبين»؛ الذين يمكنهم اتخاذ القرارات بالنيابة عن مؤسَّساتهم، ووجود القادة المتحمِّسين، «وقد أدركوا الفوضى والألم» الناتجَين عن العمل غير المتناسِق، «وأدركوا أنه يمكنهم تحقيق المزيد عند عملهم معاً، أكثر مما كانوا يحققونه عند عملهم بشكل منفصِل».
برز مجلِس الشركاء في مجال التعليم بوصفه مرشَّحاً لتأدية دور المؤسَّسة المرجعية؛ وذلك بسبب صلاته القوية بالدوائِر المدرسية وقادة التعليم، وقُرِّر أن يصبح المجلِس «المؤسَّسة الجامِعة للتنسيق بين المبادرات التعليمية» في المنطقة؛ ثم أعاد تسمية نفسه إلى «مجلس شمال كنتاكي التعليمي – إن كيه واي إي سي» (Northern Kentucky Education Council – NKYEC).
لكن بالرغم من ترحيب الجميع بإطلاق خطة الرؤية لعام 2015 لمشروع التنسيق؛ إلا أن شكوكهم بشأن احتمالية تدخُّل المجلِس في المناطق التي تخضع لمراقَبة الآخرين، خففت حماسهم للتنسيق؛ حيث تقول «لَسك بيج»؛ التي أصبحت المديرة التنفيذية للمجِلس حينها: «كنا نتعامل مع عدّة مؤسَّسات، وبطبيعة الحال؛ كان لدى بعض القادة طابع تنافسي؛ لكننا استثمرنا جهود الجميع» في عملهم في التغيير المجتمعي و «لم يرغب بعضهم في التخلي عمّا كانوا يقومون به».
ولم يكن عليهم ذلك؛ حيث فضَّل المجلِس التنسيق مع المبادرات الحالية بدلاً من بدء مبادرات جديدة، ووجد طرائق للمؤسَّسات الأخرى للتوفيق بين عملها وأولوياتها، وقد سهّل إنشاء المجلِس لستّ «فرق عمل» هذا التوفيق؛ حيث ركّز كل فريق على تحقيق هدف معين؛ مثل «الاستعداد لدخول الجامعة ومجال العمل» و«براعة المعلِّم»، وتتألَّف هذه الفرق من ممثِّلين من المؤسَّسات التي تنتمي إلى المجلِس، وتتيح للمؤسَّسات العمل بالتزامن معه والتأثير فيه، لأن الفرق تساهِم في توجيه مهماتها وتنفيذها.
زالت بعض المبادرات لكن أعمالها لم تزُل؛ أدار أعضاء تحالُف التعليم (التابِع لمبادَرة غرفة التجارة) فريق العمل المعني بمشارَكة قطاع الأعمال التجارية والتعليم الخدمي؛ ذلك جعل التحالُف موضِع نقاش، لذا فُضَّ هذا التحالُف، وكذلك أُلغي فريق تنفيذ خطط التعليم في خطة الرؤية لعام 2015، وذلك لأن المجلس وضع لوائحاً داخليةً جديدةً لتعزيز أهداف خطة الرؤية لعام 2015 التعليمية؛ حيث قالت «ويليامز»: «لقد وجّهنا كل تلك الموارد -الخاصة بفريق التعليم- إلى المجلس»، وقد سهّل دمج الأشخاص والموارد بين المؤسَّسات نجاح التنسيق بينها.
اقرأ أيضاً: مواءمة السياسات العامة لصالح مبادرات تحقيق الأثر الجماعي
وحتى عندما حسمت هذه العملية تلك المسائِل؛ استمرّت أعمال التجديد؛ حيث قاد أعضاء فريق «مؤهَّل في عمر 21» -الذين يعملون من خلال مؤسَّسة «ذا يونايتد واي» (United Way) – دراسةً لأهداف المنطقة بخصوص الفئة اليافِعة، والموارد المتاحة، والخطوات التي يجب اتباعها لتحقيق هذه الأهداف؛ وقد دفعت هذه الدراسة أصحاب المَصلحة إلى توسيع رؤيتهم بطريقتين: التركيز على تحقيق نتائج محدَّدة لليافعين، والتوسُّع إلى قطاعات أخرى غير القطاع التعليمي.
إحدى المفاهيم الأساسية لفريق «مؤهَّل في عمر 21» هو «المسار التعليمي المخصَّص»؛ والذي ينصّ على وجوب أن تضمن المجتمعات مجموعةً كاملةً من أشكال دعم للأشخاص منذ ولادتهم وحتى دخولهم المجال المهني في مجالات غير المجال الأكاديمي؛ مثل مراحل الطفولة الأولى، والصحة، والوقاية، والعلاقات الاجتماعية، ومهارات العمل، وتقول «لَسك بيج»: «إن هذا المسار ساعد الأشخاص على الإدراك بطريقة مختلفة تماماً، أنه يمكننا العمل على المسار الأكاديمي كما نشاء؛ ولكن لن ننجح حتى نوسِّع نطاق عملنا ونفكر في أشكال الدعم الشامِلة التي تحتاجها عائلاتنا وشبابنا».
إن بناء مسار مخصَّص من أشكال الدعم يعني إقامة وتعزيز الشراكات بين المؤسَّسات التعليمية وغيرها من المؤسَّسات التي توفِّر كافة الخدمات من الأنشطة بعد الدوام المدرسي إلى التدريب المهني؛ وهذا يجعلنا نُعيد طرح السؤال الشامِل مرةً أخرى: هل يمكن لمجموعة واحدة التنسيق مع أصحاب المصلحة هؤلاء؟ وحَّد المجلِس الجهود المحلية في مجال التعليم؛ لكن مؤسَّسة «يونايتد واي» كانت الشريكة الرئيسية في فريق «مؤهَّل في عمر 21»؛ حيث أمّنت التمويل والمساعَدة التقنية؛ إلا أن المجلس ومؤسَّسة «يونايتد واي» قليلاً ما كانا يعملان معاً، ولم تتطابق تغطيتهما الجغرافية لشمال كنتاكي تماماً.
تذكر «لَسك بيج» قائلةً: «دارت بعض المناقَشات الصريحة في اجتماعاتنا الأولية» حول المؤسَّسة المؤهَّلة لقيادة العمل على النطاق الأوسع، وكانت مؤسّسة «يونايتد واي» على قناعة دائماً بأن المجلس يرقى إلى مستوى المُهمّة؛ لكن طلب كل طرف الحصول على ضمانات حول المسؤوليات والموارد؛ وقد جُمِعت في مذكرة تفاهم في عام 2010 بين مؤسَّسة «يونايتد واي» ومجلس شمال كنتاكي التعليمي وخطة الرؤية لعام 2015، واتفقوا على اعتماد الحيّز الجغرافي الذي حدّده المجلِس (6 مقاطعات و37 بلدية و18 منطقة تعليمية) لغرض توسيع العمل، وأن خطة الرؤية لعام 2015 ستدفع أجور موظَّف بدوام جزئي لمقابل تنفيذه العمل في المجلِس.
وهكذا توسَّع مجال عمل المجلِس؛ حيث أصبحت النتائج المرجوّة لا تشمَل التحصيل الأكاديمي فحسب؛ بل رفاهية اليافِعين إجمالاً أيضاً؛ فهي تدعو إلى تأمين أشكال الدعم منذ الولادة وحتى الحصول على مهنة؛ مثل أن تُعَدّ مراحل الطفولة الأولى جزءاً من مرحلة الشباب المبكِّرة، وتنمية القوى العامِلة التي تنتمي لمرحلة الشباب الأكبر سناً، وتفرض لوائحها الداخلية فرصاً متساويةً لقادة التعليم والأعمال والمجتمع (مثل مقدِّمي الخدمات غير الربحية) ليكونوا في مجلس إدارتها.
يتوخى قادة جهود مجلِس شمال كنتاكي التعليمي في الوقت الحالي، الحذر في رسم الروابِط بين استراتيجيات الأثر الجماعي والنتائج على المستوى السكاني، ومع ذلك؛ تقول «لَسك بيج»: «بدأ مؤشِّر التغيير بالتحرُّك» وفقاً لبعض الدلائل؛ مثل مستويات القراءة، ومعدلات التخرُّج، ومقاييس الاستعداد الجامعي والمهني، والمثال الأوضح بينها هو التغييرات على أرض الواقع في الخدمات وأشكال الدعم التي يتلقاها اليافِعون، ويرجع الفضل الكبير في ذلك إلى الجهد المبذول لفرق العمل.
حلّت عملية إعادة التنسيق المشكلة التي عقد القادة العزم على حلها، فقد انتقلت مدينة شمال كنتاكي من مدينة تفتقر إلى وجود «منسِّق أو خطة»، وتضم العديد من مبادرات الأثر الجماعي المختلِفة، إلى مدينة تتبنى نظاماً على درجة عالية من التنسيق.
يشعر قادة هذه الجهود أنهم مستعدّون لتحقيق تغييرات لم يكن بإمكانهم تخيلها من قبل، على سبيل المثال؛ يعمل مجلِس شمال كنتاكي التعليمي مع منتدى الاستثمار الشبابي، وشركة «إس أيه إس» (SAS)؛ شركة برمجيات وخدمات تحليل الأعمال لتجربة نظام تحليلي لربط الجهود بالأثر؛ حيث سيجمع النظام البيانات من مصادر متعدِّدة ويعرضها، ويبيّن كيف يؤثِّر تخصيص الموارد وأشكال الدعم المجتمعي على النتائج التي تعود على الأطفال واليافِعين، وتقول «لَسك بايج» عن هذا: «سنتمكّن للمرة الأولى من رؤية الأثر الذي نتركه وإجراء التعديلات وفقاً لذلك، وسنعرف حقاً ما إذا كنا نصنع فرقاً».
اقرأ أيضاً: تحقيق الأثر الجماعي لمجموعة الشباب الواعدين
يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.