اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

3 فئات لقياس الاستدامة التنافسية

إعداد : سيسيليا شابيرو

 

تم النشر 24 مايو 2022

شارك
شارك

تقدم منصة ستانفورد للابتكار الاجتماعي الجزء الأول من سلسلة "تحديد الفرص الكبرى للصالح الاجتماعي"، التي سنتحدث في جزئها الأول اليوم عن إطار عمل قائم على النتائج يتضمن ثلاث فئات: التكنولوجيا، والاستدامة المالية، ومقاييس التأثير الاجتماعي التي تمكن ممولي المشاريع الاجتماعية من تتبع أداء استثماراتهم وتقييم الاستدامة التنافسية.

كيف يمكن لمستثمري المشاريع الاجتماعية تتبع أداء استثماراتهم بشكل أفضل، وقياس مدى قابليتها للنجاح، وتحديد المشاريع التي تمتلك الفرص الأكبر لتحقيق الصالح الاجتماعي؟

تخيل شركتين ناشئتين في المجال الإنساني؛ إحداهما ترسل طائرات مسيرة (درون) إلى القرى المعزولة في المناطق البعيدة بجنوب إفريقيا لإيصال الأغذية والمياه والدواء واللقاحات، أما الأخرى فهي مؤسسة جديدة مقرها في المكسيك تبتكر أدوات التعلم المعتمدة على الألعاب، وتستخدم الذكاء الاصطناعي (AI) لكشف صعوبات التعلم في عمر مبكر لتحسين التعلم لدى الأطفال. فكيف يقوم المستثمرون بمقارنة التأثير الاجتماعي لهذين المشروعين؟ وكيف يمكن لممولي الحلول في المجال الإنساني تقييم إمكانات التأثير لهذه الحلول في مختلف محافظهم الاستثمارية وتتبع أدائها؟

تجتاح هذه الأسئلة عالم الاستثمار المؤثر، والمشكلة هي أن "مدخلات" الاستثمار (أموال رأس المال المستثمر) و"المخرجات" المعادة إلى المستثمر (القيمة الاجتماعية للمشروع) هي وحدات مختلفة اختلافاً جوهرياً. وقد تختلف المخرجات من مؤسسة إلى أخرى ومن مشروع إلى آخر.

أزعجت هذه المشكلة المستثمرين منذ نشأة القطاع. ففي الغالب، حتى أكثر المؤسسات تطوراً لا تشارك سوى مقاييس فضفاضة مثل "المشروع كذا أثر في 100 ألف طفل"، من دون أي تفاصيل إضافية. بينما تقوم بعض المؤسسات الأخرى بقياس مخرجات المشروع فقط. فإذا قدّم مشروع ما ورش عمل في نيبال لتعليم الأطفال كيفية غسل أيديهم على سبيل المثال، فمن المحتمل أن يبلّغ عن عدد ورش العمل التي أجريت بدلاً من المعلومات التي تريد معرفتها حقاً، وهو أن "عدد الأطفال المرضى انخفض بنسبة 37%".

هناك أداتان متاحتان لكنهما غير مستخدمين بشكل كافٍ لقياس نتائج التأثير الاجتماعي وهما العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI) وأثر الأموال المضاعف (IMM)، وهي نسب بين مدخلات البرنامج الاجتماعي ومخرجاته (نتائجه). فإذا كان لديك عائد على الاستثمار (SROI) يبلغ 4:1 أو مؤشر "أثر الأموال المضاعف" قدره 4 أضعاف، فإنك تولد قيمة اجتماعية قدرها أربعة دولارات لكل دولار مخصص للمشروع.

وعند حسابها بدقة، تعد هذه المقاييس أكثر فائدة من مجرد الإبلاغ عن عدد المستفيدين، كما أن تركيزها على النتائج بدلاً من المخرجات يمثل تقدماً مهماً في قياس العائد الاجتماعي الهادف. إلا أنها أيضاً تستند إلى فرضية أنه يمكن تقييم النتيجة الاجتماعية بمقابل مادي على أنها "قيمة اجتماعية". وفي حين أن هذا قد يتناسب بشكل جيد مع المشاريع التي يتم فيها التعبير عن النتيجة الاجتماعية بالفعل من الناحية المالية (على سبيل المثال، زيادة النسبة المئوية في دخل المزارعين)، فمن الصعب استخدام وسيط مالي للنتائج غير النقدية، لا سيما في الصحة والتعليم. وإن فكرة "إيجاد القيمة النقدية" لقيمة حياة طفل ما ليست نهجاً مثالياً، ومن الصعب جمع بيانات كافية للحصول على مقارنات دقيقة للبرامج في مراحلها المبكرة.

قياس ‘الاستدامة التنافسية'

للتغلب على هذه العقبات، قمت بتطوير إطار عمل قائم على النتائج لمساعدة مستثمري المشاريع الاجتماعية على تتبع أداء استثماراتهم، وقياس مدى قابليتها للبقاء، وتحديد المشاريع ذات الفرص الأكبر لتحقيق الصالح الاجتماعي. وقد طورتُ في البداية هذا الإطار ضمن صندوق المشاريع التابع لليونيسف كآلية لتتبع الاستثمارات وتقييم المرشحين خلال المراحل التالية، لكنني منذ ذلك الحين قمت بتكييفه لدعم مشهد الاستثمار الاجتماعي المتنامي، بغض النظر عن استراتيجية المحفظة الاستثمارية. وبالرغم من أن النظام لا يزال غير مثالي، فإنه يساعد على ضخ الموضوعية في تحليلاتنا، ومقارنة المشاريع، وتحقيق المزيد من الصرامة التحليلية لعملية التمويل وإدارة المحفظة الاستثمارية.

إن المفهوم وراء هذا النظام بسيط للغاية؛ تقييم "الاستدامة التنافسية" للحلول -أي قدرتها على النجاح على المدى الطويل وأمام الحلول البديلة- مع الحصول على أكبر قدر ممكن من البيانات حول التأثير الاجتماعي. حيث ينبغي للحلول المستدامة التنافسية أن تقدم منتجاً أفضل من الحلول المتوفرة الأخرى. أو أن تكون أقل تكلفة. أو أن تقدم منتجاً جديداً كلياً. ومن دون الاستدامة التنافسية، لا يوجد سقف محدد بوضوح للعائد الاجتماعي لمشروع ما. فلا يمكن لأي مشروع أن يحقق عائداً اجتماعياً هائلاً إذا تبنى العملاء حلاً بديلاً بمرور الوقت. وبشكل أساسي، إذا كنت ترغب في تحقيق عائد اجتماعي كبير، يجب عليك أولاً تحديد الشركات الاجتماعية المستدامة بشكل تنافسي.

في حين أنه من الصعب مقارنة مقاييس التأثير الاجتماعي بين المؤسسات المختلفة، فهذه المنهجية مفيدة لأنها تمكن الممولين من تقييم الاستدامة التنافسية على مستوى واحد. حيث يمكنهم تحديد نقاط قابلة للمقارنة والتي تساعد على تقييم نقاط القوة الأساسية للأعمال التجارية لاستدامة تأثيرها الاجتماعي.

يتضمن إطار العمل ثلاث فئات: التكنولوجيا، والاستدامة المالية، ومقاييس التأثير الاجتماعي. تتعلق الفئتان الأولى والثانية بالاستدامة التنافسية للمؤسسة، وتلتقط الثالثة العائد الاجتماعي بدقة.

1. التكنولوجيا

من دون تكنولوجيا عالية الجودة، لا يمكن لمشروع اجتماعي معتمد على التكنولوجيا أن يحقق عوائد اجتماعية على المدى الطويل. فمنذ الأساس، لا يتبنى المستفيدون المستهدفون حلولاً ضعيفة على نطاق واسع، كما أن الحلول الضعيفة يمكن استبدالها بسهولة. نحن نتتبع مقاييس التكنولوجيا لتحديد مدى تنافسية التكنولوجيا الأساسية اليوم أو مدى قدرتها التنافسية بمجرد دخولها السوق.

نظراً لأنني قمت في البداية ببناء إطار العمل هذا عند إدارة محفظة استثمارية لحلول مفتوحة المصدر، فإننا نستخدم مقاييس مفتوحة المصدر لتقييم القوة النسبية لكل من مشاريع برامج المؤسسات داخل محفظتنا الاستثمارية. وهذه المقاييس متوفرة على نطاق واسع في منصات مفتوحة المصدر مثل "غيت هاب" (Github)، ويمكننا استخدامها كمقياس معياري للمشاريع بمقارنة بعضها مع بعض لأنها مقاييس معيارية في مختلف المشاريع. فقابلية المقارنة هي الأمر الأساسي؛ حيث تسمح لنا البيانات التي نجمعها بتقييم قوة التكنولوجيا نفسها -وهي وسيط لفهم أي من شركات محفظتنا الاستثمارية من المرجح أن تنتج الحل الأكثر استدامة من الناحية التنافسية، الآن أو في المستقبل.

نحن نتتبع أربع صفات لتحديد صحة مشروع مفتوح المصدر:

  • النشاط: ما مدى استمرار المطورين في تحديث البرمجيات؟
  • الظهور: هل الحل معروف جيداً في المجتمع المفتوح المصدر؟
  • الاستجابة: هل تتم إدارة البرمجيات وتحديثها كما يجب؟
  • التوزع المعرفي: هل البرنامج يعتمد على شخص واحد أم أنه موزع ضمن مجتمع؟

بدلاً من مجرد مقارنة القيمة المطلقة لكل مقياس مفتوح المصدر، التي يمكن أن تختلف بشكل كبير من مشروع إلى آخر، نستخدم نظام تسجيل متدرج. فنحن نقيم كل مقياس على مقياس من 1 إلى 5. فمن ناحية الاستجابة على سبيل المثال، نتتبّع الوقت الوسطي الذي يستغرقه البرنامج لحل المشكلات التي يشير إليها المساهمون (مثل مطوري البرمجيات). فالمجتمع ذو الاستجابة العالية يمكن أن يساعد على جذب مساهمين جدد والحفاظ على المساهمين المتواجدين بالفعل، لأنه يعترف بعملهم ومساهماتهم. فإذا استغرق الفريق أكثر من خمسة أيام للرد، فإنه يسجل نقطة واحدة، أما إذا استغرق الأمر أقل من يوم فإنه يسجل خمس نقاط. ثم نجمع الدرجات معاً ونحسب قيمة وسطية نستخدمها لمقارنة أداء المشاريع بمرور الوقت ومقارنة بعضها ببعض.

2. الاستدامة المالية

لا تعتبر التكنولوجيا والاستدامة المالية عادةً أول ما يفكر فيه الناس عندما يتعلق الأمر بالتغيير الاجتماعي، لكنهما عاملان أساسيان مهمان يمكّنان من ازدهار الحل.

حيث نتتبع أربعة محاور لتحديد الاستدامة المالية للمشروع:

  • الشؤون المالية: هل يستطيع المشروع دعم نفسه مالياً؟ أو هل سيتمكن من تحقيق ذلك؟
  • الارتباط: كم عدد المستخدمين والمستفيدين والعملاء لهذا المنتج؟ ما هي سرعة نمو هذه الأعداد؟
  • السوق: ما حجم السوق المستهدف؟ من هم المنافسون؟
  • الفريق: هل تمتلك القيادة المهارات المتنوعة لتوسيع نطاق المشروع بشكل كبير؟

كما هو الحال مع فئة التكنولوجيا، نقوم بتثقيل كل متغير من متغيرات الاستدامة المالية ونمنح كل مشروع درجة يمكننا قياسها في المحفظة الاستثمارية. وإن بعض هذه المقاييس واضحة ومباشرة ولديها آلاف المقاييس المعيارية المتاحة للعامة (مثل نمو الإيرادات والهامش التشغيلي لجميع الشركات المتداولة علناً)، ولكن المقاييس الأخرى أكثر علاقة بالجودة وتتطلب وضع قيم معيارية لتكون قابلة للمقارنة. فعلى سبيل المثال، تعد مجموعة مهارات فريق الإدارة مهمة لاستدامة المشروع المالية والتنافسية على المدى الطويل، ولكن "المهارات" لا يمكن قياسها بسهولة. لذا نقوم بتسجيل المهارات بناءً على تقييم نوعي لوظائف العمل الأساسية: العمليات والتمويل والاستراتيجية والمبيعات والتسويق. فالفريق الذي يتمتع بكفاءة ممتازة في جميع وظائف الأعمال الأساسية -مثل فريق طور بنجاح منتجاً مبتكراً وطرحه في السوق- سيحصل على خمس نقاط. أما الفريق الذي يتمتع بكفاءة مُرضية في وظائف معينة ولكن يعاني العديد من الفجوات الواضحة في وظائف أخرى سيحرز ثلاث نقاط. بينما فريق لا يمتلك أي كفاءة مثبتة في أي وظيفة عمل أساسية -مثل رائد أعمال لأول مرة في حياته، لديه فكرة رائعة ولكنه لا يتمتع بخبرة في القيادة وليس حاصلاً على تدريب عملي تجاري رسمي- سيحرز نقطة واحدة.

نقوم بعد ذلك بتجميع هذه الدرجات لحساب قيمة متوسطة مثقلة واحدة -وهي المؤشر الرئيس لمدى الاستدامة المالية لشركة معينة في المحفظة الاستثمارية أو التي يمكن للشركة تحقيقها. حيث تمنحنا فئتا التكنولوجيا والشؤون المالية نظرة حول الاستدامة التنافسية لمؤسسة ما.

3. مقاييس التأثير الاجتماعي

هذه هي الفئة الأخيرة. نظراً لاختلاف العائد الاجتماعي على نطاق واسع بين مختلف الاستثمارات، خاصة في القطاعات المختلفة، فمن المهم تحديد المقاييس الاجتماعية الخاصة بكل استثمار أولاً ثم استكشاف ما يمكن تجميعه و/أو مقارنته فيما بينها بناءً على أوجه التشابه في المشاريع.

إن الأسئلة الأساسية التي نستخدمها لتحديد مقاييس التأثير الاجتماعي هي:

  • ما المخرجات أو النتائج الاجتماعية للمشروع؟
  • من المستفيدون من تنفيذ المشروع؟
  • وكيف يستفيدون منه؟

تتمثل الخطوة الأولى في تحديد مقاييس التأثير الاجتماعي التي تتتبع كلاً من متغيرات المخرجات (مثل متوسط الوقت الذي يقضيه الأطفال على منصة تعليمية افتراضية) ومتغيرات النتائج (مثل عدد الأمراض التي تم تحديدها بواسطة حل طبي). وبعد تحديد ماهية كل مقياس، نقيس مستوى البداية حتى نتمكن من تتبع التقدم. بعد ذلك، نوضح من هم المستفيدون لكل نتيجة باستخدام أكبر عدد ممكن من التفاصيل الديموغرافية ذات الصلة (على سبيل المثال، الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و8 سنوات من غواتيمالا الذين يرتادون المدارس العامة). وأخيراً، نقيس كيفية الاستفادة. كم عدد الأفراد الذين يستفيدون من هذه النتيجة بمرور الوقت، وكيف يُقارن هذا التغيير بمستوى البداية (مثل النسبة المئوية لتحسن انتباه الطفل خلال فترة معينة). ومن المهم أيضاً مقارنة ذلك بالبدائل الموجودة مسبقاً وتحديد ما إذا كان الحل الجديد يعمل بشكل أفضل وفق معايير القطاع.

عند قياس مخرجات المشاريع الاجتماعية ونتائجها، من المهم أن تعرف أن المقاييس قد تتغير مع ترسيخ الشركة الناشئة لمنتجها. وأيضاً، مع توسع نطاق المشاريع، من الممكن إجراء تحليل أكثر شمولاً لقياس التأثير الاجتماعي من خلال تقييم مقدار التغيير الذي كان سيحدث من دون التدخل مثلاً. وإن استخدام هذا الإطار لقياس التأثير يتيح لأي مشروع أن يبدأ بالقياس منذ انطلاقته. والتركيز على قصة التأثير الناتج يمنحك مع مرور الوقت المرونة لتعديل المقاييس وتعزيزها مع تطور المشاريع.

يقدم "مشروع إدارة التأثير" (Impact Management Project)، وهو مورد نشأ من إجماع عالمي بين المؤسسات الملتزمة بقياس الأثر، إرشادات مفيدة حول فهم التأثير الاجتماعي. وقد ساعد على تحسين هذه الفئة، وأنا أتطلع إلى متابعة جهودهم لتعميم ممارسة إدارة التأثير.

اقرأ أيضاً الجزء الثاني من المقال: هل نتائج المشاريع الاجتماعية تتغير من مشروع لآخر؟

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!