7 مسارات مهنية متاحة لمتخصصي المختبرات الطبية

4 دقائق
المختبرات الطبية
shutterstock.com/biDaala studio

يعمل أخصائي المختبرات الفحوصات اللازمة بدقة وجودة عالية باستخدام أحدث التكنولوجيات العلمية والأجهزة المتطورة. نتائج هذه الفحوصات تساعد الطبيب في تشخيص المرض بطريقة صحيحة واختيار العلاج المناسب. وهذا يوضح أهمية تخصص المختبرات لتأثيرها الكبير على جودة الرعاية الصحية للمريض، لذلك يغلب الظن بأن المسار الوحيد لأخصائي المختبرات هو العمل في المختبرات الطبية في المستشفيات.

ما يميز تخصص المختبرات هو التقاطع بين الطب والعلم والتكنولوجيا، ما يجعله ركيزة ومحوراً أساسياً لا يمكن الاستغناء عنه في مجالات كثيرة يمكنها التأثير في وظائف المستقبل. وبحسب مكتب الإحصاءات والعمل في أميركا، من المتوقع أن تزداد نسبة الطلب والشواغر الوظيفية لخريجي المختبرات إلى 18% بحلول عام 2030. وفي المنطقة العربية، فإن رؤية المملكة العربية السعودية 2030، سلطت الضوء على مجالات متعددة تتطلب المهارات والمعرفة التي يتسلح بها خريجو المختبرات الطبية. 

وهنا، تنتقل المسؤولية لتصبح على عاتق الأكاديميين ومسؤولي أقسام المختبرات الطبية. فدورهم كبير في تهيئة الطلاب في أثناء فترة الدراسة للمجالات المتنوعة وإتاحة الفرصة لهم للتدريب واكتساب الخبرات، ما يساعدهم في التعرف على قدراتهم وتفضيلاتهم قبل الانخراط في سوق العمل.

يواجه خريجو تخصص المختبرات الطبية، في بعض الأحيان، عدم الشعور بالرضا الوظيفي، ما يدعوهم إلى البحث عن بدائل أخرى، وقد تتعدد أسباب تغيير الوظيفة، ولكن الأكيد أن العمل في المجال المناسب قد يساهم كثيراً في رفع نسبة الاستقرار والرضى الوظيفي، بما يلبي حاجات النمو والتطوير الوظيفي بناءً على ما أشارت إليه نظرية هرم ماسلو للاحتياجات (Maslow's hierarchy of needs).

لذا، سواءً كنت طالب جامعة أو حديث التخرج أو حتى موظف في مجال المختبرات الطبية وترغب في تغيير مسارك المهني، فإني لخصت المسارات المهنية المتاحة لسبع مسارات، وهي:

المسار الأول: العمل في المختبرات الطبية في المستشفيات الحكومية والخاصة

هذا المسار الأكثر شيوعاً بين خريجي المختبرات. فخلال فترة الدراسة يتعرف الطالب على كل ما يتعلق بالفحوصات المخبرية والأجهزة الطبية المتوفرة ومبادئ عملها وتطبيقاتها في تشخيص الأمراض نظرياً وعملياً. وخلال سنة الامتياز تتاح للطالب فرصة التدريب في المختبرات الطبية في المستشفيات، ما يؤثر في تفكير الطالب ليكون محصوراً فقط في دائرة العمل في المختبرات الطبية. أضف إلى ذلك أن التدرج الوظيفي في المختبرات الطبية واضح جداً، حيث يبدأ خريج المختبرات الطبية بالتصنيف من هيئة التخصصات الطبية كأخصائي مختبر ومن ثم يتدرج إلى أخصائي أول ومن ثم أخصائي استشاري إذا أكمل متطلبات كل تصنيف من ناحية المؤهلات والخبرات. 

يتسم هذا المسار بأن طبيعة العمل وبيئته معروفة ومتشابهة بين مختلف الأقسام؛ من ناحية أوقات العمل الرسمية والمهام الوظيفية المناطة بأخصائي المختبر. يوجد هناك مختبرات رئيسية تقوم بالفحوصات الروتينية مثل مختبر الكيمياء الطبية (clinical chemistry)، وأمراض الدم (Hematology)، وهناك مختبرات متخصصة مثل مخبر التطابق النسيجي (Histocompatibility)، ومختبر التلقيح الصناعي (In Vitro Fertilization)، لكن العمل في المختبرات الطبية التابعة للمستشفيات الحكومية والخاصة تتسم بالرتابة والروتين، وقد يكون فرص التطور الوظيفي فيها محدودة.

المسار الثاني: المسار الأكاديمي

يعتبر المسار الأكاديمي من المسارات المرغوبة عند خريجي المختبرات أيضاً. ويشبه كثيراً المسار الأول من ناحية وضوح التدرج الوظيفي وسلم الرواتب. فيبدأ الخريج كمعيد ومن ثم محاضر ومن ثم أستاذ مساعد مشارك إلى أن يصبح برتبة أستاذ، بعد أن يكتمل الشروط المطلوبة لتحقيق كل مرتبة. وغالباً ما تكون نسبة الفرص الوظيفية محدودة.

المسار الثالث: المسار الصناعي

يشمل هذا المسار، العمل في قطاع الأغذية وغالباً ما يتعلق بالجودة وسلامة الغذاء. وعلى الرغم من أن عدم شيوع هذا المسار، إلا أنه متاح لخريجي المختبرات الطبية. وهناك بعض الجهات التي تهتم بهذا القطاع، منها معهد الصناعات الغذائية بالخرج. ومثل هذه المسارات غالباً ما يتسم التدرج الوظيفي فيها بعدم الوضوح، وقد تكون الفرص فيها محدودة للعمل كفني مختبرات فقط، وقد لا توفر التطور الوظيفي الموجود في المختبرات الطبية والمجال الأكاديمي. 

المسار الرابع: المسار البحثي والعمل في قطاع صناعة الأدوية واللقاحات

من مسمى هذا المسار، يمكن معرفة أنه يشمل العمل في مراكز الأبحاث كمساعد باحث أو باحث رئيسي. وفي ظل توجه الحكومات إلى تمكين المجال البحثي ودعم عجلة البحث والصناعة، يزداد الطلب على الباحثين. لذا فإن خريجي المختبرات الطبية الذين يمتلكون المهارات الأساسية المطلوبة للعمل في المجال البحثي، يعتبرون الخيار الأمثل. وقد يحتاج خريجو المختبرات إلى التعرف على أساسيات وأخلاقيات البحث. 

في المسار البحثي تندرج تخصصات رئيسية مهمة، وتمتلك دوراً كبيراً في ظل التحول الصحي وأنظمة مكافحة الأوبئة. من هذه التخصصات، تخصص الصحة العامة (Public Health)، وتخصص المعلوماتية الحيوية (Bioinformatics)، وعلم الأوبئة (Epidemiology)، وتخصص الإحصاء الحيوي المتعلق بتطبيق التكنولوجيات الإحصائية على البحث العلمي (Biostatistics). وبالتالي، إذا استطاع متخصص المختبرات الطبية تطوير نفسه في أحد هذه المجالات والحصول على الدورات والمؤهلات المطلوبة، حتماً سترتفع قيمته السوقية وتتعدد خياراته وفرصه الوظيفية. 

ما ينقص هذا المسار هو انعدام الوضوح في التدرج والتطور الوظيفي، فالمتوقع من الباحث أو مساعد الباحث هو العمل في المجال البحثي والاطلاع ونشر الأبحاث في مجلات محكمة ومرموقة، والمشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية المحلية والعالمية. فالتطور الوظيفي يكون من خلال عدد الأبحاث المنشورة وجودتها، والمشاركات المحلية والعالمية، لكن ما يميز هذا المجال، هو الاطلاع وحس المغامرة والاكتشاف وكسر الروتين والرتابة الوظيفية.

المسار الخامس: مسار القطاع الخاص

يتضمن هذا المسار، العمل في قطاع الشركات الخاصة للأجهزة والمحاليل الطبية. ونستطيع حصر المجالات المتاحة تحت هذا المسار إلى ثلاثة مجالات، هي: مجال متخصص تطبيقات وبرامج (Application Specialist)، ومجال متخصص مبيعات (Sales Specialist)، ومجال التوريد والإمدادات (Supply Chain)، وهو من المجالات التي يزداد الطلب عليها في قطاعات مختلفة بجانب القطاع الصحي. 

ما يميز خريجو المختبرات للعمل في هذا القطاع هو امتلاكهم للمعرفة العلمية خلف هذه الأجهزة وتطبيقاتها. وقد يغيب السلم الوظيفي والرواتب في البداية؛ ولكن الواعد في هذا المسار أنه يكافئك على الجهد المبذول وترى أثره بصورة سريعة ومباشرة. فقد تحصل على ترقية بسبب مساهمتك في رفع مبيعات الشركة وتوسعة نطاق عملائها؛ لذا يعتمد هذا المسار كثيراً على شخصيتك ومرونتك وحضورك الدائم وتطورك وإنتاجيتك؛ لكي تصبح ذا قيمة مضافة، ما يجعل الشركة تحتفط بك وتستثمر فيك أكثر.

المسار السادس: المسار العسكري

هذا المسار يعتمد على رغبة خريج المختبرات في الالتحاق بالمجال العسكري في قطاعات الأمن العام أو الحرس الوطني، ويتيح هذا المسار للخريجين رتبة عسكرية مع تدرج وظيفي وترقيات وسلم رواتب واضح.

المسار السابع: مسار الجودة 

حقيقة لا أريد أن أجعل مجال الجودة كمسار وظيفي مستقل بحد ذاته؛ لأن مجال الجودة يعتبر العمود الفقري لجميع المسارات. وما يجعل تخصص المختبرات مهماً هو اعتماده على دقة تنفيذهم للفحوصات وجودتها لضمان صحة النتائج الطبية للمريض. ويستطيع متخصص المختبرات الطبية اكتساب المهارات اللازمة للنجاح، ليكون متميزاً وذا قيمة مضافة، عن طريق الالتحاق بالدورات والحصول على الشهادات المهنية في مجال الجودة.

ختاماً، أنصح الطلاب ومن هم في مجال المختبرات الطبية بأن يحرصوا على تطوير أنفسهم والالتحاق بالدورات المتخصصة في أحد هذه المسارات؛ ليكون سوق العمل متاحاً متى ما رغبوا في التغيير من مسار لأخر. ويمكن بالطبع استغلال فترة الإجازات بتجربة التطوع في أكثر من مسار للتعرف على بيئة العمل واكتشاف المهارات في أثناء فترة الدراسة، مع الحرص على وتنميتها وتوظيفها بالطريقة الصحيحة. فسوق العمل اليوم يحتاج مرونة أكثر ومهارات عالية لأن المنافسة أصبحت أكثر شراسة.