اشترك
الوضع المظلم
الوضع النهاري

الاستمرار بالحساب الحالي

كيف نقوّم عملية تقديم المنح في الهند؟ (الجزء الأول)

إعداد : دونالد ياه، شاشانك راستوجي، بريثا فينكاتاشلام

 

تم النشر 17 نوفمبر 2021

شارك
شارك

تقدم منصة "ستانفورد للابتكار الاجتماعي" الجزء الأول من سلسلة "كيف نقوّم عملية تقديم المنح في الهند؟"، التي تنقسم إلى جزئين، وسنتحدث في جزئها الأول عن ممارسات تقديم المنح في الهند وسنسلط الضوء على ضرورة تغيير المؤسسة المانحة لنهجها المتبع بتقديم المنح لتحقيق الأثر المرجو منها.

إقامة علاقات وثيقة بين الممولين والمنظمات غير الربحية، والاستثمار في قدرات الأفراد، سيؤديان إلى زيادة مرونة المؤسسات وتحقيقها أثراً أعمق.

تقوّض ممارسات تقديم المنح في الهند غالباً الهدف الذي يحفز سخاء الممولين، أي ترك الأثر الذي يحسن حياة الأفراد والمجتمعات. يساوي معظم الممولين بين الأثر والبرامج، لذا يركزون في تقديم المنح لتحقيق الأثر عليها. ولا يبدي الكثيرون منهم اهتماماً كبيراً بتقديم تمويل كامل للنفقات الأساسية غير البرنامجية، لتخوفهم من أن تصرف هذه النفقات الانتباه عن أهداف تحقيق الأثر التي تركز على البرامج.

في حين أن العكس هو الصحيح. تغطي النفقات غير البرنامجية المهمات الإدارية أو الداعمة الأساسية في البرامج، ونفقات تطوير المؤسسة، مثل التخطيط الاستراتيجي والتدريب القيادي، والصناديق الاحتياطية. في الواقع، كان صمود المنظمات غير الحكومية التي لديها أرصدة احتياطية أمام جائحة "كوفيد-19" أفضل بكثير من تلك التي كان الاحتياطي المالي لديها ضئيل أو معدوم عندما شحّ تمويلها أو اختفى.

تكمن المشكلة كما وصفتها مؤسسة "ذا بريدجسبان غروب" (The Bridgespan Group) مؤخراً في تقرير صادر عنها، في أن الفشل في تمويل هذه النفقات يعرقل تحقيق الأثر المرجو، لأنه يضعف قدرة المنظمات غير الحكومية المؤسسية أو المالية على النمو أو إدامة الأثر الذي تحققه، ما يجعل هذا القطاع فرعياً دائماً. يعكس بحثنا -الذي استند إلى استقصاء لـ 388 منظمة غير حكومية تمثل هذا القطاع في الهند على نطاق واسع، إضافة إلى تحليل مالي منفصل لأربعين منظمة غير حكومية رائدة تحصل على تمويل جيد نسبياً- دراسات مماثلة أجريت في الولايات المتحدة. بلغ متوسط النفقات غير المباشرة في الهند 19% من إجمالي نفقات المنظمات غير الحكومية، لكن 68% من المنح التي تلقتها المنظمات غير الحكومية الأربعين خلال السنوات الثلاثة الماضية خصصت أقل من 10% للنفقات غير المباشرة.

ممارسات تقديم المنح في الهند

قال 18% فقط من بين 388 مشاركاً في الاستقصاء إنهم يستثمرون بما يكفي في التطوير المؤسسي، على حين أفاد 38% منهم بأنهم لا يقدمون أكثر من ثلاثة أشهر من الأرصدة الاحتياطية فقط، وهو مؤشر على ضغوط مالية خطرة. لكن هذا كان قبل جائحة "كوفيد-19". أبلغ 54% عن تقديم أقل من ثلاثة أشهر من الأرصدة الاحتياطية بعد ثمانية أشهر فقط من انتشار الجائحة. على الرغم من الضائقة المالية التي تمر بها، هبّت المنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء الهند لتعزيز استجابة الأمة للجائحة.

لم يكن تأثير هذه الضائقة المالية موزعاً توزيعاً عادلاً على جميع المنظمات غير الحكومية، إذ أفادت 70% من المنظمات غير الحكومية التي يقودها أعضاء من مجتمعات "المنبوذين" (Dalit) أو "الغالبية" (Bahujan) أو "السكان الأصليين" (Adivasi) ويرمز لهم بالأحرف (DBA) -وهم مجتمعات واجهوا تاريخياً تمييزاً اجتماعياً واقتصادياً منهجياً- بعدم وجود فائض تشغيلي على الإطلاق في السنوات الثلاثة الماضية، مقارنةً بنسبة 45% من المنظمات غير الحكومية التي لا تقودها مجتمعات (DBA). وبالمثل، كانت المنظمات غير الحكومية الريفية وغير الحضرية تعاني نقصاً في الموارد مقارنةً بالمنظمات غير الحكومية الموجودة في 8 مدن رئيسة.

تصوِّر نتائج البحث الوضع الحرج للقطاع بسبب ما أطلق عليه أحد قادة المنظمات غير الحكومية "الحرمان المنهجي".

ابدأ ببناء العلاقات

ضمن المؤتمر الافتراضي في الأسبوع الخيري لمؤسسة "داسرا" (Dasra) في مارس/آذار، وصف أميت تشاندرا (مؤسس مؤسسة "أيه تي إي تشاندرا فاونديشن" (A.T.E.Chandra Foundation – ATECF) والمدير الإداري لشركة "باين برايفت إيكويتي" (Bain Private Equity) في مومباي)، وفيديا شاه (المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة "إديلغيف") نهجاً مختلفاً لتقديم المنح. ودعيا إلى جعل تعزيز الثقة بين الممولين والمنظمات غير الحكومية نقطة انطلاق لفهم النفقات غير البرنامجية وتقديم تمويل كافٍ لها.

يخطئ المموّلون والمنظمات غير الحكومية غالباً في تجاوزهم لمرحلة بناء العلاقات في غمرة اندفاعهم للحصول على تمويل لمشروعهم. وأوضح أميت: "كلما ساءت الأمور، وأعدنا التفكر في سبب حدوث ذلك، أدركنا أننا كنا في عجلة من أمرنا بالإضافة إلى حدوث بعض الاختلال في تلك الفترة الأولية. فبناء العلاقات في الواقع هو جزء بالغ الأهمية من كامل مسار هذه الرحلة. يتطلب الأمر توافق رؤية كلا الجانبين، ومشاركة الخطط بينهما، والتأكد من التطابق الفعلي لأهدافهما. لذا برأيي أن تحقيق هذا التوافق منذ البداية بالغ الأهمية".

بمجرد تأسيس هذا التوافق المبدئي، يجب على الممولين ومتلقي المنح الالتزام بـ "التواصل الشديد الوضوح النقي والشفاف". ولأن الأخبار الجيدة تنساب بحرية، يوصي أميت بأن الشفافية تكون بمشاركة الأخبار السيئة أيضاً: "يجب ألا يتلقى المموّلون الأخبار السيئة من مصادر خارجية، فمن المهم أن يشارك الأشخاص جميع ما يحدث، وليس ما يجري على ما يرام فقط".

يصبح التواصل الواضح أسهل عندما يزور المموّلون متلقي المنح في الموقع. قال أميت: "إذا بذلت جهداً لقضاء بعض الوقت في هذا المجال، فسيكون لديك تصور واقعي عن التحديات التي تواجه شريكك في التنمية، فبناء الثقة هو جهد متبادَل".

توصي فيديا بأهمية النظر إلى تقديم المنح على أنه تساند مع متلقي المنح. إذ قالت: "تدور اللغة التي نتحدث بها حول كيفية تطورنا معاً". وأضافت أنه على حين يتوقع المموّلون الصراحة من متلقي المنح، عليهم أيضاً أن يبدوا احتراماً لهم: "من المهم جداً أن تحترم كممول ما يخبرك به مؤسس المنظمة غير الحكومية". كما يتطلب التساند أن يظهر الممولون وقادة المنظمات غير الحكومية ضعفهم في مشاركة المعلومات "بأمانة وشفافية".

دمج النفقات غير المباشرة في الميزانية

جعلت مؤسسة "إديلغيف" وضع الميزانية للنفقات غير المباشرة أولوية منذ عدة سنوات، بعدما أدركت أن متلقي المنح فشلوا في إدراج النفقات المهمة، ما أدى إلى تقديمهم طلبات متكررة لتعديل بنود الميزانية لتغطية النفقات غير المدرجة فيها. وأقرت فيديا بأن المنظمات غير الحكومية ليست هي مصدر المشكلة الوحيد. وقالت: "بصراحة، يحتاج الممولون أيضاً إلى الاطلاع على ميزانية النفقات غير المباشرة". ما يجري في هذا القطاع ليس خطأ المنظمات غير الحكومية، لأنها الطريقة التي يتعامل بها المموّلون معهم. إذ يقول المموّلون زودني بالميزانية فقط. ثم يضيف الممول حوالي 5% أو 10% من مجمَل المنحة للنفقات التشغيلية غير البرنامجية، وبعدها تحصل المنظمة غير الحكومية على المنحة. ثم يبدأ كل هذا الهراء حول تعديلات بنود الميزانية".

اليوم، تتعاون مؤسسة "إديلغيف" مع متلقي المنحة لتوضيح خطة استراتيجية، وتحديد تكلفة تنفيذها سنوياً، ومنح متلقي المنحة حرية العمل ضمن ميزانية "النفقات الحقيقية". تقول فيديا: "كانت الفكرة الأساسية خلف القيام بذلك هي تحفيز التفكير في وضع الميزانية، الذي يجب أن يكون عمليةً جادةً، فأنت لا تضع ميزانية من أجل الممول، بل تضع ميزانيةً للمنظمة".

يوافق أميت على أن كلاً من الممولين والمنظمات غير الحكومية يفتقرون إلى الفهم الكافي للنفقات غير المباشرة، وهي وجهة نظر تتوافق مع الأبحاث التي أجرتها مؤسسة "ذا بريدجسبان غروب" في الولايات المتحدة، التي وصفَتها في عبارة "حان وقت إعادة إقلاع تقديم المنح"، ويشير إلى أن "المنظمات غير الحكومية لا تعرف تمام المعرفة كيف تضع ميزانية المنح، ومجتمع المانحين لا يقدرها. ويضيف: "أعتقد أنه على كلا المجتمعين تقدير أهمية النفقات غير المباشرة في تحقيق الأثر المطلوب".

جعلت مؤسسة "أيه تي إي تشاندرا فاونديشن" وضع ميزانية النفقات غير المباشرة أولوية لها منذ البداية.
يوضح أميت: "كانت لدينا مهمة محددة لتمويل النفقات غير المباشرة لأننا نعتقد أنها كانت أعلى إيراداً. أردنا من خلال تمويل هذه النفقات إثبات أنه يمكنك فعلاً تحقيق إيرادات اجتماعية متفاوتة". وهو واثق من أن هذا البحث سوف يدعم وجهة النظر هذه. يقول: "ستشهد بروز أدلة على صحة فعل هذا الأمر، وأن فعله سيحقق إيرادات ضخمة".

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من خلال الرابط، علماً أنّ المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إنّ نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!