اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

سلسلة القصص المتقاطعة: ما تأثير رواية القصص في إحداث التغيير الاجتماعي؟

إعداد : آني نيماند، ناتالي أسوري، زكيري والاس، آن سيرايت كريستيانو

 

تم النشر 21 يناير 2022

شارك
شارك

تقدم منصة "ستانفورد للابتكار الاجتماعي" الجزء الأخير من سلسلة "القصص المتقاطعة"، التي تحدثنا في جزئيها الأول والثاني أهمية رواية القصص في مناصرة القضايا والعناصر التي تُبنى عليها لتكون روايات كاملة كالتاريخ والأنظمة، وسنتابع في هذا الجزء الحديث عن بقية هذه العناصر وعن تأثير رواية القصص في إحداث التغيير الاجتماعي.

رواية القصص الكاملة

تتألف الروايات من القصص الكثيرة التي تخبرنا مجتمعةً كيف ننظر إلى قضية ما وإلى أسبابها وحلولها. يتطلب تغيير السرد أن ندعم المجتمعات برواية قصص كثيرة كاملة تؤسس طريقةً جديدةً للفهم. ومع ذلك، عند تأليف روايات جديدة، يجب أن نتأكد من عدم مشاركة روايات جديدة مؤذية منتشرة دون أن نقصد تؤدي إلى اكتساب القارئ فهماً محدوداً للقضايا.

درست عالمة الاجتماع بيس روتنبرغ، الاستراتيجية الروائية "لحركة النساء المعنفات" التي ظهرت في السبعينيات لتغيير طريقة سرد قصص العنف ضد المرأة. قبل الحركة، لم يعدّ كثير من الناس العنف الأسري قضيةً سياسية. فشاركت الحركة القصة تلو الأخرى عن نساء متوافقات الجنس ذوات ميول جنسية مغايرة يتعرضن للعنف من رجال من نفس الشريحة. أكدت قصة كل امرأة كيف تعرضت للإيذاء الشديد وشعورها بأنها عالقة ومنعزلة. كما وصفت القصص العنف ضد النساء الميسورات لتبين أن أي امرأة معرضة له، مهما كان وضعها الاجتماعي والاقتصادي.

أسست هذه الاستراتيجية دعماً للموارد المحلية المتاحة للمرأة وغيرت السياسة على المستوى المحلي ومستوى الولاية والمستوى الفيدرالي، كما أنها بنت روايةً ثقافيةً واحدةً صاغت مفهوم العنف الأسري وضحاياه ومرتكبيه. بينما ألفت الحركة قصصاً لربط العنف بالتحيز الجنسي، فقد مسحت العنف الذي ترتكبه النساء والمرتكَب بحق الرجال، فضلاً عن التجارب الفريدة للأشخاص غير المسجلين وأصحاب البشرة الملونة. لم يكن للمرأة وكالة في القصص، ولا يوجد قصص عن العمل الجماعي. كما أنها طرحت أكثر أشكال العنف وحشية، مما جعل البعض يتساءل عما إذا كانت أشكال العنف الأقل خطورة تعد عنفاً.

لتجنب إنشاء روايات مقيدة وجزئية، ادعم المجتمعات لتتمكن من رواية قصصها الخاصة. عندما نفعل ذلك، فإننا في النهاية نشارك جميع التفاصيل الإنسانية للأشخاص -الأشخاص الذين يعيشون حياة فريدة ومتعددة الأوجه- ونتجنب تأليف روايات تؤطر الأشخاص والقضايا من خلال تجربة واحدة أو هوية معينة.

إن "بوس" (pose)، برنامج على قناة "إف إكس" (FX TV) يدور حول مشهد قاعة الرقص في نيويورك في الثمانينيات يجيد فعل ذلك. يبرز البرنامج التوصيفات السردية لأصحاب البشرة الداكنة والسمراء وغيرهم في المجتمع، وضمت الشبكة مجموعة من الكتاب والمنتجين والمستشارين ومصممي الأزياء ومصممي مواقع التصوير الخبراء في إعداد مشهد قاعة الرقص في الثمانينيات لضمان الدقة والمصداقية. بدلاً من تعريف الشخصيات بأي استعارات أو صور نمطية، يروي العرض قصص أشخاص يحملون آمالاً وأحلاماً واهتمامات، يتعاملون في الوقت نفسه مع أفعال العنصرية والطبقية التي تمارسها عائلاتهم وأصدقائهم المفضلين بحقهم. تشارك الناشطة والمنتجة التنفيذية والكاتبة في برنامج "جانيت موك" في مقال لمجلة "فارايتي" (Variety): "عندما ظهرت فتيات مثلنا على شاشتي ظهوراً خاطفاً، كان يُنظَر إلينا من منظور ضيق، إما أننا تجارب صادمة، أو عوملنا كغريبي الأطوار، أو أننا مجرد مغزى من القصة. نادراً ما مُنحنا الفرصة لنكون محور القصة، لنكون الأبطال والخصوم والأشرار الملعونين". ثم تابعت خلال المقابلة:

شخصياتنا هي محور قصصهم وليست أدوات لصياغة الحبكة، وتكون بمنزلة شهداء يلقنون العناصر الفاعلة درساً عن الأصالة والثقة بالنفس. لا، ففي العالم الذي أكتب فيه، هؤلاء النساء هن البطلات اللواتي لطالما انتظرتهن. فهن مرتبطات بعضهن ببعض، ويدعمن ويتحدين بعضهن. هن يحببن ويرقصن ويضحكن، وأجل، يعتني بعضهن ببعض. هذا ما تبدو عليه الأخوة والعائلة والقدرة على التحمل، خاصة في عصر تطارَد فيه النساء وصاحبات البشرة الداكنة لمجرد وجودهن.

القصص تساعدنا على تخيل العالم بشكل مختلف

القصص المتقاطعة هي أيضاً قصص تحدث تحوّلاً في شكل العالم الذي سيكون أو يمكن أن يكون مختلفاً عندما ننجح. يعتقد الباحثان أليكس كاسنابيش وماكس هيفن أن الحركات يجب أن تنطلق من الخيال الثوري، إذ يكتبان:

الخيال الثوري هو القدرة على تخيل العالم والحياة والمؤسسات الاجتماعية بصورة مختلفة عن صورتها الحالية. هو الشجاعة والفطنة التي تدفع المرء لإدراك أن العالم يمكن أن يتغير، بل وينبغي أن يتغير. الخيال الثوري لا يقتصر على الحلم بمستقبل مختلف فقط. بل هو إحضار هذه الإمكانات من المستقبل وتوظيفها في الحاضر، لإلهام الناس للتصرف وتقديم أنواع جديدة من التضامن اليوم.

بدلاً من رواية القصص لمواجهة طريقة تعريف الأنظمة لشخص ما، يجب أن تساعد القصص الناس على التخيل الثوري لمستقبل تسود فيه العدالة والمساواة.

صاغت حركة "بلاك لايفس" (Black Lifes) ذلك جيداً بشكل استثنائي في حملتها "شهر مستقبل أصحاب البشرة الداكنة"، التي أطلقَت خلال "شهر تاريخ أصحاب البشرة الداكنة" في فبراير/شباط 2021. وتجعل الحملة وجهات نظر النسويات ذوات البشرة الداكنة محوراً لها، مشيرةً إلى أن "ذوات البشرة الداكنة كُنَّ لفترة طويلة في مقدمة الحالمين وفي طليعة وضع الرؤى وتوسيع الإمكانات المتاحة لحركاتنا. من واجبنا أن نقر بجميع حيوات أصحاب البشرة الداكنة والاحتفاء بها والدفاع عنها". تدعو الحملة الأشخاص للانضمام إلى الحركة ومشاهدة مقطع الفيديو الخاص بها "قصيدة حرية الصيف"، التي تظهر لنا شكل العالم الذي يكون فيه أصحاب البشرة الداكنة أحراراً حقاً.

يجب أن يكون تأثير رواية القصص قوياً على المجتمعات ويجب أن تكون القصص التي تشاركها مؤسسات المناصرة ورواة القصص موجَّهة. من خلال رواية قصص كاملة بعناية تشمل الأنظمة والتاريخ، وتجعل أصوات المجتمعات المهمشة محوراً لها، يمكننا مساعدة الناس على فهم القضايا المنهجية وإلهامهم للتصرف.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!