تأثير الفقر على التعليم وكيفية الحد منه

3 دقائق
جودة التعليم
shutterstock.com/NT_Studio

يمكن أن يكون التعليم الجيد سبيلاً لخروج الأفراد من دائرة الفقر وعاملاً مهماً لتحقيق المساواة في المجتمع، لكن في الوقت نفسه، قد يخلق الفقر حواجز كبيرة أمام جودة التعليم وسهولة الوصول إليه.

فالفقر لا يرتبط فقط بنقص الدخل أو الموارد، وإنما يشمل مظاهر أخرى مثل الجوع وسوء التغذية وضعف إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة الى التمييز الاجتماعي وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات.

الفقر والتعليم تأثير متبادل

يعد الوصول إلى تعليم عالي الجودة أفضل وسيلة للخروج من الفقر، ويساعد على تحقيق النمو الاقتصادي، فبحسب دراسة شاركت في نشرها جامعة ستانفورد وجامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ، ارتبط 75% من نمو الناتج المحلي الإجمالي حول العالم في الفترة بين 1960 و2000 بزيادة مهارات الرياضيات والعلوم.

وقد نفترض أن مستوى التعليم الذي يحصل عليه الفرد يعتمد على الجهد والرغبة في البحث والدراسة، لكن في المجتمعات النامية والفقيرة يتخلّف الأطفال عن ركب التعليم ويُدفع بهم إلى سوق العمل في سن مبكرة لمساعدة أُسرهم على توفير الاحتياجات الأساسية. إذ يوجد 16.2 مليون طفل وشاب في المنطقة العربية خارج المدرسة ويعاني 69.4 مليون شخص في المنطقة من الأمية، وبالتالي افتقار الأسر لمهارات القراءة والكتابة والحساب اللازمة لمواصلة حياتهم المهنية، يُنذر ببقاء الأجيال المقبلة في دائرة الفقر.

وتوصل تقرير اليونسكو لرصد التعليم 2016، "التعليم من أجل الناس والكوكب: بناء مستقبل مستدام للجميع"، إلى أن امتلاك الطلاب في الدول منخفضة الدخل مهارات القراءة الأساسية، سيساعد 171 مليون شخص على الخروج من دائرة الفقر المدقع. لكن ما عواقب الفقر على التعليم؟

تأثير الفقر على التعليم

يخلق الفقر تحدّيات كبيرة تعيق مسيرة التعليم يمكن استعراضها في النقاط التالية:

  • تؤثر نشأة الأطفال في مجتمعات فقيرة على إنجازاتهم الأكاديمية والمهنية، إذ يعد التحصيل التعليمي واحداً من المجالات الرئيسة التي تتأثر بدخل الأسرة. فغالباً ما يكون المستوى الدراسي للأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض أقل من أقرانهم الذين ينتمون إلى أسر أكثر ثراءً، وفي جنوب إفريقيا، يقيد الفقر جودة التعليم ويمنع أولياء الأمور من المشاركة الكاملة في عملية التدريس.
  • غالباً ما يؤدي الفقر إلى ارتفاع معدلات التسرب المدرسي في البلدان النامية، وذلك بسبب حاجة الأطفال إلى العمل لإعالة أسرهم، إذ تقدر اليونيسف بأن 1 من كل 10 أطفال حول العالم هم ضحايا عمالة الأطفال، كما تقوض البنية التحتية السيئة للمدارس ونقص المعلمين المؤهلين جودة التعليم في المناطق الفقيرة وتؤثر محدودية الوصول إلى الموارد التعليمية في الأداء الأكاديمي للأطفال.
  • يقود الفقر إلى ظروف صحية سيئة تؤثر على حضور الأطفال ومشاركتهم في المدرسة، فعدم حصول الأطفال على التغذية السليمة، وعيشهم في مناطق مزدحمة ومليئة بالضوضاء تمنعهم من النوم بشكل جيد، تجعلهم يواجهون مشاكل في التعلم.

بحسب تقرير اليونيسف: "حالة الطفل في العالم حول التغذية"، يعاني 3.7 ملايين طفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من سوء التغذية الحاد والنحافة الشديدة، ما يؤثر على نموهم المعرفي والجسدي، إذ يقود سوء التغذية إلى أمراض مثل التقزم، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 609,900 طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم في سوريا بسبب نقص التغذية المزمن ما يؤثر على إنتاجيتهم وقدرتهم على التعلم.

وفي بنغلاديش، أظهرت إحدى الدراسات انتشار التقزم بنسبة 50.7% بين الأسر، لكن ارتفاع معدلات تعليم الأمهات أدى إلى الحد من التقزم بنسبة 4.6%، كما يكسب الأطفال الذين لا يعانون من هذا المرض دخلاً أعلى بنسبة 22% مقارنةً بنظرائهم الذين يعانون منه.

  • تنعكس نشأة الأطفال في بيئة قوية وآمنة ومستقرة إيجابياً على سلوك الأطفال ومهاراتهم الاجتماعية واستجاباتهم العاطفية، لكن في الأسر الفقيرة يقود افتقار الأطفال للرفاهية الاجتماعية والعاطفية إلى الشعور بنقص تقدير الذات والاكتئاب والعزلة، إذ تشير الدراسات إلى أن الطلاب من الأسر ذات الدخل المنخفض جداً معرضين بشكل خاص لخطر التنمر بسبب وضعهم الاجتماعي المتدني.

ويؤثر الفقر أيضاً على تعلم النساء ومكانتهم في المجتمع، فتوصل باحثون من البنك الدولي والمركز الدولي لأبحاث المرأة بعد دراسة 15 دولة في إفريقيا، إلى أن النساء المتعلمات يمِلْن إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال وعدم الإنجاب في سن مبكرة.

وعموماً، يؤثر وعي الوالدين ومستواهم الدراسي في إمكانية التعلم لدى الأطفال في المجتمعات الفقيرة، إذ كشفت إحصاءات المعهد الحضري (Urban Institute)، أن الأطفال الفقراء الذين حصل آبائهم على تعليم ما بعد الثانوي يميلون بنسبة 30% أكثر إلى إكمال المرحلة الثانوية.

كيف نواجه تأثير الفقر على التعليم؟

يوجد العديد من الحلول لموجهة  تأثير الفقر على التعليم، بدءاً من السياسات الحكومية وصولاً إلى التدخلات المجتمعية، وتتضمن أكثر هذه الحلول فاعلية:

  • زيادة فرص الحصول على التعليم
  • تحسين البنية التحتية
  • استقطاب المعلمين المؤهلين والحفاظ عليهم
  • تقديم الدعم الصحي والغذائي
  • التدخلات المجتمعية مثل إنشاء برامج تعليمية محلية، وتنظيم مكتبات مجتمعية، ودعم الأطفال ومساعدتهم على أداء الواجبات المنزلية والمهام الأكاديمية الأخرى.
  • معالجة القضايا المنهجية التي تديم الفقر، بما في ذلك عدم المساواة في الدخل، والتمييز، ومحدودية الوصول إلى الموارد.

على الرغم من التقدم الذي أحرزته المنطقة العربية في تيسير الوصول العام إلى التعليم خلال العقود الماضية، إلا أنه من الضروري معالجة  العقبات التي يخلقها الفقر وتقديم حلول لتحسين تعليم الأطفال، وهذا يتطلب جهداً مشتركاً من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمعات والأفراد لوضع سياسات وبرامج تعزز المساواة الاجتماعية والاقتصادية.