اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

دمج التعليم المدرسي والتعليم ما بعد المدرسة لتحقيق الإنصاف

إعداد : تريشيا ماس، جوردان بوسامينتيير

 

تم النشر 18 أكتوبر 2021

شارك
شارك

للنهوض بالتعليم الاجتماعي والعاطفي المنصف، ستستفيد المدارس من زيادة التعاون مع مقدمي البرامج خارج أوقات المدرسة.

التعليم الاجتماعي والعاطفي

في أعقاب جائحة "كوفيد-19″، والحساب الوطني للظلم العنصري في الولايات المتحدة، دعا العديد من المعلمين إلى زيادة التركيز على التعليم غير الأكاديمي وهو التعليم الاجتماعي والعاطفي (SEL)، وتحقيق المساواة في المدارس. في المقابل، أثارت هذه الدعوات أسئلة حول مدى تعزيز التعليم الاجتماعي والعاطفي للتكافؤ في المدارس والمجتمع، لا سيما فيما يتعلق بتحقيق المساواة في النتائج الإيجابية عبر المجموعات الفرعية العرقية.

نظرياً هو يعزز التكافؤ. تُعرِّف "الشبكة التعاونية للتعليم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي" (CASEL) التعليم الاجتماعي والعاطفي بأنه العملية التي يكتسب الناس من خلالها المهارات والمعرفة والمفاهيم "ليبنوا هويات سليمة ويديروا عواطفهم ويحققوا أهدافهم الشخصية والجماعية ويشعروا بالتعاطف مع الآخرين ويقيموا علاقات داعمة ويحافظوا عليها ويتخذوا قرارات مسؤولة". يحدد المعلمون مفهوم التعليم الاجتماعي والعاطفي غالباً من خلال إطار "الشبكة التعاونية للتعليم الأكاديمي الاجتماعي والعاطفي"، الذي يقدم 5 اختصاصات رئيسية في التعليم الاجتماعي والعاطفي، وهي: الوعي الذاتي، والإدارة الذاتية، والوعي الاجتماعي، ومهارات بناء العلاقات، واتخاذ القرارات المسؤولة. أظهرت البرامج التي تدعم التعليم الاجتماعي والعاطفي تأثيرات إيجابية على مهارات الأفراد الاجتماعية ومفاهيمهم وتصرفاتهم وأدائهم الأكاديمي، وعند مواصلة تقديمها لهذا الدعم، يكتسب الأفراد مهارة القدرة على تحطيم أوجه التحيز وإطلاق الأحكام المسبَقة.

ولكن ماذا عن التعليم الاجتماعي والعاطفي على الصعيد العملي؟

التغلب على التحزب السياسي

إن تنامي كل من التعليم الاجتماعي والعاطفي والتكافؤ ليصبحا محور التركيز، جعلهما يخضعان للتسييس. جادل بعض ناقدي التعليم الاجتماعي والعاطفي – الذين ينتمون عادةً إلى اليسار السياسي – بأن مفاهيمه الحالية وقاعدته البحثية ومناهجه الدراسية تجازف بتعزيز أوجه عدم المساواة الحالية، وتؤدي دور الوجه الآخر من أعمال قوات حفظ النظام ضمن المدرسة، وتجرد الطلاب المهمَّشين من إنسانيتهم أكثر، وتمنح الأفضلية للثقافة المهيمنة. لقد دعوا، جنباً إلى جنب مع علماء التعليم الاجتماعي والعاطفي الذين يعملون على تعزيز التكافؤ من خلال التعليم الاجتماعي والعاطفي، أولئك الذين يسخّرون التعليم الاجتماعي والعاطفي ويروجون له إلى اتباع نهج أشمل، وأقل تركيز على المهارات الفردية والقابلة للقياس، وأكثر تركيز على بناء العلاقات، وهويات اليافعين الإيجابية، والمجتمعات القوية، وتمكين الشباب

يجادل نقاد آخرون للتعليم الاجتماعي والعاطفي – الذين ينتمون عادةً إلى اليمين السياسي – بأن التعليم الاجتماعي والعاطفي يبالغ في التركيز على النواحي "اللينة" مثل تقدير الذات والسعادة، بدلاً من التركيز على النواحي "الأكثر جدية" مثل الشخصية والقيم والانضباط الذاتي. ازدادت معارضة اليمين للتعليم الاجتماعي والعاطفي مع النكسة الأخيرة في بعض نُهج العمل لتحقيق التكافؤ في المدارس. وتحديداً، تذهب بعض مجموعات التعليم الاجتماعي والعاطفي إلى الجدل المرتبط بقرارات الحظر على مستوى الدولة التي يقودها الحزب اليميني حول ما يسمى النظرية العرقية النقدية، ما يهدد استراتيجيات تعزيز التكافؤ والتعليم الاجتماعي والعاطفي. وإن العداوة للتعليم الاجتماعي والعاطفي من كلا الطرفين، جعلت الحفاظ على المساعي لتحقيقه في الولايات المتحدة – مساعي تحقيق التعليم الاجتماعي والعاطفي ذي العقلية الأقل تمحوراً حول التكافؤ – رهاناً غير مضموناً.

لكن لا يزال هناك ما يدعونا إلى للتفاؤل. على مدى عقود، اتبع التعليم خارج أوقات المدرسة (OST) مبادئ تنمية اليافعين الإيجابية على نطاق واسع، التي تتضمن التركيز على نقاط قوة اليافعين، وإعلاء آرائهم، ومساعدتهم على اكتساب إحساس عميق بتقدير الذات والتحكم في مسار حياتهم، ودعم مشاركتهم في مجتمعاتهم وشعورهم بالانتماء إليها وتعاونهم فيها . ركز العلماء والمعلمون والقادة الميدانيون على التعليم الاجتماعي والعاطفي المنصف الذي يؤكد أيضاً على أهمية بناء علاقات إيجابية مع اليافعين وتوطيدها، متبعين نهجاً قائماً على الأصول، وإعلاء آراء اليافعين، وتمكينهم من إحداث تغيير إيجابي، خاصةً في مواجهتهم الظلم المجتمعي. هم يصفون مبادئ تنمية اليافعين الإيجابية بأنها جزء لا يتجزأ من التعليم الاجتماعي والعاطفي المنصف، على الرغم من أنهم نادراً ما يتحدثون بهذا الأسلوب.

على عكس المدارس والتعليم الاجتماعي والعاطفي، فقد نجت أوساط التعليم خارج أوقات المدرسة ونُهج تنمية اليافعين الإيجابية من السياسات السامة، وجداول أعمال الإصلاح المتغيرة باستمرار، ومجموعات المعايير الأكاديمية الضخمة التي يجب مراعاتها، والمجموعات المحدودة من النتائج المرتبطة بالمخاطر الكبيرة المثيرة للجدل. تثق المجتمعات المحافظة بشدة والتحررية تحرراً مطلقاً على حد سواء بمقدمي التعليم خارج أوقات المدرسة، مثل "4-آتش" (4-H) و"واي إم سي أيه" (YMCA) و"بويز آند غيرلز كلابس" (Boys & Girls Clubs) و"بيغ برازرز بيغ سيسترز" (Brothers Big Sisters)، وعدد لا يحصى من المعسكرات المحلية والدوريات الرياضية، التي حظيت باحترام جميع المنظومات السياسية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. تعاونت العديد من كبرى المقاطعات مؤخراً مع الزملاء المحليين الذين يقدمون خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة لغرس نُهج تنمية اليافعين الإيجابية في مدارسهم. ولأن التعليم خارج أوقات المدرسة أقل تسييساً، فإن النُهج المتبعة على نطاق واسع في أوساطه ترضي كلاً من الطرفين اليساري واليميني، وقد يؤدي اعتمادها في المدارس إلى تعزيز التعليم الاجتماعي والعاطفي المنصف بشكل فعال. وفقاً لذلك، حري بقادة التعليم من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية الملتزمين بدمج برامج التعلم الاجتماعي والعاطفي المنصف إلى مجتمعاتهم، أن يفعلوا ما يلي:

1) إعادة تركيز أهدافهم الرئيسية على مبادئ تنمية اليافعين الإيجابية.

2) إقامة شراكات مع مقدمي خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة الذين وضعوا بالفعل هذه الأهداف والمبادئ المقابلة لها موضع التنفيذ.

تعمل المدارس ومقدمو خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة بشكل منفصل، إذ إنهم يخدمون فئة اليافعين ذاتها لكنهم نادراً ما يتواصلون أو ينسقون بين نهجهم المتبعة. على الرغم من التحزب السياسي المتزايد، إلا أننا متفائلون حول ربط خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة والنهج المدرسية لتعزيز تعليم اجتماعي وعاطفي شامل ومنصف، واستدامته.

لماذا لا نشهد التعليم الاجتماعي والعاطفي المنصف في معظم المدارس؟

إذا كان التعليم خارج أوقات المدرسة يدعم مبادئ تنمية اليافعين الإيجابية منذ فترة طويلة، والدعوات لاتباع نُهج مماثلة له موجودة بين الأوساط المدرسية، فلماذا كانت هذه المساعي هامشية في أعمال المدارس الأساسية في معظم الأحيان؟ إن أحد الأسباب المحتملة هو أن مبادئ تنمية اليافعين الإيجابية تركز على البيئات والعلاقات الداعمة قبل أي شيء، وهذا يجعلها تحيد عن طريقة وضع المناطق التعليمية لسياستها في كثير من الأحيان. نظر قادة التعليم غالباً إلى التدخلات المبنية على الأدلة التي يسهل تنفيذها نسبياً ولا تعتمد (على الأقل اعتماداً واضحاً) على مثل هذه الحالات الإنسانية الطارئة الحساسة. فالمبادئ التي تعتمد على بناء العلاقة غير مناسبة بالنسبة لها.

كما تُعد نُهج تنمية اليافعين الإيجابية معارضة من الناحية الفلسفية لسياسات عدم التسامح المطلق في هذه المناطق، التي تتطلب استجابة المدارس للتصرفات اللا عنفية، مثل أعمال التخريب والتحدي، واتخاذ التدابير اللا إصلاحية مثل التعليق أو الطرد، ما يخلق عقبات سياسية رسمية أمام اتباع تلك النهج. لكن حتى بعيداً عن سياسات عدم التسامح المطلق، تواجه المدارس والمناطق التعليمية عقبات ثقافية ضخمة أمام دعم التنمية الإيجابية لليافعين بشكل فعال، إذ إن ثقافة كثير من المعلمين تتمحور حول اتباع الممارسات التقليدية والعقابية والتأديبية بدلاً من العملية التعاونية الإصلاحية عند الاستجابة لسلوك الطلاب. لذا هم بحاجة إلى تدريب ودعم مستمرين لتغيير ممارساتهم، إذ يستغرق تغيير العقليات والنُهج وقتاً ويتطلب جهداً وصبراً للتأقلم. لذا عندما يذكر قادة المدارس أنهم يطبقون التعليم الاجتماعي والعاطفي بصورة متزايدة بشكل أو بآخر، فإن معظمهم يكونون بعيدين كل البعد عن اتباع نُهج تنمية اليافعين الإيجابية.

كيف تتعاون المدارس مع مقدمي خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة؟

على الرغم من التحديات التي تواجهنا عند تنفيذ تلك المبادئ والنهج، من الواضح أن مبادئ تنمية اليافعين الإيجابية والتعليم الاجتماعي والعاطفي متداخلان وأنهما مجالات مكملة لبعضها، والقوة الناتجة عن جمع مبادئ تنمية اليافعين الإيجابية والتعليم الاجتماعي والعاطفي ليست نظرية فقط. فقد بدأت بعض المناطق التعليمية بالفعل في العمل على الربط بين النهج المدرسية ونهج التعليم خارج أوقات المدرسة لتنمية اليافعين اجتماعياً وعاطفياً. على سبيل المثال، عملت المناطق التي تشارك في مبادرة المنطقة التعليمية التعاونية التابعة "للشبكة التعاونية للتعليم الأكاديمي الاجتماعي والعاطفي"، على تطبيق التعليم الاجتماعي والعاطفي بشكل منهجي، إذ تناولت مناخ المدرسة وثقافتها، والشراكة المجتمعية، والحاجة إلى تقديم الدعم المتواصل للبالغين والتحسين المستمر. أدرجت هذه المقاطعات التعليم الاجتماعي والعاطفي في خططها الاستراتيجية ودمجته في أولوياتها الأخرى مثل الحياة الأكاديمية، والتكافؤ، والتوظيف، وتعليم البالغين، وجميعها مساعي كانت وليدة البحث الذي يثبت تكافل التعليم الاجتماعي والعاطفي وتنمية اليافعين الإيجابية.

لنتناول ثلاثة أمثلة إضافية على ذلك.

  • طوّرت مدارس "دنفر" العامة وشركاؤها من مقدمي خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة أداة مراقبة مشتركة واعتمدتها لتزويد المعلمين بملاحظات تقويمية تدعم بيئات التعليم الإيجابية. كما تعاون الشركاء للمشاركة في دورات لجمع البيانات والتفكُّر والتحسين المستمر.
  • يتشارك قادة المدرسة ومقدمو خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة في تولسا دورياً أفكارهم وأفضل ممارسات دعم تنمية اليافعين أكاديمياً وشخصياً، جزئياً بالاعتماد على دليل إرشادي مشترك في التعليم الاجتماعي والعاطفي قابل للتطبيق على الأوساط داخل المدرسة وخارجها. من أفضل الممارسات التي طبقوها البدء بنشاط أو إجراء أو مراسم ترحيبية، والاختتام بخاتمة تفاؤلية.
  • أقامت منطقة تعليمية في مقاطعة "بالم بيتش" علاقة تعاونية طويلة الأمد مع مقدم محلي لخدمات التعليم خارج أوقات المدرسة "برايم تايم بالم بيتش كاونتي" (Prime Time Palm Beach County). لقد حرصوا أن مناهجهم في التعليم الاجتماعي والعاطفي تكمّل وتعزز بعضها، وتعاونوا على إنشاء أوساط آمنة ودافئة، حيث يشعر فيها اليافعون بالانتماء، وقدموا فرصاً للتعليم المهني للبالغين في كل من المدرسة ومقدمي خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة.

وتجدر الإشارة إلى أن جميع هذه المجتمعات بالترتيب، إما تحررية جداً ضمن ولاية تحررية معتدلة (دنفر في كولورادو)، أو محافظة جداً في ولاية محافظة جداً (تولسا في أوكلاهوما)، أو متحررة معتدلة في ولاية تصبح محافظة بشكل متزايد (بالم بيتش في فلوريدا)، هذا يدل على أن التعاون بين المدارس ومقدمي خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة مرن سياسياً، وليس منقسماً على أسس حزبية.

إن الشراكة الملتزمة والمتعمّدة بين المدرسة والمعلمين في التعليم خارج أوقات المدرسة مهمة للنجاح. يعني دعم التعاون عبر القطاعات تحديد أهداف مشتركة، والمشاركة في التعليم المهني المشترك، ودمج البيانات ومشاركتها لدعم التحسين المستمر. ليس هذا بالمهمة السهلة، فالعديد من المدارس ومقدمي خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة نادراً ما يتواصلون – هذا في حال تواصلوا أصلاً – في أثناء خدمتهم لنفس الأفراد اليافعين وتشاركهم غالباً في نفس المكان. إذ تكون سياساتهم وهيكلياتهم الإدارية منفصلة غالباً، ولا تتداخل جداول أعمالهم. تعد الأمثلة المذكورة في هذه المقالة وعدد قليل من المناطق الأخرى (العديد منها ممول من مبادرة الشراكة لتحقيق التعليم الاجتماعي والعاطفي التي أطلقتها مؤسَّسة "والاس فاونديشن" (Wallace Foundation)) استثناءات عن القاعدة.

نظرة مستقبلية

ستستفيد المدارس من زيادة التعاون مع مقدمي خدمات التعليم خارج أوقات المدرسة في تعزيز التعليم الاجتماعي والعاطفي المنصف، فهم شركاء أقل تحيز سياسي وخبراء في التطبيق الفعال لمبادئ تنمية اليافعين الإيجابية. لكن يجب أن تعقد المدارس العزم على إزالة العقبات الرسمية التي تعيق تطبيق التعليم الاجتماعي والعاطفي ونهج تنمية اليافعين الإيجابية الموحدة، ودعم التحولات الثقافية لتخفيف العقبات غير الرسمية التي تحول دون استخدامها.

منذ انتشار جائحة "كوفيد-19" والحساب الوطني للظلم العنصري، تعكف العديد من أنظمة التعليم على إعادة تصور سياساتها وهيكلياتها التأسيسية، أو تجريب نُهج مبتكرة. وأشار القادة إلى أن تعزيز التكافؤ والتعليم الاجتماعي والعاطفي من أولوياتهم عند إعادة تفكيرهم في هذه الأنظمة. نحن في زمن الشك الشديد والاضطراب والتحديات السياسية، لكننا في المقابل في زمن النهضة والأمل المبرَّر.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!