ما معنى المسؤولية الاجتماعية؟ وما خصائصها؟

3 دقائق
معنى المسؤولية الاجتماعية
shutterstock.com/wk1003mike

ما معنى المسؤولية الاجتماعية؟ وكيف نشأت؟ ما معني أن تكون الشركات والأفراد مسؤولين اجتماعياً؟ لنبدأ بالسؤال الأول.

المسؤولية الاجتماعية التزام أخلاقي

تعد المسؤولية الاجتماعية التزاماً أخلاقياً من شركة أو فرد لصالح المجتمع يعبر عنه بصيغة قرارات وإجراءات، بالنسبة للأشخاص قد يتجسد هذا الالتزام في العمل الخيري، مثل التبرع بالوقت والمال والموارد، والعمل التطوعي، ودعم القضايا الرئيسية.

أما بالنسبة للشركات فتتمثل المسؤولية الاجتماعية في التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم ومجتمعهم المحلي لتحسين مستوى معيشة الأفراد بأسلوب يحافظ على التوازن بين الاقتصاد والنظام البيئي.

جذور المفهوم

في أوائل القرن التاسع عشر، لاحظت الشركات الكبرى أن الظروف المعيشية السيئة للعمال وتراجع مستواهم الصحي أدى إلى انخفاض الإنتاجية، فظهر مبدأ خدمة المجتمع من بوابة الأعمال التجارية المربحة، وتطور بعدها إلى مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، الذي يعكس التزام الشركات باتخاذ القرارات بناءً على المزايا المجتمعية.

انتشر المفهوم أكثر عندما دعت لجنة التنمية الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة في تقريرها لعام 1971 المؤسسات إلى خدمة احتياجات المجتمع. كانت المسؤولية الاجتماعية من وجهة نظر الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل ميلتون فريدمان (Milton Friedman) مرتبطة بزيادة الأرباح لكسب رضا المساهمين، في حين أن النظرة إلى المفهوم أصبحت أعمق عندما قدم كاتب الأعمال البريطاني جون إلكينغتون (John Elkington) مفهوم الحصيلة الثلاثية (Triple bottom line) الذي يوضح أن الاهتمام بالمجتمع والبيئة يمكن أن يتماشى مع طموح الشركات لتحقيق الأرباح.

في هذا الإطار، تقود ممارسات المسؤولية الاجتماعية إلى تحسين جودة الحياة من خلال ضمان رعاية صحية آمنة في المناطق الريفية، وتقليص البصمة الكربونية، وغيرها، لكن ما العناصر الواجب توافرها لتحقيق ذلك؟

مبادئ المسؤولية الاجتماعية للأفراد

تقوم المسؤولية الاجتماعية على ثلاثة مبادئ مترابطة، وهي:

  1. الفهم: إن فهم الفرد لدوافع سلوك أفراد الجماعة التي ينتمي إليها، وإدراكه للأسباب التي جعلته يتبنى مواقفها، يدعم قيام الفرد بمسؤولياته وفقاً للمعايير الاجتماعية، ويساعد في تنسيق الجهد التعاوني، وتشكيل التقارب الفكري الذي يعزز المناقشة حول أفضل الحلول المجتمعية خدمةً للمصلحة العامة.
  2. الاهتمام: ينعكس في ارتباط الفرد عاطفياً بالجماعة وحرصه على سلامتها وتماسكها واستمرارها وتحقيق أهدافها.
  3. المشاركة: يجب أن تكون قدرة الفرد على القيام بواجباته وتحمّل مسؤولياته نابعة من إرادة ثابتة، فيتقبل أولاً الدور الاجتماعي الملائم له ممارسته بطريقة سليمة، ثم ينفذ هذا الدور بحرص واهتمام يخدم الهدف النهائي منه، حتى يصل إلى تقييم كل فرد لعمله وفقاً لمعايير المصلحة العامة.

كما تدخل الثقافة في إطار المشاركة الاجتماعية، لأنها الرابط الذي يجمع بين الفرد والواقع الاجتماعي، ومنها يستمد أصول العلاقات الإنسانية وسبل التعايش الاجتماعي الصحيح.

مبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات

تنطبق هذه العناصر على الشركات أيضاً، وقدمت المنظمة الدولية للتوحيد القياسي (ISO) سبعة مبادئ للسلوك المسؤول اجتماعياً لمساعدة الشركات في تقييم مسؤولياتهم الاجتماعية والتعامل معها، وهي:

  1. المحاسبة
  2. الشفافية
  3. السلوك الأخلاقي
  4. احترام مصالح أصحاب المصلحة
  5. احترام سيادة القانون
  6. احترام قواعد السلوك الدولية
  7. احترام حقوق الإنسان

وبذلك تتجلى مسؤولية الشركة عن تأثيرات قراراتها وأنشطتها على المجتمع والبيئة، من خلال سلوك شفاف وأخلاقي، يساهم في التنمية المستدامة، بما في ذلك الصحة ورفاهية المجتمع، ويأخذ في الاعتبار توقعات أصحاب المصلحة، وللقوانين المعمول بها.

ما الذي يجعل الشركة مسؤولة اجتماعياً؟

لم تعد المسؤولية الاجتماعية مطلباً للمستهلكين الأفراد فقط، بل تبحث الشركات أيضاً عن أشخاص وشراكات تعزز دورها المسؤول اجتماعياً، ليساعدها ذلك في تحقيق عوائد مالية جيدة، واكتساب مزايا تنافسية قوية. وفيما يلي 5 خصائص للشركات ذات المسؤولية الاجتماعية:

1. العمل على هدف واضح

تتطلب المسؤولية الاجتماعية تحديد غرض محدد بعيداً عن تحقيق الأرباح، وتوضيحه في بيان رسالة الشركة، مثل شركة الاستشارات العالمية ديلويت (Deloitte) التي وضعت في عام 2015 بيان هدفها الجريء المتمثل في إحداث تأثير مهم من خلال خدمة العملاء بجودة عالية، وخلق قيمة مستقبلية، والمساهمة في المجتمع.

2. خلق شراكات ايجابية

تدرك الشركات المسؤولة اجتماعياً أنه لا يمكنها تعظيم تأثيرها الإيجابي إلا من خلال اختيار الشركاء المناسبين، إذ يصبح الصدى أكبر حين تدعم الشركات المسؤولة اجتماعياً بعضها البعض لجعل العالم مكاناً أفضل.

خير مثال على ذلك، المبادرة التي أطلقتها شركة ساب العالمية للبرمجيات (SAP) في عام 2020، بهدف استثمار 5% من نفقاتها على المشتريات مع المؤسسات الاجتماعية و 5% أخرى مع شركات متنوعة بحلول عام 2025، وكانت الشراكات الطويلة الأمد أيضاً  من المجالات الأساسية في استراتيجية الاستدامة التي تتبعها شركة الهلال للمشاريع.

3. وضع سياسات شاملة

يولّد التنوع والشمول أفكاراً جديدة وحلولاً أفضل للمشكلات، ويمكن أن يعزز إنتاجية الموظفين وشعورهم بالرضا والسعادة، لذا بدأت شركة أكستنشر (Accenture) حملة تركز على الشمول والتنوع واستعانت بموظفيها من أجل فتح الأفق امام وجهات النظر الجديدة والمختلفة.

4. إظهار التعاطف

يمثل التعاطف قدرة الفرد على فهم أو مشاركة مشاعر شخص آخر، وقد يصعب تحديد هذا المفهوم بالنسبة لقطاع الأعمال، لكن الشركات المسؤولة الاجتماعية تتجاوز التفاني في الربح وتظهر التعاطف تجاه المجتمعات أو الأفراد المتعثرين، ففي عام 2020 أطلقت شركة إيباي (eBay) برنامج أب أند رنينغ (Up & Running) لمساعدة الشركات الصغيرة في تخطي أزمة جائحة كوفيد-19 عبر تقديم منصة تجارة إلكترونية مجانية لمواصلة بيع منتجاتها، وقدم موقع الشركة أيضاً إعلانات وتسويق مجاني إلى جانب خصومات الشحن.

5. تعزيز المساواة

إن المساواة من الممارسات المهمة لتعزيز العدالة الاجتماعية والقضاء على الفوارق والتمييز، وتعد الشركات المسؤولة اجتماعياً في موقع مثالي لإحداث فرق في ترسيخ المساواة. ولطالما دعمت شركة جنرال موتورز مستقبلاً أكثر إنصافاً، واتخذت مواقف جادة ضد العنصرية والتعصب، فضلاً عن تبرعها بمبلغ 10 ملايين دولار للمؤسسات التي تعزز الشمول والعدالة العرقية.