لماذا تختار المؤسسات غير الربحية برامج التحويل النقدي المباشر للقضاء على التشرد؟

3 دقائق
التحويلات النقدية
unsplash.com/Kenny Eliason

ازدادت شعبية برامج التحويلات النقدية في العالم على مدى العقدين الماضيين، وبدأت المؤسسات الخيرية بإطلاق برامج تجريبية لتقديم دخل مضمون للأسر ذات الدخل المتدني في الولايات المتحدة، بدءاً من مؤسسة ستوكتن إيكونوميك إمباورمنت ديمونستريشن (Stockton Economic Empowerment Demonstration) في ولاية كاليفورنيا وصولاً إلى مؤسسة نيوارك موفمنت فور إيكونوميك إكويتي (Newark Movement for Economic Equity) في ولاية نيو جيرسي.

ومؤخراً، اعتمدت المؤسسات على برامج التحويلات النقدية من أجل مساعدة المشردين، وأطلقت عدة برامج أو تخطط لإطلاقها في غضون هذا العام، ومنها برنامج مبادرة ترست يوث (Trust Youth Initiative) في مدينة نيويورك، ومشروع دنفر بيزك إنكَم بروجكت (Denver Basic Income Project) والمؤسسة غير الربحية في مدينة سان فرانسيسكو، ميراكل ميسدجز (Miracle Messages).

لطالما تجاهلت برامج المساعدة النقدية من يعانون التشرد خشية أن يسيئوا استخدام هذه النقود، تقول مديرة السياسات في مؤسسة كواليشن فور ذا هوملس (Coalition for the Homeless) في مدينة نيويورك، جاكلين سيمون، موضحة: "في كثير من الأحيان تنشأ برامج شبكة الأمان من تفكيرنا بمنطق التسلط الأبوي الذي يفترض أن الآخرين ليسوا قادرين على اتخاذ القرارات الأفضل فيما يتعلق بشؤون حياتهم".

تبين الأدلة أن ذوي الدخل المتدني الذين يحصلون على التحويلات النقدية يستخدمونها لسداد ثمن حاجاتهم الأساسية مثل السكن والطعام، ومن هذه الأدلة نتائج مشروع نيو ليف بروجكت (New Leaf Project) الذي تم إطلاقه في عام 2018 لتقديم التحويلات النقدية للمشردين في مدينة فانكوفر الكندية بإدارة مؤسسة غير ربحية تدعى فاونديشنز فور سوشال تشينج (Foundations for Social Change). حصل بعض المشاركين في البرنامج على مبلغ مقطوع وقدره 7,500 دولار كندي (أي ما يعادل 5,700 دولار أميركي تقريباً آنذاك)، وبمقارنتهم بأفراد مجموعة التحكم تبين أنهم تمتعوا بدرجة أعلى من الأمان الغذائي وتمكنوا من ادخار مبالغ مالية أكبر وحصلوا على سكن ثابت بسرعة أكبر.

كان دافع مؤسس شركة ميراكل ميسدجز، كيفن آدلر، لإطلاق برنامج تجريبي للتحويلات النقدية متمثلاً في ثقته بأن الناس يعرفون جيداً ما يحتاجون إليه، واليوم تدير مؤسسته غير الربحية هذا البرنامج الذي يسمى أصدقاء ميراكل (Miracle Friends)، ويضمن التواصل بين المشردين والمتطوعين الذين يقدمون لهم الدعم ويتفقدون أحوالهم عبر اتصالات هاتفية أسبوعية. في عام 2021، وزعت مؤسسة ميراكل ميسدجز على 12 مشاركاً مبلغ 500 دولار شهرياً على مدى 6 أشهر، وتسعى في عام 2022 لتوسيع برنامجها ليشمل مدينة لوس أنجلوس، حيث ستقدم في جزء من تجربتها المنضبطة على عينة عشوائية مبلغاً وقدره 750 دولاراً شهرياً لمدة سنة لما لا يقلّ عن 50 شخصاً بالغاً.

يشير آدلر إلى أن نصف المشاركين حصلوا بالفعل على سكن ثابت، وكان للتحويلات النقدية دور كبير في ذلك. كان أحد هؤلاء المشاركين، واسمه راي، قد خسر وظيفته بسبب المشكلات الصحية وعاش في شوارع مدينة سان فرانسيسكو لمدة عام قبل الانضمام إلى برنامج التحويلات النقدية، واستطاع بواسطة ما ادخره من المبالغ التي حصل عليها أن ينتقل إلى مدينة توبيكا في ولاية كانساس وحصل على سكن دائم وعثر على وظيفة بعد ذلك بفترة وجيزة. قدم المتطوعون في البرنامج الدعم اللازم لراي وتركوا له حرية التصرف في النقود التي حصل عليها، فأدى ذلك إلى تعزيز ثقته، يقول: "أفسحوا لي المجال أن أتخذ القرارات بنفسي، من الرائع أن يأتيك شخص ويقول لك إنه يثق بك".

يقول الباحثون إن تصميم البرنامج يراعي عدة نقاط، وإحداها هي تقديم خدمات الدعم إلى جانب المبالغ النقدية، تتوقع مؤسسة ميراكل ميسدجز أن يستمر المشاركون في برنامج التحويلات النقدية في إجراء المكالمات الأسبوعية لإطلاع المتطوعين على ما يفعلونه. أما مشروع دنفر بيزك إنكَم بروجكت فيقدم مجموعة متنوعة من خدمات الدعم تشمل التوظيف والمساعدة، في حين تقدم مبادرة تروث يوث (Truth Youth Initiative) الاستشارات والمساعدة في البحث عن مساكن وخدمات أخرى، وفي كلا البرنامجين لا تعتبر هذه الخدمات شرطاً للحصول على المساعدة المالية.

ومن النقاط التي تراعيها البرامج أيضاً مقدار المبالغ المقدمة في كل دفعة وتكرارها. يخطط مشروع دنفر بيزك إنكَم بروجكت في عام 2022 لاختبار هيكليات الدفع على 820 مشاركاً يقسمون إلى 3 مجموعات تتلقى الأولى مبلغاً مقطوعاً أولياً وقدره 6,500 دولار يليه مبلغ 500 دولار شهرياً على مدى 11 شهراً، في حين تحصل الثانية على ألف دولار شهرياً لمدة عام، وتحصل مجموعة التحكم على 50 دولاراً شهرياً لمدة عام.

كما تنفذ مبادرة ترست يوث برنامجاً تجريبياً للتحويلات المالية منذ بداية عام 2022 بتمويل من حكومة مدينة نيويورك ومتبرعين من القطاع الخاص مثل مؤسسة روبن هود، حيث يحصل الشباب المشردون على مبلغ ألف دولار شهرياً على مدى عامين، إلى جانب تقديم مبلغ مقطوع وقدره 3 آلاف دولار للمشاركين الذين يحددون بأنفسهم موعد سحب المبلغ وطريقته (عبر حساب مصرفي أو تطبيق للدفع الإلكتروني مثل باي بال أو فينمو). يعمل الباحث في جامعة شيكاغو، ماثيو مورتن على تقييم البرنامج، ويقول موضحاً: "تم تصميم خطة البرنامج ونظام تقييمه بجميع نواحيهما بناء على تقييمات الشباب [المشردين] أنفسهم ورأيهم فيما يناسبهم"؛ مثلاً، اقترح هؤلاء الشباب إضافة مبلغ مقطوع للمساعدة في النفقات الكبيرة مثل الدفعة الأولى من أجار الشقة أو من ثمن المفروشات.

برامج التحويلات النقدية لن تنهي مشكلة التشرد بلمح البصر، ولكن نجاح البرامج التجريبية مثل برنامج مؤسسة ميراكل ميسدجز يبيّن قدرتها على مساعدة المشردين بصورة مباشرة وسريعة من دون أي عقبات.

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال دون إذن سابق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي